الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْكِبَار من الْعَسْكَر وقبضوا على مُحَمَّد وَحضر مَسْعُود فاستقر فِي الْملك وَأطلق أَخَاهُ وَأحسن إِلَيْهِ، ثمَّ قبض على قابضي مُحَمَّد الساعين لمسعود.
قلت: كافأهم اللَّهِ على فعلهم وَهَذِه عَاقِبَة الْغدر وَالله أعلم.
ثمَّ دخلت سنة اثنيتن وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة: فِيهَا استولى عَسْكَر السُّلْطَان مَسْعُود على التِّين ومكران.
(ذكر ملك الرّوم للرها)
كَانَ الرها لعطير من بني نمير فاستولى أَبُو نصر بن مَرْوَان صَاحب ديار بكر على حران وجهز من قتل عطيرا، فَأرْسل. صَالح بن مرداسس يشفع فِي ردهَا إِلَى ابْن عطير وَإِلَى ابْن شبْل نِصْفَيْنِ، فسلمها إِلَيْهِمَا سنة سِتّ عشرَة وَأَرْبَعمِائَة واستمرت لَهما إِلَى هَذِه السّنة، فراسل ابْن عطير ملك الرّوم وَبَاعه حِصَّته من الرها بِعشْرين ألف دِينَار وعدة قرى، وَحضر الرّوم وتسلموا برج ابْن عطير فهرب أَصْحَاب ابْن شبْل وَاسْتولى الرّوم على الْبَلَد وَقتلُوا الْمُسلمين وخربوا الْمَسَاجِد.
(أَخْبَار الْقَائِم بِأَمْر اللَّهِ)
وفيهَا: فِي ذِي الْحجَّة توفّي الْقَادِر بِاللَّه أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن الْأَمِير إِسْحَاق بن المقتدر وعمره سِتّ وَثَمَانُونَ سنة وَعشرَة أشهر وخلافته إِحْدَى وَأَرْبَعُونَ سنة وَأشهر.
وَلما مَاتَ تولى ابْنه الْقَائِم بِأَمْر اللَّهِ سادس عشرهم أَبُو جَعْفَر عبد اللَّهِ بِعَهْد أَبِيه ومبايعته لَهُ فجددت الْبيعَة، وَأرْسل الْقَائِم أَبَا الْحسن الْمَاوَرْدِيّ إِلَى الْملك أبي كاليجار فَبَايعهُ لَهُ وخطب لَهُ ببلاده.
وفيهَا: سَارَتْ الرّوم وَمَعَهُمْ حسان بن مفرج الطَّائِي وَهُوَ مُسلم هرب إِلَيْهِم من الْأُرْدُن من عَسْكَر الظَّاهِر الْعلوِي جَاءَ مَعَ الرّوم وعَلى رَأسه علم فِيهِ صَلِيب وكبسوا أفامية وملكوا قلعتها وأسروا وغنموا وَسبوا.
ثمَّ دخلت سنة ثَلَاث وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة: فِيهَا نهب الْجند دَار جلال الدولة وأخرجوه من بَغْدَاد وَكَتَبُوا إِلَى كاليجار يستدعونه فَتَأَخر، وَكَانَ جلال الدولة قد خرج إِلَى عكبرا، ثمَّ اتَّفقُوا وَعَاد جلال الدولة إِلَى بَغْدَاد.
ثمَّ دخلت سنة أَربع وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة: فِيهَا قبض مَسْعُود بن مَحْمُود على شهر نوش صَاحب ساوة وقم ونواحيها، آذَى حجاج خُرَاسَان كثيرا فَقَبضهُ عَسْكَر مَسْعُود بأَمْره وصلبه على سور ساوة.
وفيهَا: توفّي أَحْمد بن الْحسن الميمندي وَزِير السُّلْطَان مَحْمُود وَابْنه مَسْعُود. قَالَ الْمُؤلف رَحمَه اللَّهِ تَعَالَى: يَنْبَغِي تَحْقِيق ذَلِك، فَإِنَّهُ ورد أَن مَحْمُودًا قتل وزيره الْمَذْكُور.
قلت: وفيهَا أَخذ الْحَاج بتبوك وَمَات أَكْثَرهم جوعا وعطشا وَكثير من أَعْيَان حلب مِنْهُم أَحْمد بن أبي جَرَادَة وَالله أعلم.
وفيهَا: توفّي القَاضِي ابْن السمال وعمره خمس وَتسْعُونَ.
ثمَّ دخلت سنة خمس وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة: فِيهَا فتح السُّلْطَان مَسْعُود قلعة سرستي وَمَا جاورها من الْهِنْد وَهِي حَصِينَة قَصدهَا أَبوهُ مرَارًا فَلم يقدر عَلَيْهَا، فطم مَسْعُود خندقها بِالشَّجَرِ وقصب السكر وَفتحهَا قتلا وسبيا.
وفيهَا: توفّي بدران بن الْمُقَلّد صَاحب نَصِيبين فقصد وَلَده قُرَيْش عَمه قرواشا فَأقر عَلَيْهِ حَاله وَمَاله وَولَايَة نَصِيبين.
قلت: وَفِي قُرَيْش الْمَذْكُور يَقُول الْأَمِير أَبُو الْفَتْح الْحسن بن عبد اللَّهِ بن أبي حَصِينَة المعري وأنفذها إِلَيْهِ جَوَابا عَن إِحْسَان وَصله من ابْتِدَاء من قصيدة طَوِيلَة:
(أَبَت عبراته إِلَّا انهمالا
…
عَشِيَّة أزمع الْحَيّ ارتحالا)
(أجدك كلما هموا بنأي
…
ترقرق مَاء عَيْنك ثمَّ سالا)
(تقاضينا مواعد أم عَمْرو
…
فظنت أَن تنيل وَأَن تنالا)
(وَسَار خيالها الساري إِلَيْنَا
…
فَلَو علمت لعاقبت الخيالا)
وَمِنْهَا:
(إِذا وصلت ركائبنا قُريْشًا
…
فقد وصلت بِنَا الْبَحْر الزلالا)
(فَتى لَو مد نَحْو الجو باعا
…
وهم بِأَن ينَال الشهب نالا)
(إِذا انتسب ابْن بدران وجدنَا
…
مناسبه الْعلية لَا تَعَالَى)
(تطول بهَا إِذا ذكرت معد
…
وتكسب كل قيسي جمالا)
(أيا علم الْهدى نجوى محب
…
يحبكم اعتقادا لَا انتحالا)
(مننت فَلم تجشمني عناءا
…
وجدت فَلم تكلفني سؤالا)
(إِذا عدم الزَّمَان مسيبيا
…
فساق اللَّهِ للدنيا الوبالا)
وَالله أعلم.
ثمَّ دخلت سنة سِتّ وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة: فِيهَا انحل أَمر الْخلَافَة والسلطنة بِبَغْدَاد وَأخذ العيارون فِي النهب بِلَا مَانع، وَالسُّلْطَان جلال الدولة لَا يمتثل لَهُ أَمر والخليفة كَذَلِك، وَقطعت الْعَرَب الطرقات.
وفيهَا: وصلت الرّوم إِلَى ولَايَة حلب فَقَاتلهُمْ صَاحبهَا شبْل الدولة نصر بن صَالح بن مرداس فَهَزَمَهُمْ وتبعهم إِلَى عزاز فَقتل وغنم.
قلت: وَكَانَ اسْم ملك الرّوم أرمانوس، وَالصَّحِيح الَّذِي قَالَه ابْن الْمُهَذّب المعري فِي تَارِيخه: إِن خُرُوج أرمانوس كَانَ سنة إِحْدَى وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة وَكَانُوا سِتّمائَة ألف وَخرج
فِي شهر تموز وَمَعَهُ ملك البلغار وَملك الروس والألمان والخزر والأرمن والبلجيك والفرنج وغنم الْمُسلمُونَ مِنْهُم مَا لَا يُحْصى وأسرت جمَاعَة من اولاد مُلُوكهمْ، وَفِي ذَلِك يَقُول الْأَمِير أَبُو الْفَتْح الْحسن بن عبد اللَّهِ بن أبي حَصِينَة المعري من قصيدة طَوِيلَة وأنشده إِيَّاهَا بِظَاهِر قنسرين:
(ديار الْحَيّ مقفرة يباب
…
كَأَن رَسُول دمنتها كتاب)
(نأت عَنْهَا الربَاب بَات يهمى
…
عَلَيْهَا بعد ساكنها الربَاب)
(تعاتبني أُمَامَة فِي التصابي
…
وَكَيف بِهِ وَقد فَاتَ الشَّبَاب)
(نضا مني الصِّبَا ونضوت مِنْهُ
…
كَمَا ينضو من الْكَفّ الخضاب)
وَمِنْهَا:
(إِلَى نصر وَأي فَتى كنصر
…
إِذا حلت بمغناه الركاب)
(أمنتهك الصَّلِيب غَدَاة ظلت
…
خطاما فيهم السمر الصلاب)
(جنودك لَا يُحِيط بِهن وصف
…
وجودك لَا يحصله حِسَاب)
(وذكرك كُله ذكر جميل
…
وفعلك كُله فعل عُجاب)
(وأرمانوس كَانَ أَشد بَأْسا
…
وَحل بِهِ على يدك الْعَذَاب)
(أَتَاك يجر بحرا من حَدِيد
…
لَهُ فِي كل نَاحيَة عباب)
(إِذا سَارَتْ كتائبه بِأَرْض
…
تزلزلت الأباطح والهضاب)
(فَعَاد وَقد سلبت الْملك عَنهُ
…
كَمَا سلبت عَن الْمَيِّت الثِّيَاب)
(فَمَا أدناه من خير مَجِيء
…
وَلَا أقصاه عَن شَرّ ذهَاب)
(فَلَا تسمع بطنطنة الأعادي
…
فَإِنَّهُم إِذا طنوا ذُبَاب)
(وَلَا ترفع لمن عاداك رَأْسا
…
فَإِن اللَّيْث تنبحه الْكلاب)
وَالله أعلم.
وفيهَا: نهبت خفاجة الْكُوفَة.
وفيهَا: توفّي أَحْمد بن كُلَيْب الشَّاعِر وَكَانَ يهوى أسلم بن أَحْمد بن سعيد فَمَاتَ كمدا فِيهِ، وَله فِيهِ:
(وأسلمني فِي هَوَاهُ
…
أسلم هَذَا الرشا)
(غزال لَهُ مقلة
…
يصيد بهَا من يشا)
(وشى بَيْننَا حَاسِد
…
سيسأل عَمَّا وشا)
(وَلَو شَاءَ أَن يرتشي
…
على الْوَصْل روحي ارتشى)
ثمَّ دخلت سنة سبع وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة: فِيهَا منتصف شعْبَان توفّي الظَّاهِر أَبُو الْحسن عَليّ بن الْحَاكِم الْعلوِي بِمصْر وعمره ثَلَاث وَثَلَاثُونَ وخلافته خمس عشرَة سنة وَتِسْعَة أشهر وَأَيَّام، كَانَ لَهُ مصر وَالشَّام وإفريقية كَانَ حسن السِّيرَة منصفا، وَولي بعده ابْنه أَبُو تَمِيم