الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ذكر عدَّة من مُلُوك الْعَرَب مُتَفَرّقين)
فَمنهمْ " عَمْرو " بن لحي بن حَارِثَة بن عَمْرو بن مزيقيا بن عَامر بن حَارِثَة بن امرىء الْقَيْس بن ثَعْلَبَة بن مَازِن بن الأزد من ولد كهلان بن سبأ هَذَا عَمْرو ملك الْحجاز كَبِير الذّكر فِي الْجَاهِلِيَّة وَإِلَيْهِ تنْسب خُزَاعَة فَيَقُولُونَ إِنَّهُم من ولد كَعْب بن عَمْرو الْمَذْكُور وَهُوَ أول من جعل الْأَصْنَام على الْكَعْبَة وعبدها فأطاعه الْعَرَب وعبدوها حَتَّى جَاءَ الْإِسْلَام لِأَنَّهُ رأى بالبلقاء من الشَّام قوما يعْبدُونَ الْأَصْنَام وَقَالُوا لَهُ هَذِه أَرْبَاب اتخذناها على شكل الهياكل العلوية والأشخاص البشرية نستنصر بهَا فَتَنَصَّرَ ونستسقي بهَا فنسقى ونستشفي فنشفى فأعجبه ذَلِك فَطلب مِنْهُم صنما فَأَعْطوهُ هُبل فنقله إِلَى مَكَّة وَجعله على الْكَعْبَة واستصحب أَيْضا أساف ونائلة صنمين ودعا إِلَى تَعْظِيم الْأَصْنَام فَأَجَابُوهُ.
وَقَالَ الشهرستاني: كَانَ ذَلِك فِي أَيَّام سَابُور وَهُوَ غلط فعمرو وَعبادَة الْأَصْنَام قبل ذَلِك وسابور قبل الْإِسْلَام بِنَحْوِ أَرْبَعمِائَة سنة إِن كَانَ سَابُور بن أزدشير بن بابك وَإِن كَانَ سَابُور ذَا الأكتاف فأبعد عَن الصَّوَاب فَإِنَّهُ بعد سَابُور الأول بِكَثِير وَمن مُلُوك الْعَرَب " زُهَيْر " بن جناب بن هُبل بن عبد اللَّهِ بن كنَانَة بن بكر بن عَوْف بن عذرة الْكَلْبِيّ سمي زُهَيْر الكاهن لصِحَّة رَأْيه وَعمر وغزا كثيرا وَاجْتمعت عَلَيْهِ قضاعة فغزا بهم غطفان بِسَبَب أَن بني بغيض بن ريث بن غطفان بنوا حرما مثل حرم مَكَّة وَولي سدانته مِنْهُم بَنو مرّة بن عَوْف فَغَاظَهُ بِنَاؤُه فغزاهم وظفر وأبطل حرمهم وَأخذ أَمْوَالهم ورد نِسَائِهِم عَلَيْهِم وَفِي ذَلِك يَقُول:
(وَلَوْلَا الْفضل منا مَا رجعتم
…
إِلَى عذراء شيمتها الْحيَاء)
وَكَانَ زُهَيْر قد اجْتمع بأبرهة صَاحب الْفِيل فَأكْرمه وَأمره على بكر وتغلب ابْني وَائِل وَاسْتمرّ زُهَيْر أَمِيرا عَلَيْهِم حَتَّى خَرجُوا عَن طَاعَته فغزاهم أَيْضا وَقتل فيهم وغزا بني الْقَيْن وَيطول شرح حروبه مَعَهم وَكَانَ الظفر لَهُ وأسن وَشرب خمرًا صرفا فَمَاتَ وَمِمَّنْ قَتله الصّرْف عَمْرو بن كُلْثُوم التغلبي وَأَبُو عَامر ملاعب الأسنة العامري وَمن مُلُوك الْعَرَب " كُلَيْب " بن ربيعَة بن الْحَارِث بن نصر بن جشم بن بكر بن حبيب بن عَمْرو بن غنم بن تغلب بن وَائِل وَوَائِل هُوَ ابْن قاسط بن هنب بن أقْصَى بن دعمي بن جديلة بن أَسد بن ربيعَة الْفرس بن نزار بن معد بن عدنان وَاسم كُلَيْب وَائِل ولقب كليبا.
ملك على بني معد وَقَاتل جموع الْيمن وَهَزَمَهُمْ وَعمر زَمَانا، ثمَّ زها وبغى على قومه وَحمى عَلَيْهِم مواقع السَّحَاب فَلَا يرْعَى حماه وَيَقُول وَحش أَرض كَذَا فِي جواري فَلَا يصاد وَلَا ترد إبل مَعَ إبِله وَلَا يُوقد نَار مَعَ ناره حَتَّى قَتله " جساس " بن مرّة بن ذهل بن شَيبَان وشيبان من بني بكر بن وَائِل.
(سَبَب مقتل كُلَيْب)
إِن رجلا من جرم نزل على خَالَة جساس وَهِي البسوس بنت منقذ التميمة وللجرمي نَاقَة اسْمهَا سراب فَوَجَدَهَا كُلَيْب ترعى فِي حماه فخرم ضرْعهَا بِسَهْم فَصَرَخَ صَاحبهَا بالذل
فصاحت البسوس وأذلاه بِسَبَب نزيلها فانتصر جساس لخالته وَقصد كليبا وَهُوَ مُنْفَرد فِي حماه فَقتله بِالرُّمْحِ فَقَامَ أَخُوهُ " مهلهل " بن ربيعَة وَجمع تغلب وَجرى بَين تغلب وَبني بكر وقائع أَولهَا يَوْم عنيزة كَانُوا فِي الْقِتَال على السوَاء ثمَّ اقْتَتَلُوا على مَاء اسْمه " النهى " وَكَانَ رَئِيس تغلب مهلهلا وَرَئِيس بني شَيبَان بن بكر الْحَارِث بن مرّة أَخا جساس فانتصرت تغلب ثمَّ اقْتَتَلُوا " بالذنائب " وَهِي أعظم وقعاتهم فانتصر مهلهل وَبَنُو تغلب وَقتل من بكر مقتلة عَظِيمَة وَمن بني شَيبَان جمَاعَة مِنْهُم شُرَحْبِيل بن همام بن مرّة وَهُوَ ابْن أخي جساس وشرحبيل جد معن بن زَائِدَة وَقتل أَخُو جساس الْحَارِث بن مرّة وَكَذَلِكَ قتل جمَاعَة من رُؤَسَاء بكر.
ثمَّ الْتَقَوْا يَوْم " واردات " فظفرت تغلب أَيْضا وَكثر الْقَتْل فِي بكر وَقتل همام أَخُو جساس لِأَبَوَيْهِ وَجعلت تغلب تطلب جساسا فألحقه أَبوهُ بأخواله بِالشَّام سرا مَعَ نفر قَلِيل وَبلغ مهلهلا الْخَبَر فَأرْسل إِلَيْهِ ثَلَاثِينَ فَارِسًا فأدركوه فَاقْتَتلُوا فَلم يسلم من أَصْحَاب مهلهل غير رجلَيْنِ وَلَا من أَصْحَاب جساس غير رجلَيْنِ وجرح جساس جرحا مَاتَ مِنْهُ وَكَذَلِكَ قتل مهلهل أَيْضا بجير بن الْحَارِث الْبكْرِيّ وَلما قَتله مهلهل قَالَ بؤ بشسع نعل كُلَيْب فَقَالَ الْحَارِث أَبُو بجير أبياته الْمَشْهُورَة وَمِنْهَا:
(قربا مربط النعمامة فين
…
شَاب رَأْسِي وأنكرتني رجالي)
(لم أكن من جناتها علم الله
…
وَإِنِّي بحرها الْيَوْم صالي)
النعامة فرسه ودامت الْحَرْب بَين بني وَائِل الْمَذْكُورين أَرْبَعِينَ سنة وَلما قتل جساس أرسل أَبوهُ مرّة يَقُول لمهلهل قد أدْركْت ثأرك وَقتلت جساسا فَاكْفُفْ عَن الْحَرْب ودع اللجاج والإسراف فَلم يرجع مهلهل عَن الْقِتَال وَلما طَالَتْ الْحَرْب وَأدْركت تغلب مَا أَرَادَتْهُ من بكر أجابوهم إِلَى الْكَفّ عَن الْقِتَال وَعدم مهلهل.
من مُلُوك الْعَرَب " زُهَيْر " بن جذيمة بن رَوَاحَة بن ربيعَة بن مَازِن بن الْحَارِث بن فظيعة بن عبس وَالِد الْملك قيس بن الْعَبْسِي كَانَ لزهير أتاوة على هوَازن يَأْخُذهَا كل سنة بسوق عكاظ أَيَّام الْمَوْسِم بالحجاز فحقدوا عَلَيْهِ لذَلِك واحترب زُهَيْر وعامر فاتفقت هوَازن مَعَ خَالِد بن جَعْفَر بن كلاب وَبني عَامر على حَرْب زُهَيْر واقتتلوا فاعتنق زُهَيْر وخَالِد فَقتل زُهَيْر بِالْقربِ من أَرض هوزان فَحَمله بنوه مَيتا إِلَى بِلَادهمْ وَفِي ذَلِك يَقُول ورقة بن زُهَيْر لخَالِد أبياتا مِنْهَا:
(فطر خَالِدا إِن كنت تَسْتَطِيع طيرة
…
وَلَا تبقين إِلَّا وقلبك حاذر)
(أتتك المنايا إِن بقيت بضربة
…
تفارق مِنْهَا الْعَيْش وَالْمَوْت حَاضر)
فخاف خَالِد من قتل زُهَيْر وَسَار إِلَى النُّعْمَان بن امرىء الْقَيْس اللَّخْمِيّ ملك الْحيرَة واستجار بِهِ وَكَانَ زُهَيْر سيد غطفان فَانْتدبَ مِنْهُم " الْحَارِث " بن ظَالِم المري وَقدم إِلَى