الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السباق فرجاء عدم التصفيق من الحاضرين رجاء عدم التصفيق لأن لا يجفل الإبل وتشرد فيتأذى ركابها وذلك لأنه إذا ند البعير فيكون من الصعب وقوفه وجعل يتعالى صوته ويبكي ووقفت الأمة على الأتدام لترى سباق الإبل حتى تهافتت ولها روعة عظيمة وكان السباق ناجحًا للغاية.
وفيها انتهى العمل من الخط الذي أقيم مسفلتًا يربط الخبراء بالبدايع الذي يتفرع من خط المدينة إلى بريدة ويمتد جنوبًا حتى يتصل بخط عنيزة والرس وكان قد واجه صعوبات بحيث يمر بوادي الرمة فاضطرت المواصلات إلى إقامة كوبري يقدر طوله شمالًا وجنوبًا كسافة كيلوين وكان ذلك الكوبري في وضعه وتركيبه وهندسته بديع النظر بحيث بلغت تكاليفه إلى عدة ملايين وأن حكومتنا أيدها الله تعالى لا تزال جادة في خدمة الشعب والسعي في راحة المواطنين.
وفيها عاشر ربيع الأول من هذه السنة انتهى العمل من سفلتة طريق القصيم إلى المدينة المنورة وقد بلغت تكاليفه مائة مليون وثلاثين مليون وسبعمائة ألف وأربعة وثلاثين ألفًا وأربعمائة وتسعة وثلاثين ريالًا وكان بدأ العمل في أول مراحله في الرابع عشر من ذي الحجة عام (1384 هـ) وبلغ طوله سبعمائة وأربعة وعشرين كيلو مترًا وهو يربط بين الرياض بطريق يتفرع من خط الحجاز بالقرب من الدوادمي وبين عنيزة بريدة الرس عقلة الصقور النقرة الحناكية المدينة المنورة.
ذكر من توفي فيها من الأعيان
في ذمة الله تنعى الملكة السعودية رجلًا من دعاة الخير وهو عبد الله بن محمد القرعاوي ذلك الرجل الداعية إلى دين الله وشريعة رسوله وقام بأعمال في جنوبي الملكة يدعو سكان تلك الجهات إلى توحيد الله ولقد بث دعوة في عسير وما يلي تلك الجهات وفتح مدارس ونشر دعوته هناك فظهر له تلامذة كثيرون ومن هؤلاء الشاب العالم الأديب حافظ بن أحمد حكمي وكان لدعوته تأثير عظيم. وهذه ترجمته: هو الشيخ العالم المعلم الموفق الداعي إلى الله تعالى عبد الله بن محمد بن حمد
بن محمد بن عثمان بن علي بن محمد بن نجيد، ولد في 11 ذي الحجة (1315 هـ) كان محمد بن نجيد في عنيزة بالجناح ثم باع أملاكه بعنيزة واشترى بدلها أملاكًا في القرعا وجاور أهلها وكان يسمى فيها ابن نجيد وكذلك أولاده وأولاد أولاده ثم أنه انتقل حمد بن محمد جد المترجم إلى عنيزة وكان لا يعرف إلا بابن نجد وذلك في مكاتباته وأسانيده فلما بنى بيوته في عنيزة وغرس نخله المشهور بالقرعاوية لقب بالقرعاوي لقبًا بلفظ النسب ولكن في المكاتبات والأسانيد كان يكتب (ابن نجيد) فلما وقعت حرب عنيزة قلع الأشجار والنخل وباع الأرض والبئر وانتقل إلى جنوب بريدة وغرس تحله المشهور الآن بالفيضة. قال المترجم وهي ملكنا حتى الآن وبقيت بيوته وأولاده في عنيزة وهناك فروع لآل نجيد غيرهم كثيرون في عنيزة وبريدة والبكيرية والخبراء والبدايع وفي بغداد والشام لأن أجداد المترجم كانوا دائمًا يسافرون إلى بغداد وإلى الشام وحلب جمالين يحملون البضائع من هناك ولم يشتهر أحد منهم بالقرعاوي إلا جد المترجم حمد المحمد لما ذكرنا آنفًا وفي عنيزة حمد العلي القرعاوي وإخوانه صالح وعبد الله وذريتهم أهل بيت كل واحد منهم يطلق عليه لقب القرعاوي، وهم منتقلون من القرعاء ولكنهم ليسوا من آل نجيد بل يرجعون إلى آل المطوع وأولئك آل نجيد وكان حمد جد المؤلف أولًا فلاحًا بالقرعاء ثم جمالًا ببغداد ثم في حلب ثم فلاحًا بعنيزة ثم فلاحًا بالجنوب ثم توفي في شهر رمضان سنة (1315 هـ) بعد أن مرض بالفالج وبقي على فراش المرض أربع سنين.
وفي تلك السنة أيضًا توفي والد المترجم محمد بن حمد ولما أن كان بعد وفاة والده بشهرين تقريبًا ولد المترجم في 11 ذي الحجة (1315 هـ) فنشأ اليتيم في عنيزة مسقط رأسه وقام بتربيته والدته وعمه عبد العزيز بن حمد وتأيمت والدته عن الزواج لرعايته فأدخل على مقرى في عنيزة ثم أنه أخذ في طلب العلم وكان دائب الحركة خفيف الروح نشيطًا وتبدو في ملامحه إمارات الرضا والغبطة ويقول طلب العلم من المهد إلى اللحد ويتحدث أنه مع شبيبته لا يستنكف من تلقي دروس الحساب والخط مع صغار التلاميذ في مدرسة الأستاذ إبراهيم حلواني في مكة المشرفة.
وهذه صفته كان متواضعًا بشوشًا ربعة أصفر اللون مستطيل الوجه أقنى الأنف ناتئ الجبهة أزج الحواجب أقرنها غير واسع العينين وقد رأيته في العقد السابع من العمر وقد وخطة الشيب في عارضيه ولحيته أخذ العلم عن الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ وأخذ عن الشيخ عبد الله بن مانع في عنيزة وأخذ عن الشيخ صالح بن عثمان القاضي وأخذ عن الشيخ عبد الله بن محمد بن سليم وأخذ عن الشيخ صالح بن عثمان القاضي وأخذ عن الشيخ عبد الله بن محمد بن سليم وأخذ عن الشيخ عمر بن محمد بن سليم وذهب إلى الهند وهو كبير السن لاستكمال الدراسة ورحل إلى الأحساء فأخذ عن الشيخ عبد العزيز بن بشر وذهب إلى المجمعة فأخذ عن الشيخ عبد الله بن عبد العزيز القنقوي وكان في رحلته إلى الهند وإقامته هناك قد بلغه مرض والدته فرجع لذلك لأنها طلبت حضوره ولكنها توفيت قبل وصوله فرجع إلى الهند للمرة الثانية ليأخذ عن علماء الحديث هناك ثم رجع وكرر الدراسة على الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ وعرض عليه في سنة (1357 هـ) إدارة مدرسة المجمعة ثم عرض عليه إدارة مدرسة بريدة وعرض عليه أن يكون مدرسًا في عنيزة وفي دار الحديث بمكة وأن يكون إمامًا في أحد مساجدها فأبى وعزفت نفسه عن الوظائف أيًا كانت أهلية أو حكومية وفضل أن يكون داعية إلى الله وإلى سبيله وأصبح كذلك بصفة لا يشاركه فيها أحد يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بيده وله هيبة عند من يراه متخلفًا عن الصلاة أو امرأة متبرجة ويقول إني أستطيع أن أغير المنكر بيدي وله مكانة عند الناس ولما أن كان في اليوم العشرين من شهر صفر سنة (1358 هـ) توجه إلى جيزان وأخذ منه بضاعة وتوجه إلى سامطة فنزل دكانًا فيها وجعل يبيع ويعلم فيه وكان ذلك الدكان أول مدرسة فتحها ثم استمر في فتح المدارس في تلك الجهات في سامطة والجرادية وسائر أبها وبيشة وفيفا والدرب وجيزان وصبيا ولما أن كان في سنة (1359 هـ) ذهب إلى مكة فاستحصل كتبًا كثيرة في الحديث والتفسير والتوحيد والأحكام ثم توجه بها إلى جيزان وذلك في 18 صفر وذهب إلى سامطة فبنى مدرسة في بيت
ناصر خلوفه وهي من الخشب والجريد والحبال والحشيش واتخذ للكتب خزانة ولما أن قدم خالد بن أحمد السديري أميرًا على جيزان قدم على القرعاوي طلاب علم وطلب منه أهل مخلاف أن يتجول في جهاتهم لنشر الدعوة فذهب وكبار تلامذته يعظون ويرشدون ويامرون بالمعروف وينهون عن المنكر وكان هو الموجه للدعوة يبني لتلامذته طريقة التيسر والرفق واللين والبصيرة والبعد عن العنف والشدة والتعسير والتنفير وهذا ما أمر الرسول عليه الصلاة والسلام أبا موسى الأشعري ومعاذ بن جبل لما بعثهما إلى اليمن بأن قال لهما "يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا" ولما تجول هو وتلامذته أزالوا هناك أمورًا من البدع المخالفة للشرع من تعظيم القبور والأشجار والأحجار وفر أناس من الدجالين والسحرة وأهل التنجيم والكهانة والتزوير والخط والشعوذة وأكثر هؤلاء أو كلهم من خارج المملكة السعودية وكان لجولته أثر عظيم بحيث أن الناس كأنهم راقدون فانتبهوا، قال رحمه الله وكان أمير سامطة يومئذ (سند الحماد) وكان مساعدًا للدعوة ومحبًا لها من كل وجه.
وفي هذه السنة وفد إلى سامطة طلبة علم من غامد وزهران ورجال المع وأتى إلى القرعاوي محمد بن أحمد الحكمي أخو حافظ بن أحمد برسالة من أخيه يطلب كتابًا في التوحيد ويعتذر عن عدم القدوم لاشتغاله في خدمة أبويه في رعي الغنم ويطلب من المترجم أن يزور تلامذته للقرية التي هو ساكن فيها فذهب الشيخ وإخوانه إليها وجعل يلقي الدروس ويتعلم منه حافظ أحمد تارة يذهب إليه القرعاوي وتارة يذهب هو إليهم في قرية الجاضع ومرض الشيخ بالجرادية مرضًا شديدًا وقد عرض عليه الأمير خالد السديري قضاء سامطة واعتذر وعوض عليه قضاء السارحة فأبى وكان الشيخ يبني مساجد ومدارس هناك لما أن كان في سنة (1360 هـ) تفرغ حافظ حكمي وطلب العلم بإذن من والديه لأن الشيخ استأجر راعيًا للغنم بدلًا عن حافظ وبنى الشيخ مدرسة سامطة مرة أخرى بدلًا عن البناية الضعيفة وجعل فيها ستين مدرسًا من كبار الطلبة واجتمع فيها تلامذة كثيرون
فاختتن كثيرًا من الأطفال وفيهم حافظ وقد أو لم الشيخ وليمة لختانه وقال للأولاد كل من اختتن وترك اللعب واللهو واختلاط الرجال بالنساء والإسراف بالنفقات الفارغة فإني مستعد له بإقامة وليمة وكان لهذه الدعاية والختان الذي جرى في المدرسة أمر عظيم ترك العادات القبيحة السيئة وأقبل الناس من كل جهة يدخلون أولادهم الدرسة يقرؤون ويتعلمون ويختتنون ومن كان من الطلبة محتاجًا يجد الكل والمشرب والملبس وما زال يفتح الدارس ويبني المساجد ولما أن كان في هذه السنة تأخر بإذن الله خريف تهامة فأوجب الحال انتقال أهل تهامة لتتبع مساقط الأمطار في الوديان وكان الطلبة مع أهليهم وفي انتقالهم يبثون الدعوة فيما يتنقلون إليه من البلاد فكان لذلك أثر عظيم في تلك الجهات وكان بعضهم يفتح مدرسة ويعلم فيها وبعضهم يبني مسجدًا ويؤذن فيه ويدعو الناس للصلاة ولما رأى الأمير خالد السديري إثر تلك الدعوة المباركة تسبب عند الحكومة لجملة من الطلبة بثلاثمائة ريال إكرامية توزع عليهم شهريًا وهذا من عام مساعداته التي يشكر عليها ولما أن كان في سنة (1362 هـ) تزوج الشيخ عبد الله من بيت محمد بن عثمان وكثر في هذه السنة الوافدون على الشيخ من الليث وتهامة وعسير وبيشه وبعث الملك السابق سعود بن عبد العزيز حال كونه ولي العهد بإعانة كبيرة للقرعاوي في السنة التي بعدها واستمر دفعها كل سنة ثم أشار الشيخ على حافظ حكمي أن ينشئ نظمًا في التوحيد على موجب ما قرأه من كتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب وكتب الشيخين ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله تعالى، ولما كان في سنة (1364 هـ) حج الأمير خالد وجاء بعده لإمارة جيزان محمد بن محمد السديري وسلك خطة الأمير خالد بمساعدة الدعوة وطلب أمراء مقاطعة جيزان وقضاتها ومشائخ القبائل من الشيخ عبد الله القرعاوي أن يبعث إليهم معلمين يفتحون المدارس وهم يساعدونهم على نشر الدعوة ففتح مدارس كثيرة جدًّا وكان لمحبته نشر الدعوة لا يتوقف عن فتح الدارس إذا طلبوا منه وفي تلك الآونة أشار على الشيخ الشاب حافظ أحمد الحكمي أن ينشئ نظمًا في الفقه والآداب ونظمًا في ذم الدخان والقات
وأشباهها وفعلًا قام بذلك غفر الله له وطبعت ولما أن بلغ أسماع جلالة الملك عبد العزيز خبر نهضة القرعاوي وما فتحه من المدارس أرسل هيئة تكشف حقيقة الأمر ولما أن قدمت الهيئة في سنة (1365 هـ) أعجبت بتلك المدارس ورأوا من ثمراتها ما يسر الخاطر ووفقت بأن رجعوا يروون لجلالته ما شاهدوا وأخبروه بالوضع فأمر بأن يقرر للمعلمين والمتعلمين رواتب شهرية وقد كان الباعث لذلك هو أن أهل الأهواء يغزلون لإطفاء هذه الدعوة وإلغاء المدارس غير أنها خسرت في هذه المرة صفقتهم وخاب أملهم كما أشرنا إلى ذلك لطيفة فيما تقدم غير أنهم لا يزالون في ملاحتقها حتى أطفاوا تلك الشعلة فضمت المدارس إلى المعارف ولكنها لا تزال آثارها باقية والحمد لله وكان الشيخ إذ ذاك يتجول على تلك المدارس ويراقب سيرها ممتطيًا الحمر حتى دبرت من كثرة سيرها في تلك الجبار وكان الأمير تركي السديري هناك يساعد القرعاوي وتلامذته مساعدة واسعة بحيث أمر صاحب دكان لديه أدوات المدارس بأن يسلم القرعاوي كل ما يريده على حسابه بدون حصر ولا قيد فكان لنهضته أمر عظيم في جهات أبها هذا وقد تعرضت دعوته عقبات وبعث أناس ضده يدعون أن هذه المدارس في صرفيتها غير معقولة وكانت الحكومة تبعث للكشف عن حقيقتها غير أن الله ينصره ويظفره بكل مرة ولكن الهيئة الأخيرة لم تفلح وغلبت على أمرها وكانت وفاة المترجم في 23 جمادى الأولى الموافق ليوم الأربعاء من هذه السنة غفر الله له وتغمده برحمته والله لا يضيع أجر من أحسن عملًا.
وممن توفي فيها من الأعيان الرجل الهمام عبد الله بن سليمان بن عيسى البطل الشجاع كانت وفاته في آخر ليلة الأربعاء 19/ 7 كان من بني زيد أهل شقراء ويلتحقون بقحطان وكان عبد الله قد اشترك في غزوات الحسين بن علي الشريف ولبث في خدمته مدة من الزمن ويروي لنا قصته في ليلة هجوم الإخوان بقيادة سلطان بن عباد بن حميد وأمير الخرمة خالد بن لوي علي عبد الله بن الحسين الشريف في قرية. قال: أنه جاءنا نذير وهي امرأة دخلت على قائد الجيش عبد الله في المجلس العام بين العشائين فقالت له تحذر يا شريف فقد أقبلت السلاطين إليك
سلطان بن بجاد وسلطان أب العوالي وجعلت تعدد السلاطين قال فكانت لفظاتها في الكلام أعظم علينا من قنابل المدافع وألقى الله الرعب في قلب القائد عبد الله بن الحسين ولكنه أظهر التجلد ثم أن الترجم بعدما فتح الله مكة لآل سعود ووضعت الحرب الحجازية أوزارها سكن في مكة فانضم إذ ذاك إلى الأمير فيصل بن عبد العزيز حال كونه نائبًا هناك وهو لصرامته ينازع ابن سليمان الشرف حينما كان الأخير وزيرًا في المالية فقضت الظروف بأن يكون ابن عيسى مزارعًا لنفع قومه وأمته ومنحته الحكومة ماكنة مائية فقدم إلى مدينة بريدة موطنه سابقًا وذلك لمحبته لوطنه فكانت لأول مرة يستخدمها الفلاح في بريدة ونزل في السياج المعروف وذلك في سنة (1350 هـ) ثم أنه انتقل بعد ذلك إلى موضع أوسع وهو المعروف بالنقع وكان أمير بريدة عبد الله بن فيصل صديقًا له فبذل جهودًا في الزراعة وحصل على شيء كثير ثم إن الحكومة جعلته في فرع الزراعة في القصيم ثم رأت أن تجعله في قيادة النظام كمدير أمن في المنطقة الشرقية الظهران تحت إمارة سعود بن جلوي فسار ولبث هناك ما شاء الله ثم رأى أن يتعاطى في الأعمال الحرة مفضلًا لها على الوظائف وطلب من حكومته السماح له وأن تمنحه أرضًا واسعة في وطنه بريدة فحصل على أراضٍ في الباطن في الموضع الجنوبي الشرقي عن مدينة بريدة واتخذها منزلًا وضيعة عظيمة تفيض على العاصمة بأنواع البرسيم والبطيخ والقثاء وكان في كل أعماله وتنقلاته عزيزًا شريفًا وجيهًا ومهابًا ومعظمًا لماله من الهيبة وحسن التدابير وكان صريحًا وسياسيًا لا يوقف في طرقه ومعه عزة نفس فلا يصبر على الضيم كما أنه جهوري الصوت مصقع لا يخلو من الجبروت وما زال يعمل في الحراثة ويستخدم الآلات لذلك حتى كان لديه أكبر ضيعة ثم أنه تجاوز الثمانين من العمر وكلت قواه وضعفت بنيته ولآثار نكبة جرت عليه حدث منها شجاج في الرأس وكسر في إحدى يديه ثم أصيب بمرض ألزمه الفراش حتى توفي في هذه السنة. وكان في صفته مربوع القامة قوي الإرادة شديد البأس ولا يتأثر لشيء من الأمور ولا يهاب أحدًا ولا تلين قناته لمخلوق كائنًا من كان رحمه الله وعفا عنه.
وفيها في آخر شهر ذي القعدة وفاة الوجيه عبد العزيز بن علي بن منصور الرجيفي رحمه الله تعالى كان من قبيلة سبيع من بني ثور ومن رجال الوطن في مدينة بريدة الذين لهم شرف خدمة بلادهم فهو أحد رجال هيئة الأراضي حيث يتمتع بالعقل الرزين والقلب الواعي وله غور بعيد ومعرفة وذو تجارب أتاه الله عقارًا وسعة في الرزق ويحب الفلاحة ولم يك ذا فخفخة إنما كان مقتصدًا وثابتًا في الدين وملازمًا للصلوات الخمس مع الجماعة وما زال في نشاطه وذاكرته مولعًا بالحج والعمرة حتى هرم وكلت قواه قبل وفاته بخمس سنين وتوفي عن عمر يناهز المائة عام وقد يشيع جثمانه إلى قبره المشائخ والعلماء فالله المستعان. وقد كان من أحبابنا ولديه خبرة بالأمور حتى كان يراها من وراء الحجاب نسأل الله أن يتغمده برحمته.
وممن توفي فيها من الأعيان للشيخ عبد الرحمن الخاقان كان قد تعلم القرآن الكريم ثم أخذ في الدراسة على أيدي مشائخ نجد فأخذ عن الشيخ سعود بن رشود قاضي وادي الدواسر سابقًا ثم التحق كدينة الرياض مواصلًا دراسته العلمية على يد رئيس القضاة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ وبعد ذلك انتقل إلى مكة المكرمة مواصلًا دراسته العلمية فأخذ عن الشيخ عبد الله بن حسن رئيس القضاة هناك ثم عين الترجم رئيسًا للهيئة الدينية بعسير ثم رئيسًا لهيئة الوعظ والإرشاد بعسير أيضًا ثم قام بتدريس العلوم الدينية في المدرسة الثانوية بابها ثم عين مفتشًا للعلوم الدينية في وزارة المعارف كنطقة الطائف ثم عين أمينًا للمكتبات بوزارة المعارف بمنطقة الطائف إلى أن وافته المنية عن عمر يناهز اثنتين وخمسين سنة لأن ولادته في سنة (1337 هـ) في وادي الدواسر في بلدة اللدم وكان موصوفًا بحب المجد وأهله وحب الصدق وأهله وكان يعيش مع الحقيقة لا مع الخيال ويحب فعل الخير والعمل به ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر في المنزل وفي الدكان وفي الشارع وفي المسجد لا يهمه إلا الإصلاح ما استطاع وله عدة رسائل وكراريس مخطوطة في الفقه والأدب، وله كتاب ضخم أسماه (تاريخ ما أهمله التاريخ) وكان عنده قدرة ومعرفة بعلم الأنساب العربية وخلف ابنين وأربع بنات تركهم على التربية