الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(سُلْطَانه رسى بمرسي دانيه
…
ثمَّ غزا حَتَّى إِلَى سردانية)
(ثمَّ أَقَامَت هَذِه الصقالبه
…
لِابْنِ أبي عامرهم بشاطبه)
(وَجل مَا ملكهم بلنسيه
…
وثار آل طَاهِر بمرسيه)
(ويلد الْبِنْت لآل قَاسم
…
وَهُوَ حَتَّى الْآن فِيهَا حَاكم)
(وَابْن رزين جَاره فِي السهله
…
أمْهل أَيْضا ثمَّ كل المهله)
(ثمَّ استمرت هَذِه الطوائف
…
يخلفهم من آلهم خوالف)
وفيهَا أَعنِي سنة سبع وَأَرْبَعمِائَة: قتلت
…
... . بإفريقية، فَإِن باديس الْمعز ركب فِي القيروان فاجتاز بِجَمَاعَة فَقيل لَهُ: إِنَّهُم
…
... يسبون
…
... . و
…
...، فَقَالَ الْمعز: رَضِي اللَّهِ عَن
…
... و
…
... . فثار بهم النَّاس وقتلوهم.
ثمَّ دخلت سنة ثَمَان وَأَرْبَعمِائَة: فِيهَا مَاتَ طغان ملك تركستان وكاشغر، وَلما كَانَ مَرِيضا سَارَتْ جيوش الصين من التّرْك والخطا لقتاله فَدَعَا اللَّهِ أَن يعافيه ليقاتلهم ثمَّ يفعل بِهِ مَا شَاءَ فَعُوفِيَ وَسَار فكسبهم وهم زهاء ثلثمِائة ألف خركاه وَقتل مِنْهُم فَوق مِائَتي ألف رجل وَأسر نَحْو مائَة ألف وغنم مَا لَا يُحْصى وَعَاد فَمَاتَ ببلاساغون عقيب وُصُوله وَكَانَ عادلا دينا.
وَهَذَا يلْتَفت إِلَى قصَّة سعد بن معَاذ الْأنْصَارِيّ رضي الله عنه لما جرح فِي غَزْوَة الخَنْدَق وَسَأَلَ اللَّهِ أَن يحييه إِلَى أَن يُشَاهد غَزْوَة بني قُرَيْظَة، فاندمل جرحه حَتَّى فرغ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ -
من قتل بني قُرَيْظَة وَسَبْيهمْ فَانْتقضَ جرح سعد وَمَات رضي الله عنه.
وَلما مَاتَ طغان خَان ملك أَخُوهُ أَبُو المظفر أرسلان خَان.
وفيهَا: فِي جمادي الأولى توفّي مهذب الدولة صَاحب البطيحة أَبُو الْحسن عَليّ بن نصر ومولده سنة خمس وَثَلَاثِينَ وثلثمائة افتصد فورم ساعده
وَاشْتَدَّ مَرضه فَوَثَبَ ابْن أُخْته أَبُو مُحَمَّد عبد اللَّهِ بن بني فَقبض على أَحْمد بن مهذب الدولة فأعلمت أمه مهذب الدولة قبل مَوته فَقَالَ: أَي شَيْء أقدر أعمل وَأَنا على هَذِه الْحَال وَمَات من الْغَد.
وَولي الْأَمر أَبُو مُحَمَّد الْمَذْكُور، وَضرب ابْن مهذب الدولة فَمَاتَ بعد ثَلَاثَة أَيَّام من موت أَبِيه.
ثمَّ مَاتَ أَبُو مُحَمَّد بالذبحة بعد ثَلَاثَة أشهر فولى البطيحة بعده الْحُسَيْن بن بكر الشرابي من خَواص مهذب الدولة، ثمَّ قبض عَلَيْهِ سُلْطَان الدولة فِي سنة عشر وَأَرْبَعمِائَة وولاها صَدَقَة بن فَارس المازياري.
وفيهَا: مَاتَ عَليّ بن مزِيد الْأَسدي وَصَارَ الْأَمِير بعده ابْنه دبيس.
وفيهَا: طمعت الْعَامَّة فِي الديلم وَكثر العيارون والنهب بِبَغْدَاد.
وفيهَا: قدم سُلْطَان الدولة إِلَى بَغْدَاد وَضرب الطبل فِي أَوْقَات الصَّلَوَات الْخمس، وَكَانَ جده عضد الدولة يَفْعَله فِي أَوْقَات ثَلَاث صلوَات.
ثمَّ دخلت سنة تسع وَأَرْبَعمِائَة: فِيهَا غزا يَمِين الدولة الْهِنْد على عَادَته فَقتل وغنم وَعَاد.
وفيهَا: مَاتَ عبد الْغَنِيّ بن سعيد الْحَافِظ الْمصْرِيّ صَاحب المؤتلف والمختلف.
ثمَّ دخلت سنة عشر وَأَرْبَعمِائَة: فِيهَا توفّي وثاب بن سَابق النميري صَاحب حران وَملك ابْنه شبيب.
ثمَّ دخلت سنة إِحْدَى عشرَة وَأَرْبَعمِائَة: فِيهَا لثلاث بَقينَ من شَوَّال فقد الْحَاكِم بِأَمْر اللَّهِ أَبُو عَليّ مَنْصُور بن الْعَزِيز الْعلوِي صَاحب مصر خرج لَيْلًا يطوف على رسمه وَأصْبح عِنْد قبر الفقاعي وَتوجه إِلَى شَرْقي حلوان وَمَعَهُ ركابيان فَأَعَادَ أَحدهمَا مَعَ جمَاعَة من الْعَرَب ليوصلهم مَا أطلق لَهُم من بَيت المَال، ثمَّ عَاد الركابي الآخر وَأخْبر أَنه خلف الْحَاكِم عِنْد الْعين والمقصبة، فَخرج جمَاعَة من أَصْحَابه ليكشفوا خَبره فوجودوا عِنْد حلوان حمَار الْحَاكِم فعادوا وَلم يشكوا فِي قَتله، وَكَانَ قد تهدد أُخْته فاتفقت مَعَ بعض القواد وجهزوا عَلَيْهِ من قَتله. وعمره سِتّ وَثَلَاثُونَ سنة وَتِسْعَة أشهر وولايته خمس وَعِشْرُونَ سنة وَأَيَّام، وَكَانَ جوادا سفاكا للدماء تصدر عَنهُ أَفعَال متناقضة يَأْمر بالشَّيْء ثمَّ ينْهَى عَنهُ.
وَولي بعده ابْنه الظَّاهِر لإعزاز دين اللَّهِ أَبُو الْحسن عَليّ وبويع فِي السَّابِع من قبل أَبِيه وَهُوَ صبي، وجمعت عمته أُخْت الْحَاكِم سِتّ الْملك النَّاس وأحسنت ووعدت ورتبت وباشرت الْملك بِنَفسِهَا وقويت هيبتها وَعَاشَتْ بعد الْحَاكِم أَربع سِنِين.
وفيهَا: فِي ذِي الْحجَّة شغبت الْجند بِبَغْدَاد على سُلْطَان الدولة، فَأَرَادَ الانحدار إِلَى وَاسِط فَقَالُوا: اجْعَل عندنَا ولدك أَو أَخَاك مشرف الدولة، فاستخلف أَخَاهُ مشرف الدولة على الْعرَاق وَسَار سُلْطَان الدولة عَن بَغْدَاد إِلَى الأهواز واستوزر فِي طَرِيقه ابْن سهلان فاستوحش مشرف الدولة من ذَلِك.
وَأرْسل سُلْطَان الدولة وزيره ابْن سهلان ليخرج أَخَاهُ مشرف الدولة من الْعرَاق، فَسَار إِلَيْهِ واقتتلا فانتصر مشرف الدولة وَأمْسك ابْن سهلان وسمله وَلما بلغ ذَلِك سُلْطَان الدولة ضعفت نَفسه وهرب إِلَى الأهواز فِي أَرْبَعمِائَة فَارس وَاسْتقر مشرف الدولة بن بهاء الدولة فِي ملك الْعرَاق وَقطعت خطْبَة سُلْطَان الدولة وخطب لمشرف الدولة فِي آخر الْمحرم سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَأَرْبَعمِائَة.
وفيهَا: فِي الْموصل قبض مُعْتَد الدولة قرواش بن الْمُقَلّد على وزيره أبي الْقَاسِم المغربي ثمَّ أطلقهُ، وَقبض على سُلَيْمَان بن فَهد وَكَانَ ابْن فَهد فِي حداثته بَين يَدي الصابي بِبَغْدَاد، ثمَّ صعد الْموصل وخدم الْمُقَلّد بن الْمسيب وَالِد قرواش، ثمَّ نظر فِي ضيَاع قرواش فظلم أَهلهَا، ثمَّ سخط قرواش عَلَيْهِ وحبسه ثمَّ قَتله. وَذكره ابْن الزمكدم فِي أَبْيَات وَهِي:
(وليل كوجه البرقعيدي مظلم
…
وَبرد أغانيه وَطول قرونه)
(سريت ونومي عَن جفوني مشرد
…
كعقل سُلَيْمَان بن فَهد وَدينه)
(على أولق فِيهِ الْتِفَات كَأَنَّهُ
…
أَبُو جَابر فِي خبطه وجنونه)
(إِلَى أَن بدا ضوء الصَّباح كَأَنَّهُ
…
سنا وَجه قرواش وضوء جَبينه)
جلس قرواش لَيْلَة للشراب فِي الشتَاء وَعِنْده البرقعيدي مُغنِي قرواش وَسليمَان بن فَهد وَأَبُو جَابر الْحَاجِب، فَأمر ابْن الزمكدم أَن يمدح قرواشا ويهجوهم بديها فَقَالَ هَذِه الأبيات
وفيهَا: اجْتمع غَرِيب بن معن ودبيس بن عَليّ بن مزِيد وأتاهم عَسْكَر من من بَغْدَاد وَجرى بَينهم وَبَين قرواش قتال، فَانْهَزَمَ قرواش وامتدت يَد نواب السُّلْطَان إِلَى أَعماله فَأرْسل يسْأَل الصفح عَنهُ.
وفيهَا: فِي ربيع الآخر نشأت سَحَابَة بإفريقية شَدِيدَة الْبَرْق والرعد فأمطرت حِجَارَة كَثِيرَة وأهلكت من أَصَابَت، حَكَاهُ ابْن الْأَثِير.
ثمَّ دخلت سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَأَرْبَعمِائَة: فِيهَا مَاتَ صَدَقَة بن فَارس المازياري أَمِير البطيحة، وضمنها أَبُو نصر شيرزاد بن الْحسن بن مَرْوَان فأمنت بِهِ الطّرق.
وفيهَا توفّي عَليّ بن هِلَال " ابْن البواب " الْجيد الْخط، وَقيل: مَاتَ سنة ثَلَاث عشرَة، وَكَانَ عِنْده علم وقص بِجَامِع الْمَدِينَة بِبَغْدَاد وَيُسمى ابْن الستري أَيْضا لِأَن أَبَاهُ كَانَ بوابا يلازم ستر الْبَاب، وَشَيْخه فِي الْكِتَابَة مُحَمَّد بن أَسد بن عَليّ الْقَارِي الْكَاتِب الْبَزَّاز الْبَغْدَادِيّ، وَدفن ابْن البواب جوَار أَحْمد بن حَنْبَل.
وفيهَا: توفّي عَليّ بن عبد الرَّحْمَن الْفَقِيه الْبَغْدَادِيّ الْمَعْرُوف بصريع الدلاء قَتِيل الغواشي ذِي الرقاعتين. وَمن مجونه قَوْله.
(من فَاتَهُ الْعلم وأخطأه الْغنى
…
فَذَاك وَالْكَلب على حَال سوا)
قلت: وَكَانَ بعض الْفُقَهَاء ينشده: وأحظاه الْغنى - بِالْحَاء الْمُهْملَة والظاء الْمُعْجَمَة - وَهُوَ حسن وَإِن لم يرد ذَلِك قَائِله. وَفِي تَارِيخ ابْن خلكان: أَنه عَليّ بن عبد الْوَاحِد، وغالب ظَنِّي أَنه توفّي بِمصْر واجتاز بمعرة النُّعْمَان وَبهَا الشَّيْخ أَبُو الْعَلَاء فَطلب مِنْهُ شرابًا وَمَا يَلِيق بِهِ، فَأرْسل الشَّيْخ لَهُ نَفَقَة وَاعْتذر بِأَبْيَات مِنْهَا:
(تفهم يَا صريع الْبَين بشرى
…
أَتَت من مُسْتَقل مستقيل)
(دعيت بصارع وتداركته
…
مُبَالغَة فَرد إِلَى فعيل)
(كَمَا قَالُوا عليم إِذا أَرَادوا
…
تناهي الْعلم فِي الله الْجَلِيل)
(قد استحييت مِنْك فَلَا تَكِلنِي
…
إِلَى شَيْء سوى عذر جميل)
(وَقد أنفذت مَا حَقي عَلَيْهِ
…
قَبِيح الهجو أَو شتم الرَّسُول)
(وَذَاكَ على انفرادك قوت يَوْم
…
إِذا أنفقت إِنْفَاق الْبَخِيل)
(وَإِن الْوَزْن وَهُوَ أتم وزن
…
يُقَام صغاه بالحرف العليل)
(وَإِن يَك مَا بعثت بِهِ قَلِيلا
…
فلي حَال أقل من الْقَلِيل)
وَالله أعلم.
وفيهَا: قَالَه عمَارَة فِي تَارِيخ الْيمن - استولى نجاح على الْيمن كَمَا مر ونجاح مولى مرجان ومرجان مولى حُسَيْن بن سَلامَة وحسين مولى رشيد ورشيد مولى بني رقاد، ولنجاح أَوْلَاد مِنْهُم: سعيد الْأَحْوَال وجياش ومعارك، وَملك نجاح الْيمن حَتَّى توفّي سنة اثنيتين وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة، قيل أهْدى لَهُ الصليحي جَارِيَة جميلَة فَسَمتْهُ.
ثمَّ ملك بعد نجاح بنوه وبنوهم، وَغلب عَلَيْهِم الصليحي كَمَا سَيذكرُ فهرب بَنو نجاح إِلَى دهلك وجزائرها ثمَّ اقترفوا مِنْهَا، فَقدم جياش متنكرا إِلَى زبيد وَأخذ مِنْهَا وَدِيعَة كَانَت لَهُ ثمَّ عَاد إِلَى دهلك مُدَّة ملك الصليحي، وَقدم سعيد الْأَحْوَال إِلَى زبيد أَيْضا بعد عود أَخِيه جياش عَنْهَا واستتر بهَا، واستدعى جياشا من دهلك وبشره بِانْقِضَاء ملك الصليحي وَأَنه قد قرب أَوَانه فَجَاءَهُ جياش، وَظهر حِينَئِذٍ سعيد بزبيد وسارا فِي سبعين رجلا من زبيد فِي تَاسِع ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة، وقصدا الصليحي وَكَانَ فِي الْحَج فلحقاه عِنْد أم الدهيم وبئر أم معبد وقتلاه وأخاه عبد اللَّهِ بن مُحَمَّد بَغْتَة فِي ثَانِي عشر ذِي الْقعدَة من السّنة الْمَذْكُورَة وَمَعَهُ عَسْكَر لم يشعروا إِلَّا بِقَتْلِهِمَا وحز سعيد رأسيهما، واحتاط على زَوْجَة الصليحي أَسمَاء بنت شهَاب وَعَاد إِلَى زبيد، وَكَانَ لأسماء ابْن يُسمى الْملك المكرم أَحْمد بن عَليّ الصليحي لَهُ بعض حصون الْيمن.
وَدخل سعيد بن نجاح وَأَخُوهُ جياش زبيد فِي أَوَاخِر سنة ثَلَاث وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة، والرأسان أَمَام هودج أَسمَاء بنت شهَاب وَأنزل أَسمَاء بدار فِي زبيد وَنصب الرأسين قبالتها، واستوثق الْأَمر بتهامة لسَعِيد.
واستمرت أَسمَاء مأسورة إِلَى سنة خمس وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة، فَأرْسلت خُفْيَة إِلَى ابْنهَا المكرم تسترجيه فَجمع المكرم جموعا وَسَار من الْجبَال إِلَى زبيد وَقَاتل سعيدا قتالا شَدِيدا، فَانْهَزَمَ سعيد إِلَى دهلك وَاسْتولى المكرم على زبيد وَأنزل رَأس الصليحي وَرَأس أَخِيه فدفنها وَبنى عَلَيْهِمَا مشهدا، وَولى على زبيد خَاله أسعد بن شهَاب، وَمَاتَتْ أَسمَاء بعد ذَلِك بِصَنْعَاء سنة سبع وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة.
ثمَّ عَاد بَنو نجاح من دهلك وأخرجوا أسعد وملكوا زبيد سنة تسع وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة.
ثمَّ غلبهم المكرم وَملك زبيد وَقتل سعيدا سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة وَقيل سنة ثَمَانِينَ، وَنصب رَأسه مُدَّة، وهرب جياش إِلَى الْهِنْد وَعَاد بعد سِتَّة أشهر إِلَى زبيد فملكها فِي بقايا سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ الْمَذْكُورَة، وَكَانَ قد اشْترى من الْهِنْد جَارِيَة هندية فَولدت بزبيد ابْنه الفاتك، وَبَقِي المكرم فِي الْجبَال يَشن الغارات على بِلَاد جياش لَا يقدر على غير ذَلِك.
وَلم يزل جياش مَالِكًا لتهامة من سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة إِلَى سنة ثَمَان وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة فَمَاتَ فِي أواخرها، وَقيل فِي سنة خَمْسمِائَة، وَله بنُون مِنْهُم فاتك من الْهِنْدِيَّة وَمَنْصُور وَإِبْرَاهِيم.
فَتَوَلّى بعده ابْنه فاتك، وَخَالف عَلَيْهِ أَخُوهُ إِبْرَاهِيم، ثمَّ مَاتَ فاتك سنة ثَلَاث وَخَمْسمِائة.
وَملك بعد ابْنه مَنْصُور دون الْبلُوغ، فقصده عَمه إِبْرَاهِيم وقاتله فَمَا ظفر بطائل.
وثار فِي زبيد عَم الصَّبِي عبد الْوَاحِد بن جياش وَملك زبيد، فَاجْتمع عبيد فاتك على مَنْصُور واستنجدوا وقصدوا زبيد وقهروا عبد الْوَاحِد، وَاسْتقر مَنْصُور بن فاتك فِي الْملك بزبيد.
ثمَّ ملك بعده ابْنه فاتك بن مَنْصُور.
ثمَّ ملك بعده ابْن عَمه فاتك الْأَخير بن مُحَمَّد بن فاتك بن جياش بن نجاح سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة، وَاسْتقر فاتك بن مُحَمَّد فِي ملك الْيمن من السّنة الْمَذْكُورَة حَتَّى قَتله عبيده سنة ثَلَاث وخميسين وَخَمْسمِائة وَهُوَ آخر مُلُوك الْيمن من بني نجاح ثمَّ ملك الْيمن عَليّ بن مهْدي وَسَيَأْتِي.
ثمَّ دخلت سنة ثَلَاث عشرَة وَأَرْبَعمِائَة: فِيهَا كَانَ الصُّلْح بَين مشرف الدولة وأخيه سُلْطَان الدولة على أَن الْعرَاق لمشرف الدولة وكرمان وَفَارِس لسلطان الدولة.
وفيهَا: استوزر مشرف الدولة أَبَا الْحسن بن الْحسن الرخجي ولقب مؤيد الْملك، وَبنى المارستان بواسط بوقف عَظِيم، وَكَانَ يسْأَل الوزارة فَيمْتَنع حَتَّى ألزم بهَا هَذِه السّنة.
وفيهَا: توفّي عَليّ بن عِيسَى الشكري شَاعِر السّنة نَاقض شعراء الشِّيعَة وَأكْثر من مدح الصَّحَابَة رضي الله عنهم فَسُمي بذلك.
وفيهَا: توفّي أَبُو عبد اللَّهِ بن الْمعلم فَقِيه الإمامية، ورثاه المرتضى.
قلت: وفيهَا: كسر الْحجر الْأسود كَسره رجل أعجمي أشقر أَزْرَق فَقتل مِمَّن يُشبههُ خلق عَظِيم، وَجعلت لَهُ ضبة فضَّة وَهِي بَيِّنَة وَالله أعلم.
ثمَّ دخلت سنة أَربع عشرَة وثلثمائة: فِيهَا استولى عَلَاء الدولة أَبُو جَعْفَر بن كاكويه على همذان من يَد صَاحبهَا سَمَاء الدولة أبي الْحسن بن شمس الدولة من بني بويه، ثمَّ ملك الدينور أَيْضا، ثمَّ ملك سَابُور خواشت أَيْضا وقويت هيبته وَضبط الْملك.
وفيهَا: قبض مشرف الدولة على وزيره الرخجي، واستوزر أَبَا الْقَاسِم الْحُسَيْن المغربي الَّذِي كَانَ وَزِير قرواش وَكَانَ أَبوهُ من أَصْحَاب سيف الدولة بن حمدَان وَسَار إِلَى مصر فولد لَهُ أَبُو الْقَاسِم الْمَذْكُور بهَا سنة سبعين وثلثمائة، ثمَّ قتل الْحَاكِم أَبَاهُ فهرب أَبُو الْقَاسِم إِلَى الشَّام وتنقل فِي الخدم.
وفيهَا: غزا يَمِين الدولة الْهِنْد وَعَاد غانما.
وفيهَا: توفّي القَاضِي عبد الْجَبَّار الْمُتَكَلّم المعتزلي وَقد جَاوز التسعين.
ثمَّ دخلت سنة خمس عشرَة وَأَرْبَعمِائَة قلت: وفيهَا قبض أَسد الدولة صَالح بن مرداس بحلب على القَاضِي أبي أُسَامَة وَدَفنه حَيا فِي القلعة فَقَالَ بَعضهم فِي ذَلِك:
(وأد الْقُضَاة أَشد من
…
وأد الْبَنَات عمى وغيا)
(أدفنت قَاضِي الْمُسلمين
…
بقلعة الشَّهْبَاء حَيا)
وَالله أعلم.
وفيهَا: فِي شَوَّال توفّي سُلْطَان الدولة أَبُو شُجَاع بن بهاء الدولة أبي نصر بن عضد الدولة بشيراز وعمره اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ سنة وَأشهر، فاستولى أَخُوهُ قوام الدولة أَبُو الفوارس على مملكة فَارس، وَكَانَ أَبُو كاليجار بن سُلْطَان الدولة بالأهواز فَسَار وَقَاتل عَمه فَانْهَزَمَ عَمه، فاستولى أَبُو كاليجار على مملكة أَبِيه بِفَارِس ثمَّ أخرجه عَمه أَبُو الفوارس عَنْهَا، ثمَّ ملكهَا أَبُو كاليجار ثَانِيًا، وَهزمَ عَمه قوام الدولة وَملك شيراز وَاسْتقر فِي ملك أَبِيه.
وفيهَا: توفّي عَليّ بن عبد اللَّهِ بن عبد الْغفار السمسماني اللّغَوِيّ، وَكتب الْأَدَب الَّتِي عَلَيْهَا خطه مَرْغُوب فِيهَا.
ثمَّ دخلت سنة سِتّ عشرَة وَأَرْبَعمِائَة: فِيهَا غزا يَمِين الدولة الْهِنْد وأوغل وَفتح مَدِينَة الصَّنَم الْمُسَمّى بسومنات أعظم أصنام الْهِنْد يحجون إِلَيْهِ وَوَقفه فَوق عشرَة آلَاف ضَيْعَة وَكَانَ قد اجْتمع فِي بَيت الصَّنَم من الْجَوْهَر وَالذَّهَب مَا لَا يُحْصى فغنم الْكل، وَكَانَ الصَّنَم صلبا فَأوقد عَلَيْهِ حَتَّى قدر على كَسره كَانَ طوله خَمْسَة أَذْرع مِنْهَا ثَلَاثَة بارزة وذراعان فِي الْبناء، وَأخذ بعض الصَّنَم مَعَه إِلَى غزنة وَجعله عتبَة الْجَامِع.
قلت: وفيهَا توفّي بسيل ملك الرّوم بن أرمانوس وَكَانَ فِيمَا يزْعم من رَآهُ من الْمُسلمين مُسلما أَكثر إيمَانه وَحقّ مَا فِي صَدْرِي، وَقيل أَنه كَانَ يعلق على صَدره تَحت ثِيَابه مُصحفا، وَبَقِي فِي الْملك خمسين سنة وَالله أعلم.
وفيهَا: فِي ربيع الأولى توفّي مشرف الدولة بن بهاء الدولة وعمره ثَلَاث وَعِشْرُونَ سنة وَسِتَّة أشهر وَملكه خمس سِنِين وَخَمْسَة عشر يَوْمًا وَكَانَ عادلا.
وفيهَا قتل التهامي عَليّ بن مُحَمَّد الشَّاعِر صَاحب:
(حكم الْمنية فِي الْبَريَّة جاري
…
مَا هَذِه الدُّنْيَا بدار قَرَار
…
قلت: ولي فِي وَزنهَا قصيدة طَوِيلَة مِنْهَا:
(أَتَرَى أسر بدفن بنت قَائِلا
…
اللَّهِ جَارك إِن دمعي جاري)
(فبنات نعش أنجم وكمالها
…
بالنعش فاطلب مثله لجواري)
(أَقْسَمت مَا كَرهُوا الْبَنَات لبخلهم
…
كَرهُوا الْبَنَات كَرَاهَة الأصهار)