الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتبَ عَنْهُ محبُّ الدّين عَبْد اللَّه المَقدسيُّ، وغيره.
وأجاز للعماد محمد ابن البالِسيّ، وأقرانه.
وتُوُفّي فِي عاشر شوَّال. وهو من بيت حديث.
وللقاضي، وابن سعد، وابن الشحنةِ، والمُطَعِّمِ، والبِجَّديّ، وبنتِ الواسطيّ، وابنِ العماد الكاتب، منه إجازةٌ.
[حرف الميم]
683-
مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرحيم.
الإمامُ، سيفُ الدّين، أبو المحامد، الزّنجانيّ.
شيخ جليل.
حدّث ب «إكرام الضيف» للحَرْبيّ، عن أَبِي جعْفَر الصَّيْدلانيّ بحلب فِي رمضان سنة أربعين.
سَمِعَ منه: عَبْد اللَّه بن أَحْمَد التّاذفيّ، وعباس بن بزوان [1] ، وفتح الدّين ابن القيسرانيّ.
ومات بعد السماع بأسبوع في رابع شوّال، وله سبع وسبعون سنة.
684-
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ [2] بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خلف.
أبو عبد الله الأنصاريّ، البلنسيّ.
سمع من: أبي العطاء بن نذير، وأبي عبد الله بن نوح، وأخذ عنهما القراءات والعربية. وسمع أيضا من أبي الخطّاب بن واجب.
ثم زَهِدَ وأقبلَ عَلَى العلمِ، وبَرَع في التّفسير، وجلس لذلك بجامع بلنسية وقتا.
[1] بزوان: بفتح الموحّدة وسكون الزاي. (المشتبه 1/ 122، التوضيح 2/ 97) .
[2]
انظر عن (محمد بن عبد الله البلنسي) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 651، 652، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 6/ 304، 305، ومعرفة القراء الكبار 2/ 645 رقم 613، وغاية النهاية 13/ 178، وطبقات المفسرين للداوديّ 2/ 159- 160.
وأخذ عَنْهُ القراءاتِ جماعةٌ. وصنَّفَ كتاب «نسيم الصبا» فِي الوعظِ عَلَى طريقةِ البَغادِدة [1] ، وكتابا فِي الخطب [2] .
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه الأبَّارُ [3] : كتبتُ عَنْهُ، وصَحِبتُه طويلا. أقام بشاطِبَة حالَ حصارِ بَلَنسْيةَ، لأنّه كَانَ وُجَّه إلى مُرْسِيةَ لاستمدادِ أهلها. وتُوُفّي بأوريُولَة فِي رجب، وأزدَحَم الخلقُ عَلَى نعشِه حتّى كسروه. وولد سنة أربع وسبعين وخمسمائة.
685-
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ [4] بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّد بن مُحَمَّد.
ابن المهتدي باللَّه، الشريفُ، أَبُو الحسنِ، الهاشميُّ، العباسيّ، البغداديّ، العَدْلُ.
وُلِد سنة سبع وخمسين وخمسمائة.
وسَمِعَ من: مُحَمَّد بن نسيم العَيْشُونيّ، وأَبِي العِزِّ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مواهب.
وهو من بيتِ خَطابةٍ وجلالةٍ.
كتبَ عَنْهُ أَبُو الفتح ابن الحاجب، وغيرُه. وله شِعر.
وكان مُتَوددًا، كريما، مُتواضِعًا، رئيسا.
رَوَى لنا عَنْهُ بالإجازة: أَبُو المعالي ابن البالِسي، ومُحَمَّد البجّديّ، وبنتُ الواسطيّ، وغيرُ واحد.
وتُوُفّي فِي الحادي والعشرين من صفر.
قَالَ ابنُ النجارِ: خَدَمَ فِي الأعمالِ، وعُزل من الشهادة مرارا.
[1] قال ابن الأبار: إنها على طريقة ابن الجوزي. (تكملة الصلة) .
[2]
اسمه: «بغية النفوس الزكية في الخطب الوعظية» .
[3]
في تكملة الصلة 2/ 651، 652.
[4]
انظر عن (محمد بن عبد الله العباسي) في: ذيل تاريخ الإسلام بغداد 2/ 30، 31 رقم 238، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 599 رقم 3074، والمختصر المحتاج إليه 1/ 64، والوافي بالوفيات 3/ 314، 315 رقم 1363، والمقفى الكبير 6/ 126 رقم 2571.
686-
مُحَمَّد بن أَبِي الفَرَج [1] عَبْد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد ابن الشَّيْخ أَبِي طَالِب عَبْد القادر بْن مُحَمَّد بْن يوسف.
أَبُو الْحَسَن، اليوُسُفي، البغداديّ.
ولد سنة تسع وستّين وخمسمائة فِي ذي الحجّة.
وسَمِعَ حضورا من: شُهْدَةَ، وأَبِي الْحُسَيْن عَبْد الحقٌ.
كتبَ عَنْهُ الضياءُ عليّ ابن البالِسيّ بمكةَ، وغيرُه.
وأجازَ للفخر إِسْمَاعِيل بْن عساكر، وفاطمة بِنْت سليمان، والبدر ابن الخَلَّال، والبِجديَّ، وبنتِ مؤمن، وجماعة.
تُوُفّي فِي ذي الحجّة.
687-
مُحَمَّد بْن عَبْد الْوَاحِدِ [2] بْن أَحْمَد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الواحد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن أبي عيسى ابن المتوكل على الله جعفر ابن المعتصم ابن الرشيد.
الشريفُ، المُسْنِدُ، أَبُو الكرمِ، المُتَوَكِّلي، البغداديّ، المعروفُ بابنِ شُفْنين.
وُلِد سنة تسعٍ وأربعين وخمسمائة.
وسَمِعَ من: عمّه أَبِي تمَّام عبدِ الكريم بن أَحْمَد الهاشميّ، وأَبِي نصر يحيى بن السّدنك.
وأجاز له: أبو بكر ابن الزّاغونيّ، وأَبُو القاسم نصرُ بن نصر العُكْبَريّ، وأَبُو الوقت، وأبو المظفّر محمد بن أحمد ابن الرُّيْكيُّ، ومُحَمَّد بن عُبَيْد اللَّه الرُّطَبِيّ، وأَحْمَد بن مُحَمَّد بن عَبْد العزيز الْعَبَّاسيُّ، وجماعةٌ.
[1] انظر عن (محمد بن أبي الفرج) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 612 رقم 3105.
[2]
انظر عن (محمد بن عبد الواحد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 604، 605 رقم 3090، والإشارة إلى وفيات الأعيان 342، والإعلام بوفيات الأعلام 266، والمعين في طبقات المحدّثين 200، رقم 2117، والعبر 5/ 166، وسير أعلام النبلاء 23/ 84، 85 رقم 62، والوافي بالوفيات 4/ 68 رقم 1519، والنجوم الزاهرة 6/ 346، وشذرات الذهب 5/ 209.
وكان شيخا جَليلًا، سَريًا. حَسَنَ الطريقة، جيدَ الفضيلة، عالي الإسنادِ.
رَوَى عَنْهُ: ابنُ النّجّار فِي «تاريخه» وأثنى عَلَيْهِ، وجمالُ الدّين الشَّريشيّ، ومجد الدّين ابن العَديم.
وسَمِعَ منه: ابنُ الحاجبِ، وابنُ المجدِ، والطلبةُ. وبالإجازة: القاضيان ابنُ الخُوَيِّيّ وتقيُّ الدّين الحنبليّ، وبهاء الدّين البرزاليّ، والعماد ابن البالسيّ، وعيسى المطعّم، وابن سعد، وأحمد ابن الشّحنة. والبجِديُّ، وبنتُ الرَّضيِّ، وبنتُ مؤمن، وآخرون.
تُوُفّي فِي رابع رجب.
شُفْنِين: لَقَبُ عُبَيْد اللَّه.
688-
مُحَمَّد بن عَليّ بن خُطْلُخ [1] .
أَبُو عَبْد اللَّه، البغداديّ، الصُّوفيّ، الخَيَّاطُ.
سَمِعَ حضورا من تَجَنِّي، وعبدِ الحقّ. وسَمِعَ من عُبَيْد اللَّه بن شاتيل.
رَوَى عَنْهُ جمالُ الدّين الشَّريشيّ، وغيره. وبالإجازةِ إِسْمَاعِيل بن عساكر، وابنُ سعد، وأحمد ابن الشّحنة، وعيسى السمسار، والعماد ابن البالِسيّ، وجماعة.
تُوُفّي فِي مُسْتَهَلّ جُمَادَى الأولى.
وتوفّي سميّه ابن خطلخ [2] في سنة ستّ عشرة وستمائة [3] .
689-
محمّد بن معن [4] بن سلطان.
[1] انظر عن (محمد بن علي بن خطلخ) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي 2/ 151، 152 رقم 386، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 602 رقم 2083، والمختصر المحتاج إليه 1/ 102 وفيه وفاته سنة 616 هـ.
[2]
وقع في المطبوع من: تاريخ الإسلام- ص 426 «خطلج» .
[3]
راجع تعليق الدكتور بشار في الحاشية رقم (334) من: ذيل ابن النجار 2/ 151، 152.
[4]
انظر عن (محمد بن معن) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 614 رقم 3111، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 420 رقم 390، والمقفى الكبير 6/ 477، 478 رقم 2998 وفيه: «محمد بن
أَبُو عَبْد اللَّه، الدّمشقيّ، الصَّيْدلانيّ، والفقيهُ، الشافعيّ.
حدَّث عن الحافظ أَبِي المواهب الحسِن بن صَصْرَى.
ودرَّسَ بالمدرسة الظاهريّة الّتي بظاهرِ دمشق.
أخبرنا عنه شرف الدّين الفزاريّ، والفخر ابن عساكر.
690-
معالي بن أَبِي الخير [1] سَلَامة بن عَبْد اللَّه بن عَلِيّ بن صَدَقَة.
أَبُو الفضل، الحرّانيّ، العَطَّارُ، الحنبليُّ، العَدْلُ، التاجرُ، المعروف بابن سويطلة.
ولد سنة ستّ وستّين وخمسمائة تقريبا بحَرَّان.
وسَمِعَ بأصبهان من: أَبِي الفتح عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد الخِرَقيّ، وأَحْمَد بن يَنَال التُّرك.
وأجازَ لَهُ: أَبُو سَعْد مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد الصائغُ، وأَبُو مُوسَى المديني، وأبو الفتح بن شاتيل، وجماعةٌ.
وكان من كِبار التّجّار بحَرَّان.
رَوَى عَنْهُ: الزكيُّ عبدُ العظيمِ، وأثنى عَلَيْهِ، والنَّجمُ بن حَمْدان الفقيُه، وعبد المنعم ابن النّجيب عبد اللّطيف، وعليّ ابن السّيف بن تيميّة، والتّقيّ إبراهيم ابن الواسطيّ، وعبد الملك ابن العتيقة.
وتوفّي فِي شَعْبان.
وماتَ أخوه حمد قبله.
691-
مكيُّ بن أَبِي طاهرِ [2] بن أَبِي العزِّ بن حمدون.
[ () ] أبي الغنائم بن معن» وهو غلط، ومعجم الشافعية لابن عبد الهادي، ورقة 60، وهدية العارفين 2/ 121، وكشف الظنون 359، وإيضاح المكنون 2/ 608، والدارس 1/ 344- 346، ومعجم المؤلّفين 13/ 430 وفيه وفاته سنة 604 هـ وهو غلط.
[1]
انظر عن (معالي بن أبي الخير) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 607، 608 رقم 3098، وله ذكر في: سير أعلام النبلاء 23/ 8) 85 دون ترجمة.
[2]
انظر عن (مكي بن أبي طاهر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 605، 606 رقم 3092.
أَبُو الحَرَم، الطَّيْبيّ، الكُتُبِيّ، الأديبُ.
وُلِد سنة ستّين وخمسمائة.
وسَمِعَ من: أَبِي الْحُسَيْن عبدِ الحقّ، وعُبَيْد اللَّه بن شاتيل، وجماعةٍ.
وتُوُفّي فِي سادس عشر رجب.
رَوَى عَنْهُ ابن النّجّار.
وأجازَ لابنِ الشّيرازيّ، وجماعةٍ.
692-
منصورٌ المستنصرُ باللَّه [1] . أميرُ المؤمنين، أَبُو جعفرٍ.
ابنُ الظاهر بأمر اللَّه أمير المؤمنين محمد ابن النّاصر لدين الله أبي العباس أحمد ابن المستضيء بأمر الله الحسن ابن المستنجد يوسف ابن المقتفي الهاشميّ، العباسيُّ، البغداديّ.
وُلِد سنة ثمانٍ وثمانين وخمسمائة. وأمّه جارية تركية.
[1] انظر عن (المستنصر باللَّه) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 739، 740، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 607 رقم 3095، وذيل الروضتين 172، وتاريخ الزمان 288، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري 253، والحوادث الجامعة 80، 81، ومفرّج الكروب 5/ 315- 321، والفخري لابن طباطبا 330، وأخبار الأيوبيين لابن العميد 153، 154 (وفيات سنة 639 هـ) ، ومختصر التاريخ لابن الكازروني 258- 265، وإنسان العيون لابن أبي عذيبة، ورقة 249، وتاريخ گزيدة 397، 398، وآثار البلاد وأخبار العباد 236، 302، 314، 316، 495، والمختصر في أخبار البشر 3/ 171، 172، ونهاية الأرب 23/ 321، والدر المطلوب 348، والإعلام بوفيات الأعلام 266، والإشارة إلى وفيات الأعيان 342، 343، ودول الإسلام 2/ 145، 146، والعبر 5/ 166، 167، وسير أعلام النبلاء 23/ 155- 168 رقم 105، وخلاصة الذهب المسبوك للإربلي 285- 289، وتاريخ ابن الوردي 2/ 173، والمختار من تاريخ ابن الجزري 183، ومرآة الجنان 4/ 104، والبداية والنهاية 13/ 159، 160، وكشف المحجّة لثمرات المهجة لابن طاووس 146، ومآثر الإنافة 2/ 78- 88، وتاريخ الخميس للدياربكري 2/ 415، والعسجد المسبوك 2/ 506، 507، والجوهر الثمين 218، 219، والسلوك للمقريزي ج 1 ق 2/ 311، 312، ونثر الجمان للفيومي 2/ ورقة 133، وعقد الجمان للعيني 18/ ورقة 248- 251، وشفاء الغرام بأخبار البلد الحرام للفاسي (بتحقيقنا) 1/ 194، 198، 390، و 2/ 312، 362، والنجوم الزاهرة 6/ 345، 346، وتاريخ الخلفاء 493- 496، وتاريخ ابن سباط (بتحقيقنا) 1/ 327، 328، وتاريخ الأزمنة للدويهي 221، وأخبار الدول للقرماني 180، وتحفة الناظرين 134، وشذرات الذهب 5/ 209.
بُوِيعَ بعدَ موت أَبِيهِ فِي رجب سنة ثلاث وعشرين.
قال ابن النجّار: فنشر العدلَ فِي الرعايا، وبَذَلَ الإنصافَ فِي القضايا، وقَرَّبَ أهلَ العلمِ والدّين، وبنَى المساجدَ والرُّبط والمدارسَ والمارستانات، وأقامَ منارَ الدينِ، وقَمَعَ المتمرِّدة، ونَشَرَ السُّنَنَ، وكَفَّ الفِتَنَ وحَمَلَ الناسَ عَلَى أقومِ سَنَنِ، وقامَ بأمر الجهاد أحسنَ قيام، وجَمَعَ الجيوش لنُصْرةِ الإِسلْام، وحَفِظَ الثُّغورَ، وافتتحَ الحُصون. إلى أن قَالَ: وكان أبيضَ، أشقرَ الشَّعْرِ، ضَخْمًا، قصيرا، وَخَطَّهُ الشيبُ، فخَضَبَ بالحِنَّاء، ثم تَرَكَ الخِضَابَ.
وقال المُوَفَّق عبدُ اللطيف: بُويعَ أَبُو جعْفَر، وسارَ السِّيرةَ الجميلةَ، وعَمَّرَ طرق المعروف الداثرة، وأقام شعائر الدينِ ومنارَ الإسلامِ، وعَمَّرَ بسخَائِه وبَذْلِه.
واجتمعَتِ القلوبُ عَلَى حُبِّه والألسنةٌ عَلَى مدحِه. ولم يَجِدْ أحدٌ من المتعنّتة فِيهِ مَعَابًا قد أطبقوا عَلَيْهِ. وكان جدُّه الناصرُ يُقِّربُه ويُحِبُّه ويُسميه القاضي لعقله وهديه وإنكارِه ما يجدُ من المُنكَرِ. والناسُ معه اليوم فِي بُلَهْنِيَةٍ هنيّة، وعيشةٍ مَرْضيَّةٍ.
وسيرَّ إِلَيْهِ خُوارزم شاه يَلْتَمِسُ منه سَرَاوِيلَ الفُتُوة، فسيَّره إِلَيْهِ مَعَ أموال جمَّةٍ وتُحَفٍ، وفيما سيَّر إِلَيْهِ فرسُ النَّوبة، فسُرَّ بذلك وابتهجَ، وقبَّلَ الأرض مراتٍ شكرا للَّه عَلَى هذه المنزلَة التي رُزِقَها وحُرِمَها أَبُوهُ، ثم إنّه أذْعَنَ بالعبوديَّةِ والطاعةِ.
وقال ابنُ واصل [1] : بَنَى المستنصرُ عَلَى دِجْلةَ من الجانب الشرقيّ ممّا يلي دارَ الخلافةِ مدرسة ما بُنِيَ عَلَى وجه الأرضِ أحسنُ منها ولا أكثُر وقفا، وهي بأربعة مدرّسين على المذاهب الأربعة، وعمل فيها بيمارستانا كبيرا ورتَّبَ فيها مَطْبَخًا للفُقهاءِ، ومزملة للماءِ الباردِ، ورَتَّبَ لبيوتِ الفقهاءِ الحُصُرَ، والبُسُطَ، والفَحْمَ، والأطعمةَ، والوَرَقَ، والحِبْرَ، والزَّيتَ، وغيرَ ذَلِكَ. وللفقيه- بعد ذَلِكَ- فِي الشهر ديناران، ورَتَّبَ لهم حَمَّامًا، ورَتَّبَ لهمِ بالحمَّام قَومَةً. وهذا ما سُبق إِلَيْهِ. وللمدرسةِ شبابيك عَلَى دِجْلة. وللخليفةِ مَنْظَرةٌ مُطِلَّةٌ عَلَى المدرسةِ يَحضُر فيها الخليفةٌ، ويَسَمعُ الدّرسَ [2] إلى أن قالَ: واستخدمَ عساكرَ عظيمة لم يستخدم
[1] في مفرّج الكروب 5/ 316، 317.
[2]
قال الدكتور بشار: ما زالت آثارها قائمة إلى يومنا هذا، وقد كتب الأستاذ الدكتور ناجي معروف
مثلَها أَبُوهُ ولا جدُّه، وكانت تزيدُ عَلَى مائة ألفٍ وعشرين ألفَ فارسٍ، وأكثرَ منَ ذَلِكَ، كذا قَالَ ابنُ واصل [1]- وكان ذا هِمَّةٍ عاليةٍ، وشَجاعةٍ وإقدامٍ عَظيمٍ، قصدت التتار البلاد فلقيهم عسكره فهزموا التتار هزيمة عظيمة. وكان له أخ يُقَالُ لَهُ الخَفَاجي فِيهِ شَهامةٌ زائدةٌ، كانَ يَقُولُ: إنْ وُلِّيتُ لأعْبُرَنَّ بالعساكر نهرَ جَيْحون، وآخذُ البلادَ من أيدي التتار استأصِلُهم. فلمّا ماتَ المستنصرُ لم يَرَ الدُّويدارُ ولا الشَّرابيّ تقليدَ الخَفاجيّ خَوفًا منه، وأقاما أَبَا أَحْمَد للِينةِ وضَعْفِ رأيه، ليكونَ لهما الأمرُ ليُنفذَ اللَّه أمرَه فِي عُبَادة.
وقد رَثَاه الناصرُ داودُ بقصيدةٍ فائقةٍ مَطْلَعُها:
أيا رَنَّةَ الناعي عَبَثْتِ بَمسْمَعِي
…
وأجَّجْتِ [2] نارَ الحُزنِ ما بَيْنَ أضْلُعِي
وأخْرَسْتِ منِّي مِقْوَلًا ذا بَراعةٍ
…
يَصُوغُ أفَانِين القَريضِ المُوشَّع
نَعَيْت إليَّ البَأْسَ والْجُودَ والحِجَى
…
فَأوْقَفْتِ آمالي وأجْرَيْتِ أدْمُعي [3]
وقال الحافظُ عبدُ العظيمِ [4] : مولدُه فِي صفر سنة ثمانٍ وثمانين، وتُوُفّي فِي العشرين من جُمَادَى الأولى.
قَالَ: وكانَ راغبا فِي فعل الخير، مجتهدا فِي تكثير أعمالِ البِرِّ وله فِي ذَلِكَ آثارُ جميلةٌ كثيرة، وأنشأ المدرسة المعروفة بِهِ، ورَتَّبَ فيها من الأمور الدّالَّةِ عَلَى تفقُّدِه لأحوالِ أهل العلم وكثرةِ فكرتِه فيما يقضي براحتهِم وإزاحةِ عِللهم ما هُوَ معروفٌ لمن شاهده وسَمِعَ بِهِ.
وأنبأني ابنُ البُزُوريّ أَنَّهُ تُوُفّي يومَ الجمعة عاشر جُمَادَى الآخرة، وكذا قَالَ ابنُ النّجّار فِي «تاريخه» ، وغيرهُ. وهو الصحيحُ. وقولُ المنذريّ وَهْم.
قَالَ ابنُ البُزُوريّ: تُوُفّي بُكْرةً عن إحدى وخمسين سنة وأربعة أشهر وسبعة
[ () ] رحمه الله فيها وفي علمائها كتابا فخما في مجلدين، طبع ثلاث مرات.
[1]
في مفرّج الكروب 5/ 317.
[2]
في مفرّج الكروب: «فأجّجت» .
[3]
انظر القصيدة- وهي طويلة- في: مفرّج الكروب 5/ 318- 321.
[4]
في التكملة 3/ 605، 606.
أيام. وكُتِمَ يومئذٍ موتهُ فخَطَبوا لَهُ يومئذٍ، فحضرَ شرفُ الدّين إقبال الشَّرابيّ ومعه جَمْعٌ من الخَدَم إلى التّاج الشريف، وحَضَروا بين يدي ولدِه أَبِي أَحْمَد عَبْد اللَّه، فَسَلَّم عَلَيْهِ إقبال بإمرَة المؤمنين، واستدعاهُ إلى سُدَّةِ الخلافةِ، ثمّ عَرَفَ الوزيرُ، وأستاذُ الدّار ذَلِكَ، واسْتكْتماه إلى اللّيل. ثم استدُعيّ الوزيرُ، فجاء من باب السِّرِّ الّذِي بدارِ الأمير علاء الدّين الدُّويدار المقابل لداره، واستدعي- وهو عاجزٌ- فِي مِحَفَّةٍ، وأحضر أيضا مؤيَّدُ الدّين مُحَمَّد ابن العَلْقَميّ أستاذُ دار، فمَثَلا بينَ يَدي السُّدّة، فقبّلا الأرض وهنّئاه بالخلافَة، وعَزَّياه بالمستنصرِ وبايَعاه. وأحْضِرَ جماعةٌ من الأسرةِ الشريفَة من أعمامِه وأولادِ الخُلفاء، ثم خَرَجَ الوزيرُ وسَلَّم إلى الزّعماء والوُلاةِ مَحَالَّ بغداد، وأمر أن لا يركبَ أحدٌ من الأمراءِ من داره. وفي بُكرةِ السَّبْتِ رَأَى الناسُ أبوابَ الخلافةِ مُغْلَقةً، وجلسَ عبدُ اللطيف بن عَبْد الوَهَّاب الواعظُ وأخبرَ بوفاةِ الخليفة وجلوس ولدِه المُستعصم باللَّه- ومولده سنة تسع وستمائة- ثم لمّا ارتفع النهار، استدعي الأعيان للبَيْعَةِ وجلسَ الوزيرُ لعَجزِه، ودونَه بمرقاة أستاذ الدّار، وكانَ يأخُذُ البيعةَ عَلَى الناسِ، وصورتُها.
فبايَعَ النَّاسُ عَلَى درجاتِهم. ثم أسْبلت السَّتارةُ. وبايعَ من الغدِ الأمراءُ الصغارُ والمماليكُ الميامينُ، ثم بايعَ فِي اليوم الثالث مَنْ تَبقَّى من الأمراءِ والتّجّارُ وبياضُ الناس. ثم جلسَ المَلأ للعزاءِ بالمستنصرِ، وتكلّمَ المحتسبُ جمالُ الدّين أَبُو الفَرَج عبدُ الرَّحْمَن ابن محيي الدّين يوسف ابن الإمام أبي الفرج ابن الْجَوْزيّ، وتكلَّم الشُّعراءُ فأوَّلُ مَنْ أوردْ مقدمهم صفيُّ الدُّين عَبْد اللَّه بن جميل حاجبُ المخزن بقصيدته التي يَقُولُ فيها:
عَزَّ العَزَاءُ وأعوزَ الإلمامُ
…
واسْتَرجَعَتْ ما أعطتِ الأيَّامُ
فَدَعِ العُيونَ تَسُحُّ بَعْد فِراقِهم
…
عِوَضَ الدُّموعِ دما فَلَيسَ تُلامُ
بانُوا فلا قَلْبي يَقِرُّ قَرَارُه
…
أسَفًا ولا جَفْني القرِيحُ يَنَامُ
فَعَلى الذين فقدتُهُم وعَدِمْتُهُم
…
مِنِّي تحيةُ مُوجَعٍ وسَلامُ
ثم أنشدَ الشعراءُ وعَزَّوا بالمستنصرِ، وهَنَّئوا بالمُستعصِمِ. ثم بَرَزَت مطالعةٌ عَلَى يد إقبالٍ الشرابيّ فِي كيسٍ، وبَسْمَل الخَدَمُ بينَ يديها، فقرأها الوزيرُ، ثم قَرَأها أستاذُ الدّارِ عَلَى الناسِ قائما خُلاصتُها التأسِّي والتَّسَلِّي والوعدُ بالعَدْلِ والإحسانِ.
قلتُ: بلغَ ارتفاعُ وقوفِ المستنصريةِ فِي بعضِ الأعوام نيّفا وسبعين ألفَ مِثْقال، وتليها فِي الكِبَر وكثرةِ الرَّيْع المنصوريةُ بالقاهرة وبها ضريحُ السُّلطان فِي قُبَّةٍ عظيمة، وبها دارُ جُملة القُري الموقوفة عَلَى المدرسة المستنصرية ما مساحتُه مائة ألف جَريب، وخمسون ألفَ جَريب سوى الخاناتِ والرِّباع، وغير ذَلِكَ.
ويقرُبُ من وقِفها وقوفُ جامع دمشق وهي أكثرُ منه وُقوفًا. لكن اليومَ ما يدخُلُ المستنصريَّة عُشرُ ذَلِكَ، بل أقَلُّ بكثير [1] .
693-
منصورُ بنُ عَبْد اللَّه [2] بن جامع بن مُقَلَّد.
الشيخُ شرفُ الدّين، أَبُو عَلِيّ، الأَنْصَارِيّ، الدَّهْشوريّ، الْمَصْريّ، المقرئ، الضَّريرُ.
قرأ القراءاتِ عَلَى أَبي الجودِ، وعلى أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن عُمَر القُرْطُبيّ- صاحب الشّاطبيّ- وقرأ بدمشق بكتابِ «المُبهج» [3] عَلَى أَبِي اليُمن الكِنْديّ.
وسَمِعَ من عُمَر بن طَبَرْزَد، وغيره. وتصدرَ للإقراءِ بالفَيُّوم مدّة.
وقرأ عَلَيْهِ جماعةٌ منهم الرشيدُ بنُ أَبِي الدُّرّ.
تُوُفّي فِي هذا العام أو فِي الّذِي بعدَه. قاله المُنْذريُّ [4] .
ودَهْشور: من أعمال جِيزة الفُسطاطِ.
[1] انظر «وقفية المستنصرية» في: حوادث سنة 631 هـ. من هذا الجزء.
[2]
انظر عن (منصور بن عبد الله) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 615 رقم 3113، ومعرفة القراء الكبار 2/ 643 رقم 609، وغاية النهاية 2/ 313، وبغية الوعاة 1/ 238، وحسن المحاضرة 1/ 500، وله ذكر في سير أعلام النبلاء 23/ 85 دون ترجمة.
[3]
لسبط ابن الخياط.
[4]
في التكملة 3/ 615.