الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالرقة وخوفه من تورن فَلم يفعل، وَكَانَ قد أرسل إِلَى تورون فِي الصُّلْح فَحلف تورون للمتقي، فانحدر لأَرْبَع بَقينَ من الْمحرم إِلَى بَغْدَاد وَعَاد الأخشيد إِلَى مصر، وَلما وصل المتقي إِلَى هيت أَقَامَ بهَا وَأرْسل فجدد الْيَمين على تورون، وَجَاء تورون من بَغْدَاد لتلقيه فالتقاه بالسندية، ووكل على الْخَلِيفَة حَتَّى انزله فِي مضربه.
ثمَّ قبض تورون على المتقي وسمل عَيْنَيْهِ فأعماه، فصاح المتفي وَحرمه وخدمه فَأمر تورون بِضَرْب الدبادب لتخفي أَصْوَاتهم، وَانْحَدَرَ تورون بالمتقي إِلَى بَغْدَاد وَهُوَ أعمى، وَخِلَافَة المتقي إِبْرَاهِيم بن جَعْفَر المقتدر بن المعتضد ثَلَاث سِنِين وَخَمْسَة أشهر وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَأمه خلوب أم ولد.
(أَخْبَار المستكفي بِاللَّه)
ثمَّ إِن تورون بَايع المستكفي بِاللَّه ثَانِي عشرهم أَبَا الْقَاسِم عبد اللَّهِ بن المكتفي بِاللَّه عَليّ بن المعتضد أَحْمد بن الْمُوفق طَلْحَة بن المتَوَكل جَعْفَر بن المعتصم مُحَمَّد بن الرشيد، وأحضره إِلَى السندية وَبَايَعَهُ النَّاس يَوْم خلع المتقي فِي صفر مِنْهَا.
وفيهَا: اشتدت شَوْكَة أبي يزِيد الْخَارِجِي بالقيروان وَهزمَ الجيوش وَهُوَ من زنانة وَأَبوهُ كنداد من مَدِينَة توزر من بِلَاد قسنطينة وَأم أبي يزِيد جَارِيَة سَوْدَاء وانتشى أَبُو يزِيد بتوزر وَقَرَأَ القرىن وَسَار إِلَى تاهرت فَصَارَ على مَذْهَب النكارية يكفر أهل الْملَّة ويستبيح أَمْوَالهم ودماءهم، ودعا أهل تِلْكَ الْبِلَاد فأطاعوه وَكثر جمعه فحصر قسنطينة فِي هَذِه السّنة وَكَانَ قَصِيرا قبيحا يلبس جُبَّة صوف، ثمَّ فتح تنيسه ثمَّ شبنية وصلب عاملها ثمَّ الأريس فَأخْرج الْقَائِم جيوشا لحفظ رقادة والقيروان، فَهَزَمَهُمْ أَبُو يزِيد وَاسْتولى على تونس وعَلى القيروان ورقادة.
ثمَّ سَار أَبُو يزِيد إِلَى الْقَائِم، فَجهز الْقَائِم جَيْشًا قَاتله فَانْهَزَمَ جَيش الْقَائِم فَسَار أَبُو يزِيد وَحصر الْقَائِم بالمهدية فِي جُمَادَى الأولى مِنْهَا وضايقها فَعدم فِيهَا الْقُوت إِلَى أَن خرجت هَذِه السّنة، ثمَّ رَحل عَن المهدية فِي صفر سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَسَار إِلَى القيروان.
وَتُوفِّي الْقَائِم وَملك ابْنه إِسْمَاعِيل الْمَنْصُور - وَسَيَأْتِي -، فَجهز الْمَنْصُور العساكر وَسَار بِنَفسِهِ إِلَى القيروان واستعادها من أبي يزِيد سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وثلثمائة وداموا على الْقِتَال إِلَى سنة خمس وَثَلَاثِينَ فَهزمَ الْمَنْصُور عَسْكَر أبي يزِيد وَسَار فِي أَثَره فِي ربيع الأول سنة خمس وَثَلَاثِينَ فَأدْرك أَبَا يزِيد على الْمَدِينَة باعاثة فهرب أَبُو يزِيد من مَوضِع إِلَى مَوضِع حَتَّى وصل طنبه، ثمَّ هرب إِلَى جبل البربر وَاسم ذَلِك الْجَبَل برزال والمنصور فِي أَثَره.
وَاشْتَدَّ على عَسْكَر الْمَنْصُور الْحَال حَتَّى بلغت العليقة دِينَارا فَرجع الْمَنْصُور إِلَى بِلَاد صنهاجة وَبلغ إِلَى قَرْيَة عمْرَة واتصل هُنَاكَ بالمنصور الْعلوِي الْأَمِير زيري الصنهاجي جد مُلُوك بادس فَأكْرمه الْمَنْصُور، وَمرض الْمَنْصُور هُنَاكَ شَدِيدا ثمَّ عوفي ورحل إِلَى مسيلة ثَانِي رَجَب سنة خمس وَثَلَاثِينَ وثلثمائة، وَكَانَ قد اجْتمع إِلَى أبي يزِيد جمع من البربر وَسبق
الْمَنْصُور إِلَى مسيلة، فَلَمَّا قدم الْمَنْصُور مسيلة هرب عَنْهَا أَبُو يزِيد إِلَى جِهَة بِلَاد السودَان، ثمَّ صعد جبال كتامة وَرجع عَن قصد السودَان فَسَار الْمَنْصُور عَاشر شعْبَان إِلَيْهِ واقتتلوا فِي شعْبَان فَقتل غَالب جمَاعَة أبي يزِيد وَانْهَزَمَ، فَسَار الْمَنْصُور فِي أَثَره أول رَمَضَان فَاقْتَتلُوا أَيْضا فَانْهَزَمَ أَبُو يزِيد وَأخذت أثقاله والتجأ إِلَى قلعة كتامة المنيعة فحاصرها الْمَنْصُور وداوم الزَّحْف فملكها عنْوَة وهرب أَبُو يزِيد من القلعة من مَكَان وعر فَسقط مِنْهُ فَأخذ وَحمل إِلَى الْمَنْصُور فَسجدَ شكرا وَهَلل النَّاس وَكَبرُوا، وَبَقِي أَبُو يزِيد فِي أسره مجروحا فَمَاتَ وَذَلِكَ سلخ الْمحرم سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وثلثمائة فسلخ جلده وَحشِي تبنا، وَعَاد الْمَنْصُور إِلَى المهدية فَدَخلَهَا فِي رَمَضَان سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وثلثمائة.
قلت: وجاءه الْعَالم كل امرىء يهني الدَّاخِل بالخارجي، وَالله اعْلَم.
وفيهَا: أَعنِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وثلثمائة نقل المستكفي القاهر من دَار الْخلَافَة إِلَى دَار ابْن طَاهِر، وَكَانَ قد بلغ القاهر الضّر والفقر إِلَى أَن كَانَ ملتفا بجبة قطن وَفِي رجله قبقاب خشب.
وفيهَا لما سَار المتقي عَن الرقة إِلَى بَغْدَاد وَسَار عَنْهَا الأخشيد إِلَى مصر سَار سيف الدولة أَبُو الْحسن بن أبي الهيجاء عبد اللَّهِ بن حمدَان إِلَى حلب وَبهَا يانس المؤنس فَأَخذهَا مِنْهُ سيف الدولة، ثمَّ استولى على حمص أَيْضا، ثمَّ حضر دمشق ثمَّ رَحل عَنْهَا بِسَبَب خُرُوج الأخشيد من مصر إِلَيْهِ، وجاءه الأخشيد فَالْتَقَيَا بِقِنِّسْرِينَ فَلم يظفر أحد العسكرين بِالْآخرِ وَرجع سيف الدولة إِلَى الجزيرة فَلَمَّا عَاد الأخشيد إِلَى دمشق عَاد سيف الدولة إِلَى حلب فملكها، ثمَّ قاربت الرّوم حلب فَهَزَمَهُمْ سيف الدولة.
ثمَّ دخلت سنة أَربع ثَلَاثِينَ وثلثمائة: فِيهَا فِي الْمحرم مَاتَ الْمُتَعَدِّي طوره الْكَاذِب فِي يَمِينه تورون بِبَغْدَاد وإمارته سنتَانِ وَأَرْبَعَة أشهر وَتِسْعَة عشر يَوْمًا، فعقد الْجند لِابْنِ شيرزاد الإمرة عَلَيْهِم وَكَانَ بهيت فَقدم بَغْدَاد مستهل صفر وَأرْسل إِلَى المستكفي فاستحلفه فَحلف لَهُ بِحَضْرَة الْقُضَاة وولاه إمرة الْأُمَرَاء.
وفيهَا: كَانَ معز الدولة بن بويه فِي الأهواز وبلغه موت تورون فَسَار حَتَّى قَارب بَغْدَاد، فاختفى المستكفي بِاللَّه وَابْن شيرزاد فَكَانَت إمارته ثَلَاثَة أشهر وأياما، وَقدم الْحسن بن مُحَمَّد المهلبي صَاحب معز الدولة بَغْدَاد وسارت الأتراك عَنْهَا إِلَى جِهَة الْموصل فَظهر المستكفي وَاجْتمعَ بالمهبلي فأظهر المستكفي السرُور بقدوم معز الدولة وأعلمه أَن استتارة إِنَّمَا لخوفه من الأتراك.
ثمَّ وصل معز الدولة بَغْدَاد ثَانِي عشر جمادي الأولى مِنْهَا وَبَايع المستكفي وخلع عَلَيْهِ ولقبه ذَلِك الْيَوْم معز الدلوة، وَأمر بِضَرْب ألقاب بني بويه على الدِّرْهَم وَالدِّينَار، وَنزل معز الدولة بدار مؤنس وَنزل أَصْحَابه فِي دور النَّاس، فلحق النَّاس من ذَلِك شدَّة عَظِيمَة، ورتب معز الدولة للمستكفي كل يَوْم خَمْسَة آلَاف دِرْهَم يستلمها كَاتبه للنَّفَقَة.
وفيهَا: خلع المستكفي بِاللَّه لثمان بَقينَ من جُمَادَى الْآخِرَة. وَصُورَة خلعه أَن معز