الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أجَاب الْعلمَاء عَن معارضاته السمجة الرَّكِيكَة، وَوضع كتابا للْيَهُود وَقَالَ لَهُم: قُولُوا عَن مُوسَى بن عمرَان أَنه قَالَ لَا نَبِي بعدِي، وَقد أضربت عَن ذكر شَيْء من هذيانه ونزهت عَنهُ هَذَا الْكتاب.
قلت: قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي المنتظم مَا مَعْنَاهُ: الأمل أَن اللَّهِ تَعَالَى يعذبه يَوْم الْقِيَامَة أَشد من عَذَاب إِبْلِيس لِأَن إِبْلِيس خَاطب اللَّهِ تَعَالَى بالأدب فَقَالَ: بعزتك، وَهَذَا أَسَاءَ أدبه على اللَّهِ وَسَماهُ بِمَا هَذَا الملعون جدير بِهِ، وَالْعجب أَن الْعَوام يَضْحَكُونَ لأقواله ويغفلون عَن كَونه سبّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -
فِي بعض مصنفاته فِي عدَّة مَوَاضِع:
(أَلا يَا لَيْتَني مكنت مِنْهُ
…
فَكنت فعلت فِيهِ مَا أَشَاء)
(فَإِن أبي ووالده وعرضي
…
لعرض مُحَمَّد مِنْهُ وقاء)
وَالله أعلم.
وَمَات لَعنه اللَّهِ وَلعن محبه برحبة مَالك بن طوق، وَذكر أَن عمره سِتّ وَثَلَاثُونَ سنة، وتاريخ وَفَاته
عِنْد ابْن خلكان سنة خمس وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ وَقيل: سنة خمسين وَمِائَتَيْنِ.
ثمَّ دخلت سنة أَربع وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا أخذت القرامطة الْحجَّاج من طَرِيق الْعرَاق وقتلوهم وهم عشرُون ألفا وَأخذُوا مِنْهُم أَمْوَالًا عَظِيمَة وَكَانَ كَبِير القرامطة زكرويه، فَجهز المكتفي عسكرا قَاتلهم، فَانْهَزَمَ القرامطة وَقتل مِنْهُم خلق وَأسر اللعين زكرويه جريحا وَمَات بعد سِتَّة أَيَّام، وَقدم الْعَسْكَر بِرَأْسِهِ إِلَى بَغْدَاد وطيف بِهِ.
وفيهَا: توفّي مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي بسمرقند، وَله تصانيف كَثِيرَة.
ثمَّ دخلت سنة خمس وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا فِي صفر توفّي إِسْمَاعِيل بن أَحْمد الساماني الْمَذْكُور، وَأرْسل المكتفي لِابْنِهِ أبي نصر أَحْمد التَّقْلِيد.
وفيهَا: لثنتي عشرَة لَيْلَة خلت من ذِي الْقعدَة توفّي المكتفي بِاللَّه، وخلافته سِتّ سِنِين وَسِتَّة أشهر وَتِسْعَة عشر يَوْمًا وعمره ثَلَاث وَثَلَاثُونَ سنة. كَانَ ربعَة جميلا رَقِيق السمرَة حسن الْوَجْه وَالشعر وافر اللِّحْيَة، وَأمه حجج التركية أم ولد، وَطَالَ مَرضه شهورا وَدفن بدار مُحَمَّد بن طَاهِر.
(أَخْبَار المقتدر بِاللَّه بن المعتضد)
وبويع المقتدر بِاللَّه أَبُو الْفضل جَعْفَر بن المعتضد بِاللَّه وَهُوَ ثامن عشرهم يَوْم توفّي المكتفي وعمره يَوْم بُويِعَ ثَلَاث عشرَة سنة، وَأمه شعب أم ولد.
وفيهَا: توفّي الْمُنْذر بن مُحَمَّد الْأمَوِي، فبويع يَوْم مَوته بالأندلس لثلاث عشرَة بقيت من صفر.
وفيهَا: فِي
الْمحرم توفّي أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن أَحْمد بن نصر التِّرْمِذِيّ الْفَقِيه الشَّافِعِي الْمُحدث، روى عَن يحيى بن يزِيد الْمصْرِيّ ويوسف بن عدي وَكثير بن يحيى، وروى عَنهُ
أَحْمد بن كَامِل الشَّافِعِي وَغَيره، ومولده سنة مِائَتَيْنِ، وَقيل: سِتّ عشر وَمِائَتَيْنِ.
ثمَّ دخلت سنة سِتّ وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا خلع المقتدر، خلعه القواد والقضاة، وبويع عبد اللَّهِ بن المعتز ولقب الراضي بِاللَّه، وَجَرت بَين المريدين لهَذَا والمريدين للمقتدر حروب آخرهَا هزيمَة ابْن المعتز واختفاؤه وتفرق أَصْحَابه ثمَّ أمسك ابْن المعتز وَحبس لَيْلَتَيْنِ وخنق وَقَالُوا: مَاتَ حتف أَنفه وأخرجوه إِلَى أَهله. وَولد ابْن المعتز لسبع بَقينَ من شعْبَان سنة سبع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ وَكَانَ فَاضلا شَاعِرًا بتشبيهاته يضْرب الْمثل، وَأخذ عَن الْمبرد وثعلب، وَتَوَلَّى الْخلَافَة يَوْمًا وَاحِدًا فَقَالَ: قد آن للحق أَن يَتَّضِح وللباطل أَن يفتضح. وَمن بليغ قَوْله: أنفاس الْحَيّ خطاه إِلَى أَجله وَرُبمَا أورد الطمع وَلم يصدر، يشفيك من الْحَاسِد أَن يغتم وَقت سرورك.
وَكَانَ آمنا فِي سربه منعكفا على طلب الْعلم وَالشعر، قد اشْتهر عِنْد الْخُلَفَاء أَنه لم يؤهل نَفسه للخلافة، فاستراح إِلَى أَن حمله على الْخلَافَة الَّذين خذلوه بعد بيعَته. ورثاه عَليّ بن مُحَمَّد بن بسام فَقَالَ:
(لله دَرك من ملك بمضيعة
…
ناهيك فِي الْعلم والآداب والحسب)
(مَا فِيهِ لَوْلَا وَلَا لَيْت فينقصه
…
وَإِنَّمَا أَدْرَكته حِرْفَة الْأَدَب)
وَقيل إِنَّه كَانَ يَنْوِي للطالبيين شرا فدعوا عَلَيْهِ.
وفيهَا: فِي مستهل رَمَضَان ولي أَبُو نصر زِيَادَة اللَّهِ إفريقية، وَذَلِكَ أَن زِيَادَة اللَّهِ حَبسه أَبوهُ عبد اللَّهِ على شرب الْخمر فاتفق مَعَ ثَلَاثَة من خدم أَبِيه الصقالبة على قتل أَبِيه فَقَتَلُوهُ وَجَاءُوا بِرَأْسِهِ وَهُوَ فِي الْحَبْس، فَلَمَّا تولى زِيَادَة اللَّهِ قَتلهمْ وانعكف على اللَّذَّات والمضحكين وأهمل أُمُور المملكة وَقتل من الأغالبة من قدر عَلَيْهِ من أَعْمَامه وَإِخْوَته.
وَفِي أَيَّام زِيَادَة اللَّهِ قوي أَمر أبي عبد اللَّهِ الشيعي الْقَائِم بدعوة الدولة الفاطمية بالمغرب، فَأرْسل إِلَيْهِ زِيَادَة اللَّهِ جَمِيع عسكره أَرْبَعِينَ ألفا مَعَ إِبْرَاهِيم من بني عَمه فَهَزَمَهُمْ الشيعي فضعف زِيَادَة اللَّهِ، وَجمع الْأَمْوَال فَقدم مصر وَبهَا النوشري عَاملا فَكتب النوشري بأَمْره إِلَى المقتدر.
ثمَّ سَار زِيَادَة اللَّهِ إِلَى الرقة، فَأمره المقتدر بِالْعودِ إِلَى الْمغرب لقِتَال الشيعي وَكتب إِلَى النوشري عَامله بإمداد زِيَادَة اللَّهِ بالعساكر وَالْأَمْوَال، فَقدم إِلَى مصر فَأمره النوشري بِالْخرُوجِ إِلَى الحمامات ليخرج إِلَيْهِ مَا يخْتَار من المَال وَالرِّجَال ومطلة النوشري، هَذَا وَزِيَادَة اللَّهِ ملازم للهو وَسَمَاع الْغناء وَالْخمر وَطَالَ مقَامه هُنَاكَ، فَتفرق أَصْحَابه وَمرض وَسَقَطت لحيته وأيس من النوشري، فَسَار ليقيم بالقدس فَمَاتَ وَدفن بالرملة، وَلم يبْق من بني الْأَغْلَب أحد، وَكَانَت مُدَّة ملكهم مائَة واثنتي عشرَة سنة تَقْرِيبًا. فسبحان الَّذِي لَا يَزُول ملكه.
وفيهَا: ابْتِدَاء ملك العلويين بإفريقية وانقرضت دولتهم بِمصْر، وَسَيَأْتِي أَوَّلهمْ أَبُو