الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(كَاد أَن يدمي فريسته
…
فاتقته من دم بِدَم)
وَالله أعلم.
وفيهَا: مَاتَت علية بنت الْمهْدي ومولدها سنة سِتِّينَ وَمِائَة، وَكَانَ زَوجهَا مُوسَى بن عِيسَى بن مُوسَى بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد اللَّهِ بن الْعَبَّاس.
ثمَّ دخلت سنة إِحْدَى عشرَة وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا أَمر الْمَأْمُون أَن يُنَادي: بَرِئت الذِّمَّة مِمَّن ذكر مُعَاوِيَة بِخَير أَو فَضله على أحد من أصجاب رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ -.
وفيهَا: مَاتَ أَبُو الْعَتَاهِيَة الشَّاعِر.
وفيهَا: مَاتَ أَبُو الْحسن سعيد بن مسْعدَة الْأَخْفَش النَّحْوِيّ الْبَصْرِيّ والخفش: صغر الْعَينَيْنِ مَعَ سوء بصرهما، أَخذ النَّحْو عَن سِيبَوَيْهٍ وَكَانَ أكبر من سِيبَوَيْهٍ، وَقَالَ: مَا وضع سِيبَوَيْهٍ شَيْئا فِي كِتَابه إِلَّا بعد أَن عرضه عَليّ. وَزَاد
الْأَخْفَش فِي الْعرُوض بَحر الخبب.
قلت: الْأَخْفَش الْأَكْبَر أَبُو الْخطاب عبد الحميد النَّحْوِيّ من هجر، والأوسط صَاحب التَّرْجَمَة هَذِه، والأصغر الْمُتَأَخر عَليّ بن سُلَيْمَان بن الْفضل النَّحْوِيّ توفّي سنة خمس عشرَة وَقيل سِتّ عشرَة وثلثمائة.
وفيهَا: توفّي عبد الرَّزَّاق الصَّنْعَانِيّ الْمُحدث المتشيع من مَشَايِخ أَحْمد بن حَنْبَل.
قلت: وفيهَا توفّي أَبُو عُبَيْدَة معمر بن الْمثنى التَّيْمِيّ تيم قُرَيْش وَالله أعلم.
ثمَّ دخلت سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا أظهر الْمَأْمُون القَوْل بِخلق الْقُرْآن وتفضيل عَليّ بن أبي طَالب على جَمِيع الصَّحَابَة رضي الله عنهم.
وفيهَا: توفّي مُحَمَّد بن يُوسُف الضَّبِّيّ من مَشَايِخ البُخَارِيّ.
ثمَّ دخلت سنة ثَلَاث عشرَة وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا توفّي إِبْرَاهِيم الْمُغنِي كُوفِي سَافر إِلَى الْموصل وَعَاد فَقيل لَهُ الْموصِلِي.
وفيهَا: مَاتَ عَليّ بن جبلة الشَّاعِر، وَأَبُو عبد الرَّحْمَن الْمُحدث الْمقري.
وفيهَا: وَقيل سنة ثَمَان عشرَة وَمِائَتَيْنِ: توفّي بِمصْر أَبُو مُحَمَّد عبد الْملك بن هِشَام بن أَيُّوب الْحِمْيَرِي وَهُوَ جَامع سيرة النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -، وَشَرحهَا السُّهيْلي وَابْن هِشَام، من مصر وَأَصله من الْبَصْرَة.
وفيهَا: توفّي أَبُو عمر والشيباني، قَالَ أَبُو الْعَلَاء المعري: كتب أَبُو عَمْرو شعر سبعين قَبيلَة وَكَانَ كلما كتب شعر قَبيلَة كتب مُصحفا فَكتب سبعين مُصحفا وعاش مائَة وَسِتِّينَ.
وفيهَا: توفّي إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْموصِلِي، وَله كتاب الأغاني الأول وَالله أعلم.
ثمَّ دخلت سنة أَربع عشرَة وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا اسْتعْمل الْمَأْمُون عبد اللَّهِ بن طَاهِر على خُرَاسَان.
وفيهَا: صلح حَال أبي دلف مَعَ الْمَأْمُون وَكَانَ من أَصْحَاب الْأمين.
وفيهَا: وَقيل سنة ثَلَاث عشرَة: توفّي إِدْرِيس بن إِدْرِيس بن عبد اللَّهِ بن الْحسن بن الْحسن بن عَليّ رضي الله عنهم بالمغرب، وَقَامَ ابْنه مُحَمَّد بِفَارِس والبرير وَولى أَخَاهُ الْقَاسِم طنجة وأخاه عمر صنهاجة وَعمارَة وأخاه دَاوُد هوارة تاسليت وأخاه يحيى داي وَمَا والاها وَبَاقِي إخْوَته على ملك البربر.
وفيهَا: توفّي أَبُو عَاصِم بن مخلد الشَّيْبَانِيّ إِمَام فِي الحَدِيث.
ثمَّ دخلت سنة خمس عشرَة وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا وصل الْمَأْمُون إِلَى منبج ثمَّ أنطاكية ثمَّ المصيصة وطرطوس وَدخل الرّوم فَفتح حصونا وَعَاد وَتوجه إِلَى دمشق.
وفيهَا: توفّي أَبُو سُلَيْمَان الدَّارَانِي الزَّاهِد بداريا، ومكي بن إِبْرَاهِيم الْبَلْخِي من مَشَايِخ البُخَارِيّ، وَأَبُو زيد سعيد النَّحْوِيّ اللّغَوِيّ ابْن ثَلَاث وَتِسْعين وَأَبُو سعيد الْأَصْمَعِي اللّغَوِيّ الْبَصْرِيّ وَقيل: توفّي فِي غَيرهَا، واسْمه عبد الْملك بن قريب بن عبد الْملك بن صَالح وعمره نَحْو ثَمَان وَثَمَانِينَ، نسب إِلَى جده أصمع وَله مصنفات مِنْهَا: كتاب خلق الْإِنْسَان وَكتاب الْأَجْنَاس وَكتاب الأنواء وَكتاب الصِّفَات وَكتاب الميسر والقداح وَكتاب الْفرس وَكتاب الْإِبِل وَكتاب الشَّاء وَكتاب جَزِيرَة الْعَرَب وَكتاب النَّبَات، وَقَرِيب: بِضَم الْقَاف.
ثمَّ دخلت سنة عشر وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا فتح الْمَأْمُون فِي الرّوم عدَّة حصون وَقتل وسبى، ثمَّ عَاد إِلَى دمشق، ثمَّ سَار إِلَى مصر.
وفيهَا: مَاتَت أم جَعْفَر زبيدة بِبَغْدَاد.
ثمَّ دخلت سنة سبع عشرَة وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا عَاد الْمَأْمُون من مصر وَدخل الرّوم وأناخ على لؤلؤة مائَة يَوْم ثمَّ رَحل عَائِدًا.
ثمَّ دخلت سنة ثَمَان عشرَة وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا امتحن أهل الْعلم، وَذَلِكَ أَن الْمَأْمُون كتب إِلَى عَامله بِبَغْدَاد إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم أَن من أقرّ من الْقُضَاة وَالشُّهُود وَالْعُلَمَاء أَن الْقُرْآن مَخْلُوق خلى سَبيله وَمن أبي يُعلمهُ بِهِ فَجمع الَّذين بِبَغْدَاد مِنْهُم، وَمِنْهُم: قَاضِي الْقُضَاة بشر بن الْوَلِيد الْكِنْدِيّ وَمُقَاتِل وَأحمد بن حَنْبَل وقتيبة وَعلي بن الْجَعْد وَغَيرهم، وَقَالَ لبشر: مَا تَقول فِي الْقُرْآن؟ قَالَ: الْقُرْآن كَلَام اللَّهِ، قَالَ: لم أَسأَلك عَن هَذَا أمخلوق هُوَ؟ قَالَ: اللَّهِ خَالق كل شَيْء، قَالَ: وَالْقُرْآن شَيْء؟ قَالَ: نعم، قَالَ: أمخلوق هُوَ؟ قَالَ: لَيْسَ بخالق، قَالَ: لَيْسَ عَن هَذَا أَسأَلك أمخلوق هُوَ؟ قَالَ: مَا احسن غير مَا قلت لَك.
قَالَ إِسْحَاق لِلْكَاتِبِ: أكتب مَا قَالَ، ثمَّ سَأَلَ غَيره وَغَيره ويجيبون بِنَحْوِ جَوَاب بشر.
ثمَّ قَالَ لِأَحْمَد بن حَنْبَل: مَا تَقول فِي الْقُرْآن؟ قَالَ: كَلَام اللَّهِ، قَالَ: أمخلوق هُوَ؟ قَالَ: كَلَام اللَّهِ مَا أَزِيد عَلَيْهَا. ثمَّ قَالَ لَهُ: مَا معنى قَوْله سميع بَصِير؟ قَالَ أَحْمد: كَمَا وصف نَفسه، قَالَ: فَمَا مَعْنَاهُ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي هُوَ كَمَا وصف نَفسه.
ثمَّ سَأَلَ قُتَيْبَة وَعبيد اللَّهِ بن مُحَمَّد وَعبد الْمُنعم بن إِدْرِيس بن نبت ووهب بن مُنَبّه
وَجَمَاعَة، فَأَجَابُوا أَن الْقُرْآن مجعول لقَوْله تَعَالَى:{إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبيا} . وَالْقُرْآن مُحدث لقَوْله: مَا يَأْتِيهم من ذكر من رَبهم مُحدث. قَالَ إِسْحَاق: فالمجعول مَخْلُوق، قَالُوا: لَا نقُول مَخْلُوق لَكِن مجعول. فَكتب مقالتهم ومقالة غَيرهم إِلَى الْمَأْمُون.
فورد جَوَاب الْمَأْمُون إِلَى إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم: أَن يحضر قَاضِي الْقُضَاة بشر بن الْوَلِيد وَإِبْرَاهِيم بن الْمهْدي فَإِن قَالَا بِخلق الْقُرْآن وَإِلَّا تضرب أعناقهما وَمن لم يقل سواهُمَا بِخلق الْقُرْآن يوثقه بالحديد ويحمله إِلَى الْمَأْمُون.
فَجَمعهُمْ إِسْحَاق وَعرض عَلَيْهِم مَا أَمر بِهِ الْمَأْمُون، فَقَالَ بشر وَإِبْرَاهِيم والجميع بِخلق الْقُرْآن إِلَّا أَرْبَعَة هم: أَحْمد بن حَنْبَل والقواريري وسجادة وَمُحَمّد بن نوح الْمَضْرُوب فَأَبَوا فشدهم فِي الْحَدِيد ثمَّ سَأَلَهُمْ، فأجابت سجادة والقواريري فأطلقهما وأصر الإِمَام أَحْمد وَمُحَمّد بن نوح على قَوْلهمَا فوجههما إِلَى طرطوس.
ثمَّ ورد كتاب الْمَأْمُون يَقُول: بَلغنِي أَن بشر بن الْوَلِيد وَجَمَاعَة مَعَه إِنَّمَا أجابوا بِتَأْوِيل الْآيَة الْكَرِيمَة الَّتِي أنزلهَا اللَّهِ تَعَالَى فِي عمار بن يَاسر إِلَّا من أكره وَقَلبه مطمئن بِالْإِيمَان وَقد أخطأوا التَّأْوِيل فَإِن اللَّهِ تَعَالَى عَنى بِهَذِهِ الْآيَة من كَانَ مُعْتَقدًا للْإيمَان مظْهرا للشرك، فَأَما من كَانَ مُعْتَقدًا للشرك مظْهرا للْإيمَان فَلَيْسَ هَذَا لَهُ، فأشخصهم إِلَى طرطوس ليقيموا بهَا إِلَى أَن يخرج أَمِير الْمُؤمنِينَ من بِلَاد الرّوم.
فأرسلهم إِسْحَاق، فَلَمَّا صَارُوا إِلَى الرقة بَلغهُمْ موت الْمَأْمُون فَرَجَعُوا إِلَى بَغْدَاد.
وفيهَا مرض الْمَأْمُون لثلاث عشرَة خلت من جُمَادَى الْآخِرَة، وَذَلِكَ أَنه كَانَ جَالِسا هُوَ وآخوه المعتصم على شاطىء نهر البدندون وأرجلهما فِي المَاء وَهُوَ غَايَة الصفاء والعذوبة ذكرا طيب الرطب فوصلت بغال الْبَرِيد عَلَيْهَا الحقائف وفيهَا الألطاف، فجيء مِنْهَا بسلين فيهمَا رطب فتعجبا وشكرا اللَّهِ وأكلا مِنْهُ وشربا من المَاء فحما، وَلم يزل المعتصم مَرِيضا حَتَّى دخل الْعرَاق، وَلما مرض الْمَأْمُون أوصى إِلَى أَخِيه المعتصم بِحَضْرَة ابْنه الْعَبَّاس بتقوى اللَّهِ وَحسن سياسة الرّعية فِي كَلَام طَوِيل حسن وَقَالَ: هَؤُلَاءِ بَنو عمك ولد أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ رضي الله عنه أحسن صحبتهم وَتجَاوز عَن مسيئهم وَلَا تغفل صلَاتهم فِي كل سنة عِنْد محلهَا.
وَتُوفِّي فَحَمله أَخُوهُ وَابْنه إِلَى طرطوس فدفناه بسلاحه بدار جلعان خَادِم الرشيد
قلت: وَفِيه يَقُول بَعضهم:
(خلفوه بعرصتي طرطوس
…
مِثْلَمَا خلفوا أَبَاهُ بطوس)
وَالله أعلم.
وَصلى عَلَيْهِ المعتصم، وخلافته عشرُون سنة وَخَمْسَة أشهر وَثَلَاثَة وَعِشْرُونَ يَوْمًا سوى أَيَّام دعِي لَهُ بالخلافة وَأَخُوهُ الْأمين مَحْصُور بِبَغْدَاد، ومولده لِلنِّصْفِ من ربيع الأول سنة سبعين وَمِائَة وكنيته أَبُو الْعَبَّاس؛ كَانَ ربعَة أَبيض جميلا طَوِيل اللِّحْيَة دقيقها وخطه