الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السنة التي توفي فيها أحس بمرض قلبي فقام الأطباء في ليلة الجمعة 29 من شوال من هذه السنة لعلاجه في مستشفيات بريدة غير أن كان مرضه يشتد ويزداد فبعث إليه جلالة الملك فيصل بن عبد العزيز بطائرة لحمله إلى الرياض وعلاجه فيها فاستمر بمستشفى الرياض حتى توفاه الله تعالى في الساعة الخامسة والنصف بالغروبي من ليلة الثلاثاء الموافق 25 من ذي القعدة فنقل جثمانه إلى مدينة بريدة لتسهل زيارته على كل من أهله ومحبيه وصلي عليه بعد صلاة الظهر بالجامع الكبير في بريدة وشيعه إلى قبره خلق كثير وجمع غفير رحمه الله وعفا عنه وكان لدى هذه الأسرة وهم أبناء عبد العزيز بن حمود بن مشيقح عبد الله وصالح وحمود وإخوانهم ثروة عظيمة وإذا كان في دخول شعبان ألزمهم باعث الإيمان على أن يقوموا بإحصاء المال وإخراج زكاته حسب إرشادات والد الأسرة فيفرقون الزكاة على الفقراء ويتفقدون طالب العلم لذلك امتدحهم عمر الوسيدي بأبيات من قصيدة تقدمت وقال في معرض المديح والثناء:
جزاهم إله العرش عنا بفضله
…
وضاعف من مبذولهم كل حاصل
يكون ظلالًا يوم يفصل بالقضا
…
وقاية حر الشمس يوم الزلازل
ذكر شيء من نباهة المترجم وسياسته
كان حبرًا من الأحبار عاقلًا وداهية من دهاة الرجال ونحريرًا مقولًا فصيحًا سياسيًا ويدرك بذوقه وسياسته ما يقصر عنه بنو جنسه فكان من الأسرة البعيدين من تفوته صلاة الفجر مع الجماعة فأسف إخوانه ووالداه لذلك وجعلوا يقلبون النظر في أطره على الصلاة مع الجماعة فأحضر عبد الله الرجل وقال له إننا نريد من يتفقد الجماعة في العدد وقد فكرنا فلم نجد سواك ففرح بذلك الرجل وتلقى ذلك العمل برحابة صدر وسرور فرحًا بهذه الثقة فكان أول من يدخل المسجد ويأتي قبل الأذان يوقد السرج ويهيئ موضع الصلاة حتى كان أعظم المبادرين للصلاة ومن سياسته أنه يذهب إلى المدينين لهم بنفسه فيدرك ما تيسر من دون
غضب ولا تشويش وذلك لأنه قد يدرك الإنسان بالرفق ما لا يدركه بالعنف ويسلمه لأمين صندوق ماليتهم قائلًا هذا من فلان وهذا من فلان فيوضع الواصل بالدفاتر تمامًا وقد تتأزم الأمور في مدينة بريدة فيكون لديه الحل السريع في كشف النزاع وإزالة سوء التفاهم وإرضاء المتنازعين وبكل حال فإنه قد خسرته الأمة وفقدت رجلًا من رجالها.
وممن توفي فيها من الأعيان محمد بن راشد بن سليمان بن رقيبة يعرفون بهذا اللقب وإلا فهم آل سبيهن من آل شيحة. ولد المترجم في سنة (1317 هـ) وكان والده راشد من أعيان بريدة له إلمام ومعرفة بالتجارة رباه في بيت فدرس في إحدى المدارس الأهلية حتى حفظ القرآن وتعلم الخط ومبادئ في الحساب وأخذ عن الشيخ عمر بن محمد بن سليم حتى حصل على مبادئ من العلم الشريف ومما درس عليه المنتقى لمجد الدين بن تيمية رحمه الله وكان ممن يلازمون الشيخ عمر في إقامته وأسفاره ومن جملة رفقة الشيخ المذكور لأنه كان لبقًا ذكيًا يحسن الأدب وفيه ذكاء ومعرفة بالأمور وممن يتعاطون بالتجارة وكان هو المقدم من بين أخوته الذين كان لديهم ثروة مالية بعد أبيهم راشد بن سليمان وفي صفته كان طويل القامة نحيف البدن أبيض اللون مهيب الطلعة موقرًا لدى أسرته وله ميل إلى العقيدة السلفية ولا يبدو عليه أثر السرور ولا الغضب ولا الضحك ولا يحب الهزل ولا المزاح وإذا تكلم فإنه يشبع المقام ولا يدع لصاحبه مقالًا لا سيما إذا تكلم عن غضب فإن له بوادر وشجاعة ومن عادته أنه يقيم في فصل الصيف بنخيلهم الكائن بقرية خضيرا وفي الشتا يقيم ببيته الكائن في بريدة بجوار مسجد الشيخ ناصر بن سليمان بن سيف وقد صاهر الشيخ القاضي عبد الله بن محمد بن حميد لما كان في قضاء القصيم. كانت وفاته في يوم الاثنين الموافق 24/ 11 من هذه السنة رحمه الله وعفا عنه فمن المصادفات وفاة ثلاثة من الأحبة والأعيان في شهر واحد.
وفيها في يوم الأربعاء 13 شوال افتتح الملك فيصل مشروع الري والصرف
بمدينة الإحساء التي قدمنا ذكرها وكان بعض المواطنين مولعين بما فيها من العيون قال محمد بن عبد الله بن عبد القادر المؤرخ يصف عين أم سبعة في قصيدة:
رعى الله يومًا قد طوينا نهاره
…
بكثبان رمل زينتها الجداول
تجود عليها دائمًا أم سبعة
…
بماء كبلور جلته الصياقل
يزيد على برد الشتاء توقدا
…
كأن بذاك الماء تغلي المراجل
كأن جموع النخل في عرصاتها
…
صفوف العذارى جملتها القلائل
إذا روحت ريح الشمال رؤسها
…
تميل كما مال المحب المواصل
فيا حبذا برد النسيم بظلها
…
ويا حبذا ذاك النقا والمنازل
بأعوان صدق زينوا كل محفل
…
فما منهمو إلا سخي وفاضل
وقد تقدمت إشارة لطيفة عن الإحساء.
وفيها جرت انقلابات وثورات في السودان والمغرب.
وفيها في عاشر شوال اغتيل رئيس الوزارة الأردنية في مصر بالقاهرة بأن تقدم ثلاثة رجال مسلحون فأطلقوا عليه النار فقتل الرئيس وصفي التل. وقالت المصادر أن أولئك الثلاثة ينتمون إلى منظمة تدعى منظمة فلسطين السوداء وكان إطلاق النار عليه بينما كان يهم بدخول الفندق وأن وصفي التل كان يرأس وفد الأردن إحدى وخمسين عامًا وكان قتله غيلة في الساعة الواحدة تزيد 45 دقيقة من بعد ظهر ذلك اليوم بتوقيت القاهرة وكان إطلاق النار من داخل الفندق حيث انتشرت قطع الزجاج المحطم للباب الأمامي للفندق على أرض المدخل المسفلت وشوهدت عدة ثقوب في الباب ناتجة عن رصاص من أسلحة أتوماتيكية وقد وجه الملك حسين بن طلال ملك الأردن كلمة عزاء إلى الشعب الأردني نعى فيها الرئيس وأعلن الحداد عليه أربعين يومًا. وأعلن الحداد لمدة أسبوع وتعطيل جميع الوزارات والمؤسسات الرسمية والمدارس الحكومية والخاصة يومي الاثنين والثلاثاء وبعث الرئيس المصري أنور السادات برسالة إلى جلالة الملك حسين بن طلال ملك