الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيهَا: ولي أَحْمد بن طولون مصر.
ثمَّ دخلت سنة خمس وَخمسين وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا استولى يَعْقُوب بن اللَّيْث الصفار على كرمان، ثمَّ استولى بِالسَّيْفِ على فَارس وَدخل شيراز ونادى بالأمان وَكتب إِلَى الْخَلِيفَة بِطَاعَتِهِ وبهدية جليلة مِنْهَا: عشرَة بزاة بيض وَمِائَة من الْمسك.
وفيهَا: يَوْم الْأَرْبَعَاء لثلاث بَقينَ من رَجَب خلع المعتز بن المتَوَكل واسْمه مُحَمَّد وَقيل: الزبير، ويكنى أَبَا عبد اللَّهِ، ومولده بسامراء فِي ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَأمه قبيحة أم ولد، ولليلتين خلتا من شعْبَان كَانَ ظُهُور مَوته وَذَلِكَ أَن الأتراك طلبُوا أَرْزَاقهم ونزلوا مَعَه إِلَى خمسين ألف دِينَار فَلم يكن عِنْده مَال، فاتفق الأتراك والفراعنة والمغاربة وَقَالُوا: اخْرُج إِلَيْنَا، فَاعْتَذر بِشرب دَوَاء أفرط فِي الْعَمَل وَأمر بِدُخُول بَعضهم عَلَيْهِ، فَدَخَلُوا، وجروا بِرجلِهِ إِلَى بَاب الْحُجْرَة وضربوه بالدبابيس وخرقوا قَمِيصه وأقاموه فِي الشَّمْس ولطموه وَهُوَ يَتَّقِي بِيَدِهِ وَأشْهدُوا ابْن أبي الشَّوَارِب القَاضِي على خلعه وَجَمَاعَة، ثمَّ عذب وَمنع الطَّعَام وَالشرَاب ثَلَاثًا، ثمَّ أَدخل سردابا وجصص عَلَيْهِ وَدفن بسامراء مَعَ الْمُنْتَصر.
وخلافته من مبايعته بسامراء إِلَى خلعه أَربع سِنِين وَسَبْعَة أشهر إِلَّا سَبْعَة أَيَّام، وعمره أَربع وَعِشْرُونَ سنة وَثَلَاثَة وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَكَانَ أَبيض أسود الشّعْر.
(أَخْبَار مُحَمَّد الْمُهْتَدي بن الواثق)
وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء لثلاث بَقينَ من رَجَب مِنْهَا بُويِعَ للمهتدي مُحَمَّد بن الواثق وَهُوَ رَابِع عشرهم وكنيته أَبُو عبد اللَّهِ، وَأمه قرب الرومية.
وفيهَا: فِي رَمَضَان ظَهرت قبيحة أم المعتز بعد اختفائها لقتل ابْنهَا ونبش لَهَا ألف ألف دِينَار، وسفط قدر مكوك زمرد، وسفط كَذَلِك لُؤْلُؤ، وَقدر كمليجة ياقوت أَحْمَر لَا يُوجد مثله، وَحمل جَمِيعه إِلَى صَالح بن وصيف، فَقَالَ: قبح اللَّهِ قبيحة عرضت ابْنهَا للْقَتْل لأجل خمسين ألف دِينَار وَعِنْدهَا هَذِه الْأَمْوَال كلهَا؛ وسماها المتَوَكل قبيحة لحسنها بالضد كَمَا يُسمى الْأسود كافورا.
ثمَّ سَارَتْ إِلَى مَكَّة فَكَانَت تَدْعُو بِصَوْت عَال على صَالح بن وصيف وَتقول: هتك ستري وَقتل وَلَدي وَأخذ مَالِي وغربني عَن بلدي وَركب الْفَاحِشَة مني.
قلت: وَالله قولي فِيهِ:
(جزى ابْن وصيف مَوْلَاهُ بشر
…
وَلَكِن هَذِه صفة الوصيف)
وَالله أعلم.
وفيهَا: أول خُرُوج صَاحب الزنج عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم وَنسبه فِي عبد الْقَيْس، فَجمع الزنج الَّذين كَانُوا يكسحون السباخ فِي جِهَة الْبَصْرَة وَادّعى أَنه عَليّ بن
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عِيسَى بن زيد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب، وَعبر دجلة وَنزل الأنبار وَكَانَ مَذْكُور من قبل مُتَّصِلا بحاشية الْمُنْتَصر فِي سامراء يمدحهم ويستمنحهم بِشعرِهِ، ثمَّ شخص من سامراء سنة تسع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ إِلَى الْبَحْرين فَادّعى نسبه فِي العلويين كَمَا ذكر، وَأقَام فِي الأحساء ثمَّ فِي الْبَصْرَة سنة أَربع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ، ثمَّ خرج فِي هَذِه السّنة واستفحل أمره وَبث أَصْحَابه للإغارة والنهب.
وفيهَا: توفّي خفاجة بن سُفْيَان أَمِير صقلية وَولي ابْنه مُحَمَّد.
وفيهَا: توفّي مُحَمَّد بن كرام السجسْتانِي صَاحب الْمقَالة فِي التَّشْبِيه بِالشَّام.
قلت: كَانَ شَيخنَا الْعَلامَة صدر الدّين مُحَمَّد بن الْوَكِيل العثماني ينشد لبَعْضهِم.
(الفقة فقة أبي حنيفَة وَحده
…
وَالدّين دين مُحَمَّد بن كرام)
(إِن الأولى فِي دينهم مَا استمسكوا
…
بِمُحَمد بن كرام غير كرام)
ثمَّ وَقع مرّة فِي بعض الْمدَارِس بحلب نزاع فِي الرَّاء من كرام هَل هِيَ مُشَدّدَة أم مخفقة، فأنشدت أَنا هذَيْن الْبَيْتَيْنِ، فارتفع النزاع وَعَلمُوا أَن راءه مُخَفّفَة وَالله أعلم.
وفيهَا: فِي ذِي الْحجَّة توفّي عبد اللَّهِ بن عبد الرَّحْمَن الدَّارمِيّ صَاحب الْمسند وعمره خمس وَسَبْعُونَ.
وفيهَا: توفّي أَبُو عمرَان عَمْرو بن بَحر الجاحظ الْعَينَيْنِ، كثير التصانيف كثير الْهزْل نَادِر النادرة نادم الْخُلَفَاء، وَأخذ الْعلم عَن النظام الْمُتَكَلّم، وَقيد لما قتل ابْن الزيات لتَعَلُّقه بِهِ ثمَّ أطلق؛ دخل عَلَيْهِ الْمبرد فِي مَرضه فَقَالَ: كَيفَ أَنْت؟ فَقَالَ: كَيفَ يكون من نصفه مفلوج وَلَو نشر مَا أحس بِهِ، وَنصفه الْأُخَر منقرس لَو طَار بِهِ الذُّبَاب آلمه وَقد جَاوز التسعين ثمَّ أنْشد:
(أترجو أَن تكون وَأَنت شيخ
…
كَمَا قد كنت أَيَّام الشَّبَاب)
(لقد كذبتك نَفسك لَيْسَ ثوب
…
دريس كالجديد من الثِّيَاب)
وَقعت عَلَيْهِ مجلداته المصفوفة وَهُوَ عليل فَقتلته فِي الْمحرم مِنْهَا.
ثمَّ دخلت سنة سِتّ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا قتل مُوسَى بن بغا صَالح بن وصيف.
وفيهَا: فِي منتصف رَجَب خلع الْمُهْتَدي مُحَمَّد بن هَارُون الواثق بن المعتصم وَتُوفِّي لِاثْنَتَيْ عشرَة لَيْلَة بقيت مِنْهُ، فَإِنَّهُ قصد قتل مُوسَى بن بغا وَكَانَ مُوسَى معسكرا قبالة الْخَوَارِج، وَكتب إِلَى بانكيال من مقدمي التّرْك أَن يقتل مُوسَى وَيصير مَوْضِعه، فَأطلع بانكيال مُوسَى على ذَلِك واتفقا على قتل الْمُهْتَدي، وَسَار إِلَى سامراء وَدخل بانكيال إِلَى الْمُهْتَدي، فحبسه الْمُهْتَدي وَقَتله، وَركب لقِتَال مُوسَى ففارقت الأتراك الَّذين مَعَ الْمُهْتَدي عَسْكَر الْمُهْتَدي وصاروا مَعَ مُوسَى، فضعف الْمُهْتَدي وهرب وَدخل بعض الدّور، فَأمْسك وداسوا خصيبه وصفعوه فَمَاتَ، وَدفن بمقبرة الْمُنْتَصر، وخلافته أحد عشر شهرا وَنصف، وعمره ثَمَان وَثَلَاثُونَ سنة. وَكَانَ أسمر بطينا قَصِيرا طَوِيل اللِّحْيَة ولد بالقاطول ورعا كثير الْعِبَادَة، قصد أَن يكون فِي بني الْعَبَّاس مثل عمر بن عبد الْعَزِيز فِي بني أُميَّة.