الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أَخْبَار الْمُعْتَمد على اللَّهِ أَحْمد بن المتَوَكل)
وَلما قتل أخرجُوا أَبَا الْعَبَّاس أَحْمد بن المتَوَكل من الْحَبْس وبويع ولقب الْمُعْتَمد على اللَّهِ وَهُوَ خَامِس عشرهم، واستوزر عبيد اللَّهِ بن يحيى بن خاقَان.
وفيهَا: ملك صَاحب الزنج الإبلة عنْوَة وَقتل وأحرقها وَكَانَت مَبْنِيَّة بالساج فأسرعت النَّار فِيهَا، ثمَّ استولى على عبادان بالأمان، ثمَّ على الأهواز بِالسَّيْفِ.
وفيهَا: عزل عِيسَى بن الشَّيْخ عَن الشَّام لما ذكرنَا وَعقد لعيسى على أرمينية وَولى أماجور الشَّام، فَسَار وَاسْتولى عَلَيْهِ بعد قتال بَينه وَبَين أَصْحَاب عِيسَى وانتصر عِيسَى وَاسْتقر.
وفيهَا: توفّي الإِمَام مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ الْجعْفِيّ صَاحب الصَّحِيح الْمُتَّفق على الْأَخْذ مِنْهُ وَالْعَمَل بِهِ، رَحل فِي طلب الحَدِيث إِلَى الْأَمْصَار، ومولده سنة أَربع وَتِسْعين وَمِائَة لثلاث عشرَة خلت من شَوَّال.
قَالَ البُخَارِيّ: ألهمت حفظ الحَدِيث وَأَنا فِي الْكتاب ابْن عشر سِنِين، فَلَمَّا بلغت ثَمَانِي عشرَة سنة صنفت قضايا الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وأقاويلهم وصنفت كتاب التَّارِيخ إِذْ ذَاك عِنْد قبر رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ -،
قَالَ: وَخرجت الصَّحِيح من زهاء سِتّمائَة ألف حَدِيث وَمَا أدخلت فِيهِ إِلَّا مَا صَحَّ.
وَورد مرّة إِلَى بَغْدَاد فَعمد أهل الحَدِيث إِلَى مائَة حَدِيث فقلبوا متونها وأسانيدها وَوَضَعُوا عشرَة أنفس فأورد وَاحِد بعد الآخر الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة وَالْبُخَارِيّ يَقُول فِي كل حَدِيث مِنْهَا: لَا
أعرفهُ، فَلَمَّا فرغوا قَالَ: أما الحَدِيث الأول فَهُوَ كَذَا وَأما الثَّانِي فَهُوَ كَذَا حَتَّى ذكرهَا عَن آخرهَا على حَقِيقَتهَا متونا وأسانيد.
وَوَقع بَين البُخَارِيّ وَبَين خَالِد أَمِير بُخَارى وَحْشَة، فَدس خَالِد من قَالَ: البُخَارِيّ يَقُول بِخلق الْأَفْعَال للعباد وبخلق الْقُرْآن، فتبرأ البُخَارِيّ من ذَلِك وَعظم عَلَيْهِ فارتحل وَنزل عِنْد بعض أَقَاربه بقرية خرتنك على فرسخين من سَمَرْقَنْد فَمَاتَ بهَا لَيْلَة عيد الْفطر مِنْهَا.
ثمَّ دخلت سنة سبع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا أخذت الزنج الْبَصْرَة وخربوها وَقتلُوا من بهَا.
وفيهَا: ملك يَعْقُوب الصفار بَلخ ثمَّ كابل، وَأرْسل إِلَى الْخَلِيفَة هَدِيَّة فِيهَا أصنام من تِلْكَ الْبِلَاد.
وفيهَا: قصد الْحسن بن زيد الْعلوِي صَاحب طبرستان وملكها.
وفيهَا: قتل مُحَمَّد بن خفاجة كَمَا تقدم، وَاسْتعْمل مُحَمَّد بن أَحْمد الأغلبي على صقلية أَحْمد بن يَعْقُوب.
وفيهَا: توفّي الْعَبَّاس بن المفرج الرياشي اللّغَوِيّ.
ثمَّ دخلت سنة ثَمَان وَخمسين وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا أرسل الْمُعْتَمد أَخَاهُ الْمُوفق أَبَا أَحْمد إِلَى قتال الزنج.
ثمَّ دخلت سنة تسع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا ملك يَعْقُوب الصفار نيسابور.
وفيهَا: توفّي مُحَمَّد بن مُوسَى بن شَاكر أحد الْإِخْوَة الثَّلَاثَة الَّذين تنْسب إِلَيْهِم حيل بني مُوسَى، وَاسم إخْوَته أَحْمد وَالْحُسَيْن خَاضُوا فِي الْعُلُوم الْقَدِيمَة وَغلب عَلَيْهِم الهندسة والحيل والموسيقى.
وَبلغ الْمَأْمُون من كتب الْأَوَائِل: إِن درو الأَرْض أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ ألف ميل، فَأَرَادَ تَحْقِيق ذَلِك فَأمر بني مُوسَى بتحريره، فسألوا عَن الْأَرَاضِي المستوية فَأخْبرُوا بصحراء سنجار ووطأة الْكُوفَة، فَأرْسل الْمَأْمُون مَعَهم جمَاعَة يَثِق بأقوالهم إِلَى صحراء سنجار، وحققوا القطب الشمالي وضربوا هُنَاكَ وتدا وربطوا فِيهِ حبلا طَويلا وَمَشوا إِلَى الْجِهَة الشمالية على الاسْتوَاء من غير انحراف حسب الْإِمْكَان، وَكلما فرغ حَبل نصبوا فِي الأَرْض وتدا وربطوا فِيهِ حبلا آخر كفعلهم الأول، حَتَّى انْتَهوا كَذَلِك إِلَى مَوضِع قد زَاد فِيهِ ارْتِفَاع القطب الشمالي الْمَذْكُور دَرَجَة مُحَققَة ومسحوا ذَلِك الْقدر فَكَانَ سِتَّة وَسِتِّينَ ميلًا وثلثي ميل.
ثمَّ وقفُوا عِنْد موقفهم الأول وربطوا فِي الوتد حبلا وَمَشوا إِلَى جِهَة الْجنُوب من غير انحراف وفعلوا مَا شرحناه حَتَّى انْتَهوا إِلَى مَوضِع قد انحط فِيهِ ارْتِفَاع القطب الشمالي دَرَجَة ومسحوا ذَلِك الْقدر فَكَانَ سِتَّة وَسِتِّينَ ميلًا وثلثي ميل، ثمَّ عَادوا إِلَى الْمَأْمُون وَأَخْبرُوهُ بذلك.
فَأَرَادَ الْمَأْمُون تَحْقِيق ذَلِك فِي مَوضِع آخر، فسيرهم إِلَى أَرض الْكُوفَة وفعلوا كَمَا فَعَلُوهُ فِي أَرض سنجار فتوافق الحسابان، ثمَّ ضربوا الأميال الْمَذْكُورَة فِي ثلثمِائة وَسِتِّينَ وَهِي درج الْفلك فَكَانَ الْحَاصِل أَرْبَعَة وَعشْرين ألف ميل وَهُوَ دور الأَرْض، فتحقق الْمَأْمُون صِحَة مَا نَقله من كتب الْأَوَائِل.
قَالَ الْمُؤلف رحمه الله: كَذَا نَقله ابْن خلكان وَغَيره من المؤرخين إِن الَّذِي وجد فِي أَيَّام الْمَأْمُون لحصة الدرجَة سِتَّة وَسِتُّونَ ميلًا وَثلثا ميل، وَهُوَ غير صَحِيح فَإِن ذَلِك هُوَ حِصَّة الدرجَة على رَأْي القدماء، وَأما فِي أَيَّام الْمَأْمُون فَإِنَّهُ وجد حِصَّة الدرجَة سِتَّة وَخمسين ميلًا وَقد تحقق ذَلِك فِي علم الْهَيْئَة.
ثمَّ دخلت سنة سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا قتلت الْعَرَب منجور وَالِي حمص، وَاسْتعْمل عَلَيْهَا بكتمر.
وفيهَا: توفّي ملك بن طوق التغلبي باني الرحبة بهَا.
وفيهَا: توفّي الْحسن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُوسَى بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن