المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثم سار القداح وقام ابنه أحمد، وقيل محمد مقامه، وصحبه رستم بن الحسين بن حوشب بن زاذان النجار من أهل الكوفة، فأرسل احمد إلى الشيعة باليمن يدعو إلى المهدي من آل محمد - تاريخ ابن الوردي - جـ ١

[ابن الوردي الجد، زين الدين]

فهرس الكتاب

- ‌(بِسم اللَّهِ الرَّحْمَن الرَّحِيم)

- ‌ لَا يعلم إِلَّا من التَّوْرَاة، والتوراة مُخْتَلفَة على ثَلَاثَة نسخ - كَمَا سَيَأْتِي - وَمَا بَين وَفَاة مُوسَى إِلَى ابْتِدَاء ملك بخْتنصر يعلم من المنجمين؛ قَالَ أَبُو عِيسَى: وَيعلم من قرانات زحل والمشترى فِي المثلثات، وهم أَيْضا مُخْتَلفُونَ فِي ذَلِك، وَيعلم أَيْضا من سفر قُضَاة بني

- ‌(الْفَصْل الأول)

- ‌(فِي عَمُود التواريخ الْقَدِيمَة وَذكر الْأَنْبِيَاء عليهم السلام على التَّرْتِيب)

- ‌(آدم وبنيه إِلَى نوح)

- ‌ أَن الله تَعَالَى خلق آدم من قَبْضَة قبضهَا من جَمِيع الأَرْض فجَاء بَنو آدم على قدر الأَرْض مِنْهُم الْأسود والأحمر والأبيض وَبَين ذَلِك، وَمِنْهُم السهل والحزن وَبَين ذَلِك.آدم: أَي من أَدِيم الأَرْض، خلق اللَّهِ جسده وَتَركه أَرْبَعِينَ لَيْلَة وَقيل أَرْبَعِينَ سنة ملقى بِغَيْر روح

- ‌(ذكر نوح وَولده)

- ‌ لمضي ألف وَإِحْدَى وَثَمَانِينَ للطوفان.جملَة أَعمار الْمَذْكُورين: عَاشَ سَام سِتّمائَة، فَتكون وَفَاته بعد وَفَاة نوح بِمِائَة وَخمسين سنة. وعاش أرفخشذ أَرْبَعمِائَة وخمسا وَسِتِّينَ. وقينان أَرْبَعمِائَة وَثَلَاثِينَ. وشالخ أَرْبَعمِائَة وَسِتِّينَ. وغابر أَرْبَعمِائَة وأربعا وَسِتِّينَ. وفالغ

- ‌(ذكر هود وَصَالح)

- ‌(ذكر إِبْرَاهِيم

- ‌هُوَ إِبْرَاهِيم بن تارخ - وَهُوَ آزر - بن ناخور بن ساروغ بن أرغو بن فالغ بن غابر بن

- ‌ أَنَّهَا أَمْثَال مِنْهَا: أَيهَا الْمُسَلط الْمَغْرُور إِنِّي لم أَبْعَثك لِتجمع الدُّنْيَا بَعْضهَا على بعض وَلَكِن بَعَثْتُك لِترد عني دَعْوَة الْمَظْلُوم فَإِنِّي لَا أردهَا وَلَو كَانَت من كَافِر، وعَلى الْعَاقِل أَن يكون بَصيرًا بِزَمَانِهِ، مُقبلا على شانه حَافِظًا لِلِسَانِهِ، وَمن عد كَلَامه من عمله قل كَلَامه إِلَّا

- ‌ وَبِنَاء إِبْرَاهِيم الْكَعْبَة بعد مَا مضى مائَة سنة من عمره، فَبين ذَلِك وَبَين الْهِجْرَة أَلفَانِ وَسَبْعمائة وَثَلَاث وَتسْعُونَ سنة تَقْرِيبًا.وَأرْسل اللَّهِ إِسْمَاعِيل إِلَى قبائل الْيمن وَإِلَى العماليق، وَزوج إِسْمَاعِيل ابْنَته من ابْن أَخِيه الْعيص بن إِسْحَاق، وعاش إِسْمَاعِيل مائَة وَسَبْعَة

- ‌قد عد من أمة الرّوم لِأَنَّهُ من ولد الْعيص، هُوَ أَيُّوب بن موص بن رازح بن الْعيص بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، وَزَوْجَة أَيُّوب رَحْمَة.وَكَانَ لأيوب البثنة من أَعمال دمشق ملكا وأموالا عَظِيمَة، فابتلي بذهاب الْأَمْوَال وبالفقر وَهُوَ على عِبَادَته وشكره، ثمَّ ابْتُلِيَ فِي جسده حَتَّى

- ‌(ذكر يُوسُف عليه السلام

- ‌(ذكر حكام بني إِسْرَائِيل ثمَّ مُلُوكهمْ)

- ‌ عثنئال - بِعَين مُهْملَة وثاء مُثَلّثَة سَاكِنة وَنون مَكْسُورَة ومثناة تَحت مَهْمُوزَة وَألف وَلَام -.وَبعده أَكثر بَنو إِسْرَائِيل الْمعاصِي وعبدوا الْأَصْنَام فَسلط عَلَيْهِم " عغلون " ملك ماب من ولد لوط، واستعبدهم فاستغاثوا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وبقوا تَحت مضايقته ثَمَان عشرَة سنة

- ‌(ذكر زَكَرِيَّا وَيحيى عليهما السلام

- ‌(ذكر عِيسَى ابْن مَرْيَم عليهما السلام

- ‌ خَمْسمِائَة وَخمْس وَأَرْبَعُونَ سنة تَقْرِيبًا وَكَانَت ولادَة الْمَسِيح أَيْضا لمضي ثَلَاث وَثَلَاثِينَ سنة من أول ملك أغسطس ولمضي إِحْدَى وَعشْرين سنة من غلبته على قلوبطرا لِأَن أغسطس لمضي اثْنَتَيْ عشرَة سنة من ملكه سَار من رُومِية وَملك ديار مصر وَقتل قلوابطرا ملكه اليونان وَبعد إِحْدَى

- ‌(الْفَصْل الثَّانِي)

- ‌(فِي ذكر مُلُوك الْفرس)

- ‌(ذكر مُلُوك الطوائف)

- ‌(ذكر الطَّبَقَة الثَّالِثَة من الْفرس)

- ‌(ذكر الطَّبَقَة الرَّابِعَة وهم الأكاسرة الساسانية)

- ‌ لأَرْبَع وَعشْرين سنة من ملكه وَلذَلِك ولد النَّبِي

- ‌ من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة وَهلك برويز لمضي خمس سِنِين وَسِتَّة أشهر وَخَمْسَة عشر يَوْمًا لِلْهِجْرَةِ لِأَن من السّنة الثَّانِيَة وَالْأَرْبَعِينَ من ملك أنوشروان وَهِي سنة مولد

- ‌ إِلَى نصف السّنة الثَّالِثَة وَالثَّلَاثِينَ من ملك برويز وَهِي عَام الْهِجْرَة ثَلَاثًا وَخمسين سنة.بَيَانه أَن رَسُول اللَّهِ

- ‌ وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَخمسين سنة فَيكون لَهُ

- ‌(الْفَصْل الثَّالِث)

- ‌(فِي ذكر فَرَاعِنَة مصر ثمَّ مُلُوك اليونان ثمَّ الرّوم)

- ‌ هُوَ وهب سارة هَاجر كَانَ يسكن الفرما ثمَّ ملكت بعده أُخْته " جورساق " ثمَّ بعْدهَا " زلفا " بنت مامون سمع عمالقة الشَّام بضعفها فغزوها وملكوا مصر وَصَارَت الدولة للعمالقة وَالَّذِي أَخذ مِنْهَا الْملك " الْوَلِيد بن دبيع العملاقي " عَابِد الْبَقَرَة قَتله أَسد فِي صَيْده وَقيل هُوَ أول

- ‌ مِنْهُ بِأَن التقطته آسِيَة امْرَأَة فِرْعَوْن وحمته مِنْهُ وتزعم الْيَهُود أَن بنت فِرْعَوْن هِيَ الَّتِي التقطته لَا زَوجته وَالأَصَح أَنَّهَا زَوجته كَمَا نطق الْقُرْآن وَلما أظهر الْآيَات لفرعون وَسلم إِلَيْهِ بني إِسْرَائِيل وَسَار بهم نَدم ولحقهم عِنْد بَحر القلزم فَضرب مُوسَى بعصاه الْبَحْر فَصَارَ فِيهِ اثْنَا

- ‌(ذكر مُلُوك اليونان)

- ‌(ذكر مُلُوك الرّوم)

- ‌(الْفَصْل الرَّابِع)

- ‌(فِي مُلُوك الْعَرَب قبل الْإِسْلَام)

- ‌ وَأسلم، ثمَّ صَارَت الْيمن لِلْإِسْلَامِ

- ‌أول ملك من الْعَرَب بِأَرْض الجزيرة " مَالك " بن فهم بن غنم بن دوس بن عدنان بن عبد اللَّهِ بن وهران بن كَعْب بن الْحَارِث بن كَعْب بن مَالك بن النَّضر بن الأزد من ولد كهلان بن سبا بن يشجب بن يعرب بن قحطان كَانَ ملك مَالك فِي أَيَّام مُلُوك الطوائف قبل الأكاسرة

- ‌(ذكر ابْتِدَاء ملك اللخميين)

- ‌ ثمَّ ملك بعده أَخُوهُ " الْمُنْذر " بن الْمُنْذر ثمَّ ابْنه " النُّعْمَان بن الْمُنْذر " بن الْمُنْذر بن مَاء السَّمَاء وكنيته أَبُو قَابُوس وَهُوَ الَّذِي تنصر وَأمه سلمى بنت وَائِل بن عَطِيَّة الصَّائِغ من أهل فدك وَملك اثْنَتَيْنِ وَعشْرين سنة وَقَتله كسْرَى برويز وَسبب قَتله وقْعَة ذِي قار بَين الْفرس

- ‌(ذكر مُلُوك غَسَّان)

- ‌(ذكر مُلُوك جرهم)

- ‌(ذكر مُلُوك كِنْدَة)

- ‌(ذكر عدَّة من مُلُوك الْعَرَب مُتَفَرّقين)

- ‌(سَبَب مقتل كُلَيْب)

- ‌ فَقعدَ لَهُ رَسُول اللَّهِ

- ‌وَمِنْهَا: يَوْم " ذِي قار " فِي سنة أَرْبَعِينَ من مولده

- ‌(الْفَصْل الْخَامِس)

- ‌(فِي ذكر الْأُمَم)

- ‌(أمة السريان وَالصَّابِئِينَ)

- ‌(أمة القبط)

- ‌(أمة الْفرس)

- ‌(أمة اليونان)

- ‌(أمة الْيَهُود)

- ‌(أمة النَّصَارَى)

- ‌(أُمَم دخلت فِي النَّصْرَانِيَّة)

- ‌(أُمَم الْهِنْد)

- ‌(أمة السَّنَد)

- ‌(أُمَم السودَان)

- ‌(أمة الصين)

- ‌(بَنو كنعان)

- ‌(أُمَم الْعَرَب وأحوالهم قبل الْإِسْلَام)

- ‌(أَحيَاء الْعَرَب وقبائلهم)

- ‌(بَنو حمير بن سبأ)

- ‌ أصَاب زيد إسباء فِي الْجَاهِلِيَّة فَصَارَ إِلَى خَدِيجَة زوج النَّبِي

- ‌وَمن شعر حَارِثَة يبكي زيدا لما فَقده:(بَكَيْت على زيد وَلم أدر مَا فعل…أَحَي يُرْجَى أم أَتَى دونه الْأَجَل)(تذكرنيه الشَّمْس عِنْد طُلُوعهَا…وَتعرض ذاكره إِذا قَارب الطِّفْل)(وَإِن هبت الْأَرْوَاح هيجن ذكره…فيا طول مَا حزني عَلَيْهِ وَيَا وَجل)ثمَّ

- ‌ فَاخْتَارَ على أَبِيه وَأَهله وَمن

- ‌ قُريْشًا عَام الْحُدَيْبِيَة دخلت خُزَاعَة فِي عقدَة وَعَهده وَالْأَكْثَر أَن خُزَاعَة يَمَانِية وَقيل معدية وتنتسب خُزَاعَة إِلَى كَعْب بن عَمْرو بن لحي بن حَارِثَة بن عَمْرو بن مزيقيا بن عَامر بن حَارِثَة بن امرىء الْقَيْس بن ثَعْلَبَة بن مَازِن بن الأزد.وَلم تنزل السدَانَة فِي خُزَاعَة حَتَّى انْتَهَت إِلَى

- ‌(الْحَيّ الثَّانِي من بني كهلان وهم قبائل طي)

- ‌ زيد الْخَيْر وَمن طي " حَاتِم " الْمَشْهُور بِالْكَرمِ." الْحَيّ الثَّالِث من بني كهلان بَنو مذْحج " وَاسم مذْحج مَالك بن أدد بن زيد بن كهلان بن سبأ ومذحج بطُون مِنْهَا خولان وحبِيب وَمن حبيب " مُعَاوِيَة الْخَيْر " الحبيبي صَاحب لِوَاء مذْحج فِي حَرْب بني وَائِل وَكَانَ مَعَ تغلب وَمن

- ‌ الْحَيّ الرَّابِع من بني كهلان هَمدَان " من ولد ربيعَة بن حَيَّان بن مَالك بن زيد بن كهلان وَلَهُم صيت فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام." والحي الْخَامِس من بني كهلان كِنْدَة " وهم بَنو ثَوْر، وثور هُوَ كِنْدَة بن عفير بن الْحَارِث بن الْحَارِث من ولد زيد بن كهلان كند أَبَاهُ أَي

- ‌ قيل لَهُ يُوسُف الأمه لحسنه وَفِيه قيل:(لَوْلَا جرير هَلَكت بجيلة…نعم الْفَتى وبئست الْقَبِيلَة)أنْتَهى الْكَلَام فِي بني كهلان

- ‌الْقَبَائِل المنتسبة إِلَى عَمْرو بن سبأ مِنْهُم لخم بن عدي بن عَمْرو بن سبأ وَمن لخم " بَنو الدَّار " رَهْط تَمِيم الدَّارِيّ الصَّحَابِيّ وَمن لخم المناذرة مُلُوك الْحيرَة بَنو عَمْرو بن عدي بن نصر اللَّخْمِيّ وَمن قبائل المنتسبة إِلَى عَمْرو بن سبأ " جذام " أَخُو لخم وَجَمِيع جذام من

- ‌هم من ولد إِسْمَاعِيل كَانَ عمر إِسْمَاعِيل لما أنزلهُ إِبْرَاهِيم مَعَ أمه هَاجر بِمَكَّة مَوضِع الْحجر نَحْو أَربع عشرَة سنة وَذَلِكَ لمضي مائَة سنة من عمر إِبْرَاهِيم

- ‌ رضيعا وَمن قبائل قيس " بَنو كلاب " وَصَارَ مِنْهُم أَصْحَاب حلب أَوَّلهمْ صَالح بن مرداس وَمن قيس قبائل " عقيل " مِنْهُم مُلُوك الْموصل الْمُقَلّد وقرواش وَغَيرهمَا وَمن ولد قيس بَنو عَامر وصعصعة وخفاجة وَمَا زَالَت لخفاجة أمرة الْعرَاق وَإِلَى الْآن وَمن هوزان بَنو ربيعَة بن عَامر بن

- ‌ وَأَخُوهُ أبي بن خلف مثله وَمن هصيص سهم وَمن سهم عَمْرو بن الْعَاصِ وَمن عدي بن كَعْب بَنو عدي وَمِنْهُم عمر بن الْخطاب رضي الله عنه وَسَعِيد بن زيد من الْعشْرَة رضي الله عنهم.ثمَّ ولد لمرة على عَمُود النّسَب كلاب وخارجا عَنهُ تيم ويقطه فَمن تيم بَنو تيم وَمِنْهُم أَبُو

- ‌ وَقَتله

- ‌ وورقة بن نَوْفَل بن أَسد بن عبد الْعُزَّى بن قصي وَولد لعبد منَاف هَاشم على عَمُود النّسَب وخارجا عَنهُ عبد شمس وَالْمطلب وَنَوْفَل أَوْلَاد عبد منَاف فَمن عبد شمس أُميَّة وَمِنْه بَنو أُميَّة مِنْهُم عُثْمَان بن عَفَّان رضي الله عنه بن أبي الْعَصَا بن أُميَّة بن عبد شمس، وَمُعَاوِيَة بن أبي

- ‌ وهم حَمْزَة وَالْعَبَّاس وَأَبُو طَالب وَأَبُو لَهب والغيداق وَقيل هُوَ حجل وَسَيذكر والْحَارث وحجل والمقوم وَضِرَار وَالزُّبَيْر وَقثم مَاتَ صَغِيرا وَعبد الْكَعْبَة وَقيل عبد الْكَعْبَة هُوَ الْمُقَوّم.ثمَّ ولد لعبد اللَّهِ مُحَمَّد رَسُول اللَّهِ

- ‌(قصَّة الْفِيل)

- ‌(مولد النَّبِي

- ‌ولد عبد اللَّهِ بن عبد الْمطلب قبل الْفِيل بِخمْس وَعشْرين سنة وَكَانَ أَبوهُ يُحِبهُ لِأَنَّهُ كَانَ أحسن أَوْلَاده وأعفهم بَعثه أَبوهُ يمتار لَهُ فَمر بِيَثْرِب فَمَاتَ بهَا ولرسول اللَّهِ

- ‌ وَأما أم رَسُول اللَّهِ

- ‌ يَوْم الأثنين لعشر خلون من ربيع الأول من عَام الْفِيل وَكَانَ قدوم الْفِيل فِي منتصف الْمحرم مِنْهَا وَهِي الثَّانِيَة وَالْأَرْبَعُونَ من ملك كسْرَى أنوشروان وَهِي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة لغَلَبَة الْإِسْكَنْدَر على دَارا وَهِي سنة ألف وثلثمائة وست عشرَة لبختنصر وَفِي السَّابِع من وِلَادَته

- ‌ ارتجس إيوَان كسْرَى وَسَقَطت مِنْهُ أَربع عشرَة شرافة وخمدت نَار فَارس وَلم تخمد قبل ذَلِك بِأَلف عَام، وغاصت بحيرة ساوة وَرَأى الموبذان قَاضِي الْفرس فِي مَنَامه إبِلا صعابا تقود خيلا عرابا قد قطعت دجلة وانتشرت فِي بلادها فَلَمَّا أصبح كسْرَى أفزعه ذَلِك وَاجْتمعَ بموبذان فَقص عَلَيْهِ

- ‌(شرفه وَشرف بَيته

- ‌روى الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادِهِ رَفعه إِلَى الْعَبَّاس قَالَ: قلت يَا رَسُول اللَّهِ إِن قُريْشًا إِذا الْتَقَوْا لَقِي بَعضهم بَعْضًا بالبشاشة وَإِذا لقونا لقونا بِوُجُوه لَا نعرفها فَغَضب رَسُول اللَّهِ

- ‌ إِذْ مرت بِهِ امْرَأَة فَقَالَ بعض الْقَوْم: هَذِه بنت رَسُول اللَّهِ

- ‌ فجَاء النَّبِي

- ‌ قَالَ لي جِبْرِيل قلبت الأَرْض مشارقها وَمَغَارِبهَا فَلم أجد احدا أفضل من مُحَمَّد وقلبت الأَرْض مشارقها وَمَغَارِبهَا فَلم أجد بني أَب أفضل من بني هَاشم "." نسبه

- ‌ سردا فَهُوَ أَبُو الْقَاسِم مُحَمَّد بن عبد اللَّهِ بن عبد الْمطلب بن هَاشم بن عبد منَاف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كَعْب بن لؤَي بن غَالب فهر بن مَالك بن النَّضر بن كنَانَة بن خُزَيْمَة بن مدركة بن إلْيَاس بن مُضر بن نزار بن معد بن عدنان وَنسبه

- ‌ قَالَ: " عدنان بن أدد بن زيد بن يرا بن أعراق الثرى "، فَقَالَت أم سَلمَة زيد هميسع ويرا بنت وَإِسْمَاعِيل أعراق الثرى.وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: عدنان بن أدد بن الْمُقَوّم بن باحور بن تارخ بن يعرب بن يشجب بن نابت بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم وَفِي شَجَرَة النّسَب للجواني النسابة

- ‌ من الرَّضَاع وَكَانَت المراضع يقدمن مَكَّة من الْبَادِيَة يطلبن أَن يرضعن الْأَطْفَال فقدمن فِي سنة شهباء وَأخذت كل وَاحِدَة طفْلا وَلم تَجِد حليمة طفْلا غَيره وَكَانَ يَتِيما مَاتَ أَبوهُ عبد اللَّهِ فَلم يرغبن فِيهِ لِأَن الْمَعْرُوف يُرْجَى من أبي الصَّبِي." قلت ": وَمن معالم الْإِسْلَام

- ‌ فِي بعض الْأَيَّام مَعَ أَخِيه من الرَّضَاع خَارِجا عَن الْبيُوت إِذْ أَتَى ابْن حليمة أمه يشْتَد وَقَالَ لَهَا ولأبيه ذَاك أخي الْقرشِي قد جَاءَ رجلَانِ عَلَيْهِمَا ثِيَاب بَيَاض فأضجعاه وشقا بَطْنه وهما يسوطانه فَخرجت حليمة وَزوجهَا نَحوه فواجداه قَائِما فَقَالَا: مَا لَك يَا بني؟ قَالَ: جَاءَنِي

- ‌ بعد أَن تزوج خَدِيجَة وَشَكتْ الجدب فَكلم لَهَا خَدِيجَة رضي الله عنها فأعطتها أَرْبَعِينَ شَاة ثمَّ قدمت حليمة وَزوجهَا الْحَارِث عَلَيْهِ بعد النُّبُوَّة فَأَسْلمَا، وَبَقِي مَعَ أمه آمِنَة فَلَمَّا بلغ سِتّ سِنِين توفيت أمه بالأبواء بَين مَكَّة وَالْمَدينَة وَكَانَت قد قدمت بِهِ على أَخْوَاله بني عدي بن

- ‌ حَتَّى بلغ فَكَانَ أعظم النَّاس مُرُوءَة وحلما وَأَحْسَنهمْ جَوَابا وأصدقهم حَدِيثا وأبعدهم عَن الْفُحْش حَتَّى سَمَّاهُ قومه الْأمين وَحضر مَعَ عمومته حَرْب الْفجار وعمره أَربع عشرَة سنة وَهِي حَرْب بَين قُرَيْش وَبَين هوَازن انتهكت فِيهَا هوَازن حُرْمَة الْحرم فسميت بالفجار كَانَت الكرة فِيهَا أَولا على

- ‌ أَيّمَا وَهِي بنت أَرْبَعِينَ سنة وَأصْدقهَا عشْرين بكرَة وَآمَنت بِهِ وَهِي أول أَزوَاجه وَلم يتَزَوَّج غَيرهَا حَتَّى مَاتَ رضي الله عنها وَعَاشَتْ مَعَه بعد مبعثه عشر سِنِين وَتوفيت قبل الْهِجْرَة بِثَلَاث سِنِين

- ‌كَانَت الْكَعْبَة قَصِيرَة الْبناء فهدمتها قُرَيْش ثمَّ بنوها حَتَّى بلغ الْبُنيان الْحجر الْأسود فاختصموا فِيهِ وأرادت كل قَبيلَة رَفعه إِلَى مَوْضِعه ثمَّ اتَّفقُوا على تحكيم أول دَاخل من بَاب

- ‌ أول دَاخل فَقَالُوا هَذَا الْأمين وعمره إِذْ ذَاك خمس وَثَلَاثُونَ سنة فحكموه فَأَمرهمْ بِوَضْع الْحجر الْأسود فِي وسط عباءة ثمَّ أَمر كل قَبيلَة أَن يَأْخُذُوا بِطرف من العباءة حَتَّى انْتَهوا بِهِ إِلَى مَوضِع الرُّكْن فَأَخذه

- ‌ أَرْبَعِينَ سنة بَعثه اللَّهِ إِلَى الْأسود والأحمر رَسُولا نَاسِخا بِشَرِيعَتِهِ الشَّرَائِع الْمَاضِيَة فَأول مَا ابتدىء بِهِ من النُّبُوَّة الرُّؤْيَا الصادقة وحبب اللَّهِ إِلَيْهِ الْخلْوَة وَكَانَ يجاور فِي جبل حراء من كل سنة شهرا فَفِي سنة مبعثة خرج بأَهْله فِي رَمَضَان إِلَى حراء للمجاورة فِيهِ

- ‌ فَقَالَ ورقة هَذَا الناموس الَّذِي أنزل على مُوسَى يَا لَيْتَني أكون فِيهَا جذعا حِين يخْرجك قَوْمك فَقَالَ

- ‌ جواره انْصَرف وَطَاف بِالْبَيْتِ اسبوعا ثمَّ تَوَاتر إِلَيْهِ الْوَحْي، وَفِي الحَدِيث الصَّحِيح " كمل من الرِّجَال كثير وَلم يكمل من النِّسَاء إِلَّا أَربع آسِيَة زَوْجَة فِرْعَوْن وَمَرْيَم بنت عمرَان وَخَدِيجَة بنت خويلد وَفَاطِمَة بنت مُحَمَّد

- ‌أول من أسلم خَدِيجَة وَقيل عَليّ وَهُوَ ابْن تسع وَقيل عشر وَقيل إِحْدَى عشرَة وَكَانَ قبل الْإِسْلَام فِي حجر رَسُول اللَّهِ

- ‌ لِعَمِّهِ الْعَبَّاس: " إِن أَخَاك أَبَا طَالب كثير الْعِيَال فَانْطَلق بِنَا لنأخذ من بنيه مَا نخفف عَنهُ بِهِ " فَأتيَاهُ لذَلِك فَقَالَ أَبُو طَالب: اتركا لي عقيلا واصنعا مَا شئتما، فَأخذ رَسُول اللَّهِ

- ‌ حَتَّى بَعثه اللَّهِ فَصدقهُ وَلم يزل جَعْفَر مَعَ الْعَبَّاس حَتَّى أسلم وَمن شعر عَليّ فِي سبقه:(سبقتكم إِلَى الْإِسْلَام طرا…غُلَاما مَا بلغت أَوَان حلمي)وَفِي السِّيرَة أَن زيد بن حَارِثَة مولى رَسُول اللَّهِ

- ‌ فأسلموا، ثمَّ أسلم أَبُو عُبَيْدَة عَامر بن عبد اللَّهِ بن الْجراح وَعبيدَة بن الْحَارِث وَسَعِيد بن زيد بن عَمْرو بن نفَيْل بن عبد الْعُزَّى وَهُوَ ابْن عَم عمر بن الْخطاب، وَعبد اللَّهِ بن مَسْعُود وعمار بن يَاسر.قلت: وَردت أَحَادِيث فِي أول من أسلم فَقيل أَبُو بكر وَقيل عَليّ

- ‌ أَن يتَكَلَّم بدره أَبُو لَهب إِلَى الْكَلَام فَقَالَ: أَشد مَا سحركم صَاحبكُم فَتفرق الْقَوْم وَلم يكلمهم رَسُول اللَّهِ

- ‌ مَا أعلم إنْسَانا فِي الْعَرَب جَاءَ قومه بِأَفْضَل مِمَّا جِئتُكُمْ بِهِ قد جِئتُكُمْ بخيري الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَقد أَمرنِي الله أَن أدعوكم إِلَيْهِ فَإِنَّكُم تؤازروني على هَذَا الْأَمر " فأحجم الْقَوْم جَمِيعًا.قَالَ عَليّ: فَقلت وَإِنِّي لأحدثهم سنا وأرمصهم عينا وأعظمهم بَطنا وأحمشهم ساقا:

- ‌ على مَا هُوَ عَلَيْهِ فَعظم عَلَيْهِم وَأتوا أَبَا طَالب ثَانِيًا وَقَالُوا: إِن لم تَنْهَهُ وَإِلَّا نازلناك وإياه حَتَّى يهْلك أحد الْفَرِيقَيْنِ فَعظم عَلَيْهِ وَقَالَ لرَسُول اللَّهِ

- ‌ أَن عَمه خاذله فَقَالَ: " يَا عَم لَو وضعُوا الشَّمْس فِي يَمِيني وَالْقَمَر فِي شمَالي مَا تركت هَذَا الْأَمر ".ثمَّ استعبر فَبكى وَقَامَ

- ‌ عِنْد الصَّفَا فَمر بِهِ [إِسْنَاده صَحِيح] . أَبُو جهل بن هِشَام فشتم النَّبِي

- ‌ فَغَضب حَمْزَة وَقصد الْبَيْت ليطوف بِهِ وَهُوَ متوشح قوسه فَوجدَ ابْن هِشَام قَاعِدا مَعَ جمَاعَة فَضَربهُ حَمْزَة بِالْقَوْسِ فَشَجَّهُ ثمَّ قَالَ أتشتم مُحَمَّدًا وَأَنا على دينه فَقَامَتْ رجال من بني مَخْزُوم لينصروا أَبَا جهل فَقَالَ أَبُو جهل: دَعوه فَإِنِّي سببت ابْن أَخِيه سبا قبيحا، ودام حَمْزَة على إِسْلَامه

- ‌(إِسْلَام عمر بن الْخطاب)

- ‌ اللَّهُمَّ أعز الْإِسْلَام بعمر بن الْخطاب أَو بِأبي الحكم بن هِشَام " وَهُوَ أَبُو جهل قلت: وَفِيه قيل سَمَّاهُ معشره أَبَا حكم وَالله سَمَّاهُ أَبَا جهل وَالله أعلم. فهدى اللَّهِ تَعَالَى عمر رضي الله عنه وَكَانَ قد أَخذ سَيْفه وَقصد قتل النَّبِي

- ‌ فَقَالُوا هُوَ بدار عِنْد الصَّفَا وَكَانَ عِنْده نَحْو أَرْبَعِينَ نفسا مَا بَين رجال وَنسَاء وهم حَمْزَة وَأَبُو بكر وَعلي رضي الله عنهم فقصدهم عمر متوشحا سَيْفه فَأذن لَهُ رَسُول اللَّهِ

- ‌ وَأخذ بمجمع رِدَائه وجبذه جبذة شَدِيدَة وَقَالَ: " مَا جَاءَ بك يَا ابْن الْخطاب أَو مَا تزَال حَتَّى تنزل بك قَارِعَة " فَقَالَ عمر: يَا رَسُول اللَّهِ جِئْت لأومن بِاللَّه وَرَسُوله فَكبر رَسُول اللَّهِ

- ‌ أذن لمن لَيْسَ لَهُ عشيرة تحميه فِي الْهِجْرَة إِلَى أَرض الْحَبَشَة فَأول من خرج اثْنَا عشر رجلا وَأَرْبع نسْوَة مِنْهُم عُثْمَان وَمَعَهُ زَوجته رقية بنت النَّبِي

- ‌ كَانَت تحمل الشوك

- ‌ فسماها اللَّهِ تَعَالَى حمالَة الْحَطب وَأقَام بَنو هَاشم فِي الشّعب وَمَعَهُمْ رَسُول اللَّهِ

- ‌ قَالَ لأبي طَالب: " يَا عَم إِن رَبِّي سلط الأرضة على صحيفَة قُرَيْش فَلم تدع فِيهَا غير أَسمَاء الله ونفت مِنْهَا الظُّلم والقطيعة " فَأعْلم أَبُو طَالب قُريْشًا بذلك وَقَالَ: إِن كَانَ صَحِيحا فَانْتَهوا عَن قطيعتنا وَإِن كَانَ كذبا دفعت إِلَيْكُم ابْن اخي فرضوا بذلك فَإِذا الْأَمر كَمَا قَالَ

- ‌ لسبع عشرَة لَيْلَة خلت من رَمَضَان فِي السّنة الثَّالِثَة عشر من النُّبُوَّة وَقيل فِي ربيع الأول وَقيل فِي رَجَب، وَهل كَانَ الْإِسْرَاء بجسده أم كَانَ رُؤْيا صَادِقَة الْجُمْهُور على انه بجسده، وَقَالَت عَائِشَة وَمُعَاوِيَة: أسرى بِرُوحِهِ.وَقيل الْإِسْرَاء إِلَى الْبَيْت الْمُقَدّس جسداني وَمِنْه إِلَى

- ‌ الْحَمد لله الَّذِي هداك يَا عَم ".قلت: وَقيل أَحْيَا الله لَهُ

- ‌ بموتهما خُصُوصا أَبُو لَهب وَالْحكم بن الْعَاصِ وَعقبَة بن أبي معيط بن أُميَّة فَإِنَّهُم كَانُوا جيران النَّبِي

- ‌ اللَّهُمَّ إِلَيْك أَشْكُو ضعف قوتي وَقلة حيلتي وهواني على النَّاس يَا أرْحم الرَّاحِمِينَ أَنْت رب الْمُسْتَضْعَفِينَ وَأَنت رَبِّي إِلَى من تَكِلنِي إِن لم تكن عَليّ غَضبا فَلَا أُبَالِي " ثمَّ قدم مَكَّة وَقَومه أَشد عَلَيْهِ مِمَّا كَانُوا يعرض نَفسه على الْقَبَائِل فِي مواسم الْحَج يَدعُوهُم إِلَى اللَّهِ فَيَقُول:

- ‌وَلما كَانَ الْعَام الْمقبل وافى الْمَوْسِم اثْنَا عشر من الْأَنْصَار فَبَايعُوهُ بيعَة النِّسَاء قبل أَن يفْرض عَلَيْهِم الْحَرْب وبيعة النِّسَاء هِيَ أَن لَا يشركوا بِاللَّه وَلَا يسرقوا وَلَا يزنزوا وَلَا يقتلُوا أَوْلَادهم فَبعث مَعَهم مُصعب بن عُمَيْر بن هَاشم بن عبد منَاف بن عبد الدَّار ليعلمهم

- ‌ ليجتمعوا بِهِ لَيْلًا فِي أَيَّام التَّشْرِيق " بِالْعقبَةِ ".وجاءهم رَسُول اللَّهِ

- ‌ وتلا الْقُرْآن.ثمَّ قَالَ أُبَايِعكُم على أَن تَمْنَعُونِي مِمَّا تمْنَعُونَ مِنْهُ نِسَائِكُم وَأَوْلَادكُمْ وَدَار الْكَلَام بَينهم واستوثق كل فريق من الآخر ثمَّ سَأَلُوا رَسُول اللَّهِ

- ‌ أَصْحَابه بِالْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَة فَخَرجُوا أَرْسَالًا وَأقَام ينْتَظر أَن يَأْذَن لَهُ ربه فِي الْخُرُوج من مَكَّة وَبَقِي مَعَه أَبُو بكر الصّديق وَعلي رضي الله عنهما، وبيعة الْعقبَة الثَّانِيَة وَهِي هَذِه كَانَت فِي سنة ثَلَاث عشرَة من المبعث

- ‌لفظ التَّارِيخ مُحدث فِي لُغَة الْعَرَب لِأَنَّهُ مُعرب من ماه روز، وَبِذَلِك جَاءَت الرِّوَايَة

- ‌ فَكَانَ عشر سِنِين وشهرين، وَإِذا حسب عمره من الْهِجْرَة حَقِيقَة فَيكون تسع سِنِين وَأحد عشر شهرا واثنين وَعشْرين يَوْمًا وَهَذَا جدول يتَضَمَّن مَا بَين الْهِجْرَة وَبَين التواريخ الْقَدِيمَة الْمَشْهُورَة من السنين فَإِذا أردْت أَن تعرف مَا بَين أَي تاريخين شِئْت مِنْهَا فَانْظُر إِلَى مَا بَينهمَا وَبَين

- ‌وَلما علمت قُرَيْش أَنه صَار لَهُ

- ‌ ذَلِك فَأمر عليا أَن ينَام على فرَاشه وَأَن يتشح بِبرْدِهِ الْأَخْضَر

- ‌ من الودائع إِلَى أَرْبَابهَا.وَكَانَ الْكفَّار قد اجْتَمعُوا على بَابه يَرْصُدُونَهُ ليثبوا عَلَيْهِ فَأخذ

- ‌ فَيَقُولُونَ مُحَمَّد نَائِم.وَكَذَا حَتَّى أَصْبحُوا فَقَامَ عَليّ فعرفوه وَأقَام عَليّ بِمَكَّة حَتَّى أدّى الودائع وَقصد النَّبِي إِذْ خرج من دَاره دَار أبي بكر فَأعلمهُ بِأَن اللَّهِ قد أذن بِالْهِجْرَةِ فَقَالَ أَبُو بكر الصُّحْبَة يَا رَسُول اللَّهِ قَالَ الصُّحْبَة فَبكى أَبُو بكر فَرحا واستأجرا عبد

- ‌ إِلَى شَاة فِي كسر الْخَيْمَة فَقَالَ: مَا هَذِه؟ قَالَت شَاة: خلفهَا الْجهد

- ‌ لِاثْنَتَيْ عشرَة لَيْلَة خلت من ربيع الأول سنة إِحْدَى يَوْم الأثنين الظّهْر فَنزل قبَاء على كُلْثُوم بن الْهدم وَأقَام بقباء الْإِثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاء وَالْأَرْبِعَاء وَالْخَمِيس وَأسسَ مَسْجِد قبَاء الَّذِي نزل فِيهِ {لمَسْجِد أسس على التَّقْوَى} وَخرج من قبَاء يَوْم الْجُمُعَة فَمَا مر على دَار من دور

- ‌ عِنْد أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ حَتَّى بنى مَسْجده ومساكنه وَقيل بل كَانَ مَوضِع الْمَسْجِد لبني النجار وَفِيه نخل وَخرب وقبور الْمُشْركين

- ‌ عليا أَخا وآخى بَين أبي بكر وخارجة بن زيد الْأنْصَارِيّ وَبَين أبي عُبَيْدَة وَسعد بن معَاذ الْأنْصَارِيّ وَبَين عمر وعتبان بن مَالك النصاري وَبَين عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَسعد بن الرّبيع الْأنْصَارِيّ وَبَين عُثْمَان بن عَفَّان وَأَوْس بن ثَابت الْأنْصَارِيّ وَبَين طَلْحَة بن عبيد اللَّهِ وَكَعب بن

- ‌ثمَّ دخلت سنة اثْنَتَيْنِ من الْهِجْرَة: فِيهَا حولت الصَّلَاة إِلَى الْكَعْبَة كَانَت الصَّلَاة بِمَكَّة وَبعد مقدمه إِلَى الْمَدِينَة بِثمَانِيَة عشر شهرا إِلَى بَيت الْمُقَدّس وَذَلِكَ يَوْم الثُّلَاثَاء منتصف شعْبَان فَاسْتقْبل فِي صَلَاة الظّهْر وَبلغ أهل قبَاء ذَلِك فتحولوا إِلَى جِهَة الْكَعْبَة وهم فِي الصَّلَاة

- ‌ عبد اللَّهِ بن جحش فِي ثَمَانِيَة أنفس إِلَى نَخْلَة بَين مَكَّة والطائف ليتعرفوا أَخْبَار قُرَيْش فَمر بهم عير لقريش فغنموها وأسروا اثْنَيْنِ وحضروا بذلك إِلَيْهِ

- ‌(غَزْوَة بدر الْكُبْرَى)

- ‌ النَّاس إِلَيْهِم فَبلغ أَبَا سُفْيَان فَبعث وَأعلم قُريْشًا بِمَكَّة بذلك

- ‌ من الْمَدِينَة لثلاث خلون من رَمَضَان مِنْهَا وَمَعَهُ ثلثمِائة وَثَلَاث عشر رجلا مِنْهُم سَبْعَة وَسَبْعُونَ من الْمُهَاجِرين وَالْبَاقُونَ أنصار وَمَا فيهم سوى فارسين الْمِقْدَاد بن عَمْرو الْكِنْدِيّ وَالزُّبَيْر بن الْعَوام وَقيل غير الزبير، وَكَانَت الْإِبِل سبعين يتعاقبون عَلَيْهَا فَنزل الصَّفْرَاء وجاءته

- ‌ أَن يبارز عُبَيْدَة بن الْحَارِث بن الْمطلب عتبَة، وَحَمْزَة عَم النَّبِي

- ‌ شكرا لله تَعَالَى وَقتل أَبُو جهل وَهُوَ ابْن سبعين سنة وَقتل أَخُوهُ الْعَاصِ بن هِشَام وَنصر اللَّهِ نبيه بِالْمَلَائِكَةِ قَالَ اللَّهِ تَعَالَى {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ ربكُم فَاسْتَجَاب لكم إِنِّي مُمِدكُمْ بِأَلف من الْمَلَائِكَة} وَبلغ أَبَا لَهب بِمَكَّة مصاب بدر فَمَاتَ كمدا بعد سبع لَيَال وعدة قَتْلَى بدر

- ‌ يَقُول لقريش مَا يأتيكم مُحَمَّد إِلَّا بأساطير الْأَوَّلين.قلت: وَلما قتل النَّضر ثمَّ أنشدته ابْنَته:(مَا كَانَ ضرك لَو مننت وَرُبمَا…من الْفَتى وَهُوَ المغيظ المحنق)فَقَالَ

- ‌ بِسَبَب مرض زَوجته رقية بنت رَسُول اللَّهِ

- ‌ وَمُدَّة الْغَيْبَة تِسْعَة عشر يَوْمًا

- ‌ثمَّ كَانَت غَزْوَة بني قينقاع، هم نقضوا مَا كَانَ بَينهم وَبَينه

- ‌ فكتفوا وَهُوَ يُرِيد قَتلهمْ فَكَلمهُ عبد اللَّهِ بن أبي سلول الخزرجي الْمُنَافِق وَكَانَ هَؤُلَاءِ حلفاء الْخَزْرَج فَأَعْرض عَنهُ فَأَعَادَ السُّؤَال فَأَعْرض عَنهُ فَأدْخل يَده فِي جيب رَسُول اللَّهِ

- ‌ هم لَك ثمَّ أجلاهم وغنم الْمُسلمُونَ أَمْوَالهم ثمَّ كَانَت غَزْوَة السويق

- ‌وَذَلِكَ أَن أَبَا سُفْيَان حلف لَا يمس الطّيب وَالنِّسَاء حَتَّى يَغْزُو مُحَمَّدًا

- ‌(غَزْوَة قرقرة الكدر)

- ‌ أَن بِهَذَا الْموضع جمعا من سليم وغَطَفَان فَخرج لقتالهم فَلم يجد أحدا فاستاق مَا وجد من النعم وَرجع إِلَى الْمَدِينَة.وَفِي سنة اثْنَتَيْنِ مَاتَ عُثْمَان بن مَظْعُون رضي الله عنه وفيهَا الْوَقْعَة بِذِي قار بَين بكر بن وَائِل وَبَين جَيش كسْرَى برويز وَغَلَبَة الهرمزان وانهزمت الْفرس

- ‌ حَفْصَة بنت عمر رضي الله عنهما وَتزَوج عُثْمَان أم كُلْثُوم وَالله أعلم

- ‌وَكَانَت غَزْوَة أحد وَذَلِكَ أَنه اجْتمع قُرَيْش ثَلَاثَة آلَاف فيهم سَبْعمِائة دارع وَمِائَتَا فَارس قائدهم أَبُو سُفْيَان بن حَرْب وَمَعَهُ زَوجته هِنْد بنت عتبَة وَأَرْبع عشرَة امْرَأَة يضربن بِالدُّفُوفِ ويبكين قَتْلَى بدر وَسَارُوا من مَكَّة حَتَّى نزلُوا ذَا الحليفة قبالة الْمَدِينَة يَوْم الْأَرْبَعَاء لأَرْبَع

- ‌ فِي ألف من الصَّحَابَة وَصَارَ بَين الْمَدِينَة وَاحِد فانخذل عَنهُ ابْن أبي بن سلول فِي ثلث النَّاس وَقَالَ أطاعهم وعصاني علام نقْتل أَنْفُسنَا هَهُنَا وَرجع بِمن تبعه من أهل النِّفَاق وَنزل

- ‌ مَعَ مُصعب بن عُمَيْر من بني عبد الدَّار وعَلى ميمنة الْمُشْركين خَالِد بن الْوَلِيد وعَلى ميسرتهم عِكْرِمَة بن أبي جهل ولواؤهم مَعَ بني عبد الدَّار وَجعل

- ‌ فَأعْطى النَّبِي عليا رضي الله عنه وَانْهَزَمَ الْمُشْركُونَ فطمعت الرُّمَاة فِي الْغَنِيمَة وفارقوا مكانهم الَّذِي أَمرهم النَّبِي بِهِ فَأتى خَالِد مَعَ خيل الْمُشْركُونَ من خلف وَوَقع الصَّارِخ أَن مُحَمَّدًا قتل وانكشف الْمُسلمُونَ فَقتل من الْمُسلمين سَبْعُونَ وَمن الْمُشْركين اثْنَان وَعِشْرُونَ وأصابت حِجَارَة

- ‌ من الشَّجَّة وَنزع أَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح إِحْدَى الحلقتين من وجهة

- ‌ من مس دمي دَمه لم تصبه النَّار " وأًصابت طَلْحَة يَوْمئِذٍ ضَرْبَة فشلت يَده وَهُوَ يدافع عَن رَسُول اللَّهِ

- ‌ يَوْمئِذٍ بَين درعين ومثلث هِنْد وصواحبها بالقتلى من الْمُسلمين فجدعن الآذان والأنوف واتخذن مِنْهَا قلائد وبقرت هِنْد عَن كبد حَمْزَة ولاكتها قلم تسغها وَضرب زَوجهَا أَبُو سُفْيَان برمحه شدق حَمْزَة وَصعد الْجَبَل وصرخ بِأَعْلَى صَوته الْحَرْب سِجَال يَوْم بِيَوْم بدر اعْل هُبل.وَلما

- ‌ حَمْزَة فَوَجَدَهُ وَقد بقر بَطْنه وجدع أَنفه وأذناه فَقَالَ لَئِن أظهرني اللَّهِ على قُرَيْش لامثلن بِثَلَاثِينَ مِنْهُم ثمَّ قَالَ: " جَاءَنِي جِبْرِيل فَأَخْبرنِي أَن حَمْزَة مَكْتُوب فِي أهل السَّمَوَات السَّبع حَمْزَة بن عبد الْمطلب أَسد اللَّهِ وَأسد رَسُوله ".ثمَّ أَمر بِحَمْزَة فسجي بِبرْدِهِ ثمَّ صلى

- ‌ قوم من عضل والقارة وطلبوا مِنْهُ ان يبْعَث مَعَهم من يفقه قَومهمْ فِي الدّين فَبعث مَعَهم سِتَّة هم ثَابت بن أبي الْأَفْلَح وخبيب بن عدي ومرثد بن أبي مرْثَد الغنوي وخَالِد بن البكير اللَّيْثِيّ وَزيد بن الدثنة وَعبد اللَّهِ بن طَارق وَقدم عَلَيْهِم مرْثَد بن أبي مرْثَد فَلَمَّا وصلوا إِلَى

- ‌ الْمُنْذر بن عُمَيْر الْأنْصَارِيّ فِي أَرْبَعِينَ من خِيَار الْمُسلمين فيهم عَامر بن فهَيْرَة مولى أبي بكر فنزلوا بِئْر مَعُونَة على أَربع مراحل من الْمَدِينَة وبعثوا بكتابه

- ‌ وَاسْتشْهدَ يَوْم الخَنْدَق وَكَانَ فِي سرح الْقَوْم عَمْرو بن امية الضمرِي وَرجل من الْأَنْصَار فرأيا الطير تحوم حول المعسكر فقصد المعسكر فَوجدَ الْقَوْم مقتولين فقاتل الأنصارى وَقتل وَأسر عَمْرو وَأعْتقهُ عَامر بن الطُّفَيْل لكَونه من مُضر وَلحق عَمْرو برَسُول اللَّهِ

- ‌(غَزْوَة بني النَّضِير)

- ‌ إِلَيْهِم وحاصرهم فِي ربيع الأول وَنزل تَحْرِيم الْخمر وَهُوَ محاصر لَهُم.قلت: قَالَ فِي الرَّوْضَة إِن غَزْوَة بني النَّضِير سنة ثَلَاث وَإِن تَحْرِيم الْخمر بعد غَزْوَة أحد وَالله أعلم. وَلما مضى عَلَيْهِم سِتّ لَيَال سَأَلُوهُ

- ‌(غَزْوَة ذَات الرّقاع)

- ‌ فَقَالَ يَا مُحَمَّد: أُرِيد أَن أنظر إِلَى سَيْفك هَذَا وَكَانَ محلى بِفِضَّة فَدفعهُ إِلَيْهِ فاستله وهم بِهِ فَكَتبهُ اللَّهِ ثمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّد مَا تخافني فَقَالَ لَهُ لَا مَا أَخَاف مِنْك ثمَّ رد سَيْفه إِلَيْهِ فَأنْزل اللَّهِ تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا نعْمَة اللَّهِ عَلَيْكُم إِذْ هم قوم أَن

- ‌ إِلَى الْمَدِينَة وفيهَا ولد الْحُسَيْن رضي الله عنه.ثمَّ دخلت سنة خمس: فِيهَا فِي شَوَّال

- ‌قلت: فِي الرَّوْضَة أَنَّهَا فِي سنة أَربع على الْأَصَح وَالله أعلم، وَهِي غَزْوَة الْأَحْزَاب بلغَة تحزب قبائل الْعَرَب فحفر الخَنْدَق حول الْمَدِينَة قيل أَشَارَ بِهِ سلمَان الْفَارِسِي وَهُوَ أول مشْهد شهده مَعَ رَسُول اللَّهِ

- ‌ فَدَعَاهَا وَقَالَ هَاتِي مَا مَعَك با بنية فصبته فِي كفيه فَمَا امتلأتا ثمَّ دَعَا بِثَوْب وبدد ذَلِك التَّمْر عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ لإِنْسَان: " اُصْرُخْ فِي أهل الخَنْدَق أَن هلموا إِلَى الْغَدَاء " فَجعلُوا يَأْكُلُون مِنْهُ وَجعل يزِيد حَتَّى صدر أهل الخَنْدَق عَنهُ وَأَنه يسْقط من أَطْرَاف الثَّوْب.وَمِنْهَا مَا

- ‌ من يصْرخ فِي النَّاس مَعَه إِلَى بَيت جَابر وَأَقْبل رَسُول اللَّهِ وَالنَّاس مَعَه فَقدم لَهُ ذَلِك فبرك وسمى اللَّهِ ثمَّ أكل وتواردها النَّاس كلما صدر قوم جَاءَ قوم حَتَّى صدر أهل الخَنْدَق عَنْهَا.وَقَالَ سلمَان الْفَارِسِي…... . كنت قَرِيبا من رَسُول اللَّهِ

- ‌ من الخَنْدَق وَأَقْبَلت قُرَيْش فِي أحابيشها وَمن تبعها من كنَانَة فِي عشرَة آلَاف وَأَقْبَلت غطفان وَمن تبعها من أهل نجد وَكَانَ بَنو قُرَيْظَة وَكَبِيرهمْ كَعْب بن أَسد قد عاهدوه

- ‌(غَزْوَة بني قُرَيْظَة)

- ‌ فَانْصَرف عَن الخَنْدَق رَاجعا إِلَى الْمَدِينَة وَوضع الْمُسلمُونَ السِّلَاح فَأَتَاهُ جِبْرِيل الظّهْر يَأْمُرهُ بِالْمَسِيرِ إِلَى بني قُرَيْظَة فَأمر مناديا يُنَادي من كَانَ سَامِعًا مُطيعًا فَلَا يُصَلِّي الْعَصْر إِلَّا ببني قُرَيْظَة، وَقدم عليا رضي الله عنه برايته إِلَى بني قُرَيْظَة ثمَّ نزل النَّبِي

- ‌ لَا يصل أحد الْعَصْر إِلَّا ببني قُرَيْظَة فَلم يُنكر عَلَيْهِم ذَلِك وحاصر بني قُرَيْظَة خمْسا وَعشْرين لَيْلَة وَقذف اللَّهِ فِي قُلُوبهم الرعب فنزلوا على حكمه

- ‌ وهم يَقُولُونَ لسعد يَا أَبَا عَمْرو أحسن إِلَى مواليك فَقَالَ

- ‌ الْأَنْصَار وَالْأَنْصَار يَقُولُونَ قد عَم بهَا الْمُسلمين فَقَامُوا إِلَيْهِ وَقَالُوا إِن رَسُول اللَّهِ قد حكمك فِي مواليك فَقَالَ

- ‌ لقد حكمت فيهم بِحكم اللَّهِ من فَوق سَبْعَة أَرقعَة " ثمَّ رَجَعَ

- ‌(غَزْوَة ذِي قرد)

- ‌ وَهِي بِالْغَابَةِ فَخرج النَّبِي يَوْم الْأَرْبَعَاء حَتَّى وصل إِلَى ذِي قرد لأَرْبَع خلون من ربيع الأول فاستنقذ بَعْضهَا وَعَاد إِلَى الْمَدِينَة، وَكَانَت غيبته خمس لَيَال. وَذُو قرد - مَوضِع على لَيْلَتَيْنِ من الْمَدِينَة على طَرِيق خَيْبَر

- ‌كَانَت فِي شعْبَان من هَذِه السّنة وَقيل سنة خمس قلت: وَفِي سنة سِتّ كسفت الشَّمْس وَنزل الظِّهَار وَالله أعلم.كَانَ قَائِد بني المصطلق الْحَارِث بن أبي ضرار ولقيهم رَسُول اللَّهِ

- ‌ كتَابَتهَا وَتَزَوجهَا فَقَالَ النَّاس أَصْهَار رَسُول اللَّهِ فَأعتق بتزويجه إِيَّاهَا مائَة من أهل بَيت بني المصطلق فَكَانَت عَظِيمَة الْبركَة على قَومهَا، وَفِي هَذِه الْغُزَاة قتل رجل من الْأَنْصَار رجلا من الْمُسلمين خطأ يَظُنّهُ كَافِرًا والقتيل هِشَام من بني لَيْث بن بكر.وَكَانَ أَخُوهُ مقيس

- ‌ بذلك وَعِنْده عمر بن الْخطاب فَقَالَ يَا رَسُول اللَّهِ مر بِهِ عبد اللَّهِ بن بشير فليقتله فَقَالَ

- ‌ بل نرفق بِهِ ونحسن صحبته ".وَلما رَجَعَ النَّبِي من هَذِه الْغَزْوَة وَكَانَ بِبَعْض الطَّرِيق قَالَ " أهل الْإِفْك مَا قَالُوا " وهم مسطح بن أَثَاثَة بن عباد بن عبد الْمطلب وَهُوَ ابْن خَالَة أبي بكر وَحسان بن ثَابت، وَعبد اللَّهِ بن أبي بن سلول الْمُنَافِق وَأم حَسَنَة بنت جحش فرموا

- ‌(عمْرَة الْحُدَيْبِيَة)

- ‌ فِي ذِي الْقعدَة مِنْهَا مُعْتَمِرًا لَا يُرِيد حَربًا بالمهاجرين وَالْأَنْصَار فِي ألف وَأَرْبَعمِائَة وسَاق الْهَدْي وَأحرم بِالْعُمْرَةِ وَسَار حَتَّى وصل ثنية المرار مهبط الْحُدَيْبِيَة أَسْفَل مَكَّة وَأمر بالنزول فَقَالُوا ننزل على غير مَاء فَأعْطى رجلا سَهْما من كِنَانَته وغرزه فِي جَوف القليب فَجَاشَ حَتَّى

- ‌ ثمَّ قَامَ عُرْوَة من عِنْده وَهُوَ يرى مَا يصنع

- ‌ عمر بن لخطاب رضي الله عنه ليَبْعَثهُ إِلَى قُرَيْش يعلمهُمْ إِنَّه لم يَأْتِ لِحَرْب وَإِنَّمَا جَاءَ زَائِرًا ومعظما لهَذَا الْبَيْت فخافهم عمر لغلظته عَلَيْهِم وعداوته لَهُم فَبعث

- ‌ فحبسوه وَبلغ رَسُول اللَّهِ أَن عُثْمَان قتل فَقَالَ: " لَا نَبْرَح حَتَّى نُنَاجِز الْقَوْم "." ودعا

- ‌ على الْمَوْت وَكَانَ جَابر يَقُول: لم يُبَايِعنَا إِلَّا على أننا لَا نفر وَلَا يتَخَلَّف أحد من الْمُسلمين إِلَّا الْجد بن قيس استتر بناقته وَبَايع

- ‌ فَقَالَ عمر: يَا رَسُول الله أَلَسْت برَسُول اللَّهِ ولسنا بِالْمُسْلِمين قَالَ: بلَى، قَالَ: فعلام نعطي الدنية فِي ديننَا، فَقَالَ: " أَنا عبد اللَّهِ وَرَسُوله وَلنْ أُخَالِف أمره وَلنْ يضيعني " ثمَّ دَعَا عليا رضي الله عنه فَقَالَ: " أكتب بِسم اللله الرَّحْمَن الرَّحِيم: فَقَالَ:

- ‌ اكْتُبْ هَذَا مَا صَالح عَلَيْهِ مُحَمَّد بن عبد اللَّهِ سُهَيْل بن عَمْرو على وضع الْحَرْب عَن النَّاس عشر سِنِين وَأَنه من احب أَن يدْخل فِي عقد مُحَمَّد وَعَهده دخل فِيهِ وَمن احب أَن يدْخل فِي عقد قُرَيْش وَعَهْدهمْ دخل فِيهِ " وَأشْهد على الْكتاب رجَالًا من الْمُسلمين وَالْمُشْرِكين وَكَانَ الصَّحَابَة

- ‌ من ذَلِك نحر هَدِيَّة وَحلق رَأسه فنحروا وحلقوا ويومئذ قَالَ: " يرحم اللَّهِ المحلقين قَالُوا والمقصرين يَا رَسُول اللَّهِ قَالَ يرحم اللَّهِ المحلقين حَتَّى اعادوا وَأعَاد ذَلِك ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ: والمقصرين " ثمَّ قفل إِلَى الْمَدِينَة وَأقَام حَتَّى خرجت السّنة.ثمَّ دخلت سنة سبع

- ‌خرج فِي منتصف الْمحرم مِنْهَا إِلَى خَيْبَر وحصرهم وَفتحهَا حصنا حصنا حصن ناعم ثمَّ حصن القموص وَأصَاب مِنْهَا سَبَايَا مِنْهُنَّ صَفِيَّة بنت كَبِيرهمْ حييّ بن أَخطب فَتَزَوجهَا

- ‌ الشَّقِيقَة فيلبث الْيَوْم واليومين لَا يخرج فَلَمَّا نزل خَيْبَر أَخَذته فَأخذ أَبُو بكر الرَّايَة فقاتل قتالا شَدِيدا.ثمَّ عمر فقاتل شَدِيدا وَقَالَ

- ‌ أَن يَهُودِيّا ضرب عليا فَطرح ترسه من يَده فَتَنَاول بَابا فتترس بِهِ وَقَاتل حَتَّى فتح الله عَلَيْهِ ثمَّ أَلْقَاهُ، فَلَقَد رَأَيْتنِي فِي سَبْعَة نفر ثامنهم نجهد على أَن نقلب ذَلِك الْبَاب فَمَا نقلبه، وَفتحت فِي صفر وساقاهم النَّبِي

- ‌ من خَيْبَر إِلَى وَادي الْقرى فحاصره وافتتحه عنْوَة وَلما وصل الْمَدِينَة قَالَ: " مَا أردي بِأَيِّهِمَا أسر بِفَتْح خَيْبَر أم بقدوم جَعْفَر "." وخلاصة تزَوجه بِأم حَبِيبَة " أَنَّهَا كَانَت قد هَاجَرت مَعَ زَوجهَا عبيد اللَّهِ بن جحش فَتَنَصَّرَ عبيد اللَّهِ فَكتب

- ‌ أَرْبَعمِائَة دِينَار وَبلغ أَبَاهَا أَبَا سُفْيَان فَقَالَ ذَلِك الْفَحْل الَّذِي لَا يقرع أَنفه، وكلم رَسُول اللَّهِ

- ‌ رجلَيْنِ اسْم أَحدهمَا

- ‌ بِالْمَسِيرِ إِلَى كسْرَى فدخلا عَلَيْهِ وَقد حلقا لحاهما فكره النَّبِي النّظر إِلَيْهِمَا وَقَالَ: " ويلكما من أمركما بِهَذَا "؟ قَالَا رَبنَا - يعنيان كسْرَى - فَقَالَ: " لَكِن رَبِّي أَمرنِي أَن أعفي عَن لحيتي وأقص شاربي " فأعلماه بِمَا قدما لَهُ وَقَالا: إِن فعلت كتب فِيك باذان إِلَى كسْرَى

- ‌ على فَخذه ورد دحْيَة ردا جميلا، وَأرْسل حَاطِب بن أبي بلتعة إِلَى ملك مصر " الْمُقَوْقس " جريج بن مَتى فَأكْرمه وَأهْدى للنَّبِي

- ‌ باد ملكه ".وَأرْسل سليط بن عَمْرو إِلَى " هَوْذَة " بن عَليّ ملك الْيَمَامَة النَّصْرَانِي فَقَالَ إِن جعل الْأَمر لي من بعده سرت إِلَيْهِ وَأسْلمت ونصرته وَإِلَّا قصدت حربه فَقَالَ

- ‌ فَأسلم وَقَرَأَ الْبَقَرَة وَرجع إِلَى الْيَمَامَة وارتد وَشهد أَن النَّبِي

- ‌(غَزْوَة مؤته)

- ‌ على الْمِنْبَر وكشف لَهُ معتركهم فَقَالَ: " أَخذ الرَّايَة زيد بن حَارِثَة حَتَّى اسْتشْهد " فصلى عَلَيْهِ وَقَالَ " اسْتَغْفرُوا لَهُ " ثمَّ قَالَ: " أَخذ الرَّايَة جَعْفَر حَتَّى اسْتشْهد " فصلى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: " اسْتَغْفرُوا لأخيكم جَعْفَر " ثمَّ قَالَ: " أَخذ الرَّايَة عبد اللَّهِ بن رَوَاحَة فاستشهد ثمَّ

- ‌ رَسُول غَيره، وفيهَا

- ‌وَذَلِكَ أَن بني بكر كَانُوا فِي عقد قُرَيْش وخزاعة فِي عقد النَّبِي

- ‌ فَقَالَ: يَا بنية أرغبت بِهِ عني أم رغبت بن عَنهُ، فَقَالَت: هُوَ فرَاش رَسُول اللَّهِ وَأَنت مُشْرك نجس، فَقَالَ لقد أَصَابَك بعدِي شَرّ، ثمَّ أَتَاهُ فَكَلمهُ فَلم يرد شَيْئا وأتى كبار الصَّحَابَة مثل أبي بكر وَعلي فَمَا أجاباه فَعَاد وَأخْبر قُريْشًا، وتجهز رَسُول اللَّهِ

- ‌ لَعَلَّ اللَّهِ قد اطلع على أهل بدر فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُم فقد غفرت لكم ".ثمَّ خرج من الْمَدِينَة لعشر من رَمَضَان وَمَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار وَطَوَائِف من الْعَرَب وَكَانَ جَيْشه عشرَة آلَاف حَتَّى قَارب مَكَّة فَركب الْعَبَّاس بغلة النَّبِي

- ‌ فِي عشرَة آلَاف فَقَالَ مَا تَأْمُرنِي بِهِ قلت تركب لأستأمن لَك رَسُول اللَّهِ وَإِلَّا تضرب عُنُقك.فردفني وَجئْت بِهِ إِلَى رَسُول اللَّهِ وَجَاءَت طريقي على عمر بن الْخطاب فَقَالَ عمر: أَبَا سُفْيَان الْحَمد لله الَّذِي أمكن مِنْك بِغَيْر عقد وَلَا عهد، ثمَّ اشْتَدَّ نَحْو رَسُول اللَّهِ، وأدركته

- ‌ يَا أَبَا سُفْيَان أما آن أَن تعلم أَن لَا إِلَه إِلَّا اللَّهِ " قَالَ بلَى، قَالَ: " وَيحك ألم يَأن لَك أَن تعلم أَنِّي رَسُول اللَّهِ " فَقَالَ: بِأبي وَأمي أما هَذِه فَفِي النَّفس مِنْهَا شَيْء، فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاس: وَيحك تشهد قبل أَن يضْرب عُنُقك؛ فَتشهد وَأسلم مَعَه حَكِيم بن حزَام وَبُدَيْل

- ‌ فِي كتيبته الخضراء من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار، فَقَالَ لقد أصبح ملك ابْن أَخِيك عَظِيما، فَقلت وَيحك إِنَّهَا النُّبُوَّة، فَقَالَ نعم، ثمَّ امْر

- ‌ عَن الْقِتَال إِلَّا أَن خَالِدا لقِيه جمَاعَة من قُرَيْش فَرَمَوْهُ بِالنَّبلِ ومنعوه الدُّخُول فَقَاتلهُمْ وَقتل ثَمَانِيَة وَعشْرين مُشْركًا، فَقَالَ

- ‌ كلما مر بصنم مِنْهَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقضيب فِي يَده وَيَقُول: " جَاءَ الْحق وزهق الْبَاطِل أَن الْبَاطِل كَانَ زهوقا " فَيَقَع الصَّنَم لوجهه من غير أَن يمسهُ شَيْء، وَفِي ذَلِك يَقُول فضَالة اللَّيْثِيّ:(لَو مَا رَأَيْت مُحَمَّدًا وَجُنُوده…بِالْفَتْح يَوْم تكسر الْأَصْنَام)(لرأيت نور اللَّهِ

- ‌ وَأذن بِلَال الظّهْر على الْكَعْبَة فَقَالَت جوَيْرِية بنت أبي جهل لقد أكْرم اللَّهِ أبي حِين لم يشْهد نهيق بِلَال على ظهر الْكَعْبَة، وَقَالَ الْحَارِث بن هِشَام لَيْتَني مت قبل هَذَا، وَقَالَ خَالِد بن أسيد لقد أكْرم اللَّهِ أبي فَلم ير هَذَا الْيَوْم، فَخرج عَلَيْهِم

- ‌(غَزْوَة خَالِد بني جذيمة)

- ‌ السَّرَايَا حولهَا إِلَى النَّاس يَدعُوهُم إِلَى الْإِسْلَام وَلم يَأْمُرهُم بِقِتَال، وَكَانَت بَنو خُزَيْمَة قد قتلوا فِي الْجَاهِلِيَّة عوفا أباعبد الرَّحْمَن وَعم خَالِد كَانَا أَقبلَا من الْيمن، وَأخذُوا مَا مَعَهُمَا. وَكَانَ من السَّرَايَا الَّتِي بعثها

- ‌ خصامهما فَقَالَ: " يَا خَالِد دع عَنْك أَصْحَابِي فوَاللَّه لَو كَانَ لَك أحد ذَهَبا ثمَّ أنفقته فِي سَبِيل اللَّهِ تَعَالَى مَا أدْركْت غدْوَة أحدهم وَلَا روحته "، وفيهَا فِي شَوَّال غَزْوَة حنين

- ‌وَاد بَينه وَبَين مَكَّة ثَلَاث لَيَال وَلما فتحت مَكَّة تجمعت هوزان لحربه

- ‌ وَحضر بَنو جشم وَفِيهِمْ دُرَيْد بن الصمَّة وَقد جَاوز الْمِائَة لرأيه وَقَالَ رجزا:(يَا لَيْتَني فِيهَا جذع…أخب فِيهَا وأضع)وَبلغ ذَلِك رَسُول اللَّهِ

- ‌ إِلَى حنين وَالْمُشْرِكُونَ بأوطاس فَقَالَ دُرَيْد عَن أَوْطَاس: نعم مجَال الْخَيل لَا حزن ضرس وَلَا سهل دهس، وَركب بغلته الدلْدل.وَقَالَ رجل من الْمُسلمين عَن جَيْشه

- ‌ ذَات الْيمن فِي نفر من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وَأهل بَيتهمْ وحيئذ ظهر حقد أهل مَكَّة فَقَالَ أَبُو سُفْيَان: لَا تَنْتَهِي هزيمتهم دون الْبَحْر وَكَانَت الأزلام مَعَه فِي كِنَانَته وصرخ كلدة اسْكُتْ فض اللَّهِ فَاك وَالله لِأَن يربنِي رجل من قُرَيْش أحب إِلَيّ من أَن يربنِي رجل من هوَازن. وَاسْتمرّ

- ‌ للْعَبَّاس " نَاد بهم " فَقَالَ: يَا رَسُول الله كَيفَ يبلغهم صوتي، أَو مَتى يسمعُونَ ندائي، فَقَالَ: " عَلَيْك النداء وعَلى اللَّهِ الْبَلَاغ " فناداهم الْعَبَّاس وَأَقْبلُوا يأمون الصَّوْت كَأَنَّهُمْ إبل حنت إِلَى أَوْلَادهَا، وَالله أعلم.وتراجعوا واقتتلوا شَدِيدا فَقَالَ

- ‌ من الرضَاعَة فأرته عَلامَة عضته فِي ظهرهَا فعرفها وَبسط لَهَا رِدَاءَهُ وزودها وردهَا إِلَى قَومهَا حَسْبَمَا سَأَلت

- ‌ وحاصرهم بِالطَّائِف " نيفا وَعشْرين يَوْمًا حَتَّى بالمنجنيق، وَأمر بِقطع أعتابهم ثمَّ رَحل عَنْهُم وَنزل الْجِعِرَّانَة وَبهَا غَنَائِم هوَازن وَأَتَاهُ بعض هوَازن وسألوه فَرد عَلَيْهِم نصِيبه وَنصِيب بني عبد الْمطلب ورد النَّاس أَبْنَاءَهُم ونساءهم، ثمَّ لحق مَالك بن عَوْف مقدمهم بِهِ

- ‌ سيخرج من ضئضىء هَذَا الرجل قوم يخرجُون من الدّين كَمَا يخرج السهْم من الرَّمية لَا يُجَاوز إِيمَانهم تراقيهم " فَخرج مِنْهُ حرقوص بن زُهَيْر البَجلِيّ الْمَعْرُوف بِذِي الثدية أول من بُويِعَ من الْخَوَارِج بِالْإِمَامَةِ وَأول مارق من الدّين." ثمَّ اعْتَمر " وَعَاد إِلَى الْمَدِينَة واستخلف

- ‌ بِالْمَدِينَةِ وَتَتَابَعَتْ الْوُفُود وَدخل النَّاس فِي دين اللَّهِ أَفْوَاجًا وَورد عَلَيْهِ عُرْوَة بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ سيد ثَقِيف وَكَانَ غَائِبا عَن حِصَار الطَّائِف فَأسلم وَحسن إِسْلَامه فَقَالَ: أمضي إِلَى قومِي وأدعوهم فَقَالَ لَهُ

- ‌ بقصيدته الْمَشْهُورَة وَهِي.(بَانَتْ سعاد فقلبي الْيَوْم متبول…)فَأعْطَاهُ بردته واشتراها مُعَاوِيَة رضي الله عنه فِي خِلَافَته من أهل كَعْب بِأَرْبَعِينَ ألف دِرْهَم ثمَّ توارثها الْخُلَفَاء حَتَّى أَخذهَا التتر.وفيهَا فِي رَجَب أعلم النَّاس بالتجهز لغزو الرّوم، وَكَانَ إِذا

- ‌ لَا يضر عُثْمَان مَا صنع بعد الْيَوْم " وتخلف عبد اللَّهِ بن أبي الْمُنَافِق وتخلف ثَلَاثَة من الْأَنْصَار وهم كَعْب بن ماللك ومرارة بن الرّبيع وهلال بن أُميَّة.واستخلف

- ‌ ثَلَاثُونَ ألفا فَكَانَت الْخَيل عشرَة آلَاف ولقوا فِي الطَّرِيق حرا وعطشا ووصلوا الْحجر أَرض ثَمُود فنهاهم عَن مائَة ووصلوا " تَبُوك ".فَأَقَامَ بهَا عشْرين لَيْلَة وَقدم عَلَيْهِ بهَا يوحنا صَاحب أَيْلَة فَصَالحه على الْجِزْيَة فبلغت جزيتهم ثلثمِائة دِينَار وَصَالح أهل أذرح على مائَة دِينَار

- ‌ الْمَدِينَة فِي رَمَضَان فَاعْتَذر إِلَيْهِ الثَّلَاثَة الَّذين خلفوا فَنهى عَن كَلَامهم واعتزلوا وَضَاقَتْ عَلَيْهِم الأَرْض بِمَا رَحبَتْ ثمَّ نزلت تَوْبَتهمْ بعد خمسين لَيْلَة.وَلما دخل الْمَدِينَة قدم عَلَيْهِ وَفد الطَّائِف فِي ثَقِيف وَأَسْلمُوا وسألوه أَن يدع اللات الَّتِي كَانُوا يعبدونها لَا يَهْدِمهَا إِلَى

- ‌ وثلثمائة رجل فَلَمَّا كَانَ بِذِي الحليفة أرسل عليا رضي الله عنه فِي أَثَره وَأمره بِقِرَاءَة آيَات من أول سُورَة الْبَقَرَة على النَّاس وَأَن يُنَادي أَن لَا يطوف بِالْبَيْتِ بعد السّنة عُرْيَان وَلَا يحجّ مُشْرك فَعَاد أَبُو بكر وَقَالَ: يَا رَسُول الله أنزل فِي شَيْء؟ قَالَ: " لَا وَلَكِن لَا يبلغ

- ‌ فِي حجَّة الْوَدَاع

- ‌خرج

- ‌ وَلَقي عليا رضي الله عنه محرما فَقَالَ: " حل كَمَا حل أَصْحَابك " فَقَالَ إِنِّي أَهلَلْت بِمَا أهل بِهِ رَسُول اللَّهِ

- ‌ الْهَدْي عَنهُ، وَعلم

- ‌ نَفسه وخطب النَّبِي النَّاس بِعَرَفَة خطْبَة بَين فِيهَا الْأَحْكَام مِنْهَا " يَا أَيهَا النَّاس إِنَّمَا النسيء زِيَادَة فِي الْكفْر وَإِن الزَّمَان اسْتَدَارَ كَهَيئَةِ يَوْم خلق اللَّهِ السَّمَوَات وَالْأَرْض وَإِن عدَّة الشُّهُور عِنْد اللَّهِ اثْنَا عشر شهرا " وتمم حجه وَسميت حجَّة الْوَدَاع لِأَنَّهُ لم يحجّ بعْدهَا

- ‌ بِالْمَدِينَةِ بعد قدومه من حجَّة الْوَدَاع حَتَّى خرجت سنة عشر وَالْمحرم ومعظم صفر من سنة إِحْدَى عشرَة وابتدأ بِهِ مَرضه فِي أَوَاخِر صفر قيل لليلتين بَقِيَتَا مِنْهُ وَهُوَ فِي بَيت زَيْنَب بنت جحش، وَكَانَ يَدُور على نِسَائِهِ حَتَّى اشْتَدَّ مَرضه فِي بَيت مَيْمُونَة بنت الْحَارِث

- ‌ وَبِي صداع وَأَنا أَقُول وارأساه قَالَ بل أَنا يَا عَائِشَة أَقُول وارأساه ثمَّ قَالَ مَا ضرك لَو مت قبلي فَقُمْت عَلَيْك وكفنتك وَصليت عَلَيْك ودفنتك فَقلت كَأَنِّي بك وَالله لَو فعلت ذَلِك وَرجعت إِلَى بَيْتِي تعزيت بِبَعْض نِسَائِك فَتَبَسَّمَ رَسُول اللَّهِ

- ‌ يهجر فَذَهَبُوا يعيدون عَلَيْهِ فَقَالَ: " دَعونِي فَمَا أَنا فِيهِ خير مِمَّا تَدعُونِي إِلَيْهِ ".وَكَانَ فِي أَيَّام مَرضه يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَإِنَّمَا انْقَطع ثَلَاثَة أَيَّام فَلَمَّا أذن بِالصَّلَاةِ أول مَا انْقَطع قَالَ: " مروا أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ ".قلت: وَسَار فَاطِمَة رضي الله عنها فِي مَرضه

- ‌ يَوْم الْإِثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْ عشرَة لَيْلَة خلت من ربيع الأول فعلى هَذِه الرِّوَايَة يَوْم وَفَاته مُوَافق ليَوْم مولده وَلما مَاتَ ارْتَدَّ أَكثر الْعَرَب إِلَّا أهل الْمَدِينَة وَمَكَّة والطائف فَلم يدخلهَا ردة

- ‌ على مَكَّة عتاب بن أسيد فاستخفى خوفًا على نَفسه فارتجت مَكَّة وَكَاد أَهلهَا يرتدون فَقَامَ سُهَيْل بن عَمْرو على بَاب الْكَعْبَة وَصَاح بِقُرَيْش وَغَيرهم فَاجْتمعُوا إِلَيْهِ فَقَالَ: يَا أهل مَكَّة كُنْتُم آخر من أسلم فَلَا تَكُونُوا أول من ارْتَدَّ وَالله لَيتِمَّن اللَّهِ هَذَا الْأَمر كَمَا قَالَ رَسُول

- ‌ فَكَانَ الْعَبَّاس وابناه يقلبونه وَأُسَامَة وشقران يصبَّانِ المَاء وَعلي يغسلهُ وَعَلِيهِ قَمِيصه وَهُوَ يَقُول: بِأبي أَنْت وَأمي طبت حَيا وَمَيتًا وَلم ير مِنْهُ مَا يرى من الْمَيِّت.وكفن فِي ثَلَاثَة اثواب ثَوْبَيْنِ صحاريين وَبرد حبرَة أدرج فِيهَا إدراجا وَدفن تَحت فرَاشه الَّذِي مَاتَ عَلَيْهِ وحفر لَهُ

- ‌(صفته

- ‌وَصفه عَليّ رضي الله عنه فَقَالَ: لَيْسَ بالطويل وَلَا بالقصير ضخم الرَّأْس كث اللِّحْيَة شثن الْكَفَّيْنِ والقدمين ضخم الكراديس مشربا وَجهه بحمرة وَقيل كَانَ أدعج الْعَينَيْنِ سبط الشّعْر سهل الْخَدين كَأَن عُنُقه إبريق فضه. وَقَالَ أنس لم يشنه اللَّهِ بالشيبكَانَ فِي مقدم لحيته

- ‌ بِالْإِسْلَامِ ثمَّ ردهَا إِلَيْهِ بِالنِّكَاحِ الأول لما أسلم، ورقية، وَأم كُلْثُوم تزوج بهما عُثْمَان مُرَتبا.قلت: وَتُوفِّي جَمِيع أَوْلَاده فِي حَيَاته غير فَاطِمَة رضي الله عنهم، وَالله أعلم

- ‌(وَكتابه

- ‌أَبُو بكر، وَعمر، وَعُثْمَان، وَعلي، وَأبي بن كَعْب وَهُوَ اول من كتب لَهُ، وَزيد بن ثَابت، وَمُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان، وَكتب لَهُ عبد اللَّهِ بن سعيد بن أبي سرح ارْتَدَّ ثمَّ أسلم يَوْم الْفَتْح.قلت: وعماته سِتّ أم حَكِيم، وَهِي الْبَيْضَاء، وبرة، وعاتكة، وَصفِيَّة، وأروى

- ‌ مِنْهَا فِي تسع: بدر، وَأحد، والمريسيع، وَالْخَنْدَق، وَقُرَيْظَة، وخيبر، وَالْفَتْح، وحنين، والطائف؛ وَرُوِيَ أَنه قَاتل فِي بني النَّضِير، وَفِي غزَاة وَادي الْقرى مُنْصَرفه من خَيْبَر، وَفِي الغابة." وسراياه " سِتّ وَخَمْسُونَ سَرِيَّة وَهَذِه الْأَعْدَاد هِيَ الْمُعْتَمدَة من الْكتب

- ‌الْأَكْثَر على أَن الصَّحَابِيّ كل من اسْلَمْ وَرَأى النَّبِي

- ‌ عَن مائَة ألف وَأَرْبَعَة عشر ألفا من الصَّحَابَة مِمَّن روى عَنهُ وَسمع مِنْهُ." وأفضلهم الْعشْرَة " أَبُو بكر، وَعمر، وَعُثْمَان، وَعلي، وَطَلْحَة بن عبيد اللَّهِ، وَالزُّبَيْر بن الْعَوام، وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَسعد بن أبي وَقاص، وَسَعِيد بن زيد، وَأَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح

- ‌ ذَلِك بعث رَسُولا إِلَى الأنبار وَأمرهمْ أَن يخاذلوا الْأسود إِمَّا غيلَة وَإِمَّا مصادمة، وَأَن يستنجدوا رجَالًا من حمير وهمدان. وَكَانَ الْأسود قد تغير على قيس بن عبد يَغُوث فَاجْتمع بِهِ جمَاعَة مِمَّن كاتبهم النَّبِي

- ‌ بذلك فورد الْخَبَر من السَّمَاء إِلَى النَّبِي

- ‌وروى عبد اللَّهِ بن أبي بكر أَن النَّبِي

- ‌ بِيَوْم وَلَيْلَة وَأول خُرُوجه إِلَى أَن قتل أَرْبَعَة أشهر، وَسَيَأْتِي ذكر مُسَيْلمَة صَاحب الْيَمَامَة

- ‌(أَخْبَار أبي بكر الصّديق وخلافته رضي الله عنه

- ‌ قَالَ عمر: من قَالَ إِن رَسُول اللَّهِ

- ‌ فَأرْسل عَليّ إِلَى أبي بكر فَأَتَاهُ فِي منزله فَبَايعهُ وَقَالَ عَليّ مَا نفسنا عَلَيْك مَا سَاقه اللَّهِ إِلَيْك من فضل وَخير وَلَكنَّا نرى إِن لنا فِي هَذَا الْأَمر شَيْئا فاستبددت بِهِ دُوننَا وَمَا ننكر فضلك.وَلما اسْتخْلف أَبُو بكر كَانَ أُسَامَة بن زيد مبرزا، وَكَانَ عمر من جملَة جَيش أُسَامَة

- ‌ أما حَمْزَة فَأَجله قد انْقَضى وَأما وَحشِي فَسَوف يدْرك الشّرف من بعده ". فَقَالُوا كَيفَ يَا رَسُول اللَّهِ قَالَ: " هُوَ يقتل مُسَيْلمَة الْكذَّاب " فَكَانَ كَمَا قَالَ

- ‌ فِي وَفد بني حنيفَة فَأسلم ثمَّ ارْتَدَّ وَادّعى النُّبُوَّة اسْتِقْلَالا ثمَّ مُشَاركَة مَعَ النَّبِي

- ‌قلت: قَالَ الشَّيْخ مُحي الدّين النَّوَوِيّ فِي (كتاب التِّبْيَان فِي آدَاب حَملَة الْقُرْآن) : إِن الْقُرْآن الْعَزِيز كَانَ مؤلفا فِي زمن النَّبِي

- ‌ وَأسلم فولاه صَدَقَة قومه فَلَمَّا منع الزَّكَاة أرسل أَبُو بكر إِلَيْهِ خَالِدا فِي معنى الزَّكَاة فَقَالَ مَالك: أَنا آتِي بِالصَّلَاةِ دون الزَّكَاة، فَقَالَ خَالِد: أما علمت أَن الصَّلَاة وَالزَّكَاة مَعًا لَا تقبل وَاحِدَة دون الْأُخْرَى، فَقَالَ مَالك: قد كَانَ صَاحبكُم يَقُول ذَلِك، قَالَ خَالِد: وَمَا ترَاهُ

- ‌ وَصلى عَلَيْهِ عمر فِي مَسْجِد رَسُول اللَّهِ بَين الْقَبْر والمنبر وَأوصى أَن يدْفن إِلَى جنب رَسُول اللَّهِ فحفر لَهُ وَجعل رَأسه عِنْد كَتِفي رَسُول اللَّهِ

- ‌(خلَافَة عمر بن الْخطاب)

- ‌ قد أخبر أَنَّهَا تكون مصرا من الْأَمْصَار فَكَانَ كَمَا قَالَ، وَالله أعلم.وفيهَا توفّي أَبُو قُحَافَة أَبُو أبي بكر الصّديق وعمره سبع وَتسْعُونَ سنة بعد وَفَاة ابْنه أبي بكر رضي الله عنهما.ثمَّ دخلت سنة خمس عشرَة: فِيهَا فتحت حمص بعد دمشق صَالحهمْ أَبُو عُبَيْدَة بعد حِصَار

- ‌ قد قَالَ لعمر رضي الله عنه: " إِنَّك ستفتح بَيت الْمُقَدّس بِلَا قتال " فَسَار عمر إِلَى الشَّام وَفتحهَا بِلَا سيف كَمَا قَالَ

- ‌ وَفرض لأهل بدر خَمْسَة آلَاف خَمْسَة آلَاف، وَفرض لمن بعدهمْ إِلَى الْحُدَيْبِيَة وبيعة الرضْوَان أَرْبَعَة أُلَّاف أَرْبَعَة آلَاف، ثمَّ لمن بعدهمْ ثَلَاثَة آلَاف ثَلَاثَة آلَاف، ثمَّ لأهل الْقَادِسِيَّة وَأهل الشَّام أَلفَيْنِ أَلفَيْنِ، وَلمن بعد الْقَادِسِيَّة واليرموك ألفا ألفا، ولروادفهم خَمْسمِائَة

- ‌ وَأَخُوهُ لأمه زِيَاد بن أَبِيه، وَنَافِع بن كلدة، وشبل بن معبد، فَرفعت الرّيح الكوة عَن الْعلية فَإِذا الْمُغيرَة على أم جميل بنت الأرقم بن عَامر بن صعصعة فَكَتَبُوا إِلَى عمر بذلك، فَعَزله واستقدمه مَعَ الشُّهُود وَولى الْبَصْرَة أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ فَلَمَّا قدم إِلَى عمر شهد أَبُو

- ‌ وَهُوَ مولى أبي بكر الصّديق وَاسم أمه حمامة وَهُوَ من مولدِي الْحَبَشَة أسلم بعد إِسْلَام أبي بكر وَلم يُؤذن بعد النَّبِي

- ‌ وَأبي بكر رضي الله عنهما.قلت: مر يَوْمًا عمر بن الْخطاب رضي الله عنه على رَسُول اللَّهِ

- ‌ وَهُوَ عَنْهُم رَاض وهم عَليّ وَعُثْمَان وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر وَسعد بعد أَن عرضهَا على عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فأبي. وَكَانَ عمر طَوِيل الْقَامَة أَبيض أصلع أشيب وعمره ثَلَاث وَسِتُّونَ وَقيل سِتُّونَ وَقيل خمس وَخَمْسُونَ وفضله وعدله وزهده مَشْهُور حرس بِنَفسِهِ لَيْلَة قفلا نزلُوا بِنَاحِيَة السُّوق هُوَ وَعبد

- ‌(خلَافَة عُثْمَان رضي الله عنه

- ‌ قد أهْدر دم سعد الْمَذْكُور يَوْم الْفَتْح فشفع فِيهِ عُثْمَان فَأَطْلقهُ.وَفِي خِلَافَته رضي الله عنه فتحت إفريقية بتولي ابْن أبي سرح الْمَذْكُور وَبعث بالخمس إِلَى عُثْمَان، وَلما فتحت أَمر عُثْمَان عبد اللَّهِ بن نَافِع بن الْحصين أَن يسير إِلَى جِهَة الأندلس، فغزا تِلْكَ الْجِهَة

- ‌ كَانَ من فضَّة فِيهِ ثَلَاثَة أسطر مُحَمَّد رَسُول اللَّهِ كَانَ يتختم بِهِ وَيخْتم بِهِ الْكتب إِلَى الْمُلُوك، ثمَّ تختم بِهِ أَبُو بكر، ثمَّ عمر، ثمَّ عُثْمَان إِلَى أَن سقط فِي بِئْر أريس.قلت: قَالُوا: وَكَانَ أمره صافيا إِلَى سُقُوط الْخَاتم الْمَذْكُور، وَالله أعلم.ثمَّ دخلت سنة إِحْدَى

- ‌ الَّتِي طلبتها فَاطِمَة رضي الله عنها من أبي بكر رضي الله عنه، وَلم يكن بلغَهَا قَوْله

- ‌ الْمشَاهد كلهَا وَعمر نَحْو سبعين سنة.ثمَّ دخلت سنة خمس وَثَلَاثِينَ: فِيهَا قدمت جموع من مصر والكوفة وَالْبَصْرَة، وَكَانَ هوى المصريين مَعَ عَليّ رضي الله عنه، وَهوى الْكُوفِيّين مَعَ الزبير، وَهُوَ الْبَصرِيين مَعَ طَلْحَة، فَدَخَلُوا الْمَدِينَة وثاروا على عُثْمَان يَوْم الْجُمُعَة وَهُوَ

- ‌ فَسُمي ذَا النورين، كَاتبه مَرْوَان بن الحكم، وقاضيه زيد بن ثَابت، جهز جَيش الْعسرَة من مَاله، وَأصَاب النَّاس مجاعَة فِي غزَاة تَبُوك فَاشْترى طَعَاما يصلح الْعَسْكَر وجهز بِهِ عيرًا، فَلَمَّا وصل ذَلِك إِلَى النَّبِي

- ‌ فَجعل ثَوْبه عَلَيْهِ وَقَالَ: " كَيفَ لَا أستحي مِمَّن تَسْتَحي مِنْهُ الْمَلَائِكَة ".قلت: وَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّهِ

- ‌(أَخْبَار عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه

- ‌ يَقُول وَعِنْده نساؤه: لَيْت شعري أيتكن ينبحها كلاب الحوأب، ثمَّ ضربت عضد بَعِيرهَا فأناخته وَقَالَت: ردوني، فأناخوا يَوْمًا وَلَيْلَة، وَقَالَ لَهَا عبد اللَّهِ بن الزبير: إِنَّه كذب - يَعْنِي لَيْسَ هَذَا مَاء الحوأب -. وَلم يزل بهَا وَهِي تمْتَنع فَقَالَ: النجا النجا فقد أدرككم

- ‌وَاجْتمعَ إِلَى عَليّ من الْكُوفَة جمع، وَإِلَى عَائِشَة وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر جمع، وَسَار بَعضهم إِلَى بعض والتقوا بمَكَان يُقَال لَهُ الخريبة فِي منتصف جُمَادَى الْآخِرَة مِنْهَا، ودعا عَليّ الزبير وَقَالَ: أَتَذكر يَوْمًا مَرَرْت مَعَ رَسُول اللَّهِ

- ‌ إِنَّه لَيْسَ بنزه ولتقاتلنه وَأَنت ظَالِم لَهُ فَقَالَ الزبير: اللَّهُمَّ نعم، وَلَو ذكرته مَا سرت مسيري هَذَا

- ‌ يَقُول: بشروا قَاتل الزبير بالنَّار. فَقَالَ عَمْرو بن جرموز:(أتيت عليا بِرَأْس الزبير…وَقد كنت أحسبها زلفة)(فبشر بالنَّار قبل العيان…فبئس الْبشَارَة والتحفة)(وسيان عِنْدِي قتل الزبير…وضرطة عير بِذِي الْجحْفَة)واقتتلوا وَعَائِشَة راكبة

- ‌(وقْعَة صفّين)

- ‌ ثَلَاث مَرَّات وَهَذِه الرَّابِعَة، ودعا بِمَاء ليشْرب فَجَاءَتْهُ امْرَأَة بقدح من لبن، فَشرب مِنْهُ ثمَّ قَالَ: صدق اللَّهِ وَرَسُوله

- ‌ إِن آخر رِزْقِي من الدُّنْيَا صيخة لبن - والصيخ اللَّبن الرَّقِيق الممزوج - وارتجز:(نَحن قتلناكم على تَأْوِيله…كَمَا قتلناكم على تَنْزِيله)(ضربا يزِيل الْهَام عَن مقليه…وَيذْهل الْخَلِيل عَن خَلِيله)وَقَاتل حَتَّى اسْتشْهد رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ، وَفِي

- ‌ يَوْم الْحُدَيْبِيَة فَكتبت مُحَمَّد رَسُول اللَّهِ فَقَالُوا: لست برَسُول اللَّهِ وَلَكِن اكْتُبْ بِاسْمِك وَاسم أَبِيك فَأمرنِي رَسُول اللَّهِ بمحوه فَقلت لَا أَسْتَطِيع قَالَ: فأرني فأريته فمحاه بِيَدِهِ ثمَّ قَالَ: إِنَّك ستدعى إِلَى مثلهَا فتجيب.فَقَالَ عَمْرو: سُبْحَانَ اللَّهِ أتشبهنا بالكفار

- ‌(مقتل عَليّ رضي الله عنه

- ‌ رأى عليا نَائِما فِي بعض الْغَزَوَات على التُّرَاب فَقَالَ: " مَا لَك يَا أَبَا تُرَاب "، ثمَّ قَالَ: " أَلا أحدثتكم بِأَشْقَى النَّاس؟ رجلَيْنِ، قُلْنَا بلَى، قَالَ: أجثم قمود وَالَّذِي يَضْرِبك بِأَعْلَى هَذِه - فَوضع يَده على قرنه - حَتَّى تبتل مِنْك هَذِه وَأخذ بلحيته، وَفِي رِوَايَة أَنه قَالَ لعَلي:

- ‌(صفته رضي الله عنه

- ‌ وَولدت لَهُ مُحَمَّد الْأَوْسَط وَلَا عقب لَهُ. وَولد لَهُ من خوله بنت جَعْفَر الْحَنَفِيَّة مُحَمَّد الْأَكْبَر بن الْحَنَفِيَّة وَله عقب.وَكَانَ لَهُ بَنَات من أُمَّهَات شَتَّى مِنْهُنَّ أم حسن ورملة الْكُبْرَى من ام سعيد بنت عُرْوَة، وَمن بَنَاته أم هانىء ومَيْمُونَة وَزَيْنَب الصُّغْرَى ورملة الصُّغْرَى وَأم كُلْثُوم

- ‌(شَيْء من فضائله رضي الله عنه

- ‌ وَأَخُوهُ رَسُول اللَّهِ لَهُ، وَسبق إِسْلَامه وَقَوله

- ‌ من كنت مَوْلَاهُ فعلي مَوْلَاهُ "، وَقَوله

- ‌ أقضاكم عَليّ "وحاكم نَصْرَانِيّا فِي درع إِلَى شُرَيْح، فَقَالَ شُرَيْح لعَلي: أَلَك بَينه؟ قَالَ: لَا، وَهُوَ يضْحك، فَأخذ النَّصْرَانِي الدرْع وَمَشى يَسِيرا، ثمَّ عَاد وَقَالَ: أشهد أَن هَذِه أَحْكَام الْأَنْبِيَاء، ثمَّ أسلم واعترف بِسُقُوط الدرْع من عَليّ، ففرح بِإِسْلَامِهِ، ووهبه الدرْع

- ‌وَبعد وَفَاة عَليّ رضي الله عنه بُويِعَ الْحسن ابْنه، فَكتب إِلَيْهِ عبد اللَّهِ بن عَبَّاس من مَكَّة يحضه على جِهَاد عدوه، وَكَانَ ابْن عَبَّاس قد أَخذ من الْبَصْرَة مَالا وَلحق بِمَكَّة قبل مقتل عَليّ؛ وَأول من بَايعه قيس بن سعد بن عبَادَة فَقَالَ: أبسط يدك على كتاب اللَّهِ وَسنة

- ‌ قَالَ: " الْخلَافَة بعدِي ثَلَاثُونَ سنة ثمَّ تكون ملكا عَضُوضًا ". وَكَانَ آخر الثَّلَاثِينَ يَوْم خلع الْحسن نَفسه من الْخلَافَة.وَأقَام الْحسن بِالْمَدِينَةِ إِلَى أَن توفّي بهَا فِي ربيع الأول سنة تسع وَأَرْبَعين، ومولده بِالْمَدِينَةِ سنة ثَلَاث من الْهِجْرَة، وَهُوَ أكبر من الْحُسَيْن بِسنة وَكَانَ

- ‌ من سرته إِلَى قدمه.وَقيل إِن زَوجته جعدة بنت الْأَشْعَث سمته، قيل بِأَمْر مُعَاوِيَة، وَقيل بِأَمْر يزِيد أطمعها بالتزوج بهَا وَلم يَفِ؛ وَأوصى الْحسن أَن يدْفن عِنْد جده، فَمنع مَرْوَان بن الحكم وَالِي الْمَدِينَة من ذَلِك وكادت تكون فتْنَة بَين الأمويين والهاشميين، فَدفن

- ‌ الْحسن وَالْحُسَيْن سيدا شباب أهل الْجنَّة "، مَا مَعْنَاهُ؟ فَأجَاب بِجَوَاب مِنْهُ معنى الحَدِيث: أَن الْحسن وَالْحُسَيْن وَإِن مَاتَا شيخين فهما سيدا كل من مَاتَ شَابًّا وَدخل الْجنَّة وكل أهل الْجنَّة يكونُونَ فِي سنّ أَبنَاء ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَلَا يلْزم كَون السَّيِّد فِي سنّ من يسودهم وَالله اعْلَم

- ‌(خلفاء بني أُميَّة)

- ‌وَهُوَ ابْن أبي سُفْيَان صَخْر بن حَرْب بن أُميَّة بن عبد شمس بن عبد منَاف بن قصي، وامه هِنْد، ويكنى أَبَا عبد الرَّحْمَن، بُويِعَ يَوْم الْحكمَيْنِ، وَقيل بِبَيْت الْمُقَدّس بعد قتل عَليّ رضي الله عنه، وبويع ثَانِيًا الْبيعَة الثَّانِيَة يَوْم خلع الْحسن نَفسه وَاسْتمرّثمَّ دخلت سنة

- ‌ثمَّ دخلت سنة خمس وَأَرْبَعين: فِيهَا قدم زِيَاد إِلَى الْبَصْرَة فأكد الْملك لمعاوية وَتُوفِّي الْمُغيرَة سنة خمسين فأضاف مُعَاوِيَة الْكُوفَة إِلَى زِيَاد أَيْضا وَهُوَ أول من سير بَين يَدَيْهِ بالحراب والعمد وَاتخذ الحرس خَمْسمِائَة وَسَب زِيَاد عليا كَمَا كَانَت عَادَتهم فَقَامَ حجر بن عدي

- ‌ وأخوها عبد الرَّحْمَن.ثمَّ دخلت سنة تسع وَخمسين: فِيهَا توفّي سعيد بن الْعَاصِ ولد عَام الْهِجْرَة، وَالْعَاص قتل كَافِرًا ببدر وَكَانَ سعيد جوادا.وفيهَا مَاتَ الحطيئة جَرْوَل بن مَالك لقب بالحطيئة لقصره أسلم ثمَّ ارْتَدَّ ثمَّ اسْلَمْ، وفيهَا توفّي أَبُو هُرَيْرَة.قلت: واسْمه

- ‌(أَخْبَار مُعَاوِيَة)

- ‌ وَاسْتَعْملهُ عمر على الشَّام أَربع سِنِين من خِلَافَته وَأقرهُ عُثْمَان مُدَّة خِلَافَته، نَحْو اثْنَتَيْ عشرَة سنة وتغلب على الشَّام مُحَاربًا عليا أَربع سِنِين، فَكَانَ أَمِيرا وملكا على الشَّام نَحْو أَرْبَعِينَ سنة، وَكَانَ حَلِيمًا ذَا هَيْبَة يقهر حلمه غَضَبه ويغلب جوده مَنعه، حَتَّى رُوِيَ أَن أروى بنت

- ‌ثَانِي خلفائهم أمه مَيْسُونُ بنت بَحْدَل الْكَلْبِيَّة، بُويِعَ بالخلافة لما مَاتَ أَبوهُ فِي رَجَب سنة سِتِّينَ، وَأرْسل إِلَى عَامله بِالْمَدِينَةِ بإلزام الْحُسَيْن وَعبد اللَّهِ بن الزبير وَابْن عمر بالبيعة

- ‌ على هَاتين الشفتين، ثمَّ بَكَى وَرُوِيَ إِنَّه قتل مَعَ الْحُسَيْن من أَوْلَاد عَليّ أَرْبَعَة هم الْعَبَّاس، وجعفر، وَمُحَمّد، وَأَبُو بكر، وَمن أَوْلَاد الْحُسَيْن أَرْبَعَة وَقتل عدَّة من اولاد عبد اللَّهِ بن جَعْفَر، وَمن أَوْلَاد عقيل ثمَّ بعث ابْن زِيَاد بالرؤوس وبالنساء والأطفال إِلَى يزِيد بن

- ‌ قَالَ: " إِن ابْني هَذَا - يَعْنِي الْحُسَيْن - يقتل بِأَرْض يُقَال لَهَا كربلا فَمن شهد ذَلِك مِنْكُم فلينصره "، فَخرج أنس بن الْحَارِث إِلَى كربلاء فَقتل مَعَ الْحُسَيْن رضي الله عنه.ثمَّ دخلت سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَثَلَاث وَسِتِّينَ: فِيهَا اتّفق أهل الْمَدِينَة على خلع يزِيد، وأخرجوا

- ‌(أَخْبَار مُعَاوِيَة بن يزِيد)

- ‌(أَخْبَار ابْن الزبير)

- ‌ أَن اللَّهِ قتل بِيَحْيَى بن زَكَرِيَّا سبعين ألفا ووعدني أَن يقتل بِابْني هَذَا - يَعْنِي الْحُسَيْن - سبعين ألفا "، وَكَانَ كَمَا قَالَ وَالله أعلم.وفيهَا: ولي ابْن الزبير أَخَاهُ مصعبا الْبَصْرَة، ثمَّ سَار مُصعب من الْبَصْرَة بعد أَن جَاءَ لَهُ الْمُهلب بن أبي صفرَة من خُرَاسَان بِمَال

- ‌ وَلم يَصْحَبهُ، ووفد على عمر فَكَانَ من كبار التَّابِعين، وَشهد مَعَ عَليّ صفّين وَلم يشْهد وقْعَة الْجمل مَعَ أحد الْفَرِيقَيْنِ، كَانَ أحنف الرجل يطَأ على جَانبهَا الوشحي، حضر الْأَحْنَف عِنْد مُعَاوِيَة فَقَامَ شَامي خَطِيبًا وَلعن عليا رضي الله عنه فِي آخر كَلَامه، فَقَالَ الْأَحْنَف: يَا أَمِير

- ‌ وَهُوَ على ذَلِك إِلَى الْآن.ثمَّ دخلت سنة خمس وَسبعين: فِيهَا ولى عبد الْملك الْحجَّاج الْعرَاق، فَسَار من الْمَدِينَة إِلَى الْكُوفَة، وَخرج فِي أَيَّامه بالعراق شبيب الْخَارِجِي وَله مَعَ الْحجَّاج حروب كَثِيرَة آخرهَا أَن جموع شبيب تَفَرَّقت، وتردى بِهِ فرسه من فَوق جسر فغرق شبيب

- ‌(أَخْبَار الْوَلِيد بن عبد الْملك)

- ‌ وَهدم بيُوت أَزوَاجه رضي الله عنهن، وَأَن يدْخل الْبيُوت فِي الْمَسْجِد بِحَيْثُ تصير مساحة الْمَسْجِد مِائَتي ذِرَاع فِي مِائَتي ذِرَاع وَأَن يضع أَثمَان الْبيُوت فِي بَيت المَال، فَأجَاب أهل الْمَدِينَة إِلَى ذَلِك وقدمت الفعلة والصناع من عِنْد الْوَلِيد لعمارة الْمَسْجِد، وتجرد لذَلِك عمر بن

- ‌ سُلَيْمَان بن عبد الْملك:

- ‌(أَخْبَار عمر بن عبد الْعَزِيز)

- ‌(أَخْبَار يزِيد بن عبد الْملك)

- ‌ روى عَن ابْن عَبَّاس وَأبي هُرَيْرَة وَأم سَلمَة، وَتُوفِّي سنة سبع وَمِائَة، وَقيل غير ذَلِك؛ وعمره ثَلَاث وَسَبْعُونَ، وَأَبُو بكر: هُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام بن الْمُغيرَة المَخْزُومِي الْقرشِي، كنيته اسْمه؛ سمي رَاهِب قُرَيْش، وَأَبوهُ أَخُو أبي جهل، وَتُوفِّي سنة أَربع وَتِسْعين

- ‌(أَخْبَار هِشَام بن عبد الْملك)

- ‌(أَخْبَار الْوَلِيد بن يزِيد)

- ‌(أَخْبَار يزِيد بن الْوَلِيد)

- ‌(إِخْبَار إِبْرَاهِيم بن الْوَلِيد)

- ‌(أَخْبَار مَرْوَان بن مُحَمَّد)

- ‌(أَخْبَار أبي الْعَبَّاس السفاح)

- ‌(أَخْبَار مَرْوَان إِلَى أَن قتل)

- ‌(خلَافَة أبي جَعْفَر الْمَنْصُور)

- ‌ للأحزاب وَجرى قتال، ثمَّ قتل مُحَمَّد الْمَذْكُور وَجَمَاعَة من أهل بَيته وَأَصْحَابه وَانْهَزَمَ من سلم مِنْهُم، وَأقَام عِيسَى بِالْمَدِينَةِ أَيَّامًا وَرجع فِي أَوَاخِر رَمَضَان يُرِيد مَكَّة مُعْتَمِرًا كَانَ مُحَمَّد سمينا أسمر شجاعا كثير الصَّوْم وَالصَّلَاة تلقب بالمهدى، وَالنَّفس الزكية.وفيهَا: ابْتَدَأَ

- ‌ فِي الْجَنِين غرَّة عبد أَو أمة "، ليَكُون لقَوْله غرَّة فَائِدَة، وَهَذَا لغرابته نقلته، وَالله أعلم.وفيهَا: سَار الْمَنْصُور إِلَى الشَّام وجهز جَيْشًا إِلَى الْمغرب لقتل الْخَوَارِج.وفيهَا: مَاتَ أشعب الطامع.وفيهَا: مَاتَ وهيب بن الْورْد الزَّاهِد الْمَكِّيّ.ثمَّ دخلت

- ‌(أَخْبَار الْمهْدي بن الْمَنْصُور)

- ‌ وَحمل الثَّلج إِلَى مَكَّة.وفيهَا: مَاتَ دَاوُد الطَّائِي الزَّاهِد من أَصْحَاب أبي حنيفَة، وَعبد الرَّحْمَن بن عبد اللَّهِ بن عتبَة المَسْعُودِيّ، والخليل بن أَحْمد الْبَصْرِيّ استاذ سِيبَوَيْهٍ.ثمَّ دخلت سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَة: فِيهِ: أَمر الْمهْدي باتخاذ المصانع فِي طَرِيق مَكَّة

- ‌(أَخْبَار مُوسَى الْهَادِي)

- ‌ وَأقَام الْحُسَيْن وَأَصْحَابه يَتَجَهَّزُونَ أحد عشر يَوْمًا.ثمَّ خَرجُوا لست بَقينَ من ذِي الْقعدَة وَوصل الْحُسَيْن إِلَى مَكَّة، وَلحق بِهِ جمَاعَة من عبيد مَكَّة.وَكَانَ قد حج تِلْكَ السّنة جمَاعَة من بني الْعَبَّاس وشيعتهم، مِنْهُم: سُلَيْمَان بن أبي جَعْفَر الْمَنْصُور وَمُحَمّد بن سُلَيْمَان بن عَليّ

- ‌(أَخْبَار هَارُون الرشيد)

- ‌ الْمُتَقَدِّمين صاحبنا أم صَاحبكُم؟ قَالَ: اللَّهُمَّ صَاحبكُم، قلت: فَلم يبْق إِلَّا الْقيَاس وَالْقِيَاس لَا يكون إِلَّا على هَذِه الْأَشْيَاء.وسعي بِالْإِمَامِ مَالك إِلَى جَعْفَر بن سُلَيْمَان بن عَليّ بن عبد اللَّهِ بن الْعَبَّاس ابْن عَم الْمَنْصُور وَقَالُوا: إِنَّه لَا يرى الْأَيْمَان ببيعتكم هَذِه بِشَيْء

- ‌ قَالَ: " ادرؤا الْحُدُود بِالشُّبُهَاتِ "، وَهَذِه شُبْهَة يسْقط الْحَد مَعهَا، قَالَ: وَأي شُبْهَة مَعَ المعاينة؟ قَالَ: لَيْسَ توجب المعاينه لذَلِك أَكثر من الْعلم بِمَا جرى وَالْحُدُود لَا تكون بِالْعلمِ، فَسجدَ مرّة أُخْرَى، وَحصل لَهُ بِهَذِهِ من الرشيد وَمن المستفتي فِيهِ وَمن أمه وجماعته مَال

- ‌ وَغشيَ عَلَيْهِ، ثمَّ أَفَاق فَقَالَ للفضل بن الرّبيع يَا فضل:(أحين دنا مَا كنت أخْشَى دنوه…رمتني عُيُون النَّاس من كل جَانب)

- ‌(أَخْبَار الْأمين بن الرشيد)

- ‌(أَخْبَار الْمَأْمُون بن الرشيد)

- ‌ فَبَايعُوهُ، ثمَّ هزم زُهَيْر بن الْمسيب الضَّبِّيّ وَكَانَ قد جهزه إِلَيْهِ الْحسن بن سهل بِعشْرَة آلَاف، ثمَّ سمه أَبُو السَّرَايَا بن مَنْصُور الْقيم بأَمْره ليستبد بِالْأَمر، ثمَّ استولى أَبُو السريا على الْبَصْرَة وواسط، وَله مَعَ عَسْكَر الْمَأْمُون وقائع.وفيهَا: توفّي الْحُسَيْن وَالِد طَاهِر

- ‌(دولة بني زِيَاد مُلُوك الْيمن)

- ‌ وَهُوَ مترعرع وَأَبوهُ السَّائِب أسلم يَوْم بدر، فالشافعي شَقِيق رَسُول اللَّهِ

- ‌ وَابْن عمته لِأَن الشِّفَاء أُخْت عبد الْمطلب جد رَسُول اللَّهِ

- ‌ إِذا تزوج الرجل الْمَرْأَة لدينها وجمالها كَانَ فِيهِ سداد، من عوز، وَفتح سين سداد، فَأَعَادَ النَّضر الحَدِيث وَكسر السِّين، فَاسْتَوَى الْمَأْمُون جَالِسا وَقَالَ: تلحنني يَا نضر، فَقَالَ: إِنَّمَا لحن هشيم وَكَانَ لحانا فتبع أَمِير الْمُؤمنِينَ لَفظه، قَالَ: فَمَا الْفرق بَينهمَا قَالَ:

- ‌وفيهَا: مَاتَ أَبُو الْعَتَاهِيَة الشَّاعِر.وفيهَا: مَاتَ أَبُو الْحسن سعيد بن مسْعدَة الْأَخْفَش النَّحْوِيّ الْبَصْرِيّ والخفش: صغر الْعَينَيْنِ مَعَ سوء بصرهما، أَخذ النَّحْو عَن سِيبَوَيْهٍ وَكَانَ أكبر من سِيبَوَيْهٍ، وَقَالَ: مَا وضع سِيبَوَيْهٍ شَيْئا فِي كِتَابه إِلَّا بعد أَن عرضه عَليّ. وَزَاد

- ‌(أَخْبَار المعتصم بن الرشيد)

- ‌(أَخْبَار الواثق بن المعتصم)

- ‌(أَخْبَار المتَوَكل بن المعتصم)

- ‌ وعَلى عهد أبي بكر وَأَنا أنهى عَنْهُمَا وَمن أَنْت يَا جعل حَتَّى تنْهى عَمَّا فعله رَسُول اللَّهِ

- ‌ أَن أنادي بالنهى فِي الْمُتْعَة وتحريمها بعد أَن كَانَ أَمر بهَا.فَقَالَ الْمَأْمُون: أمحفوظ هَذَا عَن الزُّهْرِيّ؟ قَالَ: نعم رَوَاهُ عَنهُ جمَاعَة مِنْهُم مَالك رضي الله عنه، فَقَالَ الْمَأْمُون: أسْتَغْفر اللَّهِ، وبادر إِلَى النداء بِتَحْرِيم الْمُتْعَة وَالنَّهْي عَنْهَا.وَكَانَ ابْن أَكْثَم

- ‌ أَنه لَا يتوارث أهل ملتين وَالله أعلم.ثمَّ دخلت سنة أَربع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا دخل المتَوَكل دمشق وعزم على الْمقَام بهَا وَنقل دواوين الْملك إِلَيْهَا، فَقَالَ يزِيد بن مُحَمَّد المهلبي:(أَظن الشَّام تشمت بالعراق…إِذا عزم الإِمَام على انطلاق)(فَإِن

- ‌(أَخْبَار الْمُنْتَصر بن المتَوَكل)

- ‌(أَخْبَار المستعين أَحْمد بن مُحَمَّد بن المعتصم)

- ‌(بيعَة المعتز بن المتَوَكل)

- ‌(أَخْبَار مُحَمَّد الْمُهْتَدي بن الواثق)

- ‌(أَخْبَار الْمُعْتَمد على اللَّهِ أَحْمد بن المتَوَكل)

- ‌ قَالَ: وَخرجت الصَّحِيح من زهاء سِتّمائَة ألف حَدِيث وَمَا أدخلت فِيهِ إِلَّا مَا صَحَّ.وَورد مرّة إِلَى بَغْدَاد فَعمد أهل الحَدِيث إِلَى مائَة حَدِيث فقلبوا متونها وأسانيدها وَوَضَعُوا عشرَة أنفس فأورد وَاحِد بعد الآخر الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة وَالْبُخَارِيّ يَقُول فِي كل حَدِيث مِنْهَا: لَا

- ‌(ابْتِدَاء أَمر السامانيين)

- ‌ مَكَّة، وَأسيد: بِفَتْح الْهمزَة وَكسر السِّين.وفيهَا: توفّي أَبُو يزِيد طيفور بن عِيسَى بن سروينان البسطامي الزَّاهِد كَانَ سروينان مجوسيا فَأسلم.قلت: وَله كرامات ومجاهدات، وَكَانَ يَقُول: وَلَو نظرتم إِلَى رجل أعطي من الكرامات حَتَّى يرْتَفع فِي الْهَوَاء فَلَا تغتروا بِهِ

- ‌ وَالَّذِي يشرب فِي آنِية الذَّهَب وَالْفِضَّة إِنَّمَا يجرجر فِي بَطْنه نَار جَهَنَّم ". وَكم لَهُ مثل ذَلِك.ثمَّ دخلت سنة إِحْدَى وَسبعين وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا جرت وقْعَة بَين ابْن الْمُوفق وَهُوَ المعتضد وَبَين حمارويه بن أَحْمد بن طولون صَاحب مصر آخرهَا هزيمَة المعتضد وَأَصْحَابه بَين دمشق

- ‌(أَخْبَار المعتضد بِاللَّه أَحْمد)

- ‌ عبد اللَّهِ بن سعد بن أبي سرح كَاتبا فَرجع إِلَى الْمُشْركين مُرْتَدا، وَاخْتَارَ عَليّ بن أبي طَالب أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ حَاكما لَهُ فَحكم عَلَيْهِ

- ‌(أَخْبَار المكتفي بن المعتضد)

- ‌ تِلْكَ اللَّيْلَة فِي الْمَنَام فَقَالَ لي: أقرىء أَبَا الْعَبَّاس عني السَّلَام وَقل لَهُ أَنْت صَاحب الْعلم المستقيل قَالَ أَبُو عبد اللَّهِ الروذابادي العَبْد الصَّالح: أَرَادَ

- ‌ فِي بعض مصنفاته فِي عدَّة مَوَاضِع:(أَلا يَا لَيْتَني مكنت مِنْهُ…فَكنت فعلت فِيهِ مَا أَشَاء)(فَإِن أبي ووالده وعرضي…لعرض مُحَمَّد مِنْهُ وقاء)وَالله أعلم.وَمَات لَعنه اللَّهِ وَلعن محبه برحبة مَالك بن طوق، وَذكر أَن عمره سِتّ وَثَلَاثُونَ سنة، وتاريخ وَفَاته

- ‌وبويع المقتدر بِاللَّه أَبُو الْفضل جَعْفَر بن المعتضد بِاللَّه وَهُوَ ثامن عشرهم يَوْم توفّي المكتفي وعمره يَوْم بُويِعَ ثَلَاث عشرَة سنة، وَأمه شعب أم ولد.وفيهَا: توفّي الْمُنْذر بن مُحَمَّد الْأمَوِي، فبويع يَوْم مَوته بالأندلس لثلاث عشرَة بقيت من صفر.وفيهَا: فِي

- ‌ثمَّ سَار القداح وَقَامَ ابْنه أَحْمد، وَقيل مُحَمَّد مقَامه، وَصَحبه رستم بن الْحُسَيْن بن حَوْشَب بن زَاذَان النجار من أهل الْكُوفَة، فَأرْسل احْمَد إِلَى الشِّيعَة بِالْيمن يَدْعُو إِلَى الْمهْدي من آل مُحَمَّد

- ‌ مَعَه على الْعَرْش، وَقَالَت الطَّائِفَة الْأُخْرَى: إِنَّمَا هِيَ الشَّفَاعَة.وفيهَا: توفّي مُحَمَّد بن جَابر بن سِنَان الْحَرَّانِي الأَصْل البتاني الحاسب المنجم صَاحب الزيج الصابي لَهُ الأرصاد المتقنة، ابْتَدَأَ بالرصد سنة ارْبَعْ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ إِلَى سنة سِتّ وثلثمائة وَأثبت الْكَوَاكِب

- ‌(أَخْبَار القاهر بِاللَّه بن المعتضد)

- ‌(ابْتِدَاء دولة بني بويه)

- ‌(أَخْبَار الراضي بِاللَّه أَحْمد بن المقتدر)

- ‌(أَخْبَار إِبْرَاهِيم المتقي لله)

- ‌(أَخْبَار المستكفي بِاللَّه)

- ‌(أَخْبَار الْمُطِيع بن المقتدر)

- ‌ فَبعث بِهِ الْحسن بن عَليّ إِلَى الْمعز وبأسرى وَسلَاح.ثمَّ عَاد الْحسن بعد النَّصْر إِلَى قصره بصقلية وَمرض فَتوفي فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَخمسين وثلثمائة وعمره ثَلَاث وَخَمْسُونَ سنة.وَفِي أَوَاخِر سنة ثَمَان وَخمسين وثلثمائة استقدم الْمعز الْأَمِير أَحْمد من صقلية فَسَار

- ‌(أَخْبَار الطائع لله)

- ‌ سورا وَله شعر مِنْهُ أَبْيَات مِنْهَا بَيت لم يفلح بعده وَهِي:(لَيْسَ شرب الكأس إِلَّا فِي الْمَطَر…وغناء من جوَار فِي السحر)(غانيات سالبات للنهى…ناعمات فِي تضاعيف الْوتر)(عضد الدولة وَابْن ركنها…ملك الْأَمْلَاك غلاب الْقدر)وَكَانَ محبا لأهل

- ‌ فِي الْمَنَام فَقَالَ: مرْحَبًا يَا خطيب الخطباء كَيفَ تَقول كَأَنَّهُمْ لم يَكُونُوا للعيون قُرَّة وَلم يعدوا فِي الْأَحْيَاء مرّة؟ فَقَالَ الْخَطِيب تتمتها الْمعرفَة، فأدناه رَسُول اللَّهِ

- ‌(أَخْبَار الْقَادِر بِاللَّه)

- ‌(ابْتِدَاء دولة بني حَمَّاد مُلُوك بجاية)

- ‌(أَخْبَار الْمُؤَيد الْأمَوِي خَليفَة الأندلس)

- ‌(أَخْبَار صَالح بن مرداس وَولده)

- ‌(ذكر انْقِرَاض الْخلَافَة الأموية من الأندلس وتفرق ممالك الأندلس)

- ‌(وأخبار الدولة العلوية بهَا)

- ‌ من قتل بني قُرَيْظَة وَسَبْيهمْ فَانْتقضَ جرح سعد وَمَات رضي الله عنه.وَلما مَاتَ طغان خَان ملك أَخُوهُ أَبُو المظفر أرسلان خَان.وفيهَا: فِي جمادي الأولى توفّي مهذب الدولة صَاحب البطيحة أَبُو الْحسن عَليّ بن نصر ومولده سنة خمس وَثَلَاثِينَ وثلثمائة افتصد فورم ساعده

- ‌ تهامي، وَتطلق على الْبِلَاد الَّتِي بَين الْحجاز وأطراف الْيمن.ثمَّ دخلت سنة سبع عشرَة وَأَرْبَعمِائَة: فِيهَا صادرت الأتراك بِبَغْدَاد النَّاس وطمع فِي الْعَامَّة بِمَوْت مشرف الدولة وخلو بَغْدَاد من سُلْطَان.وفيهَا: توفّي أَبُو بكر عبد اللَّهِ بن أَحْمد بن عبد اللَّهِ

- ‌(ذكر ملك الرّوم للرها)

- ‌(أَخْبَار الْقَائِم بِأَمْر اللَّهِ)

- ‌وَمن شعره:(نقضتم عهوده فِي أَهله…وجرتم عَن سنَن المراسم)

- ‌(أَخْبَار عمان)

- ‌(ابْتِدَاء ملك السلجوقية وَسِيَاق أخبارهم)

- ‌(ابْتِدَاء دولة الملثمين)

- ‌ أهل قبَاء بشرية من لبن مشوبة بِعَسَل وضع الْقدح من يَده وَقَالَ: " أما إِنِّي لست أحرمهُ وَلَكِن

- ‌ عَن التنعم، وَكتب الرقَاق وَغَيرهَا مشحونة بترك السّلف الصَّالح للشهوات والملاذ الفانية رَغْبَة فِي النَّعيم الْبَاقِي.ورثاه أَيْضا الْأَمِير أَبُو الْفَتْح الْحسن بن عبد اللَّهِ بن أبي حَصِينَة المعري بقصيدة طَوِيلَة مِنْهَا:(الْعلم بعد أبي الْعَلَاء مضيع…وَالْأَرْض خَالِيَة

- ‌ خير بريته، والتقرب إِلَى اللَّهِ بمدائح الْأَشْرَاف من ذُريَّته، وتبجيل الصَّحَابَة وَالرِّضَا عَنْهُم، وَالْأَدب عِنْد ذكر مَا يلتقي مِنْهُم، وإيراد محَاسِن من التَّفْسِير، وَالْإِقْرَار بِالْبَعْثِ والإشفاق من الْيَوْم العسير وتضليل من أنكر الْمعَاد، وَالتَّرْغِيب فِي أذكار اللَّهِ والأوراد

- ‌(ذكر الْخطْبَة بالعراق للمستنصر الْعلوِي وَمَا كَانَ إِلَى قتل البساسيري)

- ‌ وذمام الْعَرَب على نَفسه وَمَاله وَأَهله وَأَصْحَابه، فَأعْطى قُرَيْش مخصرته ذماما، فَنزل الْقَائِم وَرَئِيس الرؤساء إِلَى قُرَيْش وسارا مَعَهفَأرْسل البساسيري يذكر قُريْشًا بِمَا عاهده عَلَيْهِ من الْمُشَاركَة فِي الْأَمر، ثمَّ اتفقَا على أَن يتسلم البساسيري رَئِيس الرؤساء لِأَنَّهُ عدوه

- ‌أَخْبَار الْيمن من تَارِيخ عمَارَة

- ‌ رأى فِي مَنَامه أَنه دخل الْجنَّة وَرَأى فِيهَا عذقا مدلى فأعجبه وَقَالَ: لمن هُوَ؟ فَقيل: لأبي جهل، فشق ذَلِك عَلَيْهِ وَقَالَ: مَا لأبي جهل وَالْجنَّة وَالله لَا يدخلهَا أبدا، فَلَمَّا أَتَاهُ عِكْرِمَة بن أبي جهل مُسلما فَرح بِهِ وَتَأَول ذَلِك العذق عِكْرِمَة ابْنه.وَمِنْهَا: عَن جَعْفَر بن

- ‌ قَالَ لأبي بكر الصّديق: يَا أَبَا بكر رَأَيْت كَأَنِّي وَأَنت نرقى دَرَجَة فسبقتك بمرقاتين وَنصف، فَقَالَ: يَا رَسُول الله يقبضك الله إِلَى رَحمته وأعيش بعْدك سنتَيْن وَنصف.وَمِنْهَا: أَن بعض أهل الشَّام قصّ على عمر بن الْخطاب رضي الله عنه قَالَ: رَأَيْت كَأَن الشَّمْس وَالْقَمَر اقتتلا

- ‌ والاستيعاب وَغير ذَلِك.وفيهَا: توفيت كَرِيمَة بنت أَحْمد بن مُحَمَّد المرمزية راوية صَحِيح البُخَارِيّ بِمَكَّة عالية الْإِسْنَاد.ثمَّ دخلت سنة أَربع وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة: فِيهَا فِي رَجَب توفّي القَاضِي أَبُو طَالب بن مُحَمَّد بن عمار قَاضِي طرابلس مستولياً عَلَيْهَا، وَقَامَ بعده ابْن

- ‌ثمَّ دخلت سنة خمس وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة فِيهَا: سَار ألب أرسلان وَعقد على جيحون جِسْرًا وعبره فِي نَيف وَعشْرين يَوْمًا بزائد عَن مِائَتي ألف فَارس، ومدّ لما عبره سماطاً فِي بَلْدَة فربر وَلها حصن فأحضر إِلَيْهِ مستحفظ الْحصن وأسمه يُوسُف الْخَوَارِزْمِيّ مَعَ غلامين يحفظانه وَكَانَ قد

- ‌(أَخْبَار الْمُسْتَنْصر وَقتل نَاصِر الدولة)

- ‌(أَخْبَار الْمُقْتَدِي بن مُحَمَّد)

- ‌مقتل شرف الدولة وَملك أَخِيه إِبْرَاهِيم

- ‌مقتل سُلَيْمَان بن قطلمش

الفصل: ‌ثم سار القداح وقام ابنه أحمد، وقيل محمد مقامه، وصحبه رستم بن الحسين بن حوشب بن زاذان النجار من أهل الكوفة، فأرسل احمد إلى الشيعة باليمن يدعو إلى المهدي من آل محمد

مُحَمَّد عبيد اللَّهِ بن مُحَمَّد بن عبد اللَّهِ بن مَيْمُون بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب، وَقيل: هُوَ عبيد اللَّهِ بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل الياني بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنهم.

وَاخْتلف الْعلمَاء فِي نسبه، فَمن قَالَ بإمامته قَالَ: نسبه صَحِيح، وَمن العلويين من وَافق عَلَيْهِ حَتَّى قَالَ الشريف الرضي:

(مَا مقَامي على الهوان وَعِنْدِي

مقول صارم وأنف حمي)

(ألبس الذل فِي بِلَاد الأعادي

وبمصر الْخَلِيفَة الْعلوِي)

(من أَبوهُ أبي ومولاه مولَايَ

إِذا ضامني الْبعيد القصي)

(لف عرقي بِعَرَفَة سيدا النَّاس

جَمِيعًا مُحَمَّد وَعلي)

وَقيل: نسبهم مَدْخُول، وَبَالغ قوم حَتَّى جعلُوا نسبهم فِي الْيَهُود فَقَالُوا: لم يكن اسْم الْمهْدي عبيد اللَّهِ بل كَانَ اسْمه سعيد بن أَحْمد بن عبد اللَّهِ القداح بن مَيْمُون بن ديصان.

وَقيل: عبيد اللَّهِ بن مُحَمَّد، وَقيل فِيهِ: سعيد بن الْحُسَيْن وَأَن الْحُسَيْن الْمَذْكُور قدم سلمية فَجرى بِحَضْرَتِهِ حَدِيث النِّسَاء فوصفوا لَهُ امْرَأَة يَهُودِيّ حداد بسلمية مَاتَ زَوجهَا، فَتَزَوجهَا الْحُسَيْن بن مُحَمَّد الْمَذْكُور بن أَحْمد بن عبد اللَّهِ القداح، وَكَانَ للْمَرْأَة ولد من الْيَهُودِيّ فَأَحبهُ الْحُسَيْن وأدبه، وَمَات الْحُسَيْن وَلَا ولد لَهُ فعهد إِلَى ابْن الْيَهُودِيّ الْحداد وَهُوَ الْمهْدي عبيد اللَّهِ وعرفه أسرار الدعْوَة وَأَعْطَاهُ الْأَمْوَال والعلامات، فَدَعَا لَهُ الدعاة.

وَقد اخْتلف كَلَام المؤرخين وَكثر فِي قصَّة عبد اللَّهِ القداح بن مَيْمُون بن ديصان، قَالُوا: ابْن ديصان الْمَذْكُور هُوَ صَاحب كتاب الْمِيزَان فِي نصْرَة الزندقة، وَكَانَ يظْهر التَّشَيُّع لآل الْبَيْت رضي الله عنهم، وَنَشَأ لميمون بن ديصان ولد اسْمه عبد الله القداح كَانَ يعالج الْعُيُون بالقدح، وَتعلم من أَبِيه مَيْمُون الْحِيَل وأطلعه أَبوهُ على أسرار الداعة لآل النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -.

‌ثمَّ سَار القداح وَقَامَ ابْنه أَحْمد، وَقيل مُحَمَّد مقَامه، وَصَحبه رستم بن الْحُسَيْن بن حَوْشَب بن زَاذَان النجار من أهل الْكُوفَة، فَأرْسل احْمَد إِلَى الشِّيعَة بِالْيمن يَدْعُو إِلَى الْمهْدي من آل مُحَمَّد

صلى الله عليه وسلم َ -، فَسَار رستم إِلَى الْيمن ودعا الشِّيعَة فَأَجَابُوهُ.

وَكَانَ أَبُو عبد الله الشيعي الْحُسَيْن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن زَكَرِيَّا من صنعاء، وَقيل: من الْكُوفَة، وَسمع بقدوم ابْن حَوْشَب إِلَى الْيمن وبدعوته، فَسَار أَبُو عبد اللَّهِ الشيعي علم صنعاء إِلَى ابْن حَوْشَب وَكَانَ بعدن فصحبه واختص بِهِ وَكَانَ لأبي عبد اللَّهِ الشيعي علم ودهاء، وَكَانَ قد أرسل ابْن حَوْشَب قبل ذَلِك الدعاة إِلَى الْمغرب وَقد أَجَابَهُ أهل كتامة.

وَلما رأى ابْن حَوْشَب علم الشيعي ودهاه أرْسلهُ أرْسلهُ إِلَى الْمغرب إِلَى أهل كتامة وَأرْسل. مَعَه جملَة من المَال، فَسَار الشيعي إِلَى مَكَّة، وَلما قدم الْحَاج إِلَى مَكَّة اجْتمع بالمغاربة من أهل كتامة فَرَآهُمْ محبين إِلَى مَا يخْتَار فَسَار مَعَهم إِلَى كتامة فَقَدمهَا منتصف ربيع الأول سنة

ص: 242

ثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وَأَتَاهُ الْبَرِيد من كل مَكَان وَعظم أمره وَكَانَ اسْمه عِنْدهم أَبَا عبد اللَّهِ المشرقي، وَبلغ أمره إِلَى إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الأغلبي أَمِير إفريقية فاحتقره.

ثمَّ مضى الشيعي إِلَى مَدِينَة تاهرت فَعظم وأتته الْقَبَائِل من كل مَكَان، وَبَقِي كَذَلِك حَتَّى تولى أَبُو مُضر زِيَادَة اللَّهِ آخر بني الْأَغْلَب، وَكَانَ عَم زِيَادَة اللَّهِ وَيعرف بالأحول قبالة الشيعي يقاتله، فَلَمَّا تولى زِيَادَة اللَّهِ قتل عَمه الْأَحول فصفت الْبِلَاد للشيعي.

وَسبب اتِّصَال الْمهْدي عبيد اللَّهِ بِأبي عبد اللَّهِ الشيعي: أَن الدعاة بالمغرب كَانُوا يدعونَ إِلَى مُحَمَّد وَالِد الْمهْدي وَكَانَ بسليمة، فَلَمَّا توفّي أوصى إِلَى ابْنه عبيد اللَّهِ الْمهْدي وأطلعه على حَال الدعاة، وشاع ذَلِك فِي أَيَّام المكتفي فَطلب عبيد اللَّهِ فهرب وَهُوَ وَابْنه أَبُو الْقَاسِم مُحَمَّد الَّذِي ولي بعد الْمهْدي وتلقب بالقائم وتوجها نَحْو الْمغرب، وَوصل عبيد اللَّهِ الْمهْدي إِلَى مصر فِي زِيّ التُّجَّار وعامل مصر حِينَئِذٍ عِيسَى النوشري وَقد كتب إِلَيْهِ الْخَلِيفَة يتطلب عبيد اللَّهِ الْمهْدي، فجد الْمهْدي فِي الْهَرَب وَقدم طرابلس الغرب وَزِيَادَة اللَّهِ بن الْأَغْلَب يتَوَقَّع عَلَيْهِ وَقد كتب إِلَى عماله بإمساكه مَتى ظفروا بِهِ، فهرب من طرابلس وَلحق بسجلماسة فَأَقَامَ بهَا وصاحبها يَوْمئِذٍ اليسع بن مدرار فهاداه الْمهْدي على أَنه تَاجر قد قدم فوصل كتاب زِيَادَة اللَّهِ إِلَى اليسع يُعلمهُ أَن هَذَا الرجل هُوَ الَّذِي يَدْعُو أَبُو عبد اللَّهِ الشيعي إِلَيْهِ فَقبض اليسع على عبيد اللَّهِ الْمهْدي وحبسه بسجلماسة.

وَلما كَانَ من قتل زِيَادَة اللَّهِ عَمه الْأَحول وهرب زِيَادَة اللَّهِ واستيلاء أبي عبد اللَّهِ الشيعي على إفريقية مَا قدمنَا ذكره سَار أَبُو عبد اللَّهِ الشيعي من رقادة فِي رَمَضَان من هَذِه السّنة أَعنِي سنة سِتّ وَتِسْعين وَمِائَة إِلَى سجلماسة واستخلف الشيعي أَخَاهُ أَبَا الْعَبَّاس وَأَبا زاكي على إفريقية، فَلَمَّا قرب من سجلماسة خرج صَاحبهَا اليسع وقاتله فهرب اليسع لَيْلًا، وَدخل الشيعي سجلماسة وَأخرج الْمهْدي وَولده من السجْن واركبهما وَمَشى هُوَ ورؤوس الْقَبَائِل بَين أَيْدِيهِمَا وَأَبُو عبد اللَّهِ يُشِير إِلَى الْمهْدي وَيَقُول للنَّاس: هَذَا مولاكم وَهُوَ يبكي من شدَّة الْفَرح، حَتَّى وصل إِلَى فسطاطا قد نصب لَهُ، وَلما اسْتَقر الْمهْدي فِيهِ أَمر بِطَلَب اليسع صَاحب سجلماسة فَأدْرك وأحضر بَين يَدَيْهِ فَقتله.

وَأقَام الْمهْدي بسجلماسة أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَسَار إِلَى إفريقية، وَوصل إِلَى رقادة فِي ربيع الآخر سنة سبع وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ فدون الدَّوَاوِين وجبى الْأَمْوَال وَبعث الْعمَّال إِلَى سَائِر بِلَاد الْمغرب، وَاسْتعْمل على جَزِيرَة صقلية الْحسن بن أَحْمد بن أبي حفرير. وَزَالَ بالمهدي ملك بني الْأَغْلَب وَملك بني مدرار أَصْحَاب مملكة سجلماسة وَآخرهمْ اليسع وَمُدَّة ملك بني مدرار مائَة وَثَلَاثُونَ سنة، وَزَالَ ملك بني رستم من تاهرت ومدته مائَة وَسِتُّونَ سنة.

وباشر الْمهْدي الْأُمُور بِنَفسِهِ، وَلم يبْق للشيعي وَلَا لِأَخِيهِ حكم والفطام صَعب، فشرع أَبُو الْعَبَّاس أَخُو الشيعي ينْدَم أَخَاهُ وَيَقُول: أخرجت الْأَمر عَنْك وَأَخُوهُ ينهاه عَن قَول مثل ذَلِك إِلَى أَن أحنقه وَذَلِكَ يبلغ الْمهْدي، حَتَّى شرع يَقُول لرؤوس الْقَبَائِل: لَيْسَ هَذَا

ص: 243

الْمهْدي الَّذِي دعوناكم إِلَيْهِ، فطلبهما الْمهْدي وقتلهما فِي سنة سِتّ وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ، وَقيل فِي غَيرهَا.

ثمَّ دخلت سنة سبع وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ وَسنة ثَمَان وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا توفّي أَبُو الْقَاسِم الْجُنَيْد بن مُحَمَّد الصُّوفِي إِمَام وقته، أَخذ الْفِقْه عَن أبي ثَوْر والتصوف عَن سري السَّقطِي.

ثمَّ دخلت سنة تسع وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا قبض المقتدر على وزيره أبي الْحسن بن الْفُرَات ونهبه وهتك حرمه، وَولى الوزارة أَبَا عَليّ مُحَمَّد بن يحيى بن عبيد اللَّهِ بن خاقَان، وَكَانَ الخاقاني ضجورا وتحكمت عَلَيْهِ أَوْلَاده فَكل مِنْهُم يسْعَى لمن يرتشي مِنْهُ، فَكَانَ يولي الْعَمَل الْوَاحِد عدَّة من الْعمَّال فِي الْأَيَّام القليلة حَتَّى ولى الْكُوفَة فِي عشْرين يَوْمًا سَبْعَة عُمَّال فَقيل فِيهِ:

(وَزِير قد تَكَامل فِي الرقاعة

يولي ثمَّ يعْزل بعد سَاعَة)

(إِذا أهل الرشا اجْتَمعُوا عَلَيْهِ

فَخير الْقَوْم أوفرهم بضَاعَة)

والخليفة مَعَ ذَلِك يتَصَرَّف على مُقْتَضى إِشَارَة النِّسَاء والخدام، فَخرجت الممالك وطمع الْعمَّال فِي الْأَطْرَاف.

وفيهَا: توفّي أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن أَحْمد بن كيسَان الْعَالم بِنَحْوِ الْبَصرِيين والكوفيين، وَإِسْحَاق بن حنين الطَّبِيب.

ثمَّ دخلت سنة ثلثمِائة: فِيهَا عزل المقتدر الخاقاني عَن الوزارة وولاها عَليّ بن عِيسَى.

وفيهَا: توفّي عبد اللَّهِ بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الحكم بن هِشَام بن عبد الرَّحْمَن الدَّاخِل بن مُعَاوِيَة بن هِشَام بن عبد الْملك بن مَرْوَان صَاحب الأندلس فِي ربيع الأول، وَكَانَ أَبيض أصهب أَزْرَق ربعَة يخضب بِالسَّوَادِ وولايته خمس سِنِين وَأحد عشر شهرا، وَله أحد عشر ابْنا أحدهم مُحَمَّد الْمَقْتُول قَتله أَبوهُ الْمَذْكُور فِي حد وَهُوَ وَالِد عبد الرَّحْمَن النَّاصِر، وَلما توفّي عبد اللَّهِ ولي ابْن ابْنه عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الْمَقْتُول وَنزل بِحَضْرَة أَعْمَامه وأعمام أَبِيه وَلم يَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ.

ثمَّ دخلت سنة إِحْدَى وثلثمائة: فِيهَا فِي جمادي الْآخِرَة قتل السَّلمَانِي أَحْمد بن إِسْمَاعِيل صَاحب خُرَاسَان وَمَا وَرَاء النَّهر ذبحه لَيْلًا غلمانه على سَرِيره فِي الصَّيْد وهربوا، فَحمل وَدفن ببخارا، وظفروا ببعضهم فَقَتَلُوهُمْ. وَولى بعده ابْنه أَبُو الْحسن نصر ابْن ثَمَانِي سِنِين.

وفيهَا: قتل كَبِير القرامطة أَبُو سعيد الْحسن بن بهْرَام الجنابي قَتله خَادِم لَهُ صقلي فِي الْحمام واستدعى من كبرائهم أَرْبَعَة وَاحِدًا بعد وَاحِد على لِسَان استاذه وقتلهم فَعَلمُوا بِهِ وقتلوه، وَتَوَلَّى بعده بعهده ابْنه سعيد الْأَكْبَر فغلبه أَخُوهُ الْأَصْغَر أَبُو طَاهِر سُلَيْمَان، وَكَانَ أَبُو سعيد مستوليا على هجر والأحساء والقطيف وَسَائِر بِلَاد الْبَحْرين.

ص: 244

وفيهَا: بعث الْمهْدي جَيْشًا مَعَ ابْنه أبي الْقَاسِم مُحَمَّد إِلَى ديار مصر فاستولى على الْإسْكَنْدَريَّة والفيوم، فَبعث إِلَيْهِم المقتدر جَيْشًا فأجلاهم، فعادوا إِلَى الْمغرب.

وفيهَا: توفّي القَاضِي أَبُو عبد اللَّهِ مُحَمَّد بن أَحْمد الْمقري الثَّقَفِيّ.

وفيهَا: توفّي مُحَمَّد بن يحيى بن مندة الْحَافِظ، لَهُ تَارِيخ أصفهان، ثِقَة من بَيت كَبِير خرج مِنْهُ عُلَمَاء.

ثمَّ دخلت سنة اثْنَتَيْنِ وثلثمائة: فِيهَا قبض المقتدر على الْحُسَيْن بن عبد اللَّهِ بن الْجَصَّاص الْجَوْهَرِي وَأخذ مِنْهُ صنوفا قيمتهَا أَرْبَعَة آلَاف ألف دِينَار.

وفيهَا: أرسل الْمهْدي الْعلوِي جَيْشًا مقدمه حُبَاشَة فِي الْبَحْر فاستولى على الْإسْكَنْدَريَّة، فَأرْسل المقتدر جَيْشًا مقدمه يُونُس الْخَادِم، فَاقْتَتلُوا بَين مصر والإسكندرية أَربع مَرَّات انْهَزَمت فِيهِ المغاربة وَقتل خلق وعادوا إِلَى بِلَادهمْ.

وفيهَا: انْتهى تَارِيخ أبي جَعْفَر الطَّبَرِيّ.

وفيهَا وَقيل فِي السّنة قبلهَا: توفّي عَليّ بن أَحْمد بن مَنْصُور البسامي من أَعْيَان الشُّعَرَاء، كثير الهجاء هجا أَبَاهُ وَإِخْوَته وَأهل بَيته، وَله فِي الْقَاسِم بن عبيد اللَّهِ وَزِير المعتضد:

(قل لأبي الْقَاسِم المرزي

قابلك الدَّهْر بالعجائب)

(مَاتَ لَك ابْن وَكَانَ زينا

وعاش ذُو الشين والمعائب)

(حَيَاة هَذَا كموت هَذَا

فلست تَخْلُو من المصائب)

وَله فِي المتَوَكل لما هدم قبر الْحُسَيْن:

(بِاللَّه إِن كَانَت أُميَّة قد أَتَت

قتل ابْن بنت نبيها مَظْلُوما)

(فَلَقَد أَتَاهُ بَنو أَبِيه بِمثلِهِ

هَذَا لعمرك قَبره مهدوما)

(أسفوا على أَن لَا يَكُونُوا شاركوا

فِي قَتله فتتبعوه رميما)

ثمَّ دخلت سنة ثَلَاث وثلثمائة: فِيهَا اخْتَار الْمهْدي مَوضِع المهدية على السَّاحِل وَهِي جَزِيرَة مُتَّصِلَة بِالْبرِّ كَهَيئَةِ الْكَفّ مُتَّصِلَة بزند، فبناها وَجعلهَا دَار ملكه بسور مُحكم وأبواب وزن المصراع مائَة قِنْطَار وَقَالَ: الْآن أمنت على الفاطميات بحصانتها.

وفيهَا: أغارت الرّوم على الثغور الجزرية فغنموا وَسبوا.

وفيهَا: توفّي أَبُو عبد الرَّحْمَن أَحْمد بن عَليّ بن شُعَيْب النَّسَائِيّ صَاحب كتاب السّنَن بِمَكَّة وَدفن بَين الصَّفَا والمروة، إِمَام حَافظ مُحدث رَحل إِلَى نيسابور ثمَّ الْعرَاق ثمَّ إِلَى الشَّام ومصر وَعَاد إِلَى دمشق فامتحن فِي مُعَاوِيَة وَطلب مِنْهُ أَن يروي شَيْئا من فضائله فَقَالَ: مَا يرضى مُعَاوِيَة أَن يكون رَأْسا بِرَأْس حَتَّى يفضل، فَقيل: إِنَّه وَقع فِي حَقه مَكْرُوه فَحمل إِلَى مَكَّة.

ص: 245

وفيهَا: توفّي أَبُو عَليّ مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب الجبائي المعتزلي.

ثمَّ دخلت سنة أَربع وثلثمائة: فِيهَا توفّي النَّاصِر الْعلوِي صَاحب طبرستان وعمره تسع وَسَبْعُونَ وَيُسمى الأطروش، وَهُوَ الْحسن بن عَليّ بن الْحسن بن عمر بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنهم، ملك طبرستان سنة إِحْدَى وثلثمائة.

وفيهَا: توفّي يُوسُف بن الْحُسَيْن بن عَليّ الرَّازِيّ صَاحب ذِي النُّون الْمصْرِيّ وَهُوَ صَاحب قصَّة الْغَار مَعَه،

ثمَّ دخلت سنة خمس وثلثمائة: فِيهَا مَاتَ أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن عُثْمَان العسكري الْمَعْرُوف بالسمان وبالمعري رَئِيس الإمامية، ادّعى أَنه الْبَاب إِلَى الإِمَام المنتظر.

وفيهَا: قدم رَسُول ملك الرّوم إِلَى بَغْدَاد، فَلَمَّا استحضر عبىء لَهُ الْعَسْكَر وصفت الدَّار بالأسلحة وأنواع الزِّينَة وَجُمْلَة الْعَسْكَر المصفوف مائَة ألف وَسِتُّونَ ألفا مَا بَين رَاكب وواقف، ووقفت الغلمان الحجرية بالزينة والمناطق المحلاة، ووقف الخدام الخصيان كَذَلِك وَكَانُوا سَبْعَة آلَاف أَرْبَعَة آلَاف خَادِم أَبيض وَثَلَاث آلَاف أسود، ووقف الْحجاب كَذَلِك وهم حِينَئِذٍ سَبْعمِائة حَاجِب، وألقيت المراكب والزبازب فِي دجلة بأعظم زِينَة، وزينت دَار الْخلَافَة فَكَانَت الستور الْمُعَلقَة عَلَيْهَا ثَمَانِيَة وَثَلَاثِينَ ألف ستر مِنْهَا ديباج مَذْهَب اثْنَا عشر ألفا وَخَمْسمِائة وَكَانَت الْبسط اثْنَيْنِ وَعشْرين ألفا، وَكَانَ هُنَاكَ مائَة سبع مَعَ مائَة سِبَاع وَكَانَ فِي جملَة الزِّينَة شَجَرَة من ذهب وَفِضة تشْتَمل على ثَمَانِيَة عشر غصنا، وعَلى الأغصان والقضبان الطُّيُور والعصافير من الذَّهَب وَالْفِضَّة وَكَذَلِكَ أوراق الشَّجَرَة من الذَّهَب وَالْفِضَّة والأغصان تتمايل بحركات مَوْضُوعَة والطيور تصفر بحركات مرتبَة.

وَشَاهد الرَّسُول من العظمة مَا يطول شَرحه، وأحضر بَين يَدي المقتدر وَصَارَ الْوَزير يبلغ كَلَامه إِلَى الْخَلِيفَة وَيرد الْجَواب عَن الْخَلِيفَة.

ثمَّ دخلت سنة سِتّ وثلثمائة: فِيهَا جعل على شرطة بَغْدَاد يحجّ الطولوني فَجعل فِي الأرباع فُقَهَاء تعْمل أَصْحَاب الشرطة بفتواهم، فضعفت هَيْبَة السلطنة وطمعت العيارون وَأخذت ثِيَاب النَّاس فِي الطّرق وَكَثُرت الْفِتَن.

وفيهَا: جهز الْمهْدي جَيْشًا كثيفا مَعَ ابْنه الْقَائِم إِلَى مصر، فوصل الْإسْكَنْدَريَّة وَاسْتولى عَلَيْهَا، ثمَّ وصل الجيزة وَملك الأشموفين وَكَثِيرًا من الصَّعِيد. وَبعث المقتدر مؤنسا الْخَادِم، وَجَرت بَينه وَبَين الْقَائِم وقعات وَوصل إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة من جِهَة إفريقية ثَمَانُون مركبا نجدة للقائم، وَأرْسل المقتدر خَمْسَة وَعشْرين مركبا من طرطوس لقِتَال مراكب الْقَائِم، فالتقت المراكب والمراكب على رشيد واقتتلوا واقتتلت العساكر فِي الْبر، فَهزمَ عَسْكَر الْمهْدي ومراكبه وعادوا إِلَى إفريقية بعد أَن قتل مِنْهُم وَأسر.

ص: 246

وفيهَا: توفّي القَاضِي مُحَمَّد بن خلف بن حبَان الضَّبِّيّ الْمَعْرُوف بِابْن وَكِيع عَالم بأخبار النَّاس، لَهُ تصانيف حَسَنَة.

وفيهَا: فِي جمادي الأولى توفّي الإِمَام أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن سُرَيج الْفَقِيه الشَّافِعِي من الْأَئِمَّة العظماء وَيُقَال لَهُ الباز الْأَشْهب ولي قَضَاء شيراز وَله أَرْبَعمِائَة مُصَنف، وَمِنْه أشتهر مَذْهَب الشَّافِعِي فِي الافاق حَتَّى قَالُوا فِي عصره: إِن اللَّهِ أظهر عمر بن عبد الْعَزِيز على رَأس الْمِائَة من الْهِجْرَة فأحيا كل سنة وأمات كل بِدعَة، ثمَّ من اللَّهِ على النَّاس بالشافعي على رَأس الْمِائَتَيْنِ فأظهر السّنة وأخفى الْبِدْعَة، وَمن اللَّهِ على رَأس الثلثمائة بِابْن سُرَيج فقوى كل سنة وَضعف كل بِدعَة؛ وجده سُرَيج مَشْهُور بالصلاح.

ثمَّ دخلت سنة سبع وثلثمائة: فِيهَا انقرضت دولة الأدارسة العلويين وتغلب عَلَيْهِم فضَالة بن حيوس، ثمَّ ظهر من الأدراسة حسن بن مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن إِدْرِيس ورام رد الدولة وَقد أخذت فِي الاختلال ودولة الْمهْدي عبيد اللَّهِ فِي الإقبال فَملك عَاميْنِ، ثمَّ لم يتم لَهُ مطلب وانقرضت دولتهم من جَمِيع الْمغرب الْأَقْصَى، وَحمل غَالب الأدارسة إِلَى الْمهْدي وَولده إِلَّا من اختفى مِنْهُم فِي الْجبَال إِلَى أَن سَار بعد الْأَرْبَعين وثلثمائة إِدْرِيس من ولد مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن إِدْرِيس فَأَعَادَ الْإِمَامَة لهَذَا الْبَيْت.

ثمَّ تغلب على بر العدوة عبد الْملك بن المصنور بن أبي عَامر وخطب فِي تِلْكَ الْبِلَاد لبني أُميَّة، ثمَّ رَجَعَ عبد الْملك إِلَى الأندلس فاضطربت دولته ببر العدوة، فتغلب بَنو أبي الْعَافِيَة الزناتيون على فاس حَتَّى ظهر يُوسُف بن تاشفين أَمِير الْمُسلمين فاستولى على تِلْكَ الْبِلَاد.

ثمَّ دخلت سنة ثَمَان وَسنة تسع وثلثمائة: فِيهَا قتل الحلاج الْحُسَيْن بن مَنْصُور قدم من خُرَاسَان إِلَى الْعرَاق ثمَّ إِلَى مَكَّة وَأقَام سنة فِي الْحجر لَا يستظل بسقف يَصُوم الدَّهْر وَيفْطر بِمَاء وَثَلَاث عضات من قرص، ثمَّ قدم بَغْدَاد متزهدا متصوفا يخرج للنَّاس من فَاكِهَة الشتَاء فِي الصَّيف، وَفَاكِهَة الصَّيف فِي الشتَاء، ويمد يَده فِي الْهَوَاء وَيُعِيدهَا مَمْلُوءَة دَرَاهِم أحدية يسميها دَرَاهِم الْقُدْرَة، ويخبر النَّاس بِمَا أكلوه وَمَا صنعوه فِي بُيُوتهم وَبِمَا فِي ضمائرهم فَاعْتقد قوم فِيهِ الْحُلُول.

وَاخْتلف قوم فِيهِ كالاختلاف فِي الْمَسِيح، وَقَالَ قوم: هُوَ ولي اللَّهِ، وَقيل: مشعبذ، وَقيل: سَاحر.

وَالْتمس حَامِد بن الْعَبَّاس الْوَزير من المقتدر تَسْلِيمه إِلَيْهِ، فَأمره بِتَسْلِيمِهِ فَكَانَ حَامِد يخرج الحلاج إِلَى مَجْلِسه ويستنطقه فَلَا يظْهر مِنْهُ مَا تكرههُ الشَّرِيعَة وحامد مجد فِي أمره ليَقْتُلهُ، ثمَّ رأى لَهُ كتابا حكى فِيهِ: إِن الْإِنْسَان إِذا أَرَادَ الْحَج وَلم يُمكنهُ أفرد من دَاره بَيْتا نظيفا من النَّجَاسَات وَلَا يدْخلهُ أحد وَإِذا حضرت أَيَّام الْحَج طَاف حوله وَفعل مَا يَفْعَله

ص: 247

الْحَاج بِمَكَّة ثمَّ يجمع ثَلَاثِينَ يَتِيما وَيعْمل أَجود طَعَام يُمكنهُ ويطعمهم فِي ذَلِك الْبَيْت ويكسوهم وَيُعْطِي كل وَاحِد سَبْعَة دَرَاهِم فَيكون كمن حج.

فَأمر الْوَزير بِقِرَاءَة ذَلِك قُدَّام القَاضِي أبي عَمْرو، فَقَالَ القَاضِي للحلاج: من أَيْن لَك هَذَا؟ قَالَ: من كتاب الْإِخْلَاص لِلْحسنِ الْبَصْرِيّ، فَقَالَ لَهُ القَاضِي: كذبت يَا حَلَال الدَّم قد سمعناه بِمَكَّة وَلَيْسَ فِيهِ هَذَا.

فَطلب الْوَزير خطّ القَاضِي بقوله: أَنْت حَلَال الدَّم فدافعه، ثمَّ ألزمهُ الْوَزير فَكتب بِإِبَاحَة دَمه وَكتب بعده من حضر الْمجْلس، فَقَالَ الحلاج: مَا يحل لكم دمي وديني الْإِسْلَام ومذهبي السّنة ولي فِيهَا كتب مَوْجُودَة فَالله اللَّهِ فِي دمي: وَأرْسل الْوَزير الْفَتَاوَى بذلك إِلَى المقتدر واستأذنه فِي قَتله فَأذن، فَضرب ألف سَوط ثمَّ قطعت يَده ثمَّ رجله ثمَّ قتل وأحرق وَنصب رَأسه بِبَغْدَاد.

قلت: يُقَال أَن أَبَا الْعَبَّاس بن سُرَيج قَالَ عَنهُ: هَذَا رجل خَفِي عَليّ حَاله وَمَا أَقُول فِيهِ شَيْئا.

وَفِي مشكاة الْأَنْوَار للغزالي فصل طَوِيل فِي حَاله يعْتَذر فِيهِ عَمَّا صدر مِنْهُ من الْأَلْفَاظ مثل: أَنا الْحق وَمَا فِي الْجُبَّة إِلَّا اللَّهِ، وَحملهَا على محامل حَسَنَة وأولها وَقَالَ: هَذَا من شدَّة الوجد، وَجعله مثل قَول الْقَائِل.

أَنا من أَهْوى وَمن أَهْوى أَنا.

وَقَالَ السَّيِّد القطب الشَّيْخ محيي الدّين عبد الْقَادِر الجيلي رَحمَه اللَّهِ تَعَالَى: عثر الحلاج قلم يكن فِي زَمَنه من يَأْخُذ بِيَدِهِ، وَلَو كنت فِي زَمَنه لأخذت بِيَدِهِ، وَفِي كَلَام الشَّيْخ عبد الْقَادِر أَيْضا فِي الحلاج مَا يدل على أَنه ولي اللَّهِ وَأَن الْعلمَاء معذورون فِي أمره لتمسكهم بِظَاهِر الشَّرْع، وَذَلِكَ قَوْله رضي الله عنه فِيهِ طَار وَاحِد من العارفين إِلَى أفق الدَّعْوَى بأجنحة أَنا الْحق رأى روض الأبدية خَالِيا من الحسيس والأنيس صفر بِغَيْر لغته تعريضا لحتفه ظهر عَلَيْهِ عِقَاب الْملك من مكمن إِن اللَّهِ لَغَنِيّ عَن الْعَالمين أنشب فِي إهابه مخلب كل نفس ذائقة الْمَوْت، قَالَ لَهُ شرع سُلَيْمَان الزَّمَان لم تَكَلَّمت بِغَيْر لغتك لم ترنمت بلحن غير مَعْهُود من مثلك ادخل الْآن إِلَى قفص وجودك ارْجع من طَرِيق عزة الْقدَم إِلَى مضيق ذلة الْحَدث قل بِلِسَان اعترافك ليسمعك أَرْبَاب الدَّعَاوَى حسب الْوَاجِد إِفْرَاد الْوَاحِد منَاط الطَّرِيق إِقَامَة وظائف حُرْمَة الشَّرْع.

وَكَانَ شَيخنَا الْعَارِف عبس السرجاوي الْجَعْفَرِي نفعنا اللَّهِ ببركته يعْتَذر عَن الحلاج وَعَن الْعلمَاء الَّذين أفتوا فِيهِ بِنَحْوِ ذَلِك، وَالله أعلم.

وفيهَا: توفّي أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد بن سهل بن عَطاء من كبار عُلَمَاء الصُّوفِيَّة ومشايخهم، وَإِبْرَاهِيم بن هَارُون الْحَرَّانِي الطَّبِيب.

ثمَّ دخلت سنة عشرَة وثلثمائة: فِيهَا توفّي أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن جرير الطَّبَرِيّ بِبَغْدَاد،

ص: 248

ومولده سنة أَربع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ برمل طبرستان، حَافظ للْكتاب الْعَزِيز والقراءات مُجْتَهد لم يُقَلّد أحدا فَقِيه عَارِف بأقاويل الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَله التَّارِيخ الْمَشْهُور ابْتَدَأَ فِيهِ من أول الزَّمَان إِلَى آخر سنة اثنيتين وثلثمائة وَكتاب فريد فِي التَّفْسِير وَكتب أصُول وفروع، وصنف كتابا فِيهِ اخْتِلَاف الْفُقَهَاء وَلم يذكر فِيهِ أَحْمد بن حَنْبَل، فَقيل لَهُ فِي ذَلِك، فَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ أَحْمد بن حَنْبَل مُحدثا، فَاشْتَدَّ ذَلِك على الْحَنَابِلَة وَكَانُوا لَا يُحصونَ كَثْرَة بِبَغْدَاد ورموه بالرفض تعصبا وتشنيعا عَلَيْهِ.

وفيهَا: فِي ذِي الْحجَّة توفّي أَبُو بكر مُحَمَّد بن السّري بن سهل النَّحْوِيّ ابْن السراج نِسْبَة إِلَى عمل السُّرُوج أحد الْأَئِمَّة الْمَشَاهِير، أَخذ عَن أبي الْعَبَّاس الْمبرد، وَأخذ عَنهُ أَبُو سعيد السيرافي وَعلي بن عِيسَى الرماني وَنقل عَنهُ الْجَوْهَرِي وَله مصنفات مَشْهُورَة، كَانَ يلثغ بالراء فيجعلها غينا.

قلت: وَمن شعره:

(ميزت بَين جمَالهَا وفعالها

فَإِذا الملاحة بالخيانة لَا تفي)

(حَلَفت لنا أَن لَا تخون عُهُودنَا

فَكَأَنَّهَا حَلَفت لنا أَن لَا تفي)

(وَالله لَا كلمتها وَلَو أَنَّهَا

كالبدر أَو كَالشَّمْسِ أَو كالمكتفي)

وَبَلغت الأبيات إِلَى المكتفي فَقَالَ: لمن هِيَ؟ فَقيل: هِيَ لِعبيد اللَّهِ بن طَاهِر، فَأعْطَاهُ ألف دِينَار، فَكَانَ شعر ذَلِك سَببا لرزق هَذَا وَالله أعلم.

ثمَّ دخلت سنة إِحْدَى عشرَة وثلثمائة: فِيهَا كبست القرامطة وأميرهم أَبُو طَاهِر سُلَيْمَان بن أبي سعيد الجباني الْبَصْرَة لَيْلًا وعلوا على سورها وَقتلُوا عاملها وَأَقَامُوا بهَا سَبْعَة عشر يَوْمًا يقتلُون ويحملون الْأَمْوَال مِنْهَا.

وفيهَا: توفّي أَبُو مُحَمَّد أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الْجريرِي - بِضَم الْجِيم. من مشاهير مَشَايِخ الصُّوفِيَّة، وَإِبْرَاهِيم بن السّري الزّجاج صَاحب كتاب مَعَاني الْقُرْآن، وَمُحَمّد بن زَكَرِيَّا الرَّازِيّ الطَّبِيب كَانَ فِي شبابه يضْرب بِالْعودِ والتحى فَقَالَ: كل غناء يخرج من بَين شَارِب ولحية لَا يستحسن، ثمَّ درس الطِّبّ والفلسفة بعد الْأَرْبَعين وَعمر وَبلغ فِي علومه الْغَايَة حَتَّى أُشير إِلَيْهِ فِي الطِّبّ، وَله الْحَاوِي نَحْو ثَلَاثِينَ مجلدا والمنصوري نَافِع صنفه لبَعض الْمُلُوك السامانية.

ثمَّ دخلت سنة اثْنَتَيْ عشرَة وثلثمائة: فِيهَا أَخذ أَبُو طَاهِر القرمطي الْحَاج وَأَمْوَالهمْ وَهلك أَكْثَرهم جوعا وعطشا.

وفيهَا: قبض المقتدر على وزيره ابْن الْفُرَات، ثمَّ ذبح هُوَ وَابْنه المحسن وَعمر الْأَب إِحْدَى وَسَبْعُونَ سنة وَالِابْن ثَلَاث وَثَلَاثُونَ سنة، واستوزر بعده الْقَاسِم الخاقاني.

وفيهَا: سَار أَبُو طَاهِر القرمطي، فَدخل الْكُوفَة بِالسَّيْفِ وَأقَام سِتَّة أَيَّام يدْخل نَهَارا

ص: 249

وَيخرج إِلَى عسكره لَيْلًا، وَحمل مَا أمكنه من الْأَمْوَال وَالثيَاب.

قلت: وفيهَا انْقَطع الْقطر إِلَّا النزر الْيَسِير وَسميت سنة الْحَبْس لانْقِطَاع الْمَطَر إِلَّا قَرْيَة تسمى كفور، وَأما قرى المعرة فَإِنَّهَا أخصبت خصبا مَا رَأَوْا مثله وَالله أعلم.

ثمَّ دخلت سنة ثَلَاث عشرَة وثلثمائة: فِيهَا توفّي عبد اللَّهِ بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الْبَغَوِيّ وعمره مائَة وسنتان، وَعلي بن مُحَمَّد بن بشار الزَّاهِد.

ثمَّ دخلت سنة أَربع عشرَة وثلثمائة: فِيهَا قلد المقتدر يُوسُف بن الْحَاج نواحي الْمشرق وَبَعثه من أذربيجان إِلَى وَاسِط لمحاربة القرامطة.

وفيهَا: استولى نصر بن أَحْمد الساماني على الرّيّ وَمرض ثمَّ سَار عَنْهَا.

ثمَّ دخلت سنة خمس عشرَة وثلثمائة: فِيهَا وصلت القرامطة إِلَى الْكُوفَة فَسَار إِلَيْهِم يُوسُف بن أبي الساج من وَاسِط بعسكر ضخم نَحْو أَرْبَعِينَ ألفا وَكَانَت القرامطة ألفا وَخَمْسمِائة مِنْهُم ثَمَانمِائَة راجل، فاحتقرهم ابْن أبي الساج وَقَالَ: صدرُوا الْكتب إِلَى الْخَلِيفَة بالنصر فَهَؤُلَاءِ فِي يَدي، واقتتلوا فَقدر اللَّهِ انهزام عَسْكَر الْخَلِيفَة وأسروا ابْن أبي الساج وَقَتله أَبُو طَاهِر وَاسْتولى على الْكُوفَة وَنهب.

ثمَّ جهز المقتدر إِلَى القرامطة مؤنسا الْخَادِم فِي عَسَاكِر، فَانْهَزَمَ أَكثر الْعَسْكَر قبل الْمُلْتَقى، ثمَّ الْتَقَوْا فانهزمت عَسَاكِر الْخَلِيفَة، وَوَقع الجفيل فِي بَغْدَاد خوفًا من القرامطة، ونهبوا الْبِلَاد الفراتية ثمَّ عَادوا إِلَى هجر بالغنائم.

وفيهَا: ظفر عبد الرَّحْمَن الناصري الْأمَوِي صَاحب الأندلس بِأَهْل طليطلة بعد حصارها مُدَّة لخلافهم عَلَيْهِ وَخرب كثيرا مِنْهَا.

قلت: وفيهَا استدعي عَليّ بن عِيسَى الْوَزير إِلَى بَغْدَاد من مَكَّة وَكَانَ نفي إِلَيْهَا، وَسبب نَفْيه: أَن أم مُوسَى وَفَاطِمَة قهرمانتي المقتدر قَالَتَا لَهُ: وَقع بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم للمجيبة ثِيَاب أَمِير الْمُؤمنِينَ، ثمَّ جاءتا فَقَالَتَا: وَقع بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم للمعممة، ثمَّ قَالَتَا: وَقع بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم للمزررة، فَقَالَ لَهما: أَمِير الْمُؤمنِينَ مَقْطُوع الْيَد حَتَّى لَا يقدر أَن يتزرر. ثمَّ قَالَتَا وَقع بِعشْرَة آلَاف للمبخرة، فَقَالَ: لَو أخرج أَمِير الْمُؤمنِينَ يَده من تَحت ثِيَابه وَأخذ المجمرة وفر على بَيت مَال الْمُسلمين عشرَة آلَاف دِرْهَم، ثمَّ قَالَ:

(إِن بَيْتا تربه

أم مُوسَى وَفَاطِمَة)

(لجدير بِأَن ترى

ربة الْبَيْت لاطمة)

فَبلغ ذَلِك المقتدر فنفاه إِلَى مَكَّة.

ثمَّ دخلت سنة سِتّ عشرَة وثلثمائة: فِيهَا نهبت القرامطة الرحبة وَسبوا ثمَّ نهبوا ربض الرقة، ثمَّ نازلوا سنجار ثمَّ استأمنوا فأمنوهم، ثمَّ نهبوا الْجبَال وَغَيرهَا وعادوا إِلَى هجر.

وفيهَا: عزل المقتدر عَليّ بن عِيسَى وَقبض عَلَيْهِ، وَولى الوزارة عَليّ بن مقلة.

ص: 250

وفيهَا: خرج مرداويج على أستاذه أشغار بن شيرويه الَّذِي كَانَ قد استولى على جرجان قبل بِسنة بعد أَن بَايع أَكثر الْعَسْكَر فِي الْبَاطِن، فهرب أشغار فأدركه مرداويج وَقَتله، وابتدأ أَمر مرداويج فِي ملك الْبِلَاد من هَذِه السّنة فَملك قزوين ثمَّ الرّيّ وهمدان وكيلور والدينور ويزدجرد وقم وقاشان وأصفهان وجرباذقان، وَعمل لَهُ سَرِير ذهب يجلس عَلَيْهِ وتقف عسكره صُفُوفا بالبعد عَنهُ، وَلَا يخاطبه إِلَّا الْحجاب المرتبون لذَلِك، ثمَّ استولى مرداويج على طبرستان.

وفيهَا: وصل الدمستق فِي جَيش كثير من الرّوم وَحصر خلاط ثمَّ صَالحهمْ على أَن يقْلع مِنْبَر الْجَامِع وَيعْمل مَوْضِعه صليبا، فَأَجَابُوا وفعلوا ذَلِك، وَفعل ببدليس كَذَلِك والدمستق اسْم للنائب على الْبِلَاد الَّتِي شَرْقي خليج قسطنطينية.

وفيهَا توفّي يَعْقُوب بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الإِسْفِرَايِينِيّ، وَله مُسْند مخرج على صَحِيح مُسلم، وكنيته أَبُو عوَانَة الْحَافِظ، طَاف الْبِلَاد فِي طلب الحَدِيث وَسمع مُسلم بن الْحجَّاج وَغَيره.

ثمَّ دخلت سنة سبع عشرَة وثلثمائة: فِيهَا خلع المقتدر بِاللَّه، أنكر القواد والجند اسْتِيلَاء النِّسَاء والخدام على الْأَمْوَال وانضم إِلَى ذَلِك وَحْشَة مؤنس الْخَادِم مِنْهُ، فَحَمَلُوهُ ووالدته وخالته وخواص جواريه إِلَى دَار مؤنس واعتقل بهَا، وَأشْهدُوا عَلَيْهِ القَاضِي أَبَا عَمْرو بخلع نَفسه، ونهبت دَار الْخلَافَة، وَاسْتَخْرَجُوا من قبر فِي تربة بنتهَا أم المقتدر سِتّمائَة ألف دِينَار، وأحضروا أَخَاهُ مُحَمَّدًا المعتضد وَبَايَعُوهُ ولقبوه القاهر بِاللَّه.

فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْإِثْنَيْنِ سَابِع عشر الْمحرم ثَالِث يَوْم خلعه بكر النَّاس فملأوا دَار الْخلَافَة، وَلم يحضر مؤنس المظفر ذَلِك الْيَوْم، وَحَضَرت الرجالة المصافية بِالسِّلَاحِ يطالبون بِحَق الْبيعَة فارتفعت أَصْوَاتهم، فَخرج من عِنْد القاهر بازرك ليطيب خواطرهم فَرَأى فِي أَيْديهم السيوف مسلولة فخافهم فَرجع، وتبعوه فَقَتَلُوهُ فِي دَار الْخلَافَة وصرخوا مقتدر يَا مَنْصُور، وهجموا على القاهر فهرب واختفى وتفرق النَّاس عَنهُ وَلم يبْق بدار الْخلَافَة أحد.

ثمَّ قصدت الرجالة دَار مؤنس وطلبوا مِنْهُ المقتدر، فَأخْرجهُ وَسلمهُ إِلَيْهِم فَحَمَلُوهُ على رقابهم حَتَّى أدخلوه دَار الْخلَافَة.

ثمَّ أرسل المقتدر خلف أَخِيه القاهر بالأمان وأحضره وَقَالَ: قد علمت أَنه لَا ذَنْب لَك وَقبل بَين عَيْنَيْهِ وأمنه، فَشكر إحسانه، ثمَّ حبس القاهر عِنْد أم المقتدر فأحسنت إِلَيْهِ، وَاسْتقر المقتدر خَليفَة وسكنت الْفِتْنَة، وَكَانَ إِيثَار مؤنس إِعَادَة المقتدر إِلَى الْخلَافَة وَإِنَّمَا خلعة مُوَافقَة للعسكر.

وفيهَا: وافى أَبُو طَاهِر القرمطي مَكَّة يَوْم التَّرويَة فنهب الْحَاج بهَا وقتلهم حَتَّى فِي الْمَسْجِد الْحَرَام وداخل الْكَعْبَة وَأخذ الْحجر الْأسود من الرُّكْن وَنَقله إِلَى هجر وَقتل أَمِير مَكَّة ابْن محلب وَأَصْحَابه وَقلع بَاب الْبَيْت وأصعد رجلا ليقلع الْمِيزَاب فَسقط فَمَاتَ،

ص: 251