الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
96 - جعيط (1246 - 1333 هـ)(1830 - 1915 م)
يوسف بن أحمد بن عثمان بن قاسم جعيط، الفقيه الكاتب الوزير، ولد بمدينة تونس، وكان والده من العدول الموثقين بالحاضرة من عدول الغابة، وهي خطة نبيهة ينتخب لها صفوة الموثقين من عدول تونس، وجده لأمه هو الكاتب الحاج بالضياف بن عمر العوني رئيس كتبة بيت خزنه دار في دولة الأمير حمودة باشا، والمشهور باختصاصه بالوزير يوسف صاحب الطابع، اتصل اتصالا وثيقا بخاله الوزير الكاتب المؤرخ الشيخ أحمد بن أبي الضياف، فكان المتولي لتربيته وتوجيهه تولي الأب لابنه حتى أنه لم يكن يذكره في رسائله إلا بابني يوسف.
دخل جامع الزيتونة حوالي سنة 1260/ 1844 فأخذ عن شيخ الإسلام محمد بن الخوجة، وانقطع للأخذ عنه رواية ودراية، ولازمه ملازمة المريدين، ثم صاهره على ابنته، وأخذ أيضا عن شيخ الإسلام محمد معاوية، ومحمد بن حمدة الشاهد، وعلي العفيف، ومحمد الطاهر بن عاشور، ومحمد النيفر الأكبر.
وكان له ميل إلى الأدب وربط الصلات بشاعر عصره محمود قابادو، وبصديقه اللغوي الأديب الشيخ سالم بو حاجب، وبالشاعر المؤرخ الشيخ محمد الباجي المسعودي، وبعد إتمام الدراسة بجامع الزيتونة انتصب للتدريس، ولم تطل مدة مباشرته له حتى انتخب لمنصب الكتابة بالوزارة الكبرى، وشجعه خاله الوزير الشيخ ابن أبي الضياف على ولوج باب هذا الوظيف، فدخل كاتبا سنة 1272/ 1856 في أوائل دولة المشير الثاني محمد باشا، وهذه الخطة معدودة في عصره من الخطط
العلمية، كما هو شأنها في الأندلس والمغرب الأقصى.
وكانت له اليد الطولى في تحرير القوانين الراجعة إلى أصول عهد الأمان، فكان كاتب المجلس المتكون من شيوخ المجلس الشرعي ورجال من الوزارة وأركان الدولة في ربيع الثاني سنة 1274/ 1858، وفي عهد محمد الصادق باشا باي عند تنظيم الوزارات وأقسام الوزارة الكبرى سنة 1277/ 1861 سمي رئيسا للقسم الرابع الذي هو قسم وزارة الخارجية.
ولما وقع اختيار الوزير خير الدين سفيرا فوق العادة إلى السلطنة العثمانية بعد القضاء على ثورة علي بن غذاهم لتجديد العلائق بين الدولتين، وقع اختيار المترجم كاتبا لهذه المهمة، فسافر صحبة الوزير خير الدين في جمادى الثانية سنة 1281/ 1864، وفي هذه السفارة قابل السلطان عبد العزيز، كما اتصل بالساسة العثمانيين، وسمع محادثاتهم السياسية لا سيما الصدر الأعظم فؤاد باشا، وعاد من هذه الرحلة في شعبان 1281 متقلدا النيشان المجيدي.
واستمر في كتابة الخارجية في طور تحديد الروابط بين القنصليات الأجنبية والدولة التونسية، ونشأ جوّ من التلاعب السياسي والدس الخفي من القنصليات الأجنبية، وزاد الأمر استفحالا وسوءا في وزارة مصطفى بن إسماعيل، وأريد تشكيل الخارجية التونسية بتوجيه معين فصل المترجم عن رئاسة القسم الرابع، ونقل إلى رئاسة القسم الثاني الذي هو قسم الأحكام المدنية أي رئيسا ثانيا مع محمد الباجي المسعودي، وعند ما توفي هذا الأخير في سنة 1297/ 1883 استقل برئاسة القسم الثاني كان رئيسا للدائرة المدنية إلى سنة 1302/ 1888، ثم نقل إلى مجلس الجنايات عند تشكيل أقسام الوزارة في شكل محكمة، ثم صار رئيسا أعلى للدوائر الجنائية ودائرتي الاستئناف المدني والاستئناف الجناحي لمحكمة الوزارة، وهذه الخطط كانت قبل صدور المجلات وقوانين المرافعات فأبان من الكفاءة في فصل القضايا والأنظار الفقهية