الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومحمد بن حمدان مدير مالية بريدة وقد أشرنا إلى ذلك في تلك السنة ولد الأمير مبارك عام (1299 هـ)، وكان عاقلًا رزينًا مداريًا، له سمت عظيم ثم ولاه الملك عبد العزيز إمارة القصيم وكان في قصر الحكم في بريدة وكيلًا بالنيابة لما نقل الأمير عبد العزيز بن مساعد إلى إمارة حائل، وذلك في عام (1340 هـ) فقام بهذه الوظيفة خير قيام ولبث في الإمارة فيها موضع الإعجاب إلى عام (1346 هـ) حيث أنها لما تطورت مشكلة الدويش وابن بجاد ومن تبعهما من البادية فجعلت الحكومة في إمارة القصيم الأمير مشاري بن جلوي لأنها مركز الدائرة ولأن تلك المنطقة كانت مهددة من أولئك الأشقياء ولما زالت تلك السحابة وتوفي الأمير مشاري رحمه الله وولي بعده تركي بن عبد العزيز بن ذعار لم يلبث في الإمارة إلا يسيرًا بحيث أعيد الأمير مبارك إلى الإمارة فيها وذلك في آخر سنة (1348 هـ) فباشر عمله فيها وكان حليمًا عاقلًا فاستمر في الإمارة ست سنين لم يشاغب ولم يحدث في إمارته تشويش ثم نقل وجعل مكانه الأمير عبد الله بن فيصل بن فرحان وذلك في سنة (1354 هـ).
وكان المترجم أسمر اللون طوالًا عليه آثار السيادة والرجولة لا يضحك ولما يمزح ولما يغضب ومرضيًا للجميع ويذكر بالحلم والصفح مع هيبة ووقار رأيته في سنة (1346 هـ) وقد خرج لاستقبال صاحب الجلالة لما قدم لمهمة الغزو فكان ممتطيًا الفرس ميممًا روضة الربيعية عليه زبون من الكشمير فوق القميص والشال الصوفي المزركش وأرخى السراويل الذي خرجت أكمامه من أسفل والعقال على رأسه ورأيته قبل وفاته بسنتين إلى جانب فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز في بيت الشيخ بالرياض فسلم علي لما عرفه بي فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز.
عفوه وتجاوزه
خرج مرة في الساعة الرابعة ليلًا من دعوة أحد الأعيان ومعه أحد رجاله فرأى أحمالًا في الماقفة في بريدة في طريقه إلى القصر كان أصحابها قد هربوها وهي من البن والهيل فلما رأوا الأمير وجلوا وسقط في أيديهم ووجموا عن الكلام فوقف
عليها وجعل ينكتها بالعصا ويقول هذا كرمع (قرض) فزال الخوف عنهم وقالوا نعم يا طويل العمر فهمس الخادم بأذنه يقول إنها قهوة وهيل فقال اسكت فمن سألك وذهب كأن لم يرها فهنيئًا لك يا أبا صالح وأمن الله خوفك وهكذا الرجال يعفون مع القدرة.
ومن عطفه ورأفته التي سيجازيه الله عليها أنه نزل عليه أوامر من جلالة الملك بأن يقبض على رجل يدعى جميعان قدم إلى قرية من قرى القصيم فيسجنه ويصادر أمواله ذلك بأنها تكررت تهريباته ومخالفائه فسأل عن بيته وأمر الخدم والرجال أن يقبضوا عليه في وقت صلاة الفجر ثم ركب الفرس على خفية بعد صلاة العشاء الآخرة حتى طرق الباب عليه في قريته وقال له انجُ بنفسك أتعرفني قال نعم وأشكرك فاخبره بأنها نزلت عليه الأوامر من سيده ولما يسعه إلا تنفيذها وأرشده بأن يوزع البضاعة عند معارفه ويخرجها من بيته في ليلته ويفر إلى جهة غير معلومة فقام الرجل من فوره يسعى في خلاص نفسه لأنه إن وجد فإنه سيعاقب بما يستحقه من التأديب في نفسه وماله ونجى تحت ظلام الليل، ولما أن جرى التفتيش امتثالًا للأوامر في الوقت المعين كتب المحضر بأنه ليس موجودًا ولم يكن في بيته شيء هذا شيء من رحمته وعطفه ونزل عليه أمر من أحد أمراء البيت المالك بأن البندقية الموجودة بيد فلان قد سرقت من أحد رجالنا فاقبضها وكان هذا الرجل الموجودة بيده يدعى عبد الله بن علي الحمادي من أطايب الرجال فدعى به وقال يا ولدي هكذا جرى وإن فيصل بن عبد العزيز أقوى مني ومنك فأجاب بأنه لم يسرقها وإنما اشتراها بحر ماله من أعرابي بحضرة شهود فقال نعم، ولكن ما هو اسم ابنك فأجاب بقوله اسه صالح فقال يا أبا صالح أخبرتك بأن فلان ضلع حديد إن سقط علينا أهلكنا وإن سقطنا عليه هلكنا ولا بد من حضورها وسنعوضك بعض الشيء ونبعث لسمو الأمير يعوضك البقية إن شاء الله فقبضها ودفعها مرضيًا لصاحبها فكان الرجل يمتدح الأمير ويثني عليه بحسن تصرفه، وقد أنجب أولادًا فمهم صالح النجل الأكبر وكان رصينًا عاقلًا ويجعله والده بالوكالة عنه إذا غاب وكان موظفًا