الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإسلامي والتي قررها المجلس التأسيسي للرابطة هذه المساعدة التي هي أول مساعدة تتلقاها الجماعة والتي استطاعت الجماعة بواسطتها أن تثبت أقدامها وأن تقيم هذا المشروع الخيري على دعائم ثابتة وعلى أسس متينة نعم قد قدمنا في السنة الماضية ما تبرعت به رابطة العالم الإسلامي لهذه الجماعة بحيث بذلت مائة ألف وثلاثين ألفًا إذ كان محمد سرور الصبان هو الأمين العام للرابطة إذ ذاك. وبعد وفاته تولى الشيخ محمد صالح قزاز أمانة الرابطة وسيأتي ذكر فضله عن قريب بعد أسطر ولقد أثنى الحجازيون على الفقيد الصبان وشنفوا الأَسماع بذكره ومن حسناته أنه سرقت راحلة أحد الحجاج بما عليها لما أن أناخها أمام باب الوداع ليقضي طواف الوداع فلما ذهب إليها لم يجد غير عقالها فجاء ذلك الموتور إلى أحد الرؤساء يشكو الحال وينزل به حاجته وفاقته باكيًا حزينًا ولكن ذلك الرئيس لم يسق الله له على يديه فرجًا ولا نصيبًا وكان المترجم إلى جانبه فخرج المسكين باكيًا مكسوف الحال فلحقه محمد سرور ووجده منطرحًا خلف الباب فسأله عن صحَّة فادحته فأقسم بالله العلي العظيم أنه صادق ولا يملك من مال الله شيئًا غيرها فذهب به إلى أمين الصندوق والصرف وأمره أن يصرف له راتبه لشهر ذي الحجة فخذ ما شئت أيها القارئ من جبر قلب هذا المفجوع براحلته وماله وإنا لنثني على أصحاب المكارم والإحسان ونخلد أذكارهم ونعترف بعاطفتهم حتى قال عنه نواد شاكر في تاريخه ليس بحاجة إلى تعريف لأنه في هذه الناحية يكاد يكون أبرز أنداده على الإطلاق وأطال في مدحه والثناء عليه.
وممن توفي فيها من الأعيان
الشيخ عبد الله بن محمد بن سعد بن عامر رحمه الله وعفا عنه كانت ولادته في مدينة بريدة عام (1324 هـ) فنشأ في أحضان والديه إذ كان أخواله آل هزاع ودخل على مقرئ في كتابه فأخذ في الدراسة وتعلم القرآن وكان من جملة تلامذة الشيخ عمر بن محمد بن سليم والدارسين عليه في حالة حاجة إذ لم يكن للطلاب مكافآت
ولما قام بعض الأجواد بعمارة مسجد ربيشة عام (1349 هـ) جعل إمامًا فيه واستمر يزاول هذه الوظيفة ثلاث سنوات ثم أن الحكومة بعثته في جملة القضاة والأئمة والمرشدين إلى جهة عسير وما يليها عام (1353 هـ) فذهب على مضض لأنه كان مولعًا ببلده ورفقته وكان صهرًا وصديقًا للأخ الشيخ عبد المحسن بن عبيد ومن خاصة أحبابه وأصدقائه وكنت أذكر أنه لم حج الأخ الشقيق عام (1341 هـ) لم يطق فراقه وجاء إلى والدنا يسأل عن وقت مجيئه وبكى فأقسم والدنا لو علمت بحرارة فراقه كذلك لجعلتك له مرافقًا، ولما أن ذهب في جملة الذاهبين إلى جهة اليمن كان إمامًا في أبي عريش وواعظًا ومرشدًا إذ كان القاضي في جهته الشيخ عثمان بن حمد بن مضيان واستمر يزاول هذه الوظيفة في عام (1358 هـ) حيث طلب من كانوا هناك من المبعوثين الرجوع إلى الوطن؛ لأن الطقس لم يوافق لصحتهم وشغل وظيفة إمامة مسجده في بريدة ثم إِن الحكومة اختارت أناسًا للدراسة على الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع في المسجد الحرام وللوعظ والإرشاد في مكة المكرمة فذهب من جملتهم أضف إلى ذلك أن كانوا أعضاء في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولما رأى أن عمله كان شاسعًا عن نجد رحل بأهله وأولاده إلى مكة واستوطنوها ثم أنه بعث للقضاء في الدمام وزاولها ثلاث سنين ثم نقل إلى قضاء الموية وبعد تعيينه طلب الإقالة من قضاء المويه واقتضت الإرادة لما جعل الشيخ ابن مانع مديرًا عامًّا للمعارف وعين فضيلة الشيخ عبد الملك بن إبراهيم رئيسًا عامًّا لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المنطقة الغربية أن يكون المترجم في الجهة الجنوبية رئيس هيئة الأمر بالمعروف هناك ثم نقل من هذه الوظيفة إلى أن يكون مفتشًا في رئاسة الهيئات بمكة المكرمة ولما تقدمت به السن أحيل على التقاعد قبل وفاته بسنة وكان كريم النفس طيب الأخلاق ثابتًا على دينه ومبادئه لا تغيره النقلات يداري ويعاشر ويتحمل في نفسه المشاق وله حظ من تلاوة القرآن وترتيله ولا يزال ناسكًا متمسكًا متقيدًا بتعاليم الشريعة ولما اشتعل شعره بالبياض لم يكن ليغيره أو يزيله فكان شديد بياض الشعر كث اللحية
ويعلوه البهاء متسمًا بحلية العلماء ثم أنه أصيب قبل وفاته بثمانية شهور يتأثر في وجع إحدى رجليه وأجريت له فحوص طبية تبين منها أنه لا يخلو من مرض السكر ففعلًا استعمل الحمية واستمر في تقلباته وذهابه وإيابه غير أن صحته متأخرة ثم أصيب بمرض قلبي على إثر ذلك وفي يوم الاثنين الموافق 16 ذي القعدة من هذه السنة وهو آخر أيامه كان يشكو من قلبه رغم تردده إلى المستشفيات فطلب من أهله وقت الظهيرة أن يحضروا ملابسه وقال إني أريد أن أغتسل وأتطيب وأغير ملابسي لتكون رائحتي طيبة إذا غسلوني فقد كنت أظن أني أبيت هذه الليلة في قبري، ولما أن كان قبل الغروب بساعة من آخر النهار طلب حضور الطبيب وذهب إلى الحمام ثم خرج ودعا بابنه محمد الذي يلازمه وقد ذهب ليأتي بالطبيب وطلب ألا يأتي به وطلب حضور صهره زوج ابنته إليه ليراه ويجتمع به ولما خرج من الحمام جعل يتردد في أين يجلس في السطح أو المجلس لأن لا يصيبه لفح الريح بعد الاغتسال ثم غُشي عليه وقد جاء أهله إليه بالقهوة حسب طلبه غير أنها خرجت روحه مع غروب الشمس ليلة الثلاثاء 17/ 11 رحمة الله عليه فغسلوه وكفنوه وصلى عليه المسلمون وقد رؤيت له منامات حسنة وكان سبطه سعد بن محمد يتلو هذه الآية بمناسبة وفاته {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)} ولما قص على أهله صفة وفاته قلت هذه المرثية في الفقيد تغمده الله برحمته:
أتيتِ بأخبار أبانت نهاية
…
لأنفاس خل قد دهي بالطوارق
وفيٍّ حفيظ بالوداد وثابت
…
على دينه قد كان خير مسابق
سلالة أنجاب ومن نسل عامر
…
هو الصهر عبد الله ليس بماذق
لقد عاش في الدنيا عزيزًا ومكرمًا
…
نقيبته التقوى وحسن الخلائق
وقد كان ذا صبر جميل وثابتًا
…
وما كان يبدي دائمًا للخلائق
ولكن نفس المرء تبلى وتنجلي
…
طوايا تخبا عن صديق وصادق
ينادي بأعلى الصوت جهرًا لنجله
…
ملازمة في خدمة فعل صادق
محمد المذكور بالخير والندى
…
شمائله كسب العلى في الحقائق
لقد كان برًا في القرابة واصلًا
…
وذا حشمة أمسى بها ذا تفاوق
ألا أيها النجل ائتني بمعالج
…
وسارع إلى جلب الطبيب وسابق
فقد كنت مكروبًا ولا زلت خائفًا
…
وفي علم مولى الخلق أمسى بطارق
وقام كحيران يضيق به الفضا
…
يردد أنفاسًا دهت باللواحق
فما كان إلا ساعة ثم ناله
…
سهام القضا المحتوم في جنح غاسق
لست من الأيام من بعد عشرها
…
بذي قعدة أمسى رهين الخنادق
لإحدى وتسعين تلتها مئاتها
…
ثلاثمئين بعد ألف مطابق
فأفٍّ لذي الدنيا وإن ظلالها
…
سريع انقلاص ليس يومًا برائق
وأعظم بموت للحبيب وفرقة
…
ورزء دهانًا بالحبيب المفارق
فمن مثل عبد الله في الأنس والبها
…
محاسنه فاقت كثير الخلائق
بقية أفذاذ لعمري ومعشر
…
سجيتهم بذل الندى والتصادق
لقد عاش في التقوى ومذ شب يافعًا
…
وكهلًا إلى غير النهي غير تائق
حفيظًا على العهد القديم وثابتًا
…
على مبدئ قد لا يميل لمارق
فأهون بهذا الدهر خلا وصاحبًا
…
لقد كان سلابًا لخل مرافق
وليس بمأمون على الصحب والوفا
…
سجيته سلب الصديق المصادق
فسبحان ربي من جليل وقاهر
…
يعيد ويبدي قاهر للخلائق
يعاملنا ربي بفقد خيارنا
…
ويبقى شرار الخلق من كل مارق
على هذه الدنيا العفا بعد موته
…
فكم سلبت أيدي الردى كل فائق
وكم أبقت الأيام خبًا ومعشرًا
…
وكم قد رأينا من عجيب الشقاشق
فصبرًا بني الإسلام صبرًا على البلا
…
فذو العرش جبار لطيف برامق
وكل سيمضي ذاهبًا بعد ذاهب
…
وغايتهم ذا لاحق بعد سابق
وصل على المبعوث للناس رحمة
…
بعد النجوم الغاربات الشوارق
وآل وأصحاب على السير اقتفوا
…
وأتباعهم من كل هادٍ وسابق
وهذه أبيات للشيخ محمد بن عبد العزيز بن هليل جوابًا عليها:
رثاء من الشيخ الأديب مؤثر
…
مثير به اهتاج الأسى والتأثر
هو الشهم إبراهيم ذو النبل والإخا
…
أبوه عبيد العابد المتبصر
عبيد بن عبد المحسن الصالح الذي
…
محاسنه في الناس تروى وتذكر
جزى الله إبراهيم خيرًا فإنه
…
لذو العلم والتوفيق والله أقدر
ففقه وتاريخ مع الوعظ والرثا
…
علوم وآداب تصان وتنشر
رثى الراحل الصهر الأديب أخا الوفا
…
أبا عامر ما المرء عمرًا يعمَّر
فلم يجعل الله الخلود لكائن
…
من البشر الفاني تعالى المدبر
وما هذه الدنيا جميعًا بأسرها
…
لكل الورى إلا ممر ومعبر
وكل ملاقٍ في المنية مصرعًا
…
ألا كل شيء بالقضاء مقدر
فما أبهج الحظ السعيد بفوزه
…
وما أتعس المحروم والحظ أخسر
معاذًا إلهي من شقاء وفتنة
…
وغل وإعجاب هو الداء يحذر
مضى الشيخ عبد الله نجل محمد
…
حميد خصال والمحامد مفخر
ولم ننس أيام الوفى ونبله
…
ولطف سجايا لم يشبها التكدر
وبرًا وآدابًا وحسن عقيدة
…
وترتيل قرآن بصوت يحبر
تغمده المولى بعفو ورحمة
…
بإحسانه والله ذو المن يغفر
لنا وله والمسلمين جميعهم
…
وحمدًا لرب الكون والله أكبر
وممن توفي فيها من الأعيان الشيخ عبد الله بن مشيقح، وهذه ترجمته: هو أحد زعماء مدينة بريدة عبد الله بن عبد العزيز بن حمود بن مشيقح بن عبد الله آل مشيقح، ولد في مدينة بريدة سنة (1310 هـ) ونشأ في بيت والده نشأة حسنة فأدخله والده إحدى المدارس الأهلية عند مؤدِّب يتعلم القرآن والكتابة وله من العمر ثمان سنوات وكان ذكيًا حفظ القرآن الكريم وحسن خطه ولازم والده منذ صغره في البيت والمسجد وعند سماع القراءة في مجالس الذكر في المساجد واشتغل بجانب والده في التجارة وحينما بلغ عمره العشرين أخذ في طلب العلم على الشيخ
عمر بن محمد بن سليم وأخذ عنه تفسير القرآن وعلم التوحيد والفقه والفرائض والنحو والتاريخ كما أخذ عن الشيخ عبد الله بن محمد بن سليم ودرس عليه في الصحاح والسنن وكان مولعًا باستماع القراءة في البيت والمسجد في الكتب الدينية والتاريخ وغيرها طيلة حياته وعنده قوة ذاكرة واختير إمامًا لمسجدهم الذي كان يدعى مسجد عيسى في غربي مدينة بريدة وذلك في عام (1340 هـ) وبصفتهم الذين أقاموا عمارته مرتين كان يعرف بمسجد الشيخ واستمر في إمامته إحدى وخمسين سنة تقريبًا حتى توفاه الله تعالى ولما أن كان صوته جهوريًا صدق عليه اسم البلبل المغرد ذلك لما كان حسن الصوت جهوريًا مرتلًا محبرًا فهو وحيد زمانه في علو الصوت ولا سيما ليالي الختم في شهر رمضان فإن المسجد يمتلئ بالمصلين رجالًا ونساءً ويختصونه لقراءة الكتب الواردة من الملك عبد العزيز في وقت الحروب لتوجيه الشعب وإبلاغه الأوامر الرسمية فكان صوته يسمع من مسافة بعيدة وقد تأثر بحب العلم والعلماء وحب الخير وأهله ومناصرة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فكان يؤيدهم ويساعدهم ويقف في صفهم ويتمتع بالأخلاق الفاضلة والسيرة الحميدة مع أدب وسعة رأي، باسم الوجه مقنعًا بحديثه سريع البديهة محترم الشخصية بارًا بوالديه ولاسيما لما أسن والده فإنه يجلس بين يديه متواضعًا متقيدًا بتوجيهاته خاضعًا لأوامره وكان موفقًا لحل المشاكل وإنهاء الخصومات إذا وجهت إليه وفيه سياسة حتى أنه يسحر السامع في كلامه وكان وجيهًا عند الأمراء والحكام والقضاة وترجع الأمة إلى رأيه ومشورته ويستأنسون برأيه ويقربون مجلسه لما يعرفون من نصحه وإخلاصه وكان إلى ذلك صاحب عبادة وله حظ من قيام الليل ومحسنًا إلى الفقراء والمساكين ويعطف على المستضعفين ويصل رحمه ويؤثر على نفسه في أمر أسرته مما جعلهم يميلون إليه ويقدرونه ويحترمونه ويربي أبناء الأسرة ويأمرهم بالصلاة ويوقظهم لها ليلًا ونهارًا مع كثرتهم وسعة بيتهم وتعدد محلاتهم وله أخوة كانوا يسيرون على تعليماته في خدمة مسجدهم وبذل الطعام والشراب فيه للمحتاجين والمصلين ولما أن كان في آخر