الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بأي طريقة كانت هذا ولا تزال الطائرات فوق رؤوسنا تدور وقد وصلت بنا الأحوال إلى شكل ما أحد يتصوره ولكن والحمد لله مقسوم لنا بقية حياة مهما كانت الأخطار وبعد هذا بأيام سمعنا وأخبرنا أن فيه تحشدات وكنا نشاهدها أمامنا على بعد خمس كيلو غربًا ثم استمر يصف قصف الطائرات اليهودية فقال إنها تقدمت أربع طائرات يهودية فاستمرت تقصف إحدى المدن التي حوالينا حتى كانت الأرض كأنما أصيبت بالزلزال هدموا العمائر وحطموا الآلات والسيارات كلها فكنت لا تعرف حطائم العمائر من حطائم السيارات ونحن قد ساد علينا القلق والخوف الشديد وبعد عدة مرات نوقن باليأس من الحياة واستمرت هذه الأحوال هائجة مائجة.
عدوان صارخ أثيم
المسجد الأقصى يحرق بالنار لما كان في يوم الخميس الموافق 8/ 6 من هذه السنة عمل اليهود عملًا لا تستك له أسماع المؤمنين وتنكره فطر العالمين ذلك بأن اليهود حرقوا المسجد الأقصى وقع الحريق في جهته الجنوبية الشرقية وتجرؤوا هذه الجراءة العظمى ولما جرت تلك الجريمة الشنعاء اهتز لها العالم الإسلامي وشارك رجال الدين المسيحي العرب والإسلام في استنكار الحادث وصاحوا بأنه حادث جلل وعقدت على الفور اجتماعات طارئة في معظم العواصم العربية والأجنبية لدراسة نتائج الحادث وبكل حال فإن الله تعالى وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة لم ينتقم من أعداء الله وأعداء رسله ولم يأذن بنصر للعرب حتى كتابة هذه الأحرف، وهذا النصر ليس مجرد الإذاعات والأقوال فقط إنما النصر هو سحق اليهود وطردهم وقتلهم حيثما وجدوا وأخذهم وحصرهم ولا بد إن شاء الله من أن ينصر الله المسلمين والعرب وكان ذلك اليوم يوافق 21 أغسطس (1969 م). قال الأستاذ غازي فتحي محمد سليم أحد المنتدبين للتدريس في السعودية من فلسطين هذه القصيدة وأهداها إليّ يشكو زمانه وما توصلت الأحوال إليه:
كيف السبيل إلى السعادة والربى
…
عاثت بها الأنذال والجبناء
كيف السبيل إلى النعيم وأرضنا
…
تاهت بها الكفار والسفهاء
كيف السبيل إلى سعادتنا ولم
…
تشمل عدوي غارة شهواء
تنقض مضجع جيشه وجنوده
…
وتفر رعبًا غادة غذراء
والكهل يشكو صارخًا ومولولًا
…
يبغي فرارًا ليس منه نجاء
والأم تذهل عن صغار رضع
…
لم يجدها يوم الفرار عناء
فتعوم أرض بالدماء وترتوي
…
من غلة الصادي بها الآباء
والجند تقتل بكرة وعشيه
…
وحريمهم خدم لنا وإماء
يا مسجد الأقصى وأول قبلة
…
جابت حماك رجالنا البسلاء
حرم الخليل أتتك جند محمد
…
جاءوك شعثًا ما بهم خيلاء
وغدت زحوف المسلمين منارها
…
دين وبر والوفاء وفاء
ويظلها التوحيد ليس يضيرها
…
أسطولهم وعنادهم وفضاء
الله أكبر صيحة جبارة
…
إن أطلقت خرت لها سيناء
الله أكبر نملأ الدنيا بها
…
رعبًا تخر لهولها الجوزاء
وتزلزلت أركان صهيون لها
…
وتصدعت جنباته الركناء
يكفيك إسرائيل منا نومة
…
طالت وطال جحيمها وشقاء
هذي جحافلنا بمعترك الوغا
…
ضجت بها أرض وضج سماء
وقال مسلم غيور من موظفي المعهد العلمي ببريدة:
أتطفئ نور الله نفخة كافر
…
تعالى الذي بالكبرياء تفردا
إذا جلجلت الله أكبر في الوغا
…
تجادلت الأصوات غرد لك الندا
هناك التقى الجمعان جمع يقوده
…
غرور أبي جهل كهرٍ تأسدا
وجمع عليه من هداه مهابة
…
وحاديه بالآيات في الصبر قد حدا
وشمر خير الخلق عن ساعد الندا
…
وهز على رأس الطغاة المهندا
وجبريل في الأفق القريب يكبر
…
ليلقى الونا والرعب في أنفس العدا
وسرعان ما فرت قريش يجمعها
…
وعاتت أبا جهل هناك ممدا
منكسة الرايات مغلولة العرى
…
جريحة كبر قد طغى فتبددا
ولما أن جرى من اليهود ذلك الأجرام وهو تحريق المسجد الأقصى قام العرب وفقدوا وبعثوا صرخاتهم إلى العالم الإسلامي في مشارف الأرض ومغاربها ورن صداء هذه الجريمة وطلبوا إنقاذ ثالث المسجدين وأولى القبلتين وطالبوا بحقوق المسلمين ومقدساتهم وحقوق الإسلام وطار صدى هذه الفعلة الذميمة والجريمة الشنيعة واهتم لذلك العاهل السعودي ملك الملكة العربية السعودية فيصل بن عبد العزيز ووجه نداء دعا فيه إلى الجهاد القدس ثم توالت النداءات والتصريحات من كافة أرجاء الوطن الإسلامي الكبير من باكستان والصومال وتونس وتركيا وماليزيا وكشمير وموريتانيا وسيلان وقطر والكويت وقد لبى نداء الملك فيصل بن عبد العزيز سائر دول الإسلام وانهالت برقيات التأييد وهذه برقية من وزير الدفاع سلطان بن عبد العزيز (حضرة صاحب الجلالة مولاي القائد الأعلى للقوات المسلحة الملك فيصل بن عبد العزيز المعظم يتشرف الخادم بأن يرفع إلى علم جلالتكم بأنه ما أن سمعت قوات جلالتكم السلحة للنداء الذي أعلنتموه بشرف الجهاد في سبيل الله بغية تخليص القدسات في فلسطين المحتلة وحمايتها من بغي الظالمين المعتدين حتى انهالت علينا مئات البرقيات من رئيس أركان حرب الجيش وجميع قادة المناطق والأسلحة المختلفة في كافة أنحاء المملكة العربية السعودية وقد هبوا جميعًا لتلبية النداء وتأييد الدعوة التي تمتثلون فيها لأمر الله وتنصرون فيها دين الله وتعلون بها كلمة الحق ولواء التوحيد وهم بهذا إنما يعبرون لقائدهم ولمليكهم عن شعور إسلامي صادق وعقيدة راسخة متينة في ولاء وإخلاص لنتاج المفدى وللوطن العزيز أعز الله الإسلام ونصر المسلمين وحفظ جلالتكم وأيدكم بالنصر والتوفيق مولاي المعظم سلطان بن عبد العزيز).
فأجابه الملك شاكرًا لهذا الاستعداد وقال في الجواب أبلغوا الجيش العربي أن يكونوا دومًا على أهبة الاستعداد ليوم الجهاد بعد أن طال الانتظار وبعد المصير الإمضاء فيصل.
أما ما كان عن إسرائيل أو اليهود فإنها زعمت بأنها لم تقدم على حريق المسجد الأقصى وأنه لا يمكن أن يصدق بهذا إنسان في رأسه قليل من عقل وإنما جرى الاحتراق بقضية التماس كهربائي ثم عدلت عن هذا وزعمت أن شابًّا مسيحيًّا أستراليًا خجولًا يحمل الإنجيل معه ويقرأه طوال الليل وآناء النهار من أتباع كنيسة الله وهم جماعة بروتستانتية متطرفة هو الذي قام بهذا العمل الإجرامي وأن هذا الشاب قضى بضعة أشهر في إسرائيل ويعمل في إحدى المستعمرات بالقرب من تل أبيب! أما عن الحسين بن طلال ملك الأردن فكما قيل:
أخو الحرب إن عضت به الحرب عضها
…
وإن شمرت يومًا به الحرب شمرا
كليث هزبر كان يحمي ذماره
…
رمته المنايا قصدها فتقطرا
وكان قد تقدم من اليهود في مستهل هذه السنة أعمال سيئة ففي 13 محرم أصيبت العرب بمحن منها واعتقل 1200 ما بين شاب وفتاة في القدس ضمن حملة إرهابية شنتها سلطات الاحتلال وكذلك اعتقلت أربعين طالبة وفتاة ومن ضمن هؤلاء فتاة توفيت في إحدى السجون نتيجة التعذيب الذي تعرضت له على أيدي جنود الاحتلال، وكذلك اعتقلت سلطات الاحتلال أكثر من سبع عشر فتاة وشابًا من عائلة واحدة من ضمنهم شاب في العشرين من عمره وقد سئمت السلطات من تعذيبه وعدم اعترافه بالتهم الموجهة إليه فأخذوه إلى منزله وبدأ جنود الاحتلال بضربه أمام والدته العجوز وقد حاول الشاب القفز من نافذة المنزل فأطلق عليه الجنود النار وأصابوه بجروح مختلفة. هذه بعض من كل من قساوة اليهود وشدة عداوتهم للإسلام وأهله مما يدمي القلوب ويثير الأشجان ويبعث الأحزان ومما أنشده أحد الموتورين من هذه الأعمال في وقت عيد الفطر وأيامه:
في العيد يرقص كل قلب ناعم
…
إلا قلوبًا بالعراء دوامي
اتخذت من الغبراء متفرشًا لها
…
وتسربلت بالعري والأسقام
تشكو ولكن لا يحس شكاتها
…
غير المليك الواحد العلام
تتعاقب المحن الشداد عليهم
…
كتعاقب الأيام والأعوام