الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
156 - خزنه دار (1297 - 1373 هـ)(1879 - 1954 م)
محمد الشاذلي بن محمد المنجي بن مصطفى خزنه دار، شاعر السياسة والوطنية، الملقب بأمير الشعراء.
جده هو الوزير الأكبر مصطفى خزنه دار، أصله من قرية يونانية قرب سافس، جلب إلى تونس وسنه دون العشر سنوات، وتربى بقصر المشير الأول أحمد باشا باي، ووالده أمير الأمراء محمد المنجي الابن الثاني لمصطفى خزنه دار. درس العلوم الحربية في إحدى كليات باريس، وتخرج منها سنة 1248/ 1836.
ولد بقصر جده قرب الكرم، وتسميته «محمد الشاذلي» تدل على ما كان يسود اسرته من تعلق بالأولياء، وانتساب إلى الطرق الصوفية، وخاصة الطريقة الشاذلية، وكانت والدته متعلمة تقرأ القرآن وتحفظ الأشعار، وتطالع القصص كقصة «رأس الغول» والمرأة المتعلمة من شواذ ذلك العصر لشيوع جهالة النساء فيه ولعلها أثّرت عليه في التوجه نحو الأدب والمطالعة. اعتنى والده بتربيته فلما بلغ سن التعلم جلب له مؤدبين خاصين لتعلم القرآن على عادة الكبراء والأعيان في ذلك الوقت في تعليم ابنائهم في منازلهم لا في المدارس، وبعد أن استظهر نصيبا من القرآن تلقى مبادئ العلوم العربية على الشيخ عثمان بن المكي التوزري، والشيخ علي الساسي نزيل سطيف بالجزائر، وفي سنة 1314/ 1896 أخذ في التلقي على الشيخ الطيب بوشناق، وقرأ عليه مدة سبع سنوات، ومن جملة ما قرأ عليه علم العروض والقوافي فامتلأ منه وطابه حتى صار فيه الاختصاصي الفذ، ودخل جامع الزيتونة سنة 1310/ 1893، ولم يكن غرضه الإحراز على شهادته العلمية، واجتياز الامتحانات بل كان غرضه اشباع
نهمه الأدبي واللغوي فحضر الدروس التي تلائم اتجاهه، وواظب على الحضور بدروس العلامة الشيخ سالم بو حاجب. ووالدته فاطمة بنت فرحات قرجي لقنته مبادئ الحروف والحساب واللغة:
ومن فاطم أمي استفدت دراستي
…
فمنها تعلمت الكلام المركبا
ومنها تعلمت الحساب مدققا
…
وتخطيط ما سطرت من الف وبا
وفي غير أوقات الدراسة ينكب على المطالعة في مكتبة والده الفخمة بما فيها من مراجع قيمة، وهكذا استكمل ثقافته بكده وجده.
ولما جاوز مرحلة الشباب الأولى، واكتملت رجولته، وصار يتصل بالمجتمع داخل القصر، تزوج الأميرة حسينة بنت محمد المأمون باي من الأسرة المالكة وأنعم عليه بعد زواجه بشهر واحد برتبة ضابط في القصر، وتدرج في سلم الترقي من رتبة ملازم إلى رتبة بوزباشي فبنباشي، وأحرز على الوسام الشرفي من الرتبة الرابعة، بمناسبة خروج الزعيم الشيخ عبد العزيز الثعالبي من السجن كان من بين المستقبلين والمهنئين له بقصيد من روائع شعره، فسخط عليه القصر والادارة العسكرية والاستعمار لأن في موقفه معنى الانتماء إلى حزب المعارضة، ومقاومة الحكم وطواغيته وهو ما لا يرضى عنه القصر، ولا السفارة الفرنسية، والنتيجة السريعة لموقفه هي الزج به في ظلمات السجن العسكري لمدة نصف شهر، وبعد خروجه من السجن بادر بالاستقالة من وظيفته للخروج من حياة رتيبة في القصر تعد الأنفاس وتستقصي الحركات والسكنات، وانتسب إلى الحزب الحر الدستوري الذي مدح زعيمه، وهو حزب ثائر على القصر، على ما في القصر من مغريات بالنسبة له من مرتب شهري محترم، وروابط الصهر والقرابة، ولكن النفوس الحرة تؤثر الحياة الطليقة على ما فيها من شظف وكفاح على حياة الرخاء والنعومة والجاه المكبلة للخطى، ووجد في هذا الانطلاق من السدود والقيود ما يشبع نهم الشاعرية عنده.
وسأكتفي بوظيف شعري عائشا
…
ما بين اقلامي وبين محابري
وانتسب إلى الحزب الحر الدستوري، وانتخب عضوا في لجنته التنفيذية بأغلبية كبرى، ومن يعرف الانهيار المعنوي لدى الجماهير في ذلك العصر، والطاعة للحكومة في كل شيء وعدم التفكير في معارضتها ومقاومتها يقدر له هذا الموقف الشجاع، ولا يراه أمرا هينا لا يستحق الالتفات، وكان واسطة في إحدى المفاوضات ما بين اللجنة التنفيذية وبين الأمير محمد الناصر باي قبل اندلاع أحداث 15 افريل 1922 التي اتهمته الحكومة بالمشاركة في تدبيرها وسجنته بسببها.
درّس العروض بالمدرسة الخلدونية، وبمدرسة ترشيح المعلمين، كان إلى جانب عمله السياسي في الحزب ينظم القصائد الكثيرة في الوطنية بما يحمس الجمهور وينير له الطريق، ولم يتوان عن كشف فضائح الاستعمار وطواغيته، وكان جيد الإلقاء للشعر ينسجم مع شعره في نغمة خاصة تعدي بحماستها الجمهور المستمع، وشعره جزل الألفاظ، واضح المعاني، لا يخلو من المنطق والاحتجاج العقلي بالخصوص في مطاولة الاستعمار، ومناقشته، وهو أول من انغمس بشعره في السياسة الوطنية من شعراء تونس المحدثين، ولم يكد ينظم إلا في هذا الغرض في هذا الطور من حياته، وإن كان قبل ذلك نظم في الأغراض الشعرية الأخرى، فالوطنية عنده هيام والتزام.
وفي سنة 1946 استقال من اللجنة التنفيذية للحزب الحر الدستوري القديم مدعيا أنه ليس بالسياسي ولا الزعيم ولا الأمير بل هو الشاعر وكفى:
لساني الشعور ولست السياسي
…
ولست الأمير ولست الزعيم
ولكنه إذ ابتعد عن السياسة الحزبية فإنه بقي كسالف عهده شاعر الوطنية والسياسة، وله أدب ملحون شعبي وأغان.
مؤلفاته:
1) حياة الشعر وأطواره الحاضرة، ط، بالمط، التونسية تونس 1338/ 1920، لم يذكره صاحب معجم المطبوعات.