المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌رحلتنا إلى قطر عالم (1390 ه - تذكرة أولي النهى والعرفان بأيام الله الواحد الديان وذكر حوادث الزمان - جـ ٦

[إبراهيم بن عبيد آل عبد المحسن]

فهرس الكتاب

- ‌ثم دخلت سنة (1385 ه

- ‌أخطار تهدد بني الإنسان

- ‌ المدير العام للمعارف السعودية سابقًا الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع

- ‌ذكر الوظائف التي نالها

- ‌وفاة رئيس الجمهورية العراقية

- ‌إعادة السلام بين الهند وباكستان

- ‌إذاعة جديدة

- ‌ثم دخلت سنة (1386 ه

- ‌شباب سعوديون يتخرجون من الجامعات الأمريكية

- ‌حادثة غريبة

- ‌ذكر من توفي فيها من الأعيان

- ‌قتل عالم من العلماء

- ‌الأوساط الإسلامية تناشد الرئيس جمال عبد الناصر

- ‌إعدام الشهيد

- ‌مولده وحياته

- ‌تعذيب الإخوان المسلمين

- ‌نوع آخر من التعذيب

- ‌ركن ينهد في شرقي المملكة

- ‌ أمير المنطقة الشرقية سعود بن جلوي

- ‌تشييع جنازته

- ‌عواصف شديدة ورياح مزعجة تهب على الشرق الأوسط

- ‌عقوبات للمفسدين وتنكيل بالمخربين والمعتدين

- ‌ثم دخلت سنة (1387 ه

- ‌ذكر ما جرى فيها من الحوادث

- ‌حرب بن العرب وإسرائيل

- ‌ذنوب تحيط بأهلها وعقوبات عاجلة

- ‌تراجع العرب إلى جبهة القتال

- ‌المرابطة في الجبهة

- ‌أعمال الأسد الجريح

- ‌قتل المشير عبد الحكيم عامر

- ‌ذكر الأهوال والأحداث المريرة التي جرت من اليهود

- ‌ذكر ما جرى بعد نكسة حزيران

- ‌ذكر من توفي فيها من الأعيان

- ‌كائنة غريبة

- ‌ذكر الحرب الأهلية في نيجيريا

- ‌ذكر ما حصل من القتل والتشريد

- ‌تلفزيون القصيم

- ‌ذكر مقام إبراهيم عليه السلام

- ‌نافورة الريع

- ‌ثم دخلت سنة (1388 ه

- ‌مكة المكرمة تستهدف لأمطار غزيرة

- ‌ذكر ضحايا ذلك السيل

- ‌طعنة في الصميم

- ‌احتلال اليهود مطار لبنان

- ‌خلع رئيس الجمهورية العراقية

- ‌وفاة عالم ديني

- ‌ الشيخ سليمان الناصر السعدي

- ‌أخلاقه وشمائله

- ‌وفاة أمير القصيم سابقًا

- ‌عفوه وتجاوزه

- ‌أخبار عن وزير الدولة شلهوب

- ‌مصائب تنزل بالعالم

- ‌ذكر ما جرى فيها من الحوادث

- ‌ذكر شيء من إصلاحات الملك فيصل

- ‌ثم دخلت سنة (1389 ه

- ‌عدوان صارخ أثيم

- ‌أعمال الفدائيين

- ‌ذكر ما جرى فيها من الحوادث

- ‌إمارة فهد بن محمد بن عبد الرحمن

- ‌ذكر من توفي فيها من الأعيان

- ‌اعتداء أثيم

- ‌المبنى الكبير للجامعة الإسلامية

- ‌مصاب عظيم وركن ينهل في عاصمة المملكة السعودية

- ‌ الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله

- ‌دروسه وتدريساته

- ‌مقامات المترجم في الإسلام

- ‌تلامذة الشيخ محمد

- ‌تنبيه

- ‌ثم دخلت سنة (1390 ه

- ‌ذكر وفاة الزعيم جمال عبد الناصر

- ‌رياح تجتاح باكستان

- ‌فصل المعاهد العلمية

- ‌كشف طبي

- ‌رحلتنا إلى قطر عالم (1390 ه

- ‌التعريف بقطر

- ‌الاعتراف بالجمهورية اليمنية

- ‌بناء برج الرياض الحديث

- ‌مجازر أهوال تصيب العالم

- ‌فائدة عظيمة النفع

- ‌تخريج أناس من تحفيظ القرآن

- ‌ثم دخلت سنة (1391 ه

- ‌جراد في أفريقيا يلتهم ما مر عليه

- ‌شعب يتعرض للإبادة

- ‌ذكر ما جرى على المسلمين هناك من الخزي والتعذيب والهلاك والدمار

- ‌ذكر من توفي فيها من الأعيان

- ‌ الشيخ محمد حسين نصيف

- ‌وفاؤه وكرمه

- ‌وممن توفي فيها

- ‌وممن توفي فيها من الأعيان

- ‌وممن توفي فيها من الأعيان

- ‌ذكر شيء من نباهة المترجم وسياسته

- ‌شر عظيم وبلاء مستطير تعانيه باكستان

- ‌التهديد بحرب عالمية

- ‌موقف المملكة العربية السعودية

- ‌ضرب فيتنام

- ‌المعهد الفني في الظهران

- ‌ذكر ما جرى فيها من الحوادث

- ‌إنشاء الهاتف الآلي

- ‌النظر إلى الماضي والحاضر

- ‌وفاة عالم من العلماء

- ‌ فالح بن مهدي

- ‌أخلاقه وصفاته

- ‌تنبيه

- ‌ثم دخلت سنة (1392 ه

- ‌رحلتنا إلى الجهة الشمالية الغربية

- ‌تيما والحديث عنها

- ‌صفة قتل أمير تيماء

- ‌محتويات تبوك

- ‌رحلتنا إلى الحجر

- ‌الوجه وموقعه والحديث عنه

- ‌مسيرتنا إلى ضباء

- ‌محتويات ضبا

- ‌مرئياتنا في مدين

- ‌ترتيبه لفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية

- ‌أعماله التي كان يمارسها

- ‌غريبة من الحوادث

- ‌إصلاح مجاري مدن المملكة

- ‌حادثة من الحوادث

- ‌إنشاء مصنع كسوة الكعبة

- ‌أمطار على الأماكن السعودية

- ‌كتب أثرية ومخطوطات نادرة تلتهمها النيران

- ‌إعصار وفيضانات تضرب الفلبين

- ‌إسلام 450 مسلمًا بأفريقيا

- ‌ثم دخلت سنة (1393 ه

- ‌نشاط التعليم

- ‌زيارة الملك للقصيم

- ‌حادثة غريبة ونادرة عجيبة

- ‌انتهاك العراق الحدود الكويتية

- ‌ذكر من توفي فيها من الأعيان

- ‌ذكر كارثة في معرض باريس

- ‌ذكر ما جرى فيها من الحوادث

- ‌قدح الزناد والحرب بين العرب وإسرائيل

- ‌الجبهة السورية وشدة موقعها

- ‌أعمال الفدائيين

- ‌خديعة أمريكا للعرب وخيانتها

- ‌فشل المؤتمر الذي سعى به كيسنجر

- ‌استدراك لما فات

- ‌رحلتنا إلى حائل

- ‌المعهد الزراعي

- ‌محطة بترومين

- ‌حالة عمّار

- ‌ الشيخ حسن إسماعيل الهضيبي

- ‌ذكر المحن التي مرق عليه

- ‌نشأته

- ‌مشائخه

- ‌شمائله وأخلاقه

- ‌وصمة عظيمة لولا الوقوف بطريقها

- ‌المرصد الفلكي

- ‌تكوين المسالخ في أمهات المدن

- ‌ثم دخلت سنة (1394 ه

- ‌ذكر من توفي فيها من الأعيان

- ‌ عمر السقاف وزير خارجية المملكة العربية السعودية

- ‌مشائخه

- ‌حادثة غريبة

- ‌التعويضات

- ‌سحب المياه لمدينة الطائف

- ‌عجائب الشفاء

- ‌زيارة الملك لمصر والاحتفال هناك

- ‌أبشع مجزرة بشرية في القرن الرابع عشر

- ‌اضطهاد المسلمين في زنجبار

- ‌ثم دخلت سنة (1395 ه

- ‌حادث أليم في هذه السنة

- ‌صفة الحادث

- ‌استشهاد الفيصل العظيم رحمه الله

- ‌ كر ما جرى بعد ذلك

- ‌تنبيه لما سبق

- ‌ذكر من توفي فيها من الأعيان

- ‌نشوب الحرب في لبنان

- ‌ثم دخلت سنة (1396 ه

- ‌ضرب المخيمات في لبنان

- ‌تقدم الزراعة في السعودية

- ‌ذكر من توفي فيها من الأعيان

- ‌بيان من وزارة الداخلية

الفصل: ‌رحلتنا إلى قطر عالم (1390 ه

‌فصل المعاهد العلمية

في هذه السنة قررت الرئاسة العامة للكليات والمعاهد العلمية بالمملكة السعودية فصل الدراسة بالمعاهد العلمية إلى مرحلتين متوسطة وثانوية مدة كل منهما ثلاث سنين ابتداءً من حال إقرار هذا المشروع الذي وضعت مناهجه اللجنة الفرعية للتعليم وهذا النهج يشمل المعاهد العلمية ودار التوحيد والجامعة الإسلامية بالمدينة وسيكون منهجًا مماثلًا لنهج وزارة المعارف وقد صدرت موافقة جلالة الملك على تفويض الشيخ عبد العزيز بن الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ بالتوقيع على الشهادات الدراسية العالية والثانوية خلفًا لوالده رحمه الله.

‌كشف طبي

في هذه السنة والتي قبلها توصل أهل الفحص من الأطباء إلى أن الطيور الرحالة تنقل مكروب مرض خطير يصيب الرجال من صفات هذا المرض أنه حمى مصحوبة بصداع شديد متناوب تارة في هذا الجانب من الرأس وتارة في الجانب الآخر في فترات لا تزيد عن عشر إلى خمس عشرة دقيقة وكذلك دوخة وغثيان وإسهال شديد ثم جاءت التقارير المفزعة تشير إلى ارتفاع نسبة الوفيات بين المصابين وهذه ملاحظة دقيقة بأن هذا النوع من المرض انتقل من الهند إلى روسيا بواسطة هذه الطيور الرحالة وما أحسن التحرز والوقاية وبذل الأسباب ضد هذه الأمراض التي تنتشر بإذن الله بواسطة العدوى فقد قيل درهم وقاية خير من ألف درهم علاج.

‌رحلتنا إلى قطر عالم (1390 ه

ـ)

لما كان في 9/ 6 كنت في مدينة الرياض لقضاء بعض الحاجات وزيارة الأقارب فعرض علي المحب محمد بن منصور بن إبراهيم الصانع أن نقوم برحلة إلى قطر وضمن لي الخدمة التامة وقد كنت أفكر في الموضوع قبل ذلك لرؤية مدينة قطر

ص: 143

والتجول فيها فأمرته أن يأخذ سيارة تاكسي مريحة وقمنا في الساعة الثالثة صباحًا بالتوقيت الغروبي من يوم الثلاثاء الموافق لليوم المذكور 12 يوليو تموز (1970 م) بعد الاستعداد للسفر فسرنا متوجهين إلى الإحساء إذ الطريق يخترقها ولما أن قدمناها بعد صلاة الظهر طفقنا نسأل عن بيت الشيخ صالح بن عبد الرحمن القرعاوي قاضي مستعجلة القضاء في الأحساء وهذا بعدما وجدنا المحكمة الشرعية مغلقة الأبواب لانتهاء الدوام أن صالحًا القرعاوي من مدينة بريدة وتجمعنا به أواصر المحبة لأنه كان من تلامذتنا الأجلاء وما أن وصلنا إلى بيته حتى ألفيانه مستريحًا بعد العمل فاستقبلنا مرحبًا بنا وأبدى بشاشة وترحيبًا لسان مقاله تلك اللحظة:

يا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا

نحن الضيوف وأنت رب المنزل

فأجلسنا في الديوان من بيته المفروش بالزل والفرش وعلى جنبات المجلس كراسي الكنب وأخذ الهاتف يكلم أصحاب الفضيلة العلماء من بينهم الشيخ إبراهيم بن عبد العزيز الخضيري وطلب حضورهم بعد صلاة العصر فأزلنا وعثاء السفر وما نالنا من بعض النصب ولما أن أخذنا راحتنا قمنا بعد الطمأنينة والنوم والراحة لأداء صلاة العصر وتناول القهوة والشاي وما تيسر من الطعام وبعد ذلك دخل أصحاب الفضيلة العلماء وبعدما اطمأن بنا المجلس قمنا لنأخذ فكرة عن مدينة الإحساء فذهبنا إلى مشروع المياه فيها وكان ذلك المشروع ضخمًا قامت به الحكومة أيدها الله فوقفنا على الخزان العظيم وذلك العمل الجبار الذي مدت إليه الأنابيب من المضخات الضخمة وانطلقت منه الأنابيب للسقي والري ورأينا مجهودًا عظيمًا أتيح لأهل تلك المنطقة ثم ذهبنا إلى السوق المملوء بالخضراوات والفواكه ويذكر عن الإحساء أن البيع والشراء يكون متنقلًا في أسواقها في كل سوق له يوم معلوم وذهبنا إلى الغارة في جبل القارة وهي عبارة عن ساروت يمتد في ذلك الجبل الشاهق الرفيع وكان ذلك الغار الملتوي في ذلك الجبل له منحنيات في أسفله ويعتبر من أعظم ما في المملكة العربية السعودية من الملاجيء والأكناف

ص: 144

والكهوف ينتابه الأهالي للفرجة والنزهة ويتجولون هناك في مغاراته لسعته ولا فيه من المواضع الباردة بين جنبتي ذلك الجبل المنشق الذي لطول منحياته لا يكاد يبصر الإنسان فيه إلا بنور في سادسة النهار وذلك لطول الجبل الذي يبلغ ارتفاعه قريبًا من سبعين مترًا وكان من أعجب ما رأيته فيه كثرة العوائل الذين لسعته لا يرى بعضهم بعضًا وتجدهم في تعب من الصغار لأن لا يضيعوا أو يتواصون بالذراري لكثرة منحنياته وفجاجه! ! إن مدينة الإحساء برية واسعة الأرجاء وفي تلك المنطقة عيون كثيرة عظيمة منها عين نجم التي هدم قبتها الإمام فيصل بن تركي وكان ينتابها من بلي بوجع المفاصل والروماتيزم فيغتسلون فيها وقد تكون علاجًا لما في مائها من الحرارة والمادة المفيدة الكبريتية وكان من الجهال من يعتقد الشفاء فيها وإنما الشفاء من الله جل ذكره، وللشيخ أحمد بن علي بن مشرف قصيدة في ذم ذلك وامتدح الإمام فيصلًا بهدم قبتها بقوله من قصيدة أخرى:

إذ قام يحمي من الدين جانبه

وما أصاخ لأهل الزور والمين

لكن أطاع هداة المسلمين بما

أفتوا وسل حسامًا ذا غرارين

فقام يعدو بلال وهو معتجر

لحرب من لامه فيها ببردين

وسار في عصبة للهدم عامدة

بآله الهدم والتخريب والحين

فغادروها كبنيان الذين بنوا

على شفا جرف للشك والرين

ومنها عين أم سبعة سميت بذلك لأن ماءها يجري في سبعة أنهار من منبعها وقد دفنت الرمال واحدًا منها وماؤها في غاية الصفا والعذوبة وهي غزيرة الماء وهناك عيون أخرى كثيرة كعين الخدود ويقدر الخبراء الماء الخارج منها في الدقيقة الواحدة بثلاثين ألف جالون، ومن أعجب ما رأيت في الإحساء مسجد جواثي بضم الجيم وفتح الواو بعدها ثاء مثلثة يمد ويقصر مدينة لعبد القيس بهجر كثيرة الزروع والنخيل، قال أبو تمام:

زالت بعينيك الحمول كأنها

نخل مواقر من نخيل جواثي

ص: 145

وكان هذا المسجد أول مسجد أديت فيه صلاة الجمعة بعد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما وفدت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفود العرب كان من بينها وفد من الجزء الشرقي من الجزيرة من الإحساء من عبد القيس برئاسة المنذر بن عائذ سنة سبع من الهجرة فأعلنوا إسلامهم وبعد عودتهم إلما بلدهم بنوا ذلك السجد فكان أول مسجد صليت فيه الجمعة بعد مسجد الرسول والحديث في صحيح البخاري وبذلك يفخر بنو عبد القيس فيقول شاعرهم:

والمسجد الثالث الشرقي كان لنا

والمنبران وفصل القول في الخطب

أيام لا مسجد للناس تعرفه

إلا بطيبة والمحجوج ذو الحجب

ولم يزل موضع هذه المدينة موجودًا وهي شرقي قرية الكلابية بمسافة مسيرة ساعة ونصف على الأقدام تقريبًا وكان هذا السجد فيه بقية آثار من البناء القديم وهي رؤوس عقود كانت على مرتفع في المسجد ويظهر أن بنايتها من النورة والطين فعبارة لم يبق من المسجد سوى أطلال وفوهة العين وقد تراكمت في الموضع الرمال حتى أخفت معالم القرية وهذه البقية من آثار المسجد محاطة بجدار من الطابوق تضمن شرذمة من جداره الغربي وخمس أساطين من رواقيه الثاني والثالث في الجهة الجنوبية وقد غطت الرمال كثيرًا من الباقي من آثاره وفي الشمال الغربي من المسجد بمسافة سبعين خطوة تقريبًا يوجد آثار قبة مدورة الشكل طول محيطها خمس وثلاثون خطوة يزورها بعض أهالي القرى المجاورة يعتقدون أنها قبر أما العين ففي الشرقية من المسجد وتبعد عنه بقدر 220 خطوة وقد بقيت فوهتها مملوءة بالماء يردها الصادر والوارد لتلك الجهات وقد صلينا فيها صلاة المغرب، وبعدها قمنا نقلب الطرف في بقية تلك الآثار وكانت العقود التبقية أطلالًا وهناك بناية جديدة حديثة حوالي تلك العقود التي تركت كآثار ويشاهد هناك مبخر من الطين وحديثي عن قرى الإحساء وعيونه طويل لا تتسع له هذه الأوراق وغالب أهالي تلك القرى إنما هم شيعة وكان يباع في سوق الخميس الذي يعتبر كما قفة بريدة أنواع

ص: 146

الخضروات من بطيخ وقثاء وخوخ وبخارى وعنب وتفاح وبرتقال وغيرها وفيه حركة هادئة مع كثرة البائعين والمشترين. ولما أن رجعنا من مسجد جواثي ذهبنا لأداء صلاة العشاء الآخرة في الجامع الكبير بالإحساء وألقينا على الحاضرين موعظة عامة تتضمن الحث على الصلوات الخمس في الجماعة والتزام بقية أركان الإسلام وشعائره وما ينبغي للمسلم أن يتخلق به وكان ذلك بمكبر الصوت فوافقت قبولًا وسرنا بعد ذلك إلى مأدبة الشيخ القرعاوي في بيته الذي يرد عليه الجيران والأحبة وما أن صلينا صلاة الصبح وأخذنا وقتًا يتسع لزيارة فضيلة الشيخ صالح بن علي أبو غصون رئيس محاكم الإحساء حتى ذهبنا إليه في بيته فوجدناه يريد الذهاب إلى مقر عمله فما كان منه إلا أن قام يحيينا بأجمل تحية وأحر ترحيب أن الشيخ أبا غصون رجل قوي ومحبوب في الإحساء ويصفونه بالعدل والإنصاف ورحمة الضعيف ومواساة المحتاج وفيه محاسن أخلاق ومكارم وتواضع كان ضرير البصر بصير البصيرة صريحًا لا يملق في الحديث قد بلغ الستين من العمر دعانا بتأكيد لمائدته ظهرًا وكنت أذكر أنه تقدم منه قبل هذه السنة دعوة لما مررنا بالإحساء قبل هذه السنة نريد الظهران فلم يقدر الله ذلك وقمنا بعد الجلوس مع فضيلة الرئيس لرؤية مشروع الري في الإحساء الذي تقدر تكالفه بأربعمائة مليون منها تعويضات الهد وإزالة النخيل التي مر بها 158000000 وتكاليف العمل والمعدات وما إلى ذلك مايتان واثنان وأربعون مليونًا وحضرنا مجلس الشيخ صالح القرعاوي فإذا هو يباشر أعماله القضائية بنشاط يهابه البطل وربما قفز من الكرسي حتى يعلو الخاصة فأعجبتني قوته لإيقاف المعتدي وذلك لما يجده من التحمس وبعد صلاة الظهر ذهبنا لدعوة الرئيس وتمتعنا برؤيته وحديثه وكان لبقًا دمث الأخلاق طَلْق المحيا مرحًا فأخبرته أننا نريد بلاد قطر ونريد خطابًا منك كتعريف بنا لحاكم قطر فإننا لم نشعره فتوجهنا وإن كان قد تقدم منه دعوة غير معينة فأصحبنا الشيخ أبو غصون بكتاب واقترح أن يزودنا بمعلومات ظريفة بأن إذا قدمنا بلاد آل ثاني لا نطلب مبارحتها إلا برخصة من الحكومة القطرية ليكون الوقت واسعًا لأخذ

ص: 147

معلومات عن البلاد وأن تكون مغادرتنا لها على حسب رغبة الحكومة وكنت أقدر له ذلك الاقتراح الوجيه ثم إننا بعد مبادلة الحديث مع فضيلة الرئيس سرنا منه لمواصلة المسير إلى قطر وقلت لصاحبنا محمد بن منصور اذهب بنا إلى الاستيشن واطلب لنا سيارة مريحة ولكننا وياللأسف لم نغادر الحسا إلا بعد مضي وقت لقلة المسافرين وكان سيرنا قبل الغروب بساعة واحدة رغم حرصنا على الوصول مبكرين وكانت المسافة بين الإحسا وقطر تبلغ 273 كيلو مع الخط المسفلت هناك وقد سرنا 174 كيلومتر لم نر ساكنًا ولا مسكنًا سوى عمال يقدرون بعشرة في تصليح ما تكلم عن الخط، وكنا نسير على درجة 110 كيلو ثم نزلنا لأداء صلاة العشائين جمع تقديم نتناول ماء الوضوء من جالون ماء أعده السائق لمثل ذلك وبعد الأذان والإقامتين سرنا مواصلين سفرنا ولم نجد هناك عينًا تطرف حتى تبدت لنا سلوى مركز الحكومة السعودية في الحدود الجنوبية الشرقية وكانت الساعة تشير إلى الواحدة بعد الغروب، إن سلوى كانت موضعًا فيه بنايات قليلة وتضاء إذ ذاك بأنوار ضعيفة يسير الذاهب بين تلك البنايات وأبواب بين مواصير فتمر بمركز عن يمين الذاهب تجري فيه عرض الجوازات فجلسنا بقدر ما يؤدي المرابطون مهمتهم وبعد مسير السيارة بكيلو نقف بمركز أبو سمرة لحكومة قطر فعرضنا الجوازات قاموا بالتوثيق ضد الكوليرا والتفتيش على الداخل فقلنا لهم يا قوم إننا قوم أشراف ولسنا بعاديين ودونكم السيارة والحقائب وفعلًا اعتذروا وقدموا لنا احترامًا وكان في ذلك المركز مسجد حجري حسن البناء ويضاء ذلك المركز على العموم بالأنوار الكهربائية لقرية من مدينة قطر ووجدنا في المسجد خادمًا يتعاهده ويقوم بنظافته وكان الخادم شيخًا قد بيضت شعره الليالي حسن اللحية والهيئة قد سكن في حجرة في المسجد فيها سرير وأدوات لقهوته وقد نصب كرسيًا ورفع فوته مصحفًا فكان إذا فرغ من العمل والقيام بنظافة المسجد يعود إلى تلاوته من ذلك المصحف الكبير المكشوف وكان باسم الوجه يعلو أسارير وجهه نور وبهاء فقام صاحبنا محمد يعانقه ويبكي لحالته ويهنئه بهذه الصفات ذلك لما قام بمحمد من الرقة وكان لديه إبريق

ص: 148