الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكانوا ثلاثة وما لبث رب العائلة بعد رؤيتهم صرعى على وجه الأرض حتَّى هام على وجهه مجنونًا قد سلب عقله، وقد حدَّثنا من رأى تلك الأهوال والمخازي التي تبعث الأحزان وتثير الأشجان وتقشعر لها الأبدان قال: وصلنا إلى مدينة عمَّان فرأيت آثار الغارات الجوية الإسرائيلية الرهيبة على المنطقة، وظهر أن المنطقة تعرضت لقصف شديد جوي وكان مدرج المطار قد تعرض أيضًا لإحدى قنابل النابالم الجهنمية فتحول إلى كتلة من السواد وبدا منظره كئيبًا ومن الأهالي من وجم ومنهم من يخاطب بلغة الملتاع والملهوف ومنهم من يهذي ويتحدث بلوعة الفجوع والمصاب ومن النَّاس من يقلب كفَّيه ونقول كيف وقع الأمر كذلك. قال: ورأيت النَّاس يبكون ورأيتهم في وجوم وفي وضع كريه وفي حالة من الإعياء شديدة وأسى، سكان الضفة الغربية من الأردن بحالة كريهة يرثى لها قد شتت شملهم وانتهبت أراضيهم وأملاكهم وهتكت محارمهم وجرى عليهم من أمر الله ما لا يطاق وجر الدهر عليهم من حوادثه ما لا تبلغه العبادة وأصيبت مصر بذهاب جزء كبير من أراضيها ولولا أن الأمم المتحدة أصدرت أوامرها بكف القتال ووقفه لاستولت اليهود على القاهرة نفسها فعند ذلك قام الرئيس الذي سولت نفسه الاستيلاء على بلاد العرب وأن يبسط يده على نيلها وفراتها ويمنها ونجدها يستجدي من ملوك العرب أن يحموه ويحموا بلاده وإلا فإنَّه سيستسلم لإسرائيل.
ذكر ما جرى بعد نكسة حزيران
لما جرت نكسة 5 حزيران أشاع جمال عبد الناصر لملوك ورؤساء العرب في مؤتمر القمة الرابع بأنه لا بد من أمرين إمَّا أن تسير مصر في طريق الاستسلام أو يعيشوا في طريق النضال الطويل والمرير، ثم علق أمام رؤساء العرب طريق النضال يحتاج إلى الدعم المالي لفناء القوات العسكرية لأنَّ مصر أصبحت محرومة من مائة وسبعين مليون جنيه إسترليني هي عماد الجيش المصري وعماد ميزانيته بعد إضاعة مائة وعشرة ملايين جنيه من دخل قناة السويس وأربعين مليون جنيه من السياحة
وعشرين مليون جنيه من آبار بترول سيناء، ولكي تصمد مصر فهي بحاجة إلى خمسة وتسعين مليون جنيه إسترليني سنويًّا، أما إذا استمرت الحال على ما هي عليه فكما أن نجوع أو نسلم بالواقع ونحن قادرون على أن نصبر ستة أشهر فقط إذا استمرت الحال هكذا وعندها تكلم الملك حسين قال: إن كلام الرئيس عبد الناصر لا يعبر عن الحال في مصر وحدها بل يعبر عن واقع الحال في الأردن أيضًا، ونحن الآن بدون مساعدات ولكي نتمكن من الصمود نحن بحاجة إلى 40 مليون جنيه إسترليني سنويًّا، وختم كلامه قائلًا: الأردن لا يستطيع أن يصمد أكثر من شهرين إذا بقيت الحالة على ما غدت عليه، ولما لم يكن الاستسلام مقبولًا أو سائغًا أصلًا في ذهن أحد من ملوك العرب ورؤسائها فقد اتجه تفكيرهم فيما هو المطلوب للصمود وحسم الملك فيصل النقاش عندما قال: القضية أصبحت واضحة لا بد من توفير مائة وخمسة وثلاثين مليون جنيه إسترليني إلى أن يزول آثار العدوان هو الذي طلبه الأخوان الملك حسين والرئيس عبد الناصر، فساد صمت في جو المؤتمر دام بضع دقائق قطعه الملك فيصل مجددًا بإعلانه أن المملكة العربية السعودية تتعهد بدفع ثلث المبلغ اعتبارًا من السنة الحالية وكل سنة إلى أن تزول آثار العدوان ولما شرع مؤتمر القمة بمناقشة ما أعلنه الملك فيصل قال رئيس الوزراء السودانية المدعو بالسيد محجوب اقترح أن تدفع المملكة العربيَّة السعودية خمسين مليون جنيه سنويًّا وأن تدفع الكويت خمسة وخمسين مليونًا على أن تدفع ليبيا الباقي وقدره ثلاثون مليون جنيه إسترليني لدعم الصمود العربي وبقي فيصل من عام (1967 م / 1387 هـ) يدفع التزامات الصمود لكل من مصر والأردن بل فعل أكثر من ذلك أن قدم للأردن خمسة عشر مليون جنيه اشترى بها أسلحة ثقيلة من بريطانيا لتقوية جيشه وأمد الجيش الأردني بالعديد من أسلحة الجيش السعودي بالإضافة إلى تحمل المملكة العربيَّة السعودية نفقات مرابطة لواء عسكري سعودي مدرع مقابل إسرائيل على امتداد 160 كيلو متر من الجهة الأردنية في الضفة الشرقية منذ عام (1967 م) ويمد الفيصل منطقة فتح بالعون وارتفع رقم التزام