الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حول أرِيحَا سبع مَرَّات وَأَن يصوتوا بالقرون، فعندما فعلوا هَبَطت الأسوار ورسخت وتساوت الْخَنَادِق بهَا وَدخل بَنو إِسْرَائِيل أرِيحَا بِالسَّيْفِ وَقتلُوا أَهلهَا.
وَبعدهَا سَار إِلَى نابلس إِلَى الْمَكَان الَّذِي بيع فِيهِ يُوسُف فَدفن عِظَام يُوسُف هُنَاكَ. وَكَانَ مُوسَى قد استخرج يُوسُف من نيل مصر واستصحبه إِلَى التيه، وَبَقِي مَعَهم أَرْبَعِينَ سنة، وتسلمه يُوشَع إِلَى أَن دَفنه فَرَاغه من أرِيحَا. وَملك يُوشَع الشَّام وَفرق فِيهِ عماله، ودبر بني إِسْرَائِيل نَحْو ثَمَان وَعشْرين سنة.
ثمَّ توفّي يُوشَع وَدفن فِي كفر حارس وَله من الْعُمر مائَة وَعشر سِنِين. وَفِي تَارِيخ ابْن سعيد المغربي: أَن يُوشَع مدفون فِي المعرة، فَلَا أعلم أنقل ذَلِك أم أثْبته على مَا هُوَ مَشْهُور الْآن. قَالَ الْمُؤلف رحمه الله: فَكَانَت وَفَاة يُوشَع سنة ثَمَان وَعشْرين لوفاة مُوسَى.
وَبعد يُوشَع قَامَ بتدبيرهم (فينحاس) بن الْعيزَار بن هَارُون بن عمرَان وكالب بن يوقنا، وَكَانَ فينحاس هُوَ الإِمَام وَهُوَ من سبط يهوذا. وَكَانَ كالب يحكم بَينهم، وَكَانَ أَمرهمَا فِي بني إِسْرَائِيل ضَعِيفا، دَامَ بَنو إِسْرَائِيل كَذَلِك سبع عشرَة سنة.
ثمَّ طغوا فَسلط اللَّهِ عَلَيْهِم " كوشيان " ملك الجزيرة - قيل: قبرس - وَقيل: كَانَ ملك الأرمن، وَهُوَ من ولد الْعيص بن إِسْحَاق. فاستولى على بني إِسْرَائِيل واستعبدهم ثَمَان سِنِين، فاستغاثوا إِلَى اللَّهِ. وَكَانَ لكالب أَخ من أمه اسْمه عثنئال بن قياز فَأَقَامَ كالب أَخَاهُ عثنئال على بني إِسْرَائِيل، فَكَانَ خلاص بني إِسْرَائِيل من كوشيان سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين لوفاة مُوسَى عليه السلام، لِأَن كوشيان حكم عَلَيْهِم ثَمَان سِنِين.
فينحاس - بفاء ثمَّ مثناة تَحت مُهْملَة، ثمَّ نون سَاكِنة، ثمَّ حاء مُهْملَة، ثمَّ ألف مُهْملَة وسين مُهْملَة -.
ثمَّ قَامَ بعد كوشيان " عثنئال " بن قياز من سبط يهوذا وأزال قطيعة صَاحب الجزيرة عَن بني إِسْرَائِيل وَأصْلح حَالهم، وَكَانَ صَالحا دبر أَمرهم أَرْبَعِينَ سنة، فَتكون وَفَاته فِي أَوَاخِر سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين لوفاة مُوسَى صلى الله عليه وسلم َ -.
عثنئال - بِعَين مُهْملَة وثاء مُثَلّثَة سَاكِنة وَنون مَكْسُورَة ومثناة تَحت مَهْمُوزَة وَألف وَلَام -.
وَبعده أَكثر بَنو إِسْرَائِيل الْمعاصِي وعبدوا الْأَصْنَام فَسلط عَلَيْهِم " عغلون " ملك ماب من ولد لوط، واستعبدهم فاستغاثوا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وبقوا تَحت مضايقته ثَمَان عشرَة سنة
، فَيكون خلاصهم مِنْهُ فِي أَوَاخِر عشر وَمِائَة. عغلون - بِعَين مَفْتُوحَة مُهْملَة وَسُكُون الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَضم اللَّام وَسُكُون الْوَاو ثمَّ نون.
ثمَّ أَقَامَ اللَّهِ لَهُم " أهوذ " من سبط بنيامين، فَكف عَنْهُم أذيه عغلون ومضايقته، ودبرهم ثَمَانِينَ سنة، فَتكون وَفَاة أهوذ فِي أَوَاخِر سنة تسعين وَمِائَة لوفاة مُوسَى عليه السلام أهوذ على وزن أقوم وذالة مُعْجمَة _
…
...
…
...
…
...
…
...
…
...
…
...
…
...
…
...
…
وَلما مَاتَ أهوذ قَامَ بتدبيرهم " شمكار " بن عنوث دون سنة، فَتكون ولَايَة شمكار ووفاته سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَمِائَة لوفاة مُوسَى. شمكار - بإهمال الرَّاء بِوَزْن صمصام -.
ثمَّ طغوا فأسلمهم اللَّهِ إِلَى نابين ملك الشَّام فاستبعدهم عشْرين سنة حَتَّى خلصوا مِنْهُ فَيكون خلاصهم مِنْهُ فِي أَوَاخِر سنة إِحْدَى عشرَة وَمِائَتَيْنِ لوفاة مُوسَى. ثمَّ قَامَ فيهم " باراق " بن أبي نعم من سبط تفتالي، وَامْرَأَة اسْمهَا دبورا فقهقرا بَابَيْنِ ودبرا بني إِسْرَائِيل أَرْبَعِينَ سنة، فَتكون انْقِضَاء مدتهما أَوَاخِر سنة إِحْدَى وَخمسين وَمِائَتَيْنِ لوفاة مُوسَى. باراق - بموحدة تَحت وَألف وَرَاء مُهْملَة وَألف وقاف.
ثمَّ أرتكبوا الْمعاصِي بِغَيْر مُدبر لَهُم مِنْهُم سبع سِنِين، وَاسْتولى عَلَيْهِم أعداؤهم من مَدين تِلْكَ الْمدَّة، فَيكون آخر مُدَّة هَذِه الفترة فِي أَوَاخِر سنة ثَمَان وَخمسين وَمِائَتَيْنِ من وَفَاة مُوسَى، فاستغاثوا فَأَقَامَ اللَّهِ فيهم " لذعون " بن نواش فَقتل أعداءهم وأقأم دينهم أَرْبَعِينَ سنة، فَتكون وَفَاته فِي أَوَاخِر سنة ثَمَان وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ لوفاة مُوسَى. لذعون - بذال منقوطة وَعين مُهْملَة بِوَزْن مَنْصُور -
…
... .
ثمَّ قَامَ فيهم بعده ابْنه " أبيمالخ " ثَلَاث سِنِين، فَتكون وَفَاته فِي أَوَاخِر سنة إِحْدَى وثلثمائة لوفاة مُوسَى. أبيمالخ - بِهَمْزَة وباء مُوَحدَة تَحت ومثناة تَحت وَمِيم وَألف وَلَام وخاء مُعْجمَة -
…
...
…
...
ثمَّ قَامَ بعده فيهم " يؤائير " الجرشِي من سبط ششوخر اثْنَتَيْنِ وَعشْرين سنة، فَتكون وَفَاته لمضي ثلثمِائة وَثَلَاث وَعشْرين من وَفَاة مُوسَى. يؤائير - بِضَم الْيَاء الْمُثَنَّاة تَحت وهمزة مَفْتُوحَة وَألف ثمَّ همزَة مَكْسُورَة وياء مثناة وَرَاء مُهْملَة -
…
.
ثمَّ ارتكبوا الْمعاصِي فَسلط عليم بَنو عمون من ولد لوط، وملكهم أمونيطو فاستولى عَلَيْهِم ثَمَانِي عشرَة سنة حَتَّى خلصوا مِنْهُ، فَتكون انْقِضَاء مدَّته فِي أَوَاخِر سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وثلثمائة لوفاة مُوسَى.
ثمَّ اسْتَغَاثُوا إِلَى اللَّهِ فَأَقَامَ فيهم " يفتح " الجرشِي من سبط منشا، فكفاهم شَرّ بني عمون وَقتل من بني عمون كثيرا ودبرهم سِتّ سِنِين، فَتكون وَفَاته فِي أَوَاخِر سنة ثَلَاثمِائَة وَسبع وَأَرْبَعين. يفتح - بِضَم الْيَاء الْمُثَنَّاة تَحت وَسُكُون الْفَاء وَضم التَّاء الْمُثَنَّاة فَوق وحاء مُهْملَة -
…
...
…
وَقَامَ فيهم بعده " أبصن " من سبط يهوذا سبع سِنِين، فوفاته فِي أَوَاخِر سنة أَربع وَخمسين وثلثمائة لوفاة مُوسَى. أبصن - بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَضم الصَّاد الْمُهْملَة ثمَّ نون -
…
. . وَبعده دبرهم " أيلون " من سبط زيولون عشر سِنِين، فوفاته فِي سنة أَربع وَسِتِّينَ وثلثمائة لوفاة مُوسَى. أيلون - بِهَمْزَة ممدودة مُهْملَة وَضم اللَّام وواو وَنون -
…
...
…
...
…
...
…
...
…
...
…
...
…
... .
وَبعده دبرهم " عبدون " بن هِلَال من سبط أفرائيم بن يُوسُف ثَمَان سِنِين فوفاته سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وثلثمائة لوفاة مُوسَى. عبدون - بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة ودالة مُهْملَة بِوَزْن مَنْصُور.
ثمَّ اخطأوا وعصوا، فَسلط عَلَيْهِم اهل فلسطين واستولوا عَلَيْهِم أَرْبَعِينَ سنة فَيكون آخر اسْتِيلَاء أهل فلسطين عَلَيْهِم فِي أَوَاخِر سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَأَرْبَعمِائَة لوفاة مُوسَى. فاستغاثوا إِلَى اللَّهِ فَأَقَامَ فيهم " شمشون " بن مانوخ من سبط دوف، وَكَانَ لشمشون قُوَّة عَظِيمَة يعرف بشمشون الْجَبَّار، فدافع أهل فلسطين ودبر ملك بني إِسْرَائِيل عشْرين سنة، ثمَّ غَلبه أهل فلسطين وأسروه ودخلوا بِهِ كنيستهم وَكَانَت مركبة على أعمدة، فَأمْسك العواميد وحركها بِقُوَّة حَتَّى وَقعت الْكَنِيسَة فَقتلته وَمن فِيهَا من فلسطين من كبارهم، فانقضاء مُدَّة تَدْبِير شمشون فِي أَوَاخِر سنة اثنيتين وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة لوفاة مُوسَى. وشمشون - بشينين معجمتين بِوَزْن مَنْصُور -
…
...
ثمَّ كَانَت فَتْرَة وصاروا بِغَيْر مُدبر عشر سِنِين، فانقضاء الفترة فِي أَوَاخِر سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة لوفاة مُوسَى.
ثمَّ قَامَ فيهم " غالى " الكاهن، عبد صَالح من ولد أثنامور بن هَارُون بن عمرَان، وَمعنى الكاهن: الإِمَام. فدبرهم أَرْبَعِينَ سنة، وَكَانَ عمره لما ولي ثمانيا وَخمسين سنة، فمدة عمره ثَمَان وَتسْعُونَ سنة، فِي أول سنة من ولَايَته ولد شمويل النَّبِي بقرية سيلو على بَاب الْقُدس، وَفِي الثَّالِثَة وَالْعِشْرين من ولَايَة غالي ولد دَاوُد النَّبِي عليه السلام، فوفاة غالي فِي أَوَاخِر سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة لوفاة مُوسَى.
ثمَّ دبر بني إِسْرَائِيل " شمويل " النَّبِي، وتنبأ بعد الْأَرْبَعين عِنْد وَفَاة غالي إِحْدَى عشرَة سنة، ومنتهى هَذِه الإحدى عشرَة سنة هِيَ آخر سنى حكام بني إِسْرَائِيل وقضاتهم، فكلهم كَانُوا بِمَنْزِلَة الْقُضَاة وسدوا مسد مُلُوكهمْ. وَبعد تَدْبِير شمويل إِحْدَى عشرَة سنة قَامَ لَهُم مُلُوك - كَمَا سنذكر -، فَتكون انْقِضَاء سني حكامهم فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة لوفاة مُوسَى.
ثمَّ حضر بَنو إِسْرَائِيل إِلَى شمويل وسألوه أَن يُقيم فيهم ملكا، فَأَقَامَ فيهم " شاول "، وَهُوَ طالوت بن قيس من سبط بنيامين، وَكَانَ رَاعيا، وَقيل: سقاءا، وَقيل دباغا، فَملك سنتَيْن واقتتل هُوَ وجالوت - وجالوت من جبابرة الكنعانيين وَكَانَ ملكه بجهات فلسطين كَانَ من الشدَّة وَطول الْقَامَة بمَكَان عَظِيم -، فَلَمَّا برز لِلْقِتَالِ لم يقدم عَلَيْهِ أحد، فَذكر شمويل عَلامَة قَاتل جالوت فَاعْتبر طالوت عسكره فَلم يكن فيهم من يُوَافق الْعَلامَة، وَكَانَ دَاوُد أَصْغَر بني أَبِيه رَاعيا فِي غنم أَبِيه وَإِخْوَته فَطَلَبه طالوت واعتبره شمويل بالعلامة، وَهِي دهن كَانَ يستدير على رَأس من يكون فِيهِ السِّرّ، وأحضر أَيْضا تنور حَدِيد وَقَالَ: الَّذِي يقتل جالوت يكون ملْء هَذَا التَّنور. فَلَمَّا اعْتبر دَاوُد مَلأ التَّنور واستدار الدّهن على رَأسه
…
...
…
...
…
...
…
...
…
...
…
.
فتحققت الْعَلامَة، فَأمره طالوت بمبارزة جالوت. فبارزه وَقتل دَاوُد جالوت وعمره إِذْ ذَاك ثَلَاثُونَ سنة ،.
ثمَّ مَاتَ شمويل فدفنه بَنو إِسْرَائِيل فِي اللَّيْل وناحوا عَلَيْهِ، وَكَانَ عمره اثْنَتَيْنِ وَخمسين سنة، وَمَال النَّاس إِلَى دَاوُد حبا، فحسده طالوت وَقصد قَتله مرّة بعد أُخْرَى، فهرب دَاوُد مِنْهُ وَاحْترز على نَفسه. ثمَّ نَدم طالوت على قصد قَتله وَمَا وَقع مِنْهُ وَأَرَادَ تَكْفِير ذنُوبه بِمَوْتِهِ فِي الْغُزَاة، وَقصد الفلسطينيين وَقَاتلهمْ حَتَّى قتل هُوَ وَأَوْلَاده، فموت طالوت فِي أَوَاخِر سنة خمس وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة لوفاة مُوسَى.
وَبعد قَتله افْتَرَقت الأسباط فَملك على أحد عشر سبطا " أيش يوشت " بن طالوت ثَلَاث سِنِين.
وَانْفَرَدَ سبط يهوذا وَملك عَلَيْهِم " دَاوُد " بن بيشا بن عوفيذ بن بوعر بن سَلمُون بن نحشوف بن عمينندوب بن رم بن مصرون بن بارص بن يهوذا بن يَعْقُوب بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم عليهم السلام، وحزن دَاوُد على طالوت وَلعن مَوضِع مصرعه. وَكَانَ مقَام دَاوُد بحبرون، فَلَمَّا استوثق لَهُ الْملك وأطاعه كل الأسباط لثمان وَثَلَاثِينَ سنة من عمر دَاوُد انْتقل إِلَى الْقُدس، ثمَّ فتح فِي الشَّام كثيرا، ثمَّ أَرض فلسطين وبلد عمان وماب وحلب ونصيبين وبلاد الأرمن وَغير ذَلِك، وَلما أوقع دَاوُد بِصَاحِب حلب وَعَسْكَره - وَكَانَ صَاحب حماه إِذْ ذَاك اسْمه ثاعو وَكَانَ معاديا لصَاحب حلب - فَأرْسل صَاحب حماه ثاعو وزيره بِالسَّلَامِ وَالدُّعَاء والهدايا إِلَى دَاوُد فَرحا بقتل صَاحب حلب.
وَلما صَار لداود ثَمَان وَخَمْسُونَ سنة وَهِي السّنة الثَّامِنَة وَالْعشْرُونَ من ملكه كَانَت قصَّته مَعَ أوريا وَزَوجته وَهِي مَشْهُورَة. وَفِي سِتِّينَ من عمر دَاوُد خرج عَلَيْهِ ابْنه أبشولوم بن دَاوُد فَقتل وَملك دَاوُد أَرْبَعِينَ سنة وَلما صَار لَهُ سَبْعُونَ سنة توفّي، فوفاته فِي أَوَاخِر سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة لوفاة مُوسَى، وَأوصى بِالْملكِ لِسُلَيْمَان، وأوصاه بعمارة بَيت الْمُقَدّس وَعين لذَلِك عدَّة بيُوت تحتوي على جمل من الذَّهَب.
وَملك بعده " سُلَيْمَان " وعمره اثْنَتَا عشرَة سنة، وآتاه اللَّهِ من الْحِكْمَة وَالْملك مَا أخبر بِهِ فِي كِتَابه الْعَزِيز. وَفِي السّنة الرَّابِعَة من ملكه فِي أيار وَهِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة لوفاة مُوسَى ابْتَدَأَ سُلَيْمَان بعمارة بَيت الْمُقَدّس، وَأقَام فِي عِمَارَته لَهُ سبع سِنِين، وَفرغ مِنْهُ فِي الْحَادِيَة عشر من ملكه، فالفراغ من عِمَارَته فِي أَوَاخِر سِتّ وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة لوفاة مُوسَى، وَكَانَ ارْتِفَاع الْبَيْت الَّذِي عمره سُلَيْمَان ثَلَاثِينَ ذِرَاعا وَطوله سِتِّينَ فِي عرض عشْرين ذِرَاعا، وَعمل خَارج الْبَيْت سورا محيطا بِهِ امتداده خَمْسمِائَة فِي خَمْسمِائَة، ثمَّ شرع فِي بِنَاء دَار ملكه بالقدس واجتهد وشيدها وفرغها فِي ثَلَاث عشرَة سنة وانتهت فِي الرَّابِعَة وَالْعِشْرين من ملكه. وَفِي الْخَامِسَة وَالْعِشْرين من ملكه جَاءَتْهُ بلقيس ملكه الْيمن وَمن مَعهَا، وأطاعه مُلُوك الأَرْض وحملوا إِلَيْهِ النفائس.
…
...
…
...
…
...
…
...
…
...
…
.
وَتُوفِّي وعمره اثْنَتَانِ وَخَمْسُونَ سنة، وَمُدَّة ملكه أَرْبَعُونَ سنة، فوفاته فِي أَوَاخِر خمس وَسبعين وَخَمْسمِائة لوفاة مُوسَى.
وَملك بعده ابْنه " رحبعم " وَكَانَ رَدِيء الشكل شنيع المنظر، فأظهر الصلابة على بني إِسْرَائِيل وَقَالَ لَهُم: أَنا خنصري أغْلظ من ظهر أبي وَمهما كُنْتُم تخشون من أبي فَإِنِّي أعاقبكم بأشد مِنْهُ، فَخرج عَن طَاعَته عشرَة أَسْبَاط وَلم يبْق مَعَه غير سبطي يهوذا وبنيامين. وَملك على الْعشْرَة " بريعم " عبد سُلَيْمَان وَكَانَ كَافِرًا فَاسِقًا. وَاسْتقر لولد دَاوُد الْملك على السبطين فَقَط وعَلى بَيت الْمُقَدّس.
وَصَارَ للأسباط الْعشْرَة مُلُوك تعرف بملوك الأسباط نَحْو مِائَتَيْنِ وَإِحْدَى وَسِتِّينَ سنة، وَكَانَ ولد سُلَيْمَان فِي بني إِسْرَائِيل بِمَنْزِلَة الْخُلَفَاء فِينَا وملوك الأسباط مثل الْخَوَارِج. ولنقدم ذكر بني دَاوُد إِلَى حِين اجْتمعت لَهُم المملكة على جَمِيع الأسباط، ثمَّ نذْكر مُلُوك الأسباط مُتَتَابعين فَنَقُول:
اسْتمرّ رحبعم ملكا للسبطين إِلَى دُخُول السّنة الْخَامِسَة من ملكه فغزاه فِيهَا فِرْعَوْن مصر - واسْمه شيشاق - وَنهب المَال المخلف عَن سُلَيْمَان، وَزَاد رحبعم فِي عمَارَة بَيت لحم وغزة وصور وَغَيرهَا، وجدد أَيْلَة، وَولد لَهُ ثَمَانِيَة وَعِشْرُونَ ابْنا سوى الْبَنَات، وَملك سبع عشرَة سنة، وعاش إِحْدَى وَأَرْبَعين، فوفاته فِي أَوَاخِر سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة لوفاة مُوسَى. رحبعم: بالراء وَضم الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْبَاء وَضم الْعين.
وَملك بعده على قَاعِدَته ابْنه " أفيسا " - بِفَتْح الْهمزَة وَكسر الْفَاء العبرانية - ثَلَاث سِنِين فوفاته فِي أَوَاخِر سنة خمس وَتِسْعين وَخَمْسمِائة لوفاة مُوسَى.
وَملك بعده ابْنه " إيشا " أحدى وَأَرْبَعين سنة، خرج عَلَيْهِ عَدو - قيل: من الْحَبَشَة، وَقيل: من الْهِنْد - فَهَزَمَهُ اللَّهِ بَين يَدي إيشا. فوفاته فِي أَوَاخِر سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة لوفاة مُوسَى.
ثمَّ بعده ابْنه " يهوشافاط " خمْسا وَعشْرين سنة، وعمره لما ملك خمس وَثَلَاثُونَ سنة، وَكَانَ صَالحا معتنيا بعلمائهم. وَخرج عَلَيْهِ عَدو من ولد الْعيص فِي جمع عَظِيم، فَافْتتنَ أعداؤه حَتَّى انمحقوا فغنمهم، وَاسْتمرّ ملكا خمْسا وَعشْرين سنة وَتُوفِّي، فوفاته فِي أَوَاخِر سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وسِتمِائَة.
ثمَّ ملك ابْنه " يهورام " - بِالْمُثَنَّاةِ تَحت - بن يهوشافاط، وعمره إِذْ ذَاك اثْنَتَانِ وَثَلَاثُونَ وَملك ثَمَانِي سِنِين فوفاته سنة تسع وَسِتِّينَ وسِتمِائَة.
ثمَّ ملك ابْنه " أحزياهو " وعمره لما ملك اثْنَتَانِ وَأَرْبَعُونَ وَملك سنتَيْن فوفاته فِي اواخر سنة إِحْدَى وَسبعين وسِتمِائَة وَهُوَ بِفَتْح الْهمزَة والحاء الْمُهْملَة وَسُكُون الزَّاي وَبعده فَتْرَة سبع سِنِين بِغَيْر ملك حكمت فِيهَا سَاحِرَة أَصْلهَا من جواري سُلَيْمَان اسْمهَا عثلياهو أفنت بني دَاوُد سوى طِفْل اسْمه يواش بن أحزيو أخفوه عَنْهَا.
…
...
…
...
…
...
…
...
…
...
…
.
ثمَّ ملك بعْدهَا " يواش " ابْن سبع سِنِين وَفِي السّنة الثَّالِثَة وَالْعِشْرين من ملكه رمم بَيت الْمُقَدّس وَملك أَرْبَعِينَ سنة فوفاته فِي اواخر سنة ثَمَان عشرَة وَسَبْعمائة ويواش بِضَم الْمُثَنَّاة تَحت وشين مُعْجمَة.
ثمَّ ملك بعده ابْنه " أمصياهو " بِسُكُون الصَّاد وَهُوَ ابْن خمس وَعشْرين وَملك تسعا وَعشْرين سنة وَقيل خمس عشرَة وَقتل فموته فِي أَوَاخِر سنة سبع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة لوفاة مُوسَى.
ثمَّ ملك بعده " عزياهو " وَهُوَ ابْن سِتّ عشرَة ملك اثْنَتَيْنِ وَخمسين سنة وبرص وتنغصت أَيَّامه عَلَيْهِ وتغلب عَلَيْهِ ابْنه يوثم فوفاة عزياهو فِي أَوَاخِر سنة تسع وَتِسْعين وَسَبْعمائة لوفاة مُوسَى وَهُوَ بِضَم الْعين وَتَشْديد الزَّاي.
ثمَّ ملك بعده بنه " يوثم " وَهُوَ ابْن خمس وَعشْرين سنة ملك سِتّ عشرَة سنة فوفاته سنة خمس عشرَة وَثَمَانمِائَة " يوثم " بِضَم الْمُثَنَّاة تَحت ثمَّ فتح الْمُثَلَّثَة قيل كَانَ يُونُس فِي أَيَّامه.
وَملك بعد وَفَاته ابْنه " آخر " بِمد الْهمزَة الْمُهْملَة وَبِالْحَاءِ وَالزَّاي وَهُوَ ابْن عشْرين وَملك سِتّ عشرَة سنة وَفِي الرَّابِعَة من ملكه قَصده رصين ملك دمشق و " أشعيا " النَّبِي كَانَ فِي أَيَّامه فبشر آخر بِصَرْف رصين عَنهُ بِغَيْر حَرْب فوفاة آخر فِي أَوَاخِر إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة.
وَملك بعده ابْنه " حزقيا " بِكَسْر الْحَاء وَالْقَاف وَتَشْديد الْمُثَنَّاة تَحت وَكَانَ صَالحا مظفرا ولدخول السّنة السَّادِسَة من ملكه انقرضت دولة الْخَوَارِج مُلُوك الأسباط وَتقدم ذكرهم ولنذكرهم الْآن مُخْتَصرا إِلَى حِين انْتَهوا فِي السَّادِسَة من ملك حزقيا وَهَؤُلَاء خَرجُوا بعد سُلَيْمَان على رحبعم ابْنه سنة سِتّ وَسبعين وَخَمْسمِائة وانقرضوا سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة فمدة ملكهم مِائَتَان وَإِحْدَى وَسِتُّونَ سنة وعدتهم سَبْعَة عشر ملكا وهم يربعم ونودب وتعشو وإيلا وزمرا وتبنى وعمرى وأحوب وأحزيو وياهولرام ويهوناحان ويواش ويربعهم وَآخر ويقحو ويافح وهوشاع.
عدنا إِلَى ذكرحزقيا ملك وَهُوَ ابْن عشْرين فرغ عمره قبل مَوته بِخمْس عشرَة سنة فزاده اللَّهِ خمس عشرَة وَأمره أَن يتَزَوَّج وَأخْبرهُ بذلك نَبِي فِي زَمَانه وقصده سنحاريب ملك الجزيرة فخذل وَفتن عسكره فَرجع وَقَتله ابْنَانِ من أَوْلَاده فِي نِينَوَى ثمَّ هربا إِلَى جبال الْموصل ثمَّ إِلَى الْقُدس فَآمَنا بحزقيا واسمهما أرزمالح وسراصر وَملك بعد سنحاريب ابْنه أسرحدون وَكَانَ أشعيا النَّبِي قد أخبر بني إِسْرَائِيل أَن اللَّهِ يَكفهمْ سنحاريب بِغَيْر قتال وَعظم حزقيا وهادنه الْمُلُوك وَتُوفِّي فِي أَوَاخِر سنة سِتِّينَ وَثَمَانمِائَة.
وَملك بعده ابْنه " منشا " وعمره اثْنَتَا عشرَة سنة فطغى وَفسق اثْنَتَيْنِ وَعشْرين سنة وغزاه صَاحب الجزيرة ثمَّ تَابَ تَوْبَة نصُوحًا حَتَّى مَاتَ وَملكه خمس وَخَمْسُونَ سنة فوفاته فِي أَوَاخِر سنة تِسْعمائَة وَخمْس عشرَة سنة. منشا بميم وَنون مَفْتُوحَة وشين مُعْجمَة مُشَدّدَة.
ثمَّ ملك بعده ابْنه " آمون " بِهَمْزَة مُهْملَة سنتَيْن.
…
...
…
...
…
...
…
...
…
...
…
.
ثمَّ بعده ابْنه " يوشيا " بِضَم الْمُثَنَّاة تَحت وَسُكُون الْوَاو وَكسر الشين الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْمُثَنَّاة تَحت.
ثمَّ بعده ابْنه " يهوياخين " ثَلَاثَة أشهر فغزاه فِرْعَوْن مصر - أَظُنهُ الْأَعْرَج - وأسره إِلَى مصر فَمَاتَ بهَا.
وَملك بعد أسره أَخُوهُ " يهوياقيم " وَفِي السّنة الرَّابِعَة من ملكه تولى بخْتنصر على بابل وَهِي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَتِسْعمِائَة لوفاة مُوسَى، وَذَلِكَ على حكم مَا اجْتمع لنا من مدد ولايات بني إِسْرَائِيل وفتراتهم أما مَا اخْتَارَهُ المؤرخون فَهُوَ: أَن من وَفَاة مُوسَى إِلَى ابْتِدَاء ملك بخْتنصر تِسْعمائَة وثمانيا وَسبعين سنة وَمِائَتَيْنِ وَثَمَانِية وَأَرْبَعين يَوْمًا وَهُوَ يزِيد على مَا اجْتمع لنا من من المدد الْمَذْكُورَة فَوق سِتّ وَعشْرين سنة وَهُوَ تفَاوت قريب، وَكَانَ هَذَا النَّقْص إِنَّمَا حصل من إِسْقَاط الْيَهُود كسور المدد الْمَذْكُورَة إِذْ يبعد أَن يملك الشَّخْص عشْرين سنة أَو تسع عشرَة سنة مثلا بِلَا أشهر وَأَيَّام مَعهَا ولنؤرخ بِولَايَة بخْتنصر مَا بعْدهَا.
كَانَ ابْتِدَاء ولَايَة " بخْتنصر " فِي سنة تسع وَسبعين وَتِسْعمِائَة لوفاة مُوسَى وَفِي السّنة الأولى من ولَايَة بخْتنصر فتح نِينَوَى - مَدِينَة قبالة الْموصل - وَقتل أَهلهَا وخربها وَفِي الرَّابِعَة وَهِي السَّابِعَة من ملك يهوياقيم سَار بخْتنصر إِلَى الشَّام وغزا بني إِسْرَائِيل فأطاعه يهوياقيم فأبقاه على ملكه؛ أطاعه ثَلَاث سِنِين ثمَّ عصى عَلَيْهِ فَأرْسل لإمساكه وأحضر فَمَاتَ فِي الطَّرِيق خوفًا فمدة يهوياقيم نَحْو إِحْدَى عشرَة سنة وانقضاؤها فِي أَوَائِل سنة ثَمَان لابتداء ملك بخْتنصر. ويهوياقيم مثنى الياءات تَحت.
وَلما أَخذ اسْتخْلف ابْنه " يخينو " فَأَقَامَ مائَة يَوْم ثمَّ أرسل بخْتنصر فَأَخذه إِلَى بابل وَهُوَ بِفَتْح الْمُثَنَّاة تَحت وَفتح الْخَاء وَسُكُون النُّون وَضم الْمُثَنَّاة تَحت ثمَّ وَاو وَأخذ بخْتنصر مَعَه جمَاعَة من عُلَمَاء بني إِسْرَائِيل مِنْهُم دانيال وحزقيل النَّبِي من نسل هَارُون وسجن يخنيو إِلَى أَن مَاتَ بخْتنصر.
وَلما أمْسكهُ نصب عَمه " صدقيا " وَاسْتمرّ فِي طَاعَته وَكَانَ أرمياء النَّبِي يعظ صدقيا وَبني إِسْرَائِيل ويهددهم ببختنصر وَلَا يلتفتون وَفِي التَّاسِعَة من ملك صدقيا عصى على بخْتنصر فَنزل بخْتنصر بالجيوش على تارين ورفنية وَبعث بالجيش مَعَ وزيره نبوزراذون بِفَتْح النُّون وَضم الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْوَاو وَفتح الزَّاي وَالرَّاء وبالذال الْمُعْجَمَة إِلَى حِصَار صدقيا بالقدس فحاصره سنتَيْن وَنصفا أَولهَا عَاشر تموز من التَّاسِعَة لملك صدقيا وَأخذ بعد حِصَار تِلْكَ الْمدَّة الْقُدس بِالسَّيْفِ وَأسر صدقيا وخلقا من بني إِسْرَائِيل وأحرق الْقُدس وَهدم الْبَيْت الَّذِي بناه سُلَيْمَان وَأحرقهُ وأباد بني إِسْرَائِيل قتلا وتشريدا فَكَانَ مُدَّة ملك صدقيا نَحْو إِحْدَى عشرَة سنة وَهُوَ آخر مُلُوك بني إِسْرَائِيل.
وَأما من تولى مِنْهُم بعد إِعَادَة عمَارَة بَيت الْمُقَدّس كَمَا سَيَأْتِي فَإِنَّمَا كَانَ لَهُ الرياسة بِبَيْت الْمُقَدّس لَا غير فَيكون انْقِضَاء ملك بني إِسْرَائِيل وخراب بَيت الْمُقَدّس على يَد بخْتنصر سنة عشْرين من ولَايَة بخْتنصر تَقْرِيبًا وَهِي التَّاسِعَة وَالتِّسْعُونَ بعد التسْعمائَة لوفاة
…
... . .
…
...
…
...
…
...
…
...
…
...
…
.
مُوسَى عليه السلام وَهِي أَيْضا سنة ثَلَاث وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة مَضَت من عمَارَة بَيت الْمُقَدّس وَهِي مُدَّة لبثه على الْعِمَارَة وَاسْتمرّ بَيت الْمُقَدّس خرابا سبعين سنة ثمَّ عمر كَمَا سَيَأْتِي، وَإِلَى هُنَا انْتهى نقلنا من كتب الْيَهُود الْمَعْرُوفَة بالأربعة وَالْعِشْرين المتواترة عِنْدهم.
" وَمن تجارب الْأُمَم " لِابْنِ مسكوية: لما غزا بخْتنصر الْقُدس وَخَرَّبَهُ وأباد بني إِسْرَائِيل أَقَامَ مِنْهُم جمَاعَة عِنْد فِرْعَوْن مصر هربا مِنْهُ فطلبهم من فِرْعَوْن مصر وَقَالَ: هَؤُلَاءِ عَبِيدِي. فَلم يسلمهم فِرْعَوْن وَقَالَ، لَيْسُوا بعبيدك وَإِنَّمَا هم أَحْرَار: فقصد بخْتنصر مصر وهرب مِنْهُم جمَاعَة أَيْضا إِلَى الْحجاز وَأَقَامُوا مَعَ الْعَرَب - من كتاب أبي عِيسَى - ثمَّ بعد ذَلِك قصد بخْتنصر صور وحاصرها فَأرْسل أَهلهَا أَمْوَالهم فِي الْبَحْر فَأرْسل اللَّهِ على السفن ريحًا فغرقت وَملك صور بِالسَّيْفِ وَقتل صَاحبهَا وَلم يجد فِيهَا كسبا طائلا ثمَّ سَار بخْتنصر إِلَى مصر وَقَاتل فِرْعَوْن الْأَعْرَج فانتصر بخْتنصر عَلَيْهِ وَقَتله وصلبه وَحَازَ ذخائر مصر وسبى قبط مصر وَغَيرهم وَصَارَت مصر خرابا أَرْبَعِينَ سنة ثمَّ غزا الْمغرب وَعَاد إِلَى بِلَاده بِبَابِل وَسَنذكر أَخْبَار بخْتنصر ووفاته مَعَ الْفرس إِن شَاءَ اللَّهِ تَعَالَى.
" وَأما بَيت الْمُقَدّس " فعمر بعد لبثه على التخريب سبعين سنة عمره بعض مُلُوك الْفرس واسْمه عِنْد الْيَهُود كيرش فَقيل هُوَ دَارا بن بهمن وَقيل هُوَ بهمن وَهُوَ الْأَصَح يشْهد بِصِحَّتِهِ كتاب أشيعا كَمَا سنذكر عِنْد ذكر أزدشير بهمن الْمَذْكُور مَعَ مُلُوك الْفرس فتراجعت إِلَى الْقُدس بَنو إِسْرَائِيل وَكَانَت عِمَارَته فِي أول سنة تسعين لابتداء ولَايَة بخْتنصر.
وَمن جملَة العائدين إِلَى الْمُقَدّس " عُزَيْر " عليه السلام كَانَ بالعراق وَقدم مَعَه أَلفَانِ أَو يزِيدُونَ من بني إِسْرَائِيل الْعلمَاء وَغَيرهم وترتب مَعَ عُزَيْر بالقدس مائَة وَعِشْرُونَ شَيخا من عُلَمَاء بني إِسْرَائِيل وَكَانَت التَّوْرَاة قد عدمت مِنْهُم إِذْ ذَاك فمثلها اللَّهِ فِي صدر العزير ووضعها لبني إِسْرَائِيل يعرفونها بحلالها وحرامها فَأَحبُّوهُ وَأصْلح أَمرهم وَمن كتب الْيَهُود أَن العزير لبث يدبر بني إِسْرَائِيل فِي الْقُدس حَتَّى توفّي بعد أَرْبَعِينَ سنة لعمارة بَيت الْمُقَدّس فَتكون وَفَاة العزير سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَة لابتداء ولَايَة بخْتنصر واسْمه بالعبراني عزرا من ولد فينحاس بن العزر بن هَارُون بن عمرَان.
وَمِنْهَا أَن الَّذِي تولى رياستهم بعده شَمْعُون الصّديق من نسل هَارُون أَيْضا، وَمن كتاب أبي عِيسَى أَنهم لما تراجعوا إِلَى الْقُدس صَار حكامهم مِنْهُم تَحت حكم الْفرس حَتَّى ظهر الْإِسْكَنْدَر فِي سنة أَرْبَعمِائَة وَخمْس وَثَلَاثِينَ لولاية بخْتنصر، وغلبت اليونان على الْفرس فَدخل بَنو إِسْرَائِيل حِينَئِذٍ تَحت حكم اليونان وَأَقَامُوا ولاتهم مِنْهُم أَيْضا.
وَكَانَ يُقَال للمتولي عَلَيْهِم " هيرذوش " وَقيل هرذوش واستمروا كَذَلِك حَتَّى خرب بَيت الْمُقَدّس الخراب الثَّانِي وتشتت مِنْهُ بَنو إِسْرَائِيل كَمَا سَيذكرُ.
عدنا إِلَى ذكر من كَانَ من الْأَنْبِيَاء فِي أَيَّام بني إِسْرَائِيل ذكر " يُونُس " ابْن مَتى عليه السلام، مَتى أمه. وَلم يشْتَهر نَبِي بِأُمِّهِ غير عِيسَى وَيُونُس عليهما السلام قيل أَن يُونُس من
…
...
…
...
…
...
…
...
…
...
…
.
بني إِسْرَائِيل وَأَنه من سبط بنيامين وَقيل بعث يُونُس فِي تِلْكَ الْمدَّة إِلَى أهل نِينَوَى قبالة الْموصل بَينهمَا دجلة فنهاهم عَن الْأَصْنَام وأوعدهم بِالْعَذَابِ فِي يَوْم مَعْلُوم إِن لم يتوبوا وَضمن ذَلِك عَن ربه عز وجل فَلَمَّا أظلهم الْعَذَاب آمنُوا فكشفه اللَّهِ عَنْهُم وَجَاء يُونُس لذَلِك الْيَوْم فَلم ير الْعَذَاب حل وَلَا علم بإيمَانهمْ فَذهب مغاضبا.
قَالَ ابْن سعيد: وَدخل فِي سفينة بدجلة فوقفت السَّفِينَة فَقَالَ رئيسها: فِيكُم من لَهُ ذَنْب، وتساهموا على من يلقونه فِي الْبَحْر فَوَقَعت المساهمة على يُونُس فَرَمَوْهُ فالتقمه الْحُوت وَسَار بِهِ إِلَى الإبلة وَكَانَ من شَأْنه مَا أخبر اللَّهِ بِهِ فِي الْقُرْآن الْعَظِيم.
ذكر " أرميا " تقدم أَن أرميا كَانَ فِي أَيَّام صدقيا وَبَقِي أرميا يَأْمر بني إِسْرَائِيل بِالتَّوْبَةِ ويتهددهم ببختنصر فَلَمَّا لم يرجِعوا فارقهم أرميا واختفى حَتَّى غزاهم بخْتنصر وَخرب الْقُدس كَمَا مر. قَالَ ابْن سعيد: أوحى اللَّهِ إِلَى أرميا أَنِّي عَامر بَيت الْمُقَدّس فَاخْرُج إِلَيْهَا فَخرج إِلَى الْقُدس وَهِي خراب فَقَالَ فِي نَفسه سُبْحَانَ اللَّهِ أَمرنِي اللَّهِ أَن انْزِلْ هَذِه الْبَلدة وَأَخْبرنِي أَنه عامرها فَمَتَى يعمرها وَمَتى يُحْيِيهَا اللَّهِ بعد مَوتهَا فَنَامَ وَمَعَهُ حِمَاره وسلة فِيهَا طَعَام وَكَانَ من قصَّته كَمَا قَالَ اللَّهِ {أَو كَالَّذي مر على قَرْيَة وَهِي خاوية على عروشها قَالَ أَنِّي يحيى هَذِه اللَّهِ بعد مَوتهَا فأماته اللَّهِ مائَة عَام ثمَّ بَعثه} الْآيَة. وَقيل صَاحب هَذِه الْقِصَّة العزير وَالأَصَح أَنه أرميا.
ذكر " نقل التَّوْرَاة " وَغَيرهَا من العبرانية إِلَى اللُّغَة اليونانية من كتاب أبي عِيسَى لما ملك الْإِسْكَنْدَر وَعظم ملك اليونان وقهروا الْفرس أطاعهم بَنو إِسْرَائِيل وَغَيرهم وتولت مُلُوك اليونان بعد الْإِسْكَنْدَر وَكَانَ يُقَال لكل وَاحِد مِنْهُم بطليموس وَذَلِكَ أَن الْإِسْكَنْدَر مَاتَ فَملك بعده بطليموس بن لاغوس ابْن عشْرين سنة ثمَّ ملك بعده بطليموس محب أَخِيه فَوجدَ نَحْو ثَلَاثِينَ ألف أَسِير من الْيَهُود فَأعْتقهُمْ وَأمرهمْ بالعودة إِلَى بِلَادهمْ ففرح بَنو إِسْرَائِيل بذلك وَأرْسل رَسُولا إِلَى بني إِسْرَائِيل المقيمين بالقدس وَطلب مِنْهُم أَن يرسلوا إِلَيْهِ عدَّة من عُلَمَائهمْ لنقل التَّوْرَاة وَغَيرهَا إِلَى اللُّغَة اليونانية فسارعوا إِلَى أمره وازدحموا على الرواح إِلَيْهِ ثمَّ اتَّفقُوا أَن يبعثوا من كل سبط من أسباطهم سِتَّة نفر فبلغوا اثْنَيْنِ وَسبعين رجلا فَلَمَّا وصلوا إِلَى بطليموس أحسن قراهم وصيرهم سِتا وَثَلَاثِينَ فرقة وَخَالف بَين أسباطهم وَأمرهمْ فترجموا لَهُ سِتا وَثَلَاثِينَ نُسْخَة بِالتَّوْرَاةِ وقابل بطليموس بَعْضهَا بِبَعْض فَوَجَدَهَا مستوية لم فترجموا لَهُ سِتا وَثَلَاثِينَ نُسْخَة بِالتَّوْرَاةِ وقابل بطليموس بَعْضهَا بِبَعْض فَوَجَدَهَا مستوية لم تخْتَلف اخْتِلَافا يعْتد بِهِ وَفرق النّسخ الْمَذْكُورَة فِي بِلَاده، وَبعد فراغهم من التَّرْجَمَة وصلهم وجهزهم إِلَى بلدهم وَسَأَلَهُ المذكورون نُسْخَة من تِلْكَ النّسخ فأسعفهم بنسخة وعادوا بهَا إِلَى بَيت الْمُقَدّس.
فنسخة التَّوْرَاة المنقولة لبطليموس حِينَئِذٍ أصح التَّوْرَاة وأثبتها وَقد تقدم ذكرهَا وَذكر نُسْخَة الْيَهُود ونسخة السامرة.
…
...
…
...
…
...
…
...
…
...
…
.