الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَيَّة دَعْنِي فَلَا تلسعني، فَمَا سَأَلت شططا، وَهَذَا خطب لَا يَدْفَعهُ قلم رطب.
وَمِنْه: إِن وجدت الْحَال كَمَا تركت فدار الشمل جَامِعَة، وَإِن تَغَيَّرت كَمَا عهِدت فأرض اللَّهِ وَاسِعَة.
وَمِنْه: أَن الهمذاني إِذا رَضِي بِأَن يهدم وَلَا يخْدم، فَإِن الْعُبُودِيَّة لَا تعدم.
وَمِنْه: أَن رَأَيْت السَّيْل يسيل بِي فَلَا تنذرني، وَإِن رَأَيْته يغرقني فَلَا تنقذني، وَإِن عاودتني بعْدهَا بشفقاتك الْبَارِدَة رَجَعَ شُؤْم شفقتك على عنفقتك، وأعذر من أنذر وَالسَّلَام.
وَمن شعره:
(وَكَانَ يحكيك صَوت المزن منسكبا
…
لَو كَانَ طلق الْمحيا يمطر الذهبا)
(والدهر لَو لم يخن وَالشَّمْس لَو نطقت
…
وَاللَّيْث لَو لم يصد وَالْبَحْر لَو عذبا)
مَاتَ رحمه الله بالسكتة وَعجل دَفنه فأفاق فِي الْقَبْر وَسمع صَوته بِاللَّيْلِ، ونبش عَنهُ فوجدوه قد قبض على لحيته وَمَات من هول الْقَبْر وَالله أعلم.
وفيهَا: توفّي أَبُو نصر إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد الْجَوْهَرِي صَاحب الصِّحَاح، وَهُوَ من فاراب من مدن التّرْك وَتسَمى الْيَوْم أطرار، وَله خطّ مَنْسُوب عَال وَقدم نيسابور فَتوفي بهَا، وَكتابه الصِّحَاح يصف فَضله.
ثمَّ دخلت سنة تسع وَتِسْعين وثلثمائة: فِيهَا قتل أَبُو عَليّ بن ثمال الخفاجي وَكَانَ الْحَاكِم الْعلوِي ولاه الرحبة ثمَّ صَارَت إِلَى صَالح بن مرداس الْكلابِي صَاحب حلب.
وفيهَا: توفّي عَليّ بن عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن يُونُس الْمصْرِيّ صاحبح الزيج الحاكمي كَبِير فِي أَربع مجلدات، ذكر أَن أَبَا الْحَاكِم أَمر بِعَمَلِهِ.
ثمَّ دخلت سنة أَرْبَعمِائَة: فِيهَا عَاد يَمِين الدولة السُّلْطَان مَحْمُود وغزا الْهِنْد وغنم وَعَاد.
(أَخْبَار الْمُؤَيد الْأمَوِي خَليفَة الأندلس)
قد تقدم ولَايَة هِشَام الْمُؤَيد بن الحكم الْمُنْتَصر بن عبد الرَّحْمَن النَّاصِر مَوضِع أَبِيه وَكَانَ عمر الْمُؤَيد لما ولي الْخلَافَة سِنِين فدبر المملكة أَبُو عَامر مُحَمَّد بن أبي عَامر والمؤيد مَحْجُوب، وَاسْتمرّ الْمُؤَيد خَليفَة إِلَى سنة وَتِسْعين وثلثمائة، فَخرج عَلَيْهِ فِيهَا مُحَمَّد بن هِشَام بن عبد الْجَبَّار بن عبد الرَّحْمَن النَّاصِر الْأمَوِي فِي جُمَادَى الْآخِرَة وَبَايَعَهُ النَّاس بالخلافة وَحبس الْمُؤَيد فِي قرطبة، وتلقب بالمهدي وَاسْتمرّ، فَخرج عَلَيْهِ سُلَيْمَان بن الحكم بن سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن النَّاصِر، فهرب مُحَمَّد بن هِشَام بن عبد الْجَبَّار الْمَذْكُور وَاسْتولى سُلَيْمَان على الْخلَافَة فِي أَوَائِل شَوَّال من سنة أَرْبَعمِائَة.
ثمَّ جمع الْمهْدي مُحَمَّد بن هِشَام جمعا وَقصد سُلَيْمَان بقرطبة، فهرب سُلَيْمَان وَعَاد الْمهْدي الْمَذْكُور إِلَى الْخلَافَة فِي نصف شَوَّال من سنة أَرْبَعمِائَة.
ثمَّ جمع الْمهْدي مُحَمَّد بن هِشَام جمعا وَقصد سُلَيْمَان بقرطبة، فهرب سُلَيْمَان وَعَاد الْمهْدي الْمَذْكُور إِلَى الْخلَافَة فِي نصف شَوَّال مِنْهَا.
ثمَّ قبض أكَابِر الْعَسْكَر على الْمهْدي الْمَذْكُور وأخرجوا الْمُؤَيد من الْحَبْس وأعادوه إِلَى الْخلَافَة سَابِع ذِي الْحجَّة مِنْهَا وأحضر الْمهْدي وَقَتله، وَاسْتمرّ الْمُؤَيد ودبر أمره وَاضح العامري ثمَّ قتل وَاضحا فكثرت عَلَيْهِ الْفِتَن.
واتفقت البربر مَعَ سُلَيْمَان بن الحكم بن سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن النَّاصِر وَحصر الْمُؤَيد بقرطبه وملكها مِنْهُ عنْوَة وَأخرج الْمُؤَيد من الْقصر فَكَانَ آخر الْعَهْد بِهِ، وبويع سُلَيْمَان بالخلافة منتصف شَوَّال سنة ثَلَاث وَأَرْبَعمِائَة وتلقب بالمستعين بِاللَّه.
قلت: وفيهَا نزل أَبُو الْعَلَاء المعري إِلَى بَغْدَاد ليقْرَأ بهَا الْعلم فَلم يُصَادف بهَا مثله، قَالَ الشَّيْخ أَبُو غَالب همام بن الْفضل بن جَعْفَر بن عَليّ بن الْمُهَذّب فِي تَارِيخه: كَذَا حَدثنِي أَبُو الْعَلَاء رحمه الله، وَالله أعلم.
وفيهَا: بنى أَبُو مُحَمَّد بن سهلان سورا على مشْهد عَليّ رضي الله عنه.
وفيهَا: توفّي النَّقِيب أَبُو أَحْمد الموسوي وَالِد الشريف الرضي ومولده سنة أَربع وثلثمائة، وأضر فِي آخر عمره.
قلت: ورثاه الشَّيْخ أَبُو الْعَلَاء المعري بقصيدته الفائقة الَّتِي أَولهَا:
(أودى فليت الحادثات كفاف
…
مَال المسيف وَعَنْبَر المستاف)
(الطَّاهِر الْآبَاء وَالْأَبْنَاء والآراب
…
والأثواب والآلاف)
(رغت الرعود وَتلك هدة ماجد
…
جبل ثوى من آل عبد منَاف)
(بخلت فَلَمَّا كَانَ لَيْلَة فَقده
…
سمح الْغَمَام بدمعه الذراف)
وَمِنْهَا:
(ويحق فِي رزء الْحُسَيْن تغير الْحر سين
…
بله الدّرّ فِي الأصداف)
(هلا دفنتم سَيْفه فِي قَبره
…
مَعَه فَذَاك لَهُ خَلِيل واف)
(إِن زَارَهُ الْمَوْتَى كساهم فِي البلى
…
أَثوَاب أَبْلَج مكرم الأضياف)
(وَالله أَن يخلع عَلَيْهِم حلَّة
…
يبْعَث إِلَيْهِ بِمثلِهِ أَضْعَاف)
(نبذت مَفَاتِيح الْجنان وَإِنَّمَا
…
رضوَان بَين يَدَيْهِ للإتحاف)
(تكبيرتان حِيَال قبرك للفتى
…
محسوبتان بِعُمْرَة وَطواف)
(لَو تقدر الْخَيل الَّتِي زايلتها
…
عجفت بأيديها على الْأَعْرَاف)
(أبقيت فِينَا كوكبين سناهما
…
فِي الصُّبْح والظلماء لَيْسَ بخاف)
(قدرين فِي الأرداء بل مطرين فِي
…
الأجداء بل قمرين فِي الأسداف)
(ساور الرضي المرتضى وتقاسما
…
باد على الْكِبْرِيَاء والأشراف)
(أَنْتُم ذَوُو النّسَب الْقصير فطولكم
…
باد على الكبراء والأشراف)
(مَا زاغ بَيتكُمْ الرفيع وَإِنَّمَا
…
بالوجد أدْركهُ خَفِي زحاف)
وَالله أعلم.
وفيهَا: توفّي أَبُو الْعَبَّاس النامي الشَّاعِر المصِّيصِي.
قلت: دخل أَبُو الْخطاب الحريري الشَّاعِر النَّحْوِيّ على النامي فَوجدَ رَأسه كالثغامة بَيَاضًا وَفِيه شَعْرَة وَاحِدَة سَوْدَاء فَكَلمهُ فِيهَا، فَقَالَ: نعم هَذِه بَقِيَّة شَبَابِي وَأَنا أفرح بهَا ولي فِيهَا شعر، فَقلت: أنشدنيه فأنشدني:
(رَأَيْت فِي الرَّأْس شَعْرَة بقيت
…
سَوْدَاء تهوى الْعُيُون رؤيتها)
(فَقلت للبيض إِذْ تروعها
…
بِاللَّه أَلا رحمت غربتها)
(فَقل لبث السَّوْدَاء فِي وَطن
…
تكون فِيهِ الْبَيْضَاء ضَرَّتهَا)
وَمَا أحسن قَوْله:
(ويمضي عَلَيْك الدَّهْر فعلك للعلى
…
وقولك للتقوى وكفك للرفد)
وَالله أعلم.
وفيهَا: توفّي أَبُو الْفَتْح عَليّ بن مُحَمَّد البستي الشَّاعِر.
قلت: وَمَا أحسن قَوْله:
(تحمل أَخَاك على مَا بِهِ
…
فَمَا فِي استقامته مطمع)
(وَإِنِّي لَهُ خلق وَاحِد
…
وَفِيه طبايعه الْأَرْبَع)
وَقَوله:
(لقد هنت من طول الْمقَام وَمن يقم
…
طَويلا يهن من بعد مَا كَانَ مكرما)
(وَطول مقَام المَاء فِي مستقره
…
يُغَيِّرهُ لونا وريحا ومطعما)
ثمَّ دخلت سنة إِحْدَى أَرْبَعمِائَة: فِيهَا سَار أيلك خَان ملك التّرْك من سَمَرْقَنْد لقِتَال أَخِيه طغان خَان فَسقط عَلَيْهِ فِي أزوكند ثلج مَنعه فَعَاد.
وفيهَا: خطب قرواش بن الْمُقَلّد أَمِير بني عقيل للْحَاكِم بالموصل والأنبار والمداين والكوفة وَغَيرهَا، وَابْتِدَاء الْخطْبَة: الْحَمد لله الَّذِي انجلت بنوره غَمَرَات الْغَضَب، وانهدت بعظمته أَرْكَان النصب، وأطلع بقدرته شمس الْحق من الغرب. فَكتب بهاء الدولة إِلَى عميد الجيوش يَأْمُرهُ بِحَرب قرواش فَسَار إِلَيْهِ، وَأرْسل قرواش يعْتَذر وَقطع خطْبَة العلويين.
وفيهَا: احتربت بَنو مزِيد وَبَنُو دبيس، بِسَبَب أَن أَبَا الْغَنَائِم مُحَمَّد بن مزِيد كَانَ مُقيما عِنْد بني دبيس بنواحي خوزستان لمصاهرة بَينهم، فَقتل أَبُو الْغَنَائِم أحد وُجُوه بني دبيس وَلحق بأَخيه أبي الْحسن بن مزِيد، فَسَار إِلَيْهِم أَبُو الْحسن بن مزِيد واقتتلوا فَقتل أَبُو الْغَنَائِم وهرب أَخُوهُ أَبُو الْحسن.