الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فما كان يتعارف به أحد ويستطيع أن ينفك من وثاق صداقته وله مقام كبير لدى آل سعود لإخلاصه وله ذكر طيب داخل البلاد وخارجها وكان بيته مفتوحًا للزائرين من الوزراء والعلماء والأعيان ولهذا البيت مكانة عظمى عند حكام الحجاز وهو من أكبر أعيان مدينة جدة بل من أكبر أعان الحجاز ومدارسه ومذاكرة ومراجعة في مكتبته الكبرى وكانوا يراجعونه في المشكلات العلمية فيجدون لديه كشفها ولما تقدمت به السن كان يقول للمراجع قم لهذه الخزانة ويشير إلى إحدى خزانات الكتب وخذ الكتاب الفلاني فالمسألة فيه فإذا أتى بالكتاب أخذه وأخرج لهم المسألة ثم يعلق عليها بما يعرفه نتيجة دراساته الدائمة وقل أن يوجد عالم أو طالب علم باحث ومحقق إلا ويعرفه ويعرف داره وجعل الله له شهرة بين الأمة.
وفاؤه وكرمه
كان مما امتاز به عن بني جنسه أنه إذا غاب عنه مجالسه يسأل عنه ويزوره وكان يزور إخوانه وهو في مرضه الأخير وقد كان ينبغي أن يزار ولا يزور. قال عنه أحد أصحابه أنه زارني في لندن لما ذهب للعلاج فيها ولما تقدمت به السن وأحس بالضعف العام صار يتقوى على الضعف والمرض بالصبر ولم يتغير نظامه في مجلسه واستقباله للضيوف فقد كان يطرق أبواب الصحة ويبحث عنها في عقاقير الأطباء وفي الابتهالات والدعاء لله سبحانه وتعالى فلا يوجد معه عند الاجتماع به حتى في أيامه الأخيرة غم أو قلق أو ضجر فلا يوجد إلا باسمًا متحدثًا ليدخل السرور على جلسائه بمزاحه اللطيف ونكاته التي يقتضيها مقام الحديث فلم يضعف أبدًا رغم حملات الضعف عليه وكان مصليًا صائمًا ورعًا يخشى الله ويراقبه ويقول زواره أنا إذا زرناه نجده إما يتوضأ أو يصلي أو قد انتهى من الصلاة أو بيده كتاب يقرأه ولقد جرى عليه نكبة من الأشراف بسب تهمة موجهة إليه بأنه يميل إلى آل سعود لأنه متصف بسمات وصفات أهل الدين والإيمان فرماه الأعداء بقوس العداوة وما زالوا يقذفون عليه حتى اعتقله علي بن الحسين الشريف وثلاثة معه ونفاهم إلى والده في العقبة فألقاهم الحسين هناك في قبو مظلم لا فراش فيه ولا نور ولقي إهانة
غير أن الله كتب له النجاة وقد قدمنا القصة في حرب جدة فرجع محفوظًا بعناية الق نائلًا السلامة فاعتذر إليه الملك علي بن الحسين بأنه قيل فيه وقيل وخرج بريئًا وما كان حقه الإهانة بل الواجب التبين والتثبت وبئس مطية الرجل زعموا ولكن أعداء الله لا يزهدون في أذية أوليائه ولقد حرصت على رؤيته في أيام هذه الحياة لأني أحب الأتقياء والأوفياء غير أن الله لم يقدر ذلك وكان معظَّمًا محترمًا وله مقالات مفيدة في الصحافة السعودية وفي صفحات العالم الإسلام والعربي وعنى بنشر مفيد الكتب وتوزيعها مجانًا على طلاب العلم ابتغاء ثواب الله وله اطلاع واسع على شتى العلوم والتواريخ والحقيقة أن مدينة جدة فقدت بموته ابنًا بارًا من أبناء هذه البلاد ولما أن ذهب إلى لندن للعلاج وأمضى فيها فترة أسبوع قال بعض أصحابه كنت دائم الاتصال به في لندن وكنت أزوره في المستشفى فقد دخله لإجراء فحوصات عامة وقال لصديقه قبل خروجه بيوم أن الأطباء حللوا الدم والبول وأخذوا أشعة لصدره وظهره وقاموا بعملية كشف بالناظور وقالوا أن كل شيء على ما يرام وكان يشتكي من ألم في ركبتيه عند المشي وقال أن الأطباء أعطوني علاجًا لهما وتحسنت كثيرًا وأعطوني علاجًا استعمله في جدة إذا لزم الأمر. قال: وآخر يوم سافر بعده كنا نتغدى سوية في أحد المطاعم وعند خروجنا من المطعم كانت خادمة من النساء تعمل في المطعم فهرولت المرأة ومسكت بيده لتساعده على السير فقال لحفيده الدكتور محمد نصيف قل لها أنني أريد عروسًا وهو يضحك فطفح السرور على وجه الخادمة لما رأته يتبدى الراحة وسارت تساعده على السير حتى خرج من باب المطعم إلى السيارة وذلك تعظيمًا لهذه الأخلاق الفاضلة مريض يعاني الثقل والمشاق وهو يمازح رفقته ومن حواليه ليدخل السرور عليه ولما اشتدت آلام ركبتيه عند المشي وأثناء الصلاة عمل متكأين خشبيين أحدهما على اليمين والثاني على الشمال ويدخل بينهما في الصلاة ويتكي عليهما عند القيام والقعود فإذا حانت الصلاة فإنه يصلي على ذينك المتكأين ثم أنه ذهب لبيروت وأمضى أسبوعًا للاستجمام وعاد إلى جده فتوجه إلى الهدى والراحة والاستجمام