الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في مالية بريدة وعبد الله وعبد العزيز وناصر وسعد وقد توفي الأخير في حياة والده وله أسباط من بناته منهم مدير المعهد الزراعي في القصيم عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد العزيز بن مشيقح كان شابًّا أديبًا ومن أسباطه بعض أبناء سليمان بن علي بن حجي صاحب الأدب والرجولة في مدينة بريدة وكان مزارعًا في الجهات القريبة من بريدة وكان عمر المتوفى يناهز التسعين فالله المستعان.
وفيها وفاة الأديب الصري حبيب جامالي وقد أقيم له مأتم هناك كبير اشترك فيه جمهور كبير وكان مشتغلًا بالصحافة وكاتبًا ومحررًا في مجلة المقطف ثم انتقل إلى مجلة الهلال ثم شمل نشاطه الأدبي والصحفي جميع صحف دار الهلال كالاثنين والمصور وحواء وإيماج وكانت وفاته عن عمر يناهز السبعين قضى منها أكثر من نصف قرن يعمل في الصحافة المصرية.
أخبار عن وزير الدولة شلهوب
ننقل ما أثبته الريحاني وغيره من المؤرخين بالمعنى كان شلهوب واسمه أبو صالح محمد بن صالح بن شلهوب وزير الدولة ثلاثًا وأربعين سنة ولا يزال حتى هذه السنة يتقلب بالمرح والسرور مع تقدمه في السن فهو يهزأ بروح الشباب مرح ضاحك روحه شابة بل وأكثر من ذلك يجمع أبنائه ليحدثهم عن ذكرياته الحلوة ويضحك مع الجميع صغيرًا وكبيرًا وكان طويل القامة هذه صفته يقول: (بعد منتصف الليل نشعل الشمعدان ونعد السجادة والمصحف للملك عبد العزيز) ويقول عن حياته مع الملك: (ملأت المزاود بالحصا والجبخان للتخلص مما نحن فيه) ما هو شلهوب كان يجلس على الكرسي الكنب وعليه شماغ وعقال وبشت وقد أرخى وجهه وضم فمه مرور السنين وتقدم السن غير أنه في حديثه ملتفتًا متشجعًا كأنه الصقر فيقول جميع الأشياء في المالية مرتبطة في وهذه كلها من مهماتي في الدولة الشابة آنذاك الأمر يتحول رأسًا من الملك عبد العزيز إلي ويقول عنه المؤرخ أمين الريحاني هو وزير المالية ووزير التموين عند السلطان عبد العزيز، وما الوزارة
هماك غير صدى الإرادة السلطانية وآلة من آلات أحكامها إلا أن الشلهوب هو علم الشيوخ فيه عذاب وفيه خلاص وفيه إخلاص ولا ريب فيه مهماته متعددة تشمل الكبيرة والصغيرة من الدفع إلى عود الكبريت فهو يتولى أمر التوزيع العام الشامل يوزع الحطب ويوزع السمن ويوزع المال طريقته في الإدارة أولية يدوية وحساباته قروية قال لا فض فوه الذي يجيء نقيده والذي يروح نقيده والنتيجة لا شيء وليس في طريقته محاباة وتفضيل طوف بي ذات يوم في مخازنه فدهشت لما في ذمته من الأموال وفي ذاكرته من الأشياء هذا مخزن السلاح والذخيرة، وهذا بيت التموين وهذه الخوابي صنع الهند للسمن، وهذا التِمن (1) الأرز مئات من الأكياس مرصوصة بعضها فوق بعض ثم أدخلني غرفة كبيرة ذكرتني بمخازن الرهون بلندن وبنيويورك كل ما فيها مهمل مجهول ومكدس بعضه فوق بعض سألت شلهوب عنها فقال غنمناها في إحدى المواقع ولا أدري ما فيها هذا هو الشلهوب رجل الدولة كل شيء في الدولة يصرفها بعد أمر السلطان عبد العزيز ويواصل الأستاذ الريحاني يقول: مثل يوسف في مصر ادفع يا شلهوب وزع يا شلهوب رأيت العربان والإخوان ينتظرون في الرواق وشلهوب جالس وراء منضدته يعد الروببات وإخوانه في المخازن حوله يوزعون الثياب وكنت أرى كل يوم عند غروب الشمس صفًّا طويلًا من العبيد ساسة الخيل كل يحمل وعاءه ينتظر عند باب من أبواب شلهوب ليملأه شعيرًا، إن لشلهوب منازل كثيرة ومهمات متعددة هو مثل يوسف في مصر الفراعنة {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ} ، {قَال اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55)} إلى آخر كلامه. نعم إنه رجل الدولة وأدى واجبًا يشكر عليه، حدثني أحد الأخوان من أهل الرياض وكان ثقة رزينًا قال: دخلتُ مع الشيخ عمر بن حسن آل الشيخ على شلهوب للزيارة في بيته فجلس يتحدث معنا وجعل يقص علينا أيامًا مضت بينه وبين الملك عبد العزيز حيث كان ينفذ أوامر الملك،
(1) التمن بكسر التاء المثناة وتشديد الميم المفتوحة نوع من الأرز رديء يأكلونه.
قال كنت أختال إذا لم يكن في الخزائن شيء وأستسلف من التجار فدعى بي مرة وقال يا شلهوب هذا ابن عائض تدم من الجنوب وهو من الأعيان ولا أقل من مائتي جنيه ذهبًا فاعتذرت بأنها غير موجودة يا طويل العمر، فقال يا شلهوب التفت يمنة ويسرة لعل الله أن يأتي برزق من هنا أو هناك، قال: فأخذت صندوقًا من الخشب وملأته حصًا وذهبت به إلى غني في الرياض وقلت له نريد مائتي جنيه وهذه خمسة آلاف من الجنيهات في هذا الصندوق إننا نخشى فتحه فكل نجل من الأنجال والأقرباء يستشرف لحقه فتذهب جميعًا فنرجو سلفة مايتين وترهن الصندوق فناولنيها وأدخل الصندوق في مخزنه وبعد مضي ثلاثة شهور جئته بها وأخذت الصندوق وما علم بما فيه، ولقد دخلتُ عليه مرة بعد العصر وقد أرخى الشماغ على وجهه وهو يتلو القرآن من الصحف ويبكي فسألته عن ذلك البكاء فقال يا شلهوب إن الوالدة سألتني خرجية قليلة وليست عندي فالتفت يمنة وشمرة يا شلهوب فعملت حيلة حتى حصلت عليها كما أن المكافآت التي تصرف لطلاب العلم يتولى صرفها وقد يتأخر الصرف فيقفون للملك ويشكون عليه فيأمرهم أن يراجعوا شلهوب.
وفيها في سابع ذي القعدة أصدر الملك فيصل بن عبد العزيز أمره السامي بتشكيل لجنة ثلاثية لدراسة أوضاع السيول في المنطقة الغربية والجنوبية فقامت اللجنة تباشر مهمتها في جدة ومكة لأنها هطلت يوم الأربعاء الموافق 4 ذي القعدة من هذه السنة أمطار وسيول جارفة لم تشهد لها مثيلًا منذ ثلاثين عامًا استمر هطول الأمطار أكثر من ثلاث ساعات ونصف متواصلة داهمت السيول جميع الشوارع والطرق وغمرتها بالمياه وقد شلت حركة السير في الشوارع وانصرف الطلاب وموظفو المصالح والمؤسسات والدوائر إلى منازلهم وخلت الشوارع من المارة بعدما كانت مياه السيول تتدفق بغزارة من شرقي مدينة جدة وقد تهدمت بعض الدور القديمة وارتفع منسوب مياه السيول في الشوارع فجأة مما تعذر معه السير ولا تزال مياه السيول راكدة في بعض المناطق وقام أمير مكة الكرمة مشعل بن عبد العزيز حفظه الله بالإشراف شخصيًا على أعمال الإنقاذ في شوارع مكة والطريق إلى جدة