الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
133 - الحشائشي (1271 - 1330 هـ)(1855 - 1912 م)
محمد بن عثمان الحشائشي الشريف التونسي، المؤرخ، الرحالة، الأديب الشاعر ولد بتونس في 26 رمضان 1271/ 12 جويليه 1855، ونشأ في بيت علمي قديم، فجده الحاج محمد ابن الحاج قاسم تولى قضاء الفريضة (تحرير المواريث، وتقدير النفقات) في عهد حمودة باشا الحسيني، ووالده من شيوخ جامع الزيتونة ومتوظف بالديوان الشرعي.
وقد وجهه والده نحو التعليم حسب الطريقة المتبعة في ذلك العصر، فبعد استظهاره للقرآن الكريم دخل جامع الزيتونة وقرأ به على اعلامه كأحمد الورتاني الذي لازمه كثيرا، وسالم بو حاجب، وعمر بن الشيخ، ومحمد بيرم الخامس، ومحمود بن الخوجة، وغيرهم إلى أن أحرز على شهادة التطويع، وانتصب بعدها متطوعا بالتدريس والإفادة بجامع الزيتونة، وتولى خطة العدالة (التوثيق) في سنة 1293/ 1876.
كان قوي الذاكرة، واسع الحفظ، غزير الاطلاع، وكان محبا للترحال فجال في داخل البلاد متنقلا بين المدن والقرى والبوادي، وقد اكتسب من هذا التجول خبرة بالعادات والتقاليد وفنون الفلكلور، ولأجل هذه الخبرة ومعرفته الجيدة بالمخطوطات قصده مواطنوه والمستشرقون للاستفادة منه، ونشر انتاجه شعرا ونثرا في الصحف، وكان يميل إلى الدعابة والفكاهة.
وفي خلال سنة 1313/ 1896 رحل إلى ليبيا باقتراح من السياسي الفرنسي الثري المستكشف المركيز دي موراس Marquis de Mores ودامت الرحلة ما يقرب من سنة، ويبدو أن المركيز انفق على هذه الرحلة لأن
الحشائشي لم يكن ثريا ولأنه بعد مقتل المركيز في الأراضي الليبية، نشبت نزاعات مالية مع أسرة دي موراس المذكور، وكيفية تعرف المترجم على هذه الشخصية هو أنه تأثر سابقا ببيان نشره القس لوزون Loyson عن تقارب المسيحية والاسلام، وقدر رأيه، وكان صديقا للمترجم الطاهر اللجمي الذي كان تعرف من قبل على المركيز إذ قدمه له دليله في الجنوب الجزائري صالح بالضياف الذي أتى إلى تونس للالتحاق بمخدومه من 28 مارس إلى 8 افريل 1896، وطلب الطاهر اللجمي من المترجم له أن يحرر لفائدة دي موراس رسالة وقصيدة يقدمان إلى المهدي السنوسي، ولاعجاب الحشائشي بشخصية المركيز وبعواطفه الإسلامية عقد له صلة مع التاجر الحاج علي بلقاسم التنبي الغدامسي الذي جعله المركيز يأمل في إنشاء ولاية بالجنوب التونسي يكون حاكمها قريبا له، وفي نهاية افريل اقترح موراس على الحشائشي أن يلتقي به في غات مرورا ببنغازي والكفرة، وحمل الحشائشي معه بضائع لدراسة الأسواق، وطلب منه أن يهيئ له مقابلة مع المهدي السنوسي لبعث أمله لانشاء زاوية في الجنوب التونسي تستخدم محطة للتجارة عبر الصحراء، وركب الحشائشي البحر متوجها إلى ليبيا بعد أربعة أيام من رحيل موراس اليها.
ولا بد أن نتعرض بإيجاز إلى مشاريع موراس وغرضه من الرحلة إلى ليبيا، وتكليفه للحشائشي للقيام بهذه الرحلة ومقابلته للمهدي السنوسي، ولموراس غايتان تحويل التجارة عبر الصحراء إلى المغرب الخاضع لفرنسا، وسبق الانكليز الدخول إلى التشاد والنيل الأعلى، وإلا طردهم منها، ويرى أن برنامجه يمكن تحقيقه في فترتين متواليتين، وتحمس بالخصوص للوضعية السياسية.
وهو يعتقد في حسن نية الطوارق والسنوسية، ما دامت ضرورة التحالف الفرنسي الإسلامي تبدو له بديهية، ولذا فكر في إقناع شيخ الكفرة بصدق النوايا الفرنسية والمبادرة مع مهدي السودان بالتحالف ضد البريطانيين، ولم ييأس من دعم هذا التحالف بواسطة قوات رباح.