الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الْفَصْل الثَّانِي)
(فِي ذكر مُلُوك الْفرس)
كَانُوا أعظم مُلُوك الأَرْض قَدِيما وترتيبهم لَا يماثلهم غَيرهم فِيهِ وهم أَربع طَبَقَات
طبقَة أولى: يُقَال لَهَا الفيشدادية لِأَن كل وَاحِد مِنْهُم يُقَال لَهُ فيشداد وَمَعْنَاهُ أول سيرة الْعدْل وهم تِسْعَة أوشهنج وطهمورث وجمشيذ وبيوراسب وَهُوَ الضَّحَّاك وأفريدون بن القيان ومنوجهر وأفراسياب وكرشاسب وزو، هذهه طبقَة قديمَة.
وطبقة ثَانِيَة: يُقَال لَهُم الكيانية أَي فِي أول أسمائهم لَفْظَة كي للتنزيه مَعْنَاهَا الروحاني وَقيل الْجَبَّار وهم تِسْعَة أَيْضا كيقباذ وكيكاوس وكيخسرو وكيلهراسب وكيشاسف وكي أزدشير بهمن وهماي بنت أزدشير بهمن ودارا الأول ودارا الثَّانِي وَهُوَ الَّذِي قَتله الْإِسْكَنْدَر وَاسْتولى على ملكه.
وطبقة ثَالِثَة: وهم بعض مُلُوك الطوائف وَيُقَال لَهُم الأشغانية وعدتهم أحد عشر: أشغا بن أشغان وَيُقَال أَشك بن أشكان وشابور بن أشغان وأورمز بن أشغان وبيزن الأشغاني وجودرز الأشغاني ونرسي الأشغاني وهرمز الأشغاني وخسروا الأشغاني وبلاش الأشغاني وأردوان الْأَصْغَر الأشغاني.
وطبقة رَابِعَة: وهم الأكاسرة لِأَن كل وَاحِد يُقَال لَهُ كسْرَى وَيُقَال لَهُم الساسانية نِسْبَة إِلَى جدهم ساسان.
وَملك مِنْهُم عدَّة من النِّسَاء بعد الْهِجْرَة وَاسْتولى عَلَيْهِم غَيرهم من الْفرس وأولهم أزدشير بابك وَآخرهمْ يزدجرد قتل أَيَّام عُثْمَان رضي الله عنه كَمَا سَيَأْتِي إِن شَاءَ اللَّهِ تَعَالَى.
الطَّبَقَة الأولى: الفيشدادية: أوشهنج أول من رتب الْملك وَوضع الْخراج ملكه بعد الطوفان بِمِائَتي سنة وَقيل كَانُوا قبل الطوفان وَكَذَا تَقول الْفرس وَيُنْكِرُونَ الطوفان ويزعمون أَن ملك مُلُوكهمْ لم يَنْقَطِع وَلم يشْتَهر بعد أوشهنج غير طهمورث وَبَينه وَبَين أوشهنج عدَّة آبَاء وسلك سيرة جده وَهُوَ أول من كتب بِالْفَارِسِيَّةِ.
وَبعده " جمشيذ " بجيم مَفْتُوحَة وشين منقوطة ومثناة تَحت وذال منقوطة أَخُو طهمورث لِأَبَوَيْهِ؛ وجم: الْقَمَر، وشيذ: الشعاع أَي شُعَاع الْقَمَر، وَكَذَلِكَ يسمون خورشيذ أَي شُعَاع الشَّمْس؛ فخور اسْم الشَّمْس.
…
...
…
...
…
...
…
...
…
...
…
.
جمشيذ ملك الأقاليم السَّبْعَة وَزَاد فِي صَلَاح السِّيرَة وأحدث النيروز عيدا يتنعمون فِيهِ وَوضع لكل أَمر من الْأُمُور خَاتمًا مَخْصُوصًا فَكتب على خَاتم الْحَرْب الرِّفْق والمداراة وعَلى خَاتم الْخراج الْعدْل والعمارة وعَلى خَاتم الْبَرِيد وَالرسل الصدْق وَالْأَمَانَة وعَلى خَاتم الْمَظَالِم السياسة والانتصاف، وَبقيت رسوم تِلْكَ الْخَوَاتِم حَتَّى محاها الْإِسْلَام ثمَّ بدل سيرته بالتكبر والجبرية على وزرائه وقواده وآثر اللَّذَّات فَتَبِعَهُ بيوراسب حَتَّى قَتله بِالْمِنْشَارِ.
ثمَّ ملك " بيوراسب " الضَّحَّاك وَيُقَال لَهُ الدهاك مَعْنَاهُ عشر آفَات فعرب فَقيل الضَّحَّاك سَار بالعنف والفجور وَالْقَتْل والمكس وَاللَّهْو وَكَانَ على مَنْكِبَيْه سلعتان يحركهما إِذا شَاءَ فَادّعى أَنَّهُمَا حيتان تهويلا.
وَلما أَشْتَدّ جوره ظهر بأصفهان " كابي " قتل لَهُ الضَّحَّاك ابْنَيْنِ فَأخذ كابي عَصا وعلق بطرفها جرابا وَيُقَال كَانَ حدادا وَالَّذِي علقه قطع الحداة وحض النَّاس على مجاهدة بيوراسب واستفحل أمره وَبَقِي ذَلِك الْعلم عِنْد الْفرس ورصعوه بالجواهر وسموه " درفش كابيان ".
فهرب بيوراسب وَأبي كابى أَن يتَمَلَّك لكَونه لَيْسَ من بَيت الْملك وَأمرهمْ فملكوا أفريدون بن القيان من أَوْلَاد جمشيذ واحتوى على منَازِل بيوراسب وأمواله وأسره بدماوند وَقَتله وَكَانَ النَّبِي إِبْرَاهِيم عليه السلام فِي أَوَاخِر أَيَّام الضَّحَّاك وَلذَلِك زعم قوم أَنه نمروذ أَو أَن نمروذ عَامل من عماله وَيَزْعُم كل من الْفرس والسريان وَالْعرب أَن الضَّحَّاك مِنْهُم.
وَكَانَ إِبْرَاهِيم فِي أول ملك أفريدون وَقيل هُوَ ذُو القرنين وَسَار فِي النَّاس بِأَحْسَن سيرة ورد مظالم الضَّحَّاك وَكَانَ لأفريدون ثَلَاثَة أَوْلَاد فقسم الأَرْض بَينهم أَثلَاثًا:
أحدهم " إيرج " جعل لَهُ الْعرَاق والهند والحجاز وَجعله صَاحب التَّاج والسرير وولاه على أَخَوَيْهِ.
وَالثَّانِي " سلم " جعل لَهُ الرّوم وديار مصر وَالْمغْرب.
وَالثَّالِث " طوج " جعل لَهُ الصين وَالتّرْك والمشرق جَمِيعه وَلما مَاتَ أفريدون وثب طوج وَسلم على إيرج فقتلاه واقتسما بِلَاده وملكا الأَرْض وَنَشَأ لإيرج ابْنه منوجهر حقد على عميه وتغلب على ملك أَبِيه وتقوى وَسَار نَحْو التّرْك فَقتل طوج ثمَّ قتل سلم عميه وَأدْركَ ثأر أَبِيه مِنْهُمَا.
ثمَّ نَشأ من ولد طوج ابْنه " أفراسياب " حشد وَحَارب منوهجر بن إيرج وحاصره بطبرستان ثمَّ اصطلحا وَجعلا نهر بَلخ حدا بَينهمَا وَفِي أَيَّام منوجهر ظهر مُوسَى وَذكروا أَن فِرْعَوْن مُوسَى وَهُوَ الْوَلِيد بن الريان كَانَ عَاملا لمنوجهر فتغلب أفراسياب على ملك فَارس وأفسد وَخرب.
ثمَّ ظهر " زو " بن طهماسب من أَوْلَاد منوجهر فطرد أفراسياب إِلَى بِلَاد التّرْك بعد حروب وَأحسن السِّيرَة وَعمر وَأصْلح واستخرج للسواد نهر الزاب وَبنى على حافتيه مَدِينَة
…
...
…
...
…
...
…
...
…
...
…
.
وَكَانَ وزيره كرشاسف من أَوْلَاد طوج بن أفريدون وَقيل اشْتَركَا فِي الْملك.
ذكر الطَّبَقَة الثَّانِيَة وهم الكيانية: ملك بعد هَلَاك كرشاسف كيقباذ بن زو واشبه أَبَاهُ فِي الْخَيْر وَعمارَة الْبِلَاد.
ثمَّ هلك وَملك بعده " كيكاوس " بن كينية بن كيقباذ الْمَذْكُور فَشدد على أعدائه وَقتل خلقا من عُظَمَاء الْبِلَاد وَله ابْن اسْمه سياوش بسين مُهْملَة وَالْأُخْرَى منقوطة كَانَ فِي نِهَايَة الْجمال سلمه أَبوهُ إِلَى رستم الشَّديد نَائِب مملكة سجستان فرباه كَمَا يَنْبَغِي وأتى بِهِ إِلَى وَالِده كيكاوس وَهُوَ فِي نِهَايَة الْأَدَب والفروسية ففرح بِهِ وولاه مَمْلَكَته.
وَكَانَ لكيكاوس زَوْجَة مبدعة الْحسن فهويت سياوش وأعلمته فَامْتنعَ وراجعته حَتَّى طاوعها وتعاشقا شَدِيدا مبرحا وَفِي الآخر علم كيكاوس بذلك فَمنع ابْنه من الدَّار وضربها وحبسها ثمَّ أرضاها فَأرْسلت مَعَ بعض الخصيان إِلَى سياوش تَقول إِن عاهدتني أَن تتَزَوَّج بِي قتلت أَبَاك فَعرف الْخصي كيكاوس بذلك فحبسها وَمنع سياوش من الدُّخُول إِلَيْهِ فَسَأَلَ سياوش رستما الَّذِي رباه أَن يشفع إِلَيْهِ أَن يُرْسِلهُ إِلَى حَرْب أفراسياب ملك التّرْك فَأرْسلهُ مَعَ جَيش فَصَالحه أفراسياب على مَا أَرَادَ وَأرْسل إِلَى أَبِيه يُعلمهُ بذلك فَأنْكر عَلَيْهِ وَقَالَ لَا بُد من الْحَرْب فَلم يُمكن سياوش الْغدر بأفراسياب وَلَا الرُّجُوع إِلَى وَالِده لما ذكر فهرب سياوش إِلَى أفراسياب فَأكْرمه وزوجه ابْنَته ثمَّ أَن أَوْلَاد أفراسياب أغروا والدهم بقتل سياوش وخوفوه عاقبته فَقتله وَبنت أفراسياب حُبْلَى مِنْهُ فَأَرَادَ أَبوهَا قَتلهَا ثمَّ تَركهَا فَولدت ابْنا وَسمع كيكاوس بذلك فَقتل زَوجته لكَون ذَلِك بِسَبَبِهَا وَأرْسل شطارا فِي زِيّ التُّجَّار بِالْمَالِ فسرقوا لَهُ ابْن سياوش وَزَوجته وَاسم الْوَلَد كيخسرو ثمَّ أَن كيكاوس قرر الْملك لِابْنِ ابْنه كيخسرو.
وَهلك وَاسْتمرّ " كيخسروا " ملكا وَقَوي فقصد جده أَبَا أمه أفراسياب طَالبا ثأر أَبِيه سياوش وَجَرت حروب وَفِي الآخر ظفر كيخسروا بأفراسياب وَأَوْلَاده وَعَسْكَره فَقَتلهُمْ وَنهب الْأَمْوَال وَلما أَخذ ثَأْره وَاسْتقر ملكه تزهد وَخرج عَن الدُّنْيَا فَسَأَلَهُ وُجُوه الدولة أَن يعين من يختاره ملكا وَكَانَ لهراسف حَاضرا وَهُوَ من مرازبته فَجعله وَصِيّه وَأَقْبل النَّاس عَلَيْهِ وفقد كيخسرو، مُدَّة ملك كيخسرو سِتُّونَ سنة.
وَلما ملك " لهراسف " وَيُقَال هُوَ ابْن أخي كيكاوس اتخذ سريرا ذَهَبا مرصعا بالجواهر وينبت لَهُ بخراسان بَلخ وسكنها لقِتَال التّرْك.
وَفِي زمن لهراسف كَانَ " بخْتنصر " جعله لهراسف أصيهبدا على الْعرَاق والأهواز وَالروم وَغَرْبِيٌّ دجلة فَأتى دمشق وَصَالَحَهُ أَهلهَا وَصَالَحَهُ بَنو إِسْرَائِيل بالقدس ثمَّ غدروا بِهِ فَقتل وَخرب الْقُدس وارتكب مَا تقدم ذكره فِي مصر وَالْمغْرب وفلسطين والأردن وَحصل مَعَ بخْتنصر من بني إِسْرَائِيل دانيال النَّبِي وَغَيره من أَوْلَاد الْأَنْبِيَاء وَحمل إِلَى لهراسف من الْمغرب وَالشَّام والقدس أَمْوَالًا عَظِيمَة وَاخْتلف المؤرخون فِي بخْتنصر فَقيل كَانَ مُسْتقِلّا بِنَفسِهِ وَقيل كَانَ نَائِبا للْفرس وَالأَصَح أَنه كَانَ نَائِب لهراسف.
…
...
…
...
…
...
…
...
…
...
…
.
وغزا بخْتنصر الْعَرَب وَكَانَ فِي زمن معد بن عدنان فقصده طوائف من الْعَرَب مسالمين فَأحْسن إِلَيْهِم وأنزلهم شاطىء الْفُرَات وبنوا مَوضِع معسكرهم وسموه الأنبار
" رُؤْيا بخْتنصر " وَفِي كتب الْيَهُود والمؤرخين من الْمُسلمين أَن بخْتنصر رأى فِي نَومه صنما رَأسه من ذهب وصدره وذراعاه من فضَّة وبطنه وفخذاه من نُحَاس وساقاه وَقَدمَاهُ من حَدِيد وأصابع قديمَة بَعْضهَا حَدِيد وَبَعضهَا خزف وَأَن حِجَارَة انْقَطَعت من جبل من غير يَد قاطعه لَهَا وصكت الصَّنَم فاندق الْحَدِيد والنحاس وَغَيره وَصَارَ جَمِيع ذَلِك مثل الْغُبَار وألوت بِهِ ريح عَاصِفَة ثمَّ صَارَت الْحِجَارَة الَّتِي صكت الصَّنَم جبلا عَظِيما امْتَلَأت مِنْهُ الأَرْض كلهَا فَقَالَ بخْتنصر لَا أصدق تَعْبِير مَا رَأَيْته إِلَّا مِمَّن يُخْبِرنِي بِمَا رَأَيْت وكتم بخْتنصر ذَلِك وَسَأَلَ الْعلمَاء والسحرة والكهنة عَن ذَلِك فَلم يطق أحدا أَن ينبئه بذلك حَتَّى سَأَلَ دانيال فنبأه دانيال بِصُورَة رُؤْيَاهُ كَمَا رَآهُ بخْتنصر وَلم يخل مِنْهَا بِشَيْء
ثمَّ عبرها لَهُ دانيال فَقَالَ الرَّأْس ملكك وَأَنت بَين الْمُلُوك بِمَنْزِلَة رَأس الصَّنَم الذَّهَب وَالَّذِي يقوم بعْدك دُونك بِمَنْزِلَة الْفضة من الذَّهَب ثمَّ يكون كل مُتَأَخّر أقل مِمَّن قبله مثل مَا أَن النّحاس دون الْفضة وَالْحَدِيد دون النّحاس وَأما الْأَصَابِع الَّتِي بَعْضهَا حَدِيد وَبَعضهَا خزف فَإِن المملكة تصير آخر الْوَقْت مختلطة مُخْتَلفَة بَعْضهَا قوي وَبَعضهَا ضَعِيف.
ثمَّ أَن اللَّهِ تَعَالَى يُقيم بعد ذَلِك مملكة لَا تبيد إِلَى آخر الدَّهْر هَذَا تَعْبِير رُؤْيَاك فَخر بخْتنصر سَاجِدا لدانيال وَأمر لَهُ بِالْخلْعِ وَأَن يقرب لَهُ القرابين قيل تولى بخْتنصر سبعا وَخمسين سنة وشهرا وَثَمَانِية أَيَّام وَتَفْسِير بخْتنصر بِالْعَرَبِيَّةِ عُطَارِد هُوَ ينْطق سمي بذلك لتقريبه الْحُكَمَاء وَالْعُلَمَاء وحبه الْعلم.
وَلما هلك ولي ملك الْفرس بعد بخْتنصر ابْنه أولاق سنة وَاحِدَة وَقتل ثمَّ ابْنه بلطشاصر سنتَيْن وَجلسَ للشراب واحتفل وَجمع فِي مجْلِس عمله ألف نفس من أَصْحَابه وَجعل فِيهِ من آنِية الذَّهَب مَا يفوق الْحصْر فَرَأى على ضوء الشمع يَد إِنْسَان تكْتب على الْحَائِط فَتغير بلطشاصر واضطرب واصطكت ركبتاه فَدَعَا دانيال وَأخْبرهُ بذلك فَقَالَ إِنَّك لما عظمت الذَّهَب وَالْفِضَّة والخشب وَالْحَدِيد وَلَيْسَ فِيهَا مَا ينصرك وَلم تعظم الْإِلَه الَّذِي بِيَدِهِ نسمتك وروحك وَجَمِيع تصاريف أَمرك أرسل كف يَد كتبت مَا مَعْنَاهُ اكشف واعر أَي أَن مملكتك كشفت وعريت وَجعلت لأهل فَارس فَقتل بلطشاصر فِي تِلْكَ اللَّيْلَة وَبِه انقرضت دولة بني بخْتنصر، عدنا إِلَى سِيَاق ملك لهراسف.
ثمَّ ملك بعده ابْنه " كي كشتاسف " ويزعمون أَنه بَاقٍ فِي كمنكد وَهُوَ بنى مَدِينَة نسا وَظهر فِي أَيَّامه " زرادشت " بزاي وَرَاء والشين منقوطة سَاكِنة وَهُوَ صَاحب كتاب الْمَجُوس وَتوقف كشتاسف عَن الدُّخُول فِي دينه ثمَّ صدقه وَدخل فِيهِ وَبَين كشتاسف وَبَين أرجاسف ملك التّرْك حروب عَظِيمَة وقتلى كَثِيرُونَ بِسَبَب زرادشت وَدخُول كشتاسف فِي دينه وانتصر كشتاسف على أرجاسف.
…
...
…
...
…
...
…
...
…
...
…
.
ثمَّ أَن كشتاسف تنسك وَانْقطع لِلْعِبَادَةِ فِي جبل طميذر ولقراءة كتاب زرادشت ثمَّ فقدوا سفندريار بن كشتاسف هلك فِي حَيَاة أَبِيه.
وَخلف ولدا اسْمه " أزدشير بهمن " فَملك حَتَّى ملك الأقاليم السَّبْعَة. من كتاب أبي عِيسَى: أزدشير بهمن اسْمه بالعبرانية كورش هُوَ الَّذِي أَمر بعمارة بَيت الْمُقَدّس وعود بني إِسْرَائِيل إِلَيْهِ وَلَا دَلِيل على أَن أزدشير هُوَ كورش أقوى من كَلَام أشعيا النَّبِي عليه السلام.
فَإِنَّهُ يَقُول فِي الْفَصْل الثَّانِي وَالْعِشْرين من كِتَابه حِكَايَة عَن اللَّهِ تَعَالَى أَنا الْقَائِل لكورش دَاعِي الَّذِي يتمم جَمِيع محياتي وَيَقُول لأورشلم عودي مَبْنِيَّة ولهيلكها كن مزخرفا مزينا هَكَذَا قَالَ الرب لمسيحه كورش الَّذِي أَخذ بِيَمِينِهِ لتدبير الْأُمَم وتنحني لَك ظُهُور الْمُلُوك سائرا بِفَتْح الْأَبْوَاب أُمَامَة فَلَا تغلق وأسير أَنا قدامك وأسهل لَك الوعور وأكسر أَبْوَاب النّحاس وأحبوك بالذخائر الَّتِي فِي الظُّلُمَات وَلم يكن أحد فِي ذَلِك الزَّمَان بِهَذِهِ الصّفة الَّتِي ذكرهَا أشيعا أَعنِي ملك الأأقاليم وَالْحكم على الْأُمَم وَغير ذَلِك مِمَّا ذكره غير أزدشير بهمن فَتعين أَن يكون هُوَ كورش وَكَانَ أزدشير كَرِيمًا متواضعا علامته على كتبه من أزدشير بهمن عبد اللَّهِ وخادم اللَّهِ والسائس لأمركم.
وغزا رُومِية فِي ألف ألف مقَاتل وَبَقِي كَذَلِك إِلَى أَن هلك وَمعنى بهمن الْحسن النِّيَّة وَكَانَ بهمن متزوجا بابنته هماي على رَأْي الْمَجُوس فَتوفي بهمن وَهِي حَامِل مِنْهُ بدارا وَأوصى بهمن أَن يعْقد التَّاج على مَا فِي بَطنهَا وَيخرج ابْنه ساسان من الْملك وساست هماي الْملك بعده وَلحق ساسن بأصطخر وتزهد وَاتخذ غنما يرعاها بِنَفسِهِ وَهَذَا ساسان أَبُو الأكاسرة ثمَّ وضعت هماي ولدا سمته دَارا ابْنهَا وأخوها.
وَلما اشْتَدَّ سلمت إِلَيْهِ الْملك وعزلت نَفسهَا فضبط دَارا وساس وَولد لَهُ ابْن سَمَّاهُ دَارا ابْن دَارا ثمَّ هلك وَولي " دَارا " بن دَارا وَكَانَ حقودا ظَالِما فنفرت عَنهُ الْقُلُوب.
وَفِي زمَان دَارا تملك الْإِسْكَنْدَر الْمَشْهُور ابْن فيلقوس فَعرف سيرة دَارا ونفرة الْقُلُوب عَنهُ فَسَار نَحوه بجيشه فلحق بِهِ كثير من أَصْحَاب دَارا واقتتتلا ثمَّ وثب بعض أَصْحَاب دَارا على دَارا فَقَتَلُوهُ وَأتوا إِلَى الْإِسْكَنْدَر فَقَتلهُمْ عَن آخِرهم وَصَارَ ملك دَارا إِلَى الْإِسْكَنْدَر.
" كَانَ الْإِسْكَنْدَر " بن فيلقوس أَبوهُ أحد مُلُوك اليونان وَكَانُوا طوائف فَلَمَّا ملك الْإِسْكَنْدَر غزاهم وَجمع ملكهم ثمَّ غزا دَارا الْمَذْكُور ثمَّ الْهِنْد وَتَنَاول أَطْرَاف الصين ثمَّ انْصَرف إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة وَكَانَ بناها فَهَلَك بِنَاحِيَة السوَاد وَقيل بشهرروذ وعمره سِتّ وَثَلَاثُونَ سنة فَحمل فِي تَابُوت ذهب إِلَى أمه وَكَانَ ملكه نَحْو ثَلَاث عشرَة سنة وَاجْتمعَ بعده ملك الرّوم وَكَانَ مُتَفَرقًا وافترق ملك فَارس وَكَانَ مجتمعا.
مرض الْإِسْكَنْدَر بالخوانيق وَقيل بالسم وَهُوَ صَاحب أرسطاطاليس وتلميذه وأرسطو الَّذِي أَشَارَ عَلَيْهِ بِعَدَمِ قتل الْفرس وَأَن يولي أكابرهم وَمن يصلح للْملك كل وَاحِد بِرَأْسِهِ مملكة ليحصل بَينهم التباغض وَلَا يجتمعوا على أحد فَفعل فَصَارَ مِنْهُم مُلُوك الطوائف وَكَانَ
…
...
…
...
…
...
…
...
…
...
…
.