الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيهَا: بني الْمَنْصُور الرصافة لِابْنِهِ الْمهْدي وَهِي من الْجَانِب الشَّرْقِي من بَغْدَاد وحول إِلَيْهَا بعض جَيْشه.
وفيهَا: هجمت الْخَوَارِج بَيت معن بن زَائِدَة الشَّيْبَانِيّ بسجستان وَهُوَ عاملها فِي بست وَهُوَ يحتجم فَقَتَلُوهُ بَغْتَة، وَقَامَ بعده ابْن أَخِيه يزِيد بن مزِيد بن زَائِدَة.
ثمَّ دخلت سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَمِائَة: فِيهَا: غزا حميد بن قَحْطَبَةَ أَمِير خُرَاسَان كابل.
ثمَّ دخلت سنة ثَلَاث وَخمسين وَسنة أَربع وَخمسين وَمِائَة فِيهَا: توفّي بِالْكُوفَةِ أَبُو عَمْرو واسْمه كنيته ابْن الْعَلَاء، بن عمار من ولد الْحصين التَّمِيمِي الْمَازِني الْبَصْرِيّ، ولد سنة سبعين وَقيل: ثَمَان وَسِتِّينَ، وَهُوَ أحد الْقُرَّاء السَّبْعَة.
قلت: وَفِيه يَقُول الفرزدق:
(مَا زلت أفتح أبوابا وأغلقها
…
حَتَّى أتيت أَبَا عَمْرو بن عمار)
وَسَأَلَ سُلَيْمَان عَم السفاح أَبَا عَمْرو عَن شَيْء فَصدقهُ فَلم يُعجبهُ، فَخرج أَبُو عَمْرو وَهُوَ يَقُول:
(أنفت من الذل عِنْد الْمُلُوك
…
وَإِن أكرموني وَإِن قربوا)
(إِذا مَا صدقتهم خفتهم
…
ويرضون مني بِأَن يكذبوا)
وَكَانَ يَقُول: لَا يقبل فِي الدِّيَة إِلَّا غُلَام أَبيض أَو جَارِيَة بَيْضَاء لَا أسود وَلَا سَوْدَاء لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ -: "
فِي الْجَنِين غرَّة عبد أَو أمة "، ليَكُون لقَوْله غرَّة فَائِدَة، وَهَذَا لغرابته نقلته، وَالله أعلم.
وفيهَا: سَار الْمَنْصُور إِلَى الشَّام وجهز جَيْشًا إِلَى الْمغرب لقتل الْخَوَارِج.
وفيهَا: مَاتَ أشعب الطامع.
وفيهَا: مَاتَ وهيب بن الْورْد الزَّاهِد الْمَكِّيّ.
ثمَّ دخلت
سنة خمس وَخمسين وَمِائَة: فِيهَا: عمل الْمَنْصُور للكوفة وَالْبَصْرَة سورا وخندقا من أَمْوَال أَهلهَا أَرَادَ معرفَة عَددهمْ فقسم فيهم الدَّرَاهِم خَمْسَة خَمْسَة ثمَّ جبى مِنْهُم أَرْبَعِينَ أَرْبَعِينَ، فَقَالَ بَعضهم:
(يَا لقوم مَا لَقينَا
…
من أَمِير المؤمنينا)
(قسم الْخَمْسَة فِينَا
…
وجبانا أربعينا)
ثمَّ دخلت سنة سِتّ وَخمسين وَمِائَة: فِيهَا: توفّي حَمْزَة بن حبيب بن عمَارَة الْكُوفِي الزيات أحد الْقُرَّاء السَّبْعَة، وَعند أَخذ الْكسَائي، وَكَانَ يجلب الزَّيْت إِلَى حلوان والجوز والجبن إِلَى الْكُوفَة.
ثمَّ دخلت سنة سبع وَخمسين وَمِائَة: فِيهَا: مَاتَ الْأَوْزَاعِيّ أَبُو عَمْرو عبد الرَّحْمَن بن
عمر بن يحمد وعمره سَبْعُونَ، كَانَ إِمَام أهل الشَّام، أجَاب فِي سبعين ألف مَسْأَلَة، سكن بيروت وقبره بقرية حنتوش على بَاب بيروت فِي قبْلَة الْمَسْجِد، وَأهل الْقرْيَة يَقُولُونَ: هُنَا قبر ينزل عَلَيْهِ النُّور وَلَا يعْرفُونَ أَنه قَبره، وينسب إِلَى أوزاع - بطن من ذِي كلاع - وَقيل: من هَمدَان، ويحمد - بِضَم الْيَاء الْمُثَنَّاة وَكسر الْمِيم.
قلت: وَرُوِيَ أَن سُفْيَان الثَّوْريّ بلغَة مقدم الْأَوْزَاعِيّ فَلَقِيَهُ إِلَى ذِي طوى فَحل بعيره عَن القطار وَوَضعه على رقبته، فَكَانَ إِذا مر بِجَمَاعَة قَالَ: الطَّرِيق للشَّيْخ. والأوزاع: قَرْيَة على طَرِيق بَاب الفراديس أَيْضا، وَقَالَ فِيهِ بَعضهم:
(جاد الحيا بِالشَّام كل عَشِيَّة
…
قبرا تضمن لحده الْأَوْزَاعِيّ)
(قبرا تضمن فِيهِ طود شَرِيعَة
…
سقيا لَهُ من عَالم نفاع)
(عرضت لَهُ الدُّنْيَا فَأَعْرض مقلعا
…
عَنْهَا بزهد أَيّمَا إقلاع)
وَالله أعلم.
ثمَّ دخلت سنة ثَمَان وَخمسين وَمِائَة: فِيهَا: مَاتَ الْمَنْصُور لست خلون من ذِي الْحجَّة، خرج لِلْحَجِّ وَقَالَ لِابْنِهِ الْمهْدي: إِنِّي ولدت فِي ذِي الْحجَّة وَوليت فِي ذِي الْحجَّة وَقد هجس فِي نَفسِي أَنِّي أَمُوت فِي ذِي الْحجَّة من هَذِه السّنة وَهُوَ الَّذِي حداني على الْحَج، فَاتق اللَّهِ فِيمَا أَعهد إِلَيْك، ووصاه طَويلا وودعه وبكيا فَمَاتَ بِقَبْر مَيْمُونَة محرما، وعاش ثَلَاثًا وَسِتِّينَ وخلافته اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ سنة وَثَلَاثَة أشهر وَكسر، وَكَانَ أسمر نحيفا خَفِيف العارضين، ولد بالحميمة، وَدفن بِبَاب الْمصلى وَبَقِي أثر الْإِحْرَام فَدفن وَرَأسه مَكْشُوف، وَسمع وَهُوَ يطوف بِالْكَعْبَةِ قَائِلا يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْكُو إِلَيْك ظُهُور الْبَغي وَالْفساد فِي الأَرْض وَمَا يحول بَين الْحق وَأَهله من الطمع، فَدَعَا الْقَائِل واستنبأه فَقَالَ: إِن أمنتني أَنْبَأتك بالأمور على جليتها وأصولها فَأَمنهُ، فَقَالَ الرجل: إِن الَّذِي دخله الطمع حَتَّى حَال بَين الْحق وَأَهله أَنْت، فَقَالَ: وَيحك وَكَيف يدخلني الطمع والصفراء والبيضاء فِي قبضتي والحلو والحامض عِنْدِي؟ فَقَالَ: لِأَن اللَّهِ استرعاك على الْمُسلمين وَأَمْوَالهمْ فَجعلت بَيْنك وَبينهمْ حِجَابا من الجص والآجر وأبوابا من الْحَدِيد وحجابا مَعَهم الأسلحة وَلم تَأمر بإيصال الْمَظْلُوم والملهوف والجائع والعاري والضعيف وَالْفَقِير وَمَا أحد إِلَّا وَله من هَذَا المَال حق، فَلَمَّا رآك هَؤُلَاءِ النَّفر الَّذين استخلصتهم لنَفسك تجبي الْأَمْوَال فَلَا تعطيها وتجمعها فَلَا تقسمها قَالُوا: هَذَا قد خَان اللَّهِ فَمَا لنا لَا نخونه، فاتفقوا على أَن لَا يصل إِلَيْك من أَخْبَار النَّاس إِلَّا مَا أَرَادوا وَلَا يخرج لَك عَامل فيخالف أَمرهم إِلَّا أقصوه ونفوه حَتَّى من أَخْبَار النَّاس إِلَّا مَا أَرَادوا وَلَا يخرج لَك عَامل فيخالف أَمرهم إِلَّا أقصوه ونفوه حَتَّى تسْقط مَنْزِلَته ويصغر قدره فَلَمَّا انْتَشَر ذَلِك عَنْك وعنهم هابهم النَّاس وَكَانَ أول من صانعهم عمالك بالهدايا ليتقووا بهم على ظلم رعيتك، ثمَّ فعل ذَلِك ذووا الْقُدْرَة والثروة من رعيتك لينالوا بِهِ ظلم من دونهم فامتلأت الْبِلَاد ظلما، فَإِذا صرخَ الْمَظْلُوم بَين يَديك ضرب ضربا شَدِيدا وَأَنت تنظر وَلَا تنكره؛ ثمَّ ذكره بالطفل يسْقط من بطن أمه لَا مَال لَهُ فيلطف اللَّهِ بِهِ