الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثمَّ دخلت سنة أَربع وَثَلَاثِينَ: وفيهَا قدم سعيد إِلَى عُثْمَان وَأخْبرهُ بِمَا فعله أهل الْكُوفَة وَأَنَّهُمْ يختارون أَبَا مُوسَى، فولى عُثْمَان أَبَا مُوسَى الْكُوفَة، فخطبهم أَبُو مُوسَى وَأمرهمْ بِطَاعَة عُثْمَان فَأَجَابُوا.
وتكاتب نفر من الصَّحَابَة أَن أقدموا فالجهاد عندنَا، ونال النَّاس من عُثْمَان وَلَيْسَ أحد من الصَّحَابَة ينْهَى عَن ذَلِك وَلَا يذب إِلَّا نفر مِنْهُم: زيد بن ثَابت وَأَبُو أسيد السَّاعِدِيّ وَكَعب بن مَالك وَحسان بن ثَابت، وَمِمَّا نقموا عَلَيْهِ رد الحكم بن الْعَاصِ طريد رَسُول الله وطريد أبي بكر وَعمر، وإعطاؤه مَرْوَان بن الحكم خمس غَنَائِم إفريقية وَهُوَ مَال عَظِيم، وَفِي ذَلِك يَقُول عبد الرَّحْمَن الْكِنْدِيّ:
(سأحلف بِاللَّه جهد الْيَمين
…
مَا ترك اللَّهِ أمرا سدى)
(وَلَكِن خلقت لنا فتْنَة
…
لكَي نبتلي بك أَو نبتلي)
(دَعَوْت اللعين فأدنيته
…
خلافًا لسنة من قد مضى)
(وَأعْطيت مَرْوَان خمس الْعباد
…
ظلما لَهُم وحميت الْحمى)
وأقطع مَرْوَان فدك وَهِي صَدَقَة رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ -
الَّتِي طلبتها فَاطِمَة رضي الله عنها من أبي بكر رضي الله عنه، وَلم يكن بلغَهَا قَوْله
صلى الله عليه وسلم َ -: " نَحن معاشر الْأَنْبِيَاء لَا نورث مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَة " وَلم تزل فدك فِي يَد مَرْوَان حَتَّى انتزعها عمر بن عبد الْعَزِيز وردهَا صَدَقَة.
وفيهَا توفّي الْمِقْدَاد بن عَمْرو بن ثَعْلَبَة، تبناه الْأسود بن عبد يَغُوث فِي الْجَاهِلِيَّة فَعرف بِهِ، وَلما نزل قَوْله تَعَالَى:{ادعوهُمْ لِآبَائِهِمْ} قيل: الْمِقْدَاد بن عَمْرو؛ وَمَا كَانَ يَوْم بدر صَاحب فرس فِي الْمُسلمين غير الْمِقْدَاد فِي قَول، وَشهد مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -
الْمشَاهد كلهَا وَعمر نَحْو سبعين سنة.
ثمَّ دخلت سنة خمس وَثَلَاثِينَ: فِيهَا قدمت جموع من مصر والكوفة وَالْبَصْرَة، وَكَانَ هوى المصريين مَعَ عَليّ رضي الله عنه، وَهوى الْكُوفِيّين مَعَ الزبير، وَهُوَ الْبَصرِيين مَعَ طَلْحَة، فَدَخَلُوا الْمَدِينَة وثاروا على عُثْمَان يَوْم الْجُمُعَة وَهُوَ
على الْمِنْبَر وَقَاتل جمَاعَة من الْمَدِينَة عَنهُ مِنْهُم: سعد بن أبي وَقاص وَالْحسن بن عَليّ وَزيد بن ثَابت وَأَبُو هُرَيْرَة، فَأرْسل عُثْمَان يعزم عَلَيْهِم بالانصراف فانصرفوا، وَصلى عُثْمَان بعد مَا نزلت الجموع فِي الْمَسْجِد ثَلَاثِينَ يَوْمًا، ثمَّ منعُوهُ الصَّلَاة فصلى بِالنَّاسِ الغافقي أَمِير جمع مصر، وَلزِمَ أهل الْمَدِينَة بُيُوتهم وَعُثْمَان مَحْصُور فِي دَاره أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَقيل: خمسين.
ثمَّ اتّفق عَليّ مَعَ عُثْمَان على مَا طلبه النَّاس مِنْهُ من عزل مَرْوَان عَن كِتَابَته وَعبد اللَّهِ بن أبي سرح عَن مصر فَأجَاب، وَفرق عَليّ النَّاس عَنهُ، ثمَّ اجْتمع مَرْوَان بعثمان فَرده عَن ذَلِك، وَلَكِن عزل ابْن أبي سرح عَن مصر وولاها مُحَمَّد بن أبي بكر. وَتوجه مَعَ مُحَمَّد بن أبي بكر مهاجرون وأنصار، فَبينا هم فِي الطَّرِيق وَإِذا عبد عَليّ هجين يجهده فَقَالُوا لَهُ: إِلَى أَيْن؟ قَالَ: إِلَى الْعَامِل بِمصْر، قَالُوا: هَذَا عَامل مصر - يعنون مُحَمَّد بن أبي