المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌212 - الرياحي (1180 - 1266 هـ) (1767 - 1850 م) - تراجم المؤلفين التونسيين - جـ ٢

[محمد محفوظ]

فهرس الكتاب

- ‌حرف الجيم

- ‌85 - الجادوي (1293 - 1373 هـ) (1876 - 1951 م)

- ‌86 - الجامعي (1087 كان حيا سنة 1132 هـ) (1677 - 1719 م)

- ‌تآليفه:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌87 - الجبالي (…1122 هـ) (…1711 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌88 - الجبالي ( .... - كان حيا بعد 1012 هـ) (1690 م)

- ‌المرجع

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌91 - الجزائري ( .... - 1310 هـ) (1892 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌93 - الجزيري (…- 1394 هـ) (1974 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌94 - جعيط (1268 - 1337 هـ) (1852 - 1918 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌للراجع:

- ‌95 - جعيط (1303 - 1389 هـ) (1886 - 1970 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المرجع:

- ‌96 - جعيط (1246 - 1333 هـ) (1830 - 1915 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌97 - ابن الجلاّب (…- 664 هـ) (1265 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌98 - ابن جماعة ( ..... - 772 هـ) (1312 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌99 - جمال الدين (كان حيا 1323 هـ) (1915 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌100 - الجمّالي (كان حيا سنة 1197 هـ) (1787 م)

- ‌المرجع

- ‌101 - الجمّالي (كان حيا سنة 1087 هـ) (1677 م)

- ‌المرجع:

- ‌102 - الجمل (1107 م) (1796 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌103 - الجمّني (1037 - 1134 هـ) (1628 - 1722 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌104 - الجمّني (حوالي 1300 هـ) (1886 م)

- ‌المرجع:

- ‌105 - الجمّوسي (…بعد 1140 هـ) (1728 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المرجع:

- ‌106 - الجموعي (1276 هـ) (1860 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المرجع:

- ‌107 - ابن جميع ( .... - كان حيا بعد 750 هـ) (1350 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌108 - الجنرال حسين ( .... - 1304 هـ) (1887 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌109 - الجودي (1278 - 1362 هـ) (1861 - 1943 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌حرفالحاء

- ‌111 - بو حاجب (1244 - 1342 هـ) (1828 - 1924 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌112 - الحارثي ( .... - 877 هـ) (1472 م)

- ‌المصدر والمرجع:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌114 - الحبيب (1320 - 1399 هـ) (1902 - 1980 م)

- ‌آثاره:

- ‌ومن تآليفه:

- ‌المراجع:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌117 - الحجري (حوالي 1170 - 1199 هـ) (1757 - 1785 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌118 - الحجيج - (1050 - 1108 هـ) (1640 - 1697 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌119 - ابن الحداد (…- في حدود 570 هـ) (1175 م)

- ‌المراجع:

- ‌120 - ابن الحداد (219 - 302 هـ) (834 - 915 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌121 - الحداد (1317 - 1354 هـ) (1901 - 1935 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌122 - ابن الحداد (بعد 550 - 625 هـ) (1156 - 1228 م)

- ‌المصدر:

- ‌123 - الحداد ( .... كان حيا سنة 497 هـ) (1104 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌مؤلفاته وترجماته:

- ‌المراجع:

- ‌125 - الحربي (…- 1284 هـ) (1868 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌126 - الحرشاني (…- 1353 هـ) (1934 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المرجع:

- ‌127 - ابن حريز (682 كان حيا 735 أو 740 هـ) و (1284 كان حيّا1335 أو 1340 م)

- ‌المصدر:

- ‌128 - حسين (1293 - 1377 هـ) (1873 - 1985 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌129 - حسين (1317 - 1377 هـ) (1898 - 1957 م)

- ‌مؤلفاته المطبوعة:

- ‌المرجع:

- ‌130 - ابن الحسين (1301 - 1382 هـ) (1883 - 1963 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المرجع:

- ‌131 - الحسيني (كان حيا 863 هـ) (1460 م)

- ‌المرجع:

- ‌132 - ابن الحشّا (من رجال القرن السابع هـ) (13 م)

- ‌المرجع:

- ‌133 - الحشائشي (1271 - 1330 هـ) (1855 - 1912 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌134 - الحصائري (كان حيا 750 هـ) (1350 م)

- ‌المرجع:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌137 - الحضرمي (675 - 749 هـ) (1276 - 1349 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌139 - الحفصي (…- 839 هـ) (1436 م)

- ‌المصادر:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌141 - الحليوي (1317 - 1398 هـ) (1900 - 1978 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌ومن مؤلفاته المخطوطة:

- ‌المراجع:

- ‌142 - الحمّادي (…- 1256 هـ) (1840 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌143 - الحمروني (كان حيا 1148 هـ) (1736 م)

- ‌المرجع:

- ‌144 - ابن حميدة (1300 - 1381 هـ) (1882 - 1961 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌145 - ابن حميدة (كان حيا 1316 هـ) (1898 م)

- ‌المرجع:

- ‌146 - ابن حميدة (كان حيا 1295 هـ) (1878 م)

- ‌المرجع:

- ‌147 - الحنفي (…- 1199 هـ) (1788 م)

- ‌المراجع:

- ‌148 - ابن حيّان الأوسي (635 - 718 هـ) (1237 - 1319 م)

- ‌المراجع:

- ‌149 - الحيلاتي (…1099 هـ) (1687 م)

- ‌المراجع:

- ‌حرفالخاء

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌151 - الخراط ( ..... - 1114 هـ) (1703 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المرجع:

- ‌152 - خروف (…966 هـ) (1558 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌153 - خرّيف (…- 1356 هـ) (1937 م)

- ‌المراجع:

- ‌154 - خريف (1328 - 1387 هـ) (1910 - 1967 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌155 - الخزاعي (…- 228 هـ) (911 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌156 - خزنه دار (1297 - 1373 هـ) (1879 - 1954 م)

- ‌المراجع:

- ‌تآليفه:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌158 - الخضار (…- 1267 هـ) (1851 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌الخضراوي: ابن هشام159 -ابن خلدون (732 - 808 هـ) (1332 - 1406 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌160 - ابن خلدون (حوالي 734 - 786 هـ) (1333 - 1385 م)

- ‌تآليفه:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌161 - ابن الخلّوف (829 - 899 هـ) (1425 - 1494 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌162 - خليف (…- 1232 هـ) (1816 م)

- ‌المصدر:

- ‌163 - خليف (حوالي 1250 هـ) (1834 م)

- ‌المصدر

- ‌164 - ابن خليفة (1080 - 1172 هـ) (1669 - 1758 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌165 - الخمّاسي (1293 - 1387 هـ) (1876 - 1967 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المرجع:

- ‌166 - الخمّاسي (1324 - 1390 هـ) (1906 - 1970 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المرجع:

- ‌167 - الخميري (من رجال أواخر القرن 9 هـ) (15 م)

- ‌المرجع:

- ‌168 - الخميري (1314 - 1393 هـ) (1904 - 1973 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المرجع:

- ‌169 - ابن الخوجة (1245 - 1313 هـ) (1830 - 1896 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌170 - ابن الخوجة (1275 - 1364 هـ) (1859 - 1946 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌172 - ابن الخوجة (…- 1279 هـ) (1862 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع والمصادر

- ‌173 - ابن الخوجة (1286 - 1363 هـ) (1870 - 1943 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المرجع:

- ‌174 - ابن الخوجة (1249 - 1329 هـ) (1834 - 1911 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌176 - خير الدين (1324 - 1387 هـ) (1906 - 1967 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌177 - خير الدين (1238 - 1308 هـ) (1820 - 1890 م)

- ‌مؤلفه:

- ‌المراجع

- ‌178 - الخيري (من رجال القرن 10 هـ) (16 م)

- ‌المرجع:

- ‌حرفالدال

- ‌الداني - ابن أبي الصلت179 -الدالي (كان حيا سنة 1277 هـ) (1861 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المرجع:

- ‌180 - داود (1067 - بعد 1137 هـ) (1657 - 1725 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌181 - الدباغ (605 - 699 هـ) (1208 - 1300 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌182 - دحمان (- 1244 هـ) (- 1829 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌183 - دحمان (- 1247 هـ) (- 1832 م)

- ‌المصدر:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌185 - الدرعي (1318 - 1385 هـ) (1902 - 1965 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌186 - الدرناوي (- 1199 هـ) (- 1785 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌188 - الدهماني (كان حيا 1236 هـ) (1837 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌189 - ابن أبي الدنيا الصدفي (606 - 684 هـ) (1210 - 1285 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌190 - الدوعاجي (1327 - 1369 هـ) (1909 - 1949 م)

- ‌ مؤلفاته:

- ‌المرجع:

- ‌191 - ابن أبي دينار (كان حيا قريبا من 1110 هـ) (1698 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع والمصادر:

- ‌حرفالذال

- ‌192 - ذويب (1199 هـ) (1788 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌حرفالراء

- ‌193 - ابن راشد القفصي (736 هـ) (1336 م)

- ‌أما مؤلفاته

- ‌في الأصول فهي:

- ‌وفي الفقه:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌194 - الراشدي (كان حيا 760 هـ) (1359 م)

- ‌المرجع:

- ‌195 - ابن الرامي (734 هـ) (1334 م)

- ‌المراجع:

- ‌196 - الربعي (639 - 715 هـ) (1241 - 1315 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌198 - ابن الربيع (نحو 254 - 339 هـ) (869 - 951 م)

- ‌المصادر:

- ‌199 - ابن أبي الرجال (426 هـ) (1035 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌المرجع:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌204 - الرصاع (894 هـ) (1489 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌205 - الرصافي (650 - بعد 736 هـ) (1253 م - بعد 1335 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌206 - رضوان (1244 - 1322 هـ) (1829 - 1914 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌207 - الرقّادي (310 هـ) (923 م)

- ‌المصادر:

- ‌208 - الرقّادي (316 هـ) (929 م)

- ‌المصدر:

- ‌209 - الرقّام (- 705 هـ) (- 1300 م)

- ‌مؤلفاته

- ‌المرجع:

- ‌210 - بورقعة (1322 - 1386 هـ) (1906 - 1967 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌211 - الرقيق (حوالي 425 هـ) (1034 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌212 - الرياحي (1180 - 1266 هـ) (1767 - 1850 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌213 - الرياحي (كان حيا 1323 هـ) (1905 م)

- ‌المراجع:

- ‌214 - الرياحي (1226 - 1266 هـ) (1811 - 1850 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌215 - (الرياحي (1323 هـ) (1905 م)

- ‌المرجع:

- ‌216 - الرياضي (223 - 298 هـ) (838 - 911 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌حرفالزاي

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصدر:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌221 - الزغواني (- 1399 هـ) (- 1979 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المرجع:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌223 - الزوابي (927 هـ) (1521 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌224 - الزواغي (بعد 750 هـ) (1350 م)

- ‌المرجع:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌227 - زيتونة (1081 - 1138 هـ) (1670 - 1726 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

الفصل: ‌212 - الرياحي (1180 - 1266 هـ) (1767 - 1850 م)

‌212 - الرياحي (1180 - 1266 هـ)(1767 - 1850 م)

إبراهيم بن عبد القادر بن أحمد بن إبراهيم الرياحي الليبي الأسلاف، قدم جده إبراهيم من ليبيا، ونزل بالموضع المعروف بالعروسة منزل رياح، وكان حافظا للقرآن، وله معرفة بسر الحرف، واشتغل هنالك بتأديب الصبيان. وأصل سلفه من قبيلة المحاميد القاطنين بليبيا من فريق رياح الهلالية الذين دخلوا افريقية على عهد المعز بن باديس الزيري الصنهاجي.

العلامة الفقيه، الأديب الشاعر، الصوفي، الرحالة، السياسي. ولد بتستور، وبها حفظ القرآن، ثم ارتحل إلى تونس لطلب العلم في أواخر القرن الثاني عشر، وسكن بحوانيت مدرسة عاشور ثم بمدرسة بير الحجار.

وأخذ بجامع الزيتونة عن أعلام عصره كصالح الكوّاش، وحسن الشريف، وأخذ الأصول عن إسماعيل التميمي، والبيان والمنطق عن عمر المحجوب، وأخيه محمد المحجوب، وقرأ النحو على حمزة الجبّاس في مكتب اشهاده كتاب المغني لابن هشام، وكان هذا الشيخ عالم العربية في عصره (ت سنة 1217/ 1802 ودفن بالزلاج) وأخذ عن أحمد بو خريص، والطاهر بن مسعود وكان يميزه عن أقرانه بإبطال الدرس إذا غاب، وكلمه بعض الطلبة في ذلك فقال:«هذا الرجل ننتفع به أكثر مما ينتفع بنا» ، وأخذ عن غيرهم من اعلام عصره وغالبهم أجازه إجازة عامة، وأخذ التصوف عن شيخ الطريقة الشاذلية الشيخ البشير بن عبد الرحمن الونيسي الزواوي نزيل تونس، وكان ملازما له، ويدخل منزله بلا استئذان، ومدح الطريقة الشاذلية، وابتكر لها الادعية، وفي سنة 1216/ 1801 تعرف بالشيخ علي حرازم بن العربي برّادة والفاسي وأخذ عنه الطريقة التيجانية بتونس،

ص: 387

ونشرها، وأقام أورادها، وأسس لها زاويته المشهورة قرب حوانيت عاشور، وله شعر كثير في مدح الطريقة التيجانية، وكان على صلة بالشيخ مصطفى بن عزوز البرجي الجزائري نزيل نفطة، وله فيه مدائح نثرية وشعرية، وبعد استكمال تحصيله انتصب للتدريس بجامع الزيتونة وازدحمت الطلبة على دروسه. وطريقته في التدريس، أنه ينقل الدرس ويمليه من حفظه، ثم يقرر ما يظهر له، ثم يسرد كلام المصنف بكيفية تبعث النشاط في النفس، وهو أول من ابتكر هذه الطريقة، وقلده فيها من جاء بعده كمحمد بيرم الثالث، ومحمود بن الخوجة، وغيرهما، وسمعه شيخه الطاهر ابن مسعود يدرس الشرح المختصر للسعد التفتازاني على التلخيص فاعجب به.

وعند ما توفي شيخه محمد الفاسي خلفه في تدريس تفسير البيضاوي، وصحيح البخاري، في جامع صاحب الطابع.

وبعد عشرين سنة من إقامته بتونس سئم ضيق العيش، والوحدة بالمدرسة حتى عزم على الهجرة من البلاد التونسية، وبلغ ذلك الوزير يوسف صاحب الطابع، فتسبب له في إسناد خطة العدالة ولما جاءه الحاج بالضياف بأمر الولاية قال له «نترجى عشرين سنة مستقبلة حتى أجمع من أجر الوثائق ما اتخذ به بيتا وزوجة! » وعزم على الهجرة، وعظم هذا على الوزير صاحب الطابع فاشترى له دارا بما يلزمها من المرافق والاثاث، والتزم له بنفقة الزواج فتزوج، وكان ذلك في أيسر وقت، ووالى عليه وابل كرمه فعدل عن فكرة الهجرة.

تخرج عليه كثير من الاعلام منهم ابناه الطيب وعلي، ومحمد بن ملوكة، ومحمد النيفر وابناه الطيب والطاهر، ومحمد البنّا، ومحمد البحري بن عبد الستار، والطاهر بن عاشور، ومحمد بن سلامة، وأحمد بن حسين القمّار الكافي وأحمد بن أبي الضياف المؤرخ، وسالم بو حاجب، وعمر بن الشيخ، وغيرهم كثير.

وفي سنة 1218/ 1803 انتخبه الأمير حمودة باشا سفيرا للسلطنة

ص: 388

الشريفية بالمغرب الأقصى على عهد السلطان سليمان بن محمد لغرض طلب الميرة لوجود مجاعة بتونس، وأصحبه رسالة من انشاء الشيخ عمر المحجوب وقابل السلطان، وأنشده قصيدته التي مطلعها:

إن عزّ من خير الانام مزار

فلنا بزورة نجله استبشار

وهي من جيد شعره. وفي هذه الرحلة اجتمع في فاس بالشيخ أحمد التيجاني، وأخذ عنه الطريقة، كما اجتمع بكثير من العلماء منهم الشيخ الطيب بن كيران، وتباحث معه في مسائل من العلوم، وحضر درس السلطان في التفسير، ودخل مدينة سلا، وأجازه فيها العلامة محمد الطاهر المير السلاوي بما تضمنه ثبت الشيخ أحمد الصباغ الاسكندري من العلوم على اختلاف أنواعها والكتب المصنفة فيها من المطولات والمختصرات بالأسانيد المتصلة إلى أربابها كما أجازه بذلك الشيخ عمر بن عبد الصادق الشستي المالكي عن شيخه أحمد الصباغ جامع الثبت المذكور، والشيخ محمد مليكة عن الشيخ عبد الوهاب العفيفي، ومحمد بن عيسى الزهار، عن مؤلفه الشيخ أحمد الصباغ المذكور والاجازة مؤرخة في شوال سنة 1219 هـ.وكانت رحلته إلى المغرب الأقصى رحلة سياسية وعلمية.

وفي سنة 1241/ 1826 قدم إلى تونس أحد تلامذة الشيخ أحمد التيجاني فذهب معه إلى تماسين في الجنوب الجزائري، واجتمع بخليفة صاحب الطريقة الحاج علي التماسيني، ثم رجع إلى تونس، وبعدها سافر إلى الحج، وحج مرة ثانية سنة 1252/ 1836 نيابة عن مصطفى باي الذي قام بسائر ضرورياته ذهابا وإيابا وأركبه الفرقاطة الحسينية ورجع في 19 رجب 1253/ 13 اكتوبر 1837 بعد وفاة منوبه الأمير مصطفى باي بثلاثة أيام.

وكان سبب سفره للحج في هذه المرة وحشة وقعت بينه وبين تلميذه القاضي المالكي محمد البحري بن عبد الستار وذلك أنهما اختلفا في يتيم تزوجت أمه فانتقل الحق في حضانته إلى جدته للأم، وقضى بهذا القاضي بناء على المشهور في المذهب، ولم يرض عم الطفل بهذا الحكم، وطلب أن

ص: 389

يكون الطفل في حضانته والتزم بالنفقة عليه من ماله إلى أن يبلغ أشده ويأخذ ارثه من أبيه كاملا، فقضى له بذلك الشيخ المترجم اعتمادا على غير المشهور نظرا لمصلحة اليتيم، فانتصر هذا لرأيه وهذا لرأيه ووقع بينهما اختلاف في مجلس مصطفى باي آل الأمر فيه أن القاضي أتى بكتب الفقه تحملها الأعوان وجعلوها بين يديه، وطلب من الباي أن يأمر أحد الكتاب بقراءة محل الحاجة من كل كتاب فغضب الشيخ المترجم له وقال لتلميذه القاضي المذكور في ذلك المجلس «قصر يا قليل الحياء» .

وامتعض الباي من هذه المقالة، وانفصل المجلس بتنفيذ حكم القاضي، وتأثر المترجم من موقف تلميذه القاضي، وقدم استقالته من خطة رئاسة الفتوى المالكية فلم يقبلها الباي، وألزمه على الاستمرار في القيام بها، فبعث إليه برسالة جاء فيها:«فإن معظم قدركم لم يطلب الإقالة إلاّ لما عيل وضاق ذرعا أمري، فإني منذ توليتها وأنا حزين الفؤاد، رهين الندم والانكاد، من يقوم بحق الله وحق العباد؟ حتى وهن العظم مني، وهذا القدر من الأعذار كاف في تفضلكم عليّ بالاسعاف، كيف وقد انضم إلى ذلك ما لا صبر لأحد عليه، وهو مواجهتنا على رءوس الاشهاد، باساءة الأدب في ذلك الناد، ممن كان نلقمه ثدي التعليم، ويرعانا بعين الاجلال والتعظيم، ثم إنه لم يقنع بسنان لسانه حتى شرع لنا رمح بنانه، فهل بعد هذا التعدي من اذلال؟ ! وماذا بعد الحق إلا الضلال .. »

فأجابه الباي «بأن هذا الأمر متعين عليك شرعا، والمعارضة في العلم ليست من سوء الأدب وإلا سد باب المشورة، ومثلك ومثله تكون قلوبكم متعاضدة، وأنفسكم على الخير متواردة .. » .

وكان الباي منتصرا للشيخ محمد البحري بن عبد الستار القاضي، وأكبر قول الشيخ لتلميذه بمحضره في المجلس «يا قليل الحياء» .

ولما وصل المترجم إلى الحرم النبوي أنشد عند باب السلام:

إليك رسول الله جئت من البعد

أبثّك ما في القلب من شدة الوقد

بغى وطغى مستكبر متشبّث

بوهم يقود الناس للخطإ المردي

ص: 390

ودعا على خصمه، وطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ ثأره منه.

قال تلميذهما الشيخ أحمد بن أبي الضياف بعد أن أورد القصيدة معلقا: «وما ضرّ الشيخ البحري لو راجع شيخه بلطف، أو سأله عن مستنده كما كان يسأله، أو نقل ما في تلك الكتب، أو بعث بها إليه، وأي داع إلى كتب بأيدي صف من الأعوان في ذلك المشهد إلا تبريد شيخه، ونسبته إلى المكابرة! والحال أن شيخه لم يخالف اجماعا، ولا قاطعا من النصوص، ولا قياسا جليا، بل القياس الجلي في النظر لليتيم هو حفظ ماله حتى يبلغ الأشد، ولا معرة تلحقه إلا أنفق عليه عمه، فعم الرجل صنو أبيه، وللعم حق الحضانة بعد غيره لأنه من العصبة، ومصلحة اليتيم في حفظ ماله توافق فتوى الشيخ، والأصل في الأحكام الشرعية أن تكون معقولة المعنى، والنازلة مناط اجتهاد ما ضرّ الشيخ رضي الله عنه لو صبر وعفى، وكان أجره على الله» .

وصدق ابن أبي الضياف في ملاحظاته، فإن الأحكام الشرعية معقولة المعنى كما قال، ورعاية المصلحة المعقولة المعتبرة شرعا تقضي العمل بفتوى الشيخ الرياحي، لكن التعبد بنصوص الفقهاء وبمشهور المذهب لهما من السيطرة على العقول ما يلغي كل اعتداد معقول المصلحة، ومثل هذا الجمود كان من أسباب تأخر الفقه، وانحطاط المجتمعات الإسلامية.

وفي سفرته هذه للحج اجتمع بأعلام الاسكندرية، والقاهرة، والحرمين الشريفين، منهم محدث المدينة المنورة محمد عابد السندي المدرس بالحرم النبوي، وأجازه ما حواه ثبته المعروف «بحصر الشارد في أسانيد محمد عابد» .

كما أجازه بالقاهرة الشيخ محمد الأمير الصغير بما حواه ثبت والده، وسمع هو منه حديث الرحمة المسلسل بالأولية. وسند الشيخ إبراهيم الرياحي المتصل بالشيخ الأمير في الصحيحين، والموطأ والشفا يرويه كثير من تلامذته، والطبقات التي جاءت بعدهم إلى عهود قريبة، ويتصل سندي بها من طريق شيخنا محمد الهادي العلاني الأنصاري الخزرجي من

ص: 391

ذرية سيدنا أبي أيوب الأنصاري القيرواني المحتد، التونسي الدار، رحمة الله عليه.

وفي القاهرة أجاز إبراهيم بن حسن السقا الأزهري المصري.

ولما حل بتونس محمد بن التهامي بن عمر الأنصاري الرباطي سنة 1243/ 1829 تدبّج معه وكتب له محمد بن التهامي المذكور اجازة مطولة في خصوص رحلة العياشي وما تضمنته.

وفي يوم السبت 8 ربيع الثاني 1254/ 30 جوان 1838 سافر إلى استانبول صحبة الكاتب الفقيه محمود بو خريص بتكليف من المشير الأول أحمد باشا باي للقيام بمهمة سياسية لدى السلطنة العثمانية تتمثل في طلب اعفاء الامارة التونسية من اداء المال السنوي المقرر. ولما وصل إلى استانبول أكرمت السلطنة وفادته، واستعد للحضور بالسراي بعد أيام حيث سيجري الاحتفال بمقابلة السلطان محمود، وفي الساعة المحددة وصل السفير التونسي ملتفا في برنس الصوف النقي الطاهر، وقف أمام مدخل قاعة العرش، حيث اجتمعت الحاشية كلها، وعوض أن يكتفي المترجم - حسب المعتاد - بلمس مع احترام لشريط الحرير المطرز بالذهب المربوط بالعرش، والذي يمسكه الحاجب الأول بايع المترجم بصوت عال السلطان خليفة رسول الله ودعا له بالبركات وافضال الله تعالى، ثم تقدم خطوات أمام الحضور المبهوتين بهذه الجسارة، واقترب من السلطان بحيث يسمعه، والقى بهدوء قصيدته المعدة لهذه المناسبة، والتي طلب فيها من السلطان إعفاء بلاده من دفع الاعانة المالية السنوية، والتي لا مبرر لبقائها في نظره، وطالع هذه القصيدة:

العز بالله للسلطان محمود

ابن السلاطين محمود بن محمود

واجتمع بالصدر الأعظم رشيد باشا وأنشده:

الصدر الأعظم مقصد المتوسّل

وهو المؤمّل في القضاء المنزل

واجتمع بشيخ الإسلام أحمد عارف حكمت، ووقعت بينهما

ص: 392

مراسلات شعرا ونثرا، وعرف كل منهما قدر صاحبه واستجازه شيخ الإسلام فأجازه المترجم نظما، وهكذا كان في رحلاته السياسية لا يهمل الاتصال برجال العلم، والاستفادة منهم، ومطارحتهم، واستجازتهم، أو إجازته لهم.

ورجع إلى تونس في أواسط رجب /1254 أوائل اكتوبر 1838 بالغا في سفارته شيئا من الأمل، وهو أن الدولة العثمانية لا تلح في طلب الاعانة المالية السنوية، ويتوقف الحال لوقت آخر، فإذا اقتضى هذا المال الضرر فلا حاجة به.

وفي شعبان /1256 نوفمبر - ديسمبر 1840 ختم تفسير البيضاوي بجامع صاحب الطابع، وأبدع ما شاء في ذلك الختم، وحضر هذا الختم مصطفى باشا باي، وصحبته وزراؤه وخاصته، وجلس حذو الشيخ كآحاد الطلبة.

وكان أول المدرسين بجامع يوسف صاحب الطابع عند تمام بنائه في سنة 1229/ 1814 وأقرأ به شرح القسطلاني على البخاري ومختصر خليل في الفقه، وأقرأ النحو، وسماه الوزير يوسف صاحب الطابع شيخا للمدرسة التي بقرب الجامع، وقدمه حسين باشا باي لرئاسة أهل الشورى من المفتين بعد أن قال له الحاضرون:«قد تعين الأمر عليك شرعا بعد وفاة الشيخ إسماعيل التميمي» فقال له الباي: أقبلت شهادتهم؟ فقبل الولاية سنة 1248/ 1832.وكاد لا يقبل الولاية، ودلك أن الباي استقدمه على لسان الثقة المقرّب محمد ابن الوزير العربي زروق، ولما وصل قام الباي، وأجلسه حذوه، وقال له: «إن سيدي حمودة باشا اختارك لخطة القضاء فهربت منه، وأنا أرجو ألا تمتنع الآن من رئاسة الفتوى، ولا تهرب مني».

فقال له: «الأحسن أن تتركني للتدريس لأنه أنفع للمسلمين، وتقدم لهذه الخطة من حصل له التميز فيها من أهل المجلس» .

فأومأ الباي إلى الشيخ أحمد بن أبي الضياف أن يعارضه فقال له:

ص: 393

«يا سيدي! إن الأمر متعين عليك، وصار واجبا شرعيا في حقك، وحاشاك أن تترك واجبا» .

- فقال له: «أتشهد بذلك» ؟ .

- فقال: «نعم أشهد به» .

- فقال: «من يشهد معك؟ » .

- فقال له: «تلميذك الشيخ محمد الأصرم كاهية باش كاتب» وكان جالسا أمام الباي.

- فقال: «أشهد بذلك، وأدين الله به» .

- فقال للباي: «أقبلت شهادة هؤلاء» .

- فقال: «نعم! وأنا معهم» .

- فقال: «ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن» وقبل الولاية وألبس خلعتها بحضرة الباي».

وقدم للتدريس من الرتبة الأولى بجامع الزيتونة، عند وضع ترتيب التدريس به المشير الأول أحمد باشا باي في شهر رمضان 1255/ 1842 وقدمه المشير الأول المذكور للخطابة والإمامة بجامع الزيتونة في السنة نفسها، وهو أول من جمع بين هاتين الخطتين: رئاسة أهل الشورى والإمامة والخطابة بجامع الزيتونة.

والمترجم يمثل النضوج العلمي الذي بلغ أوجه في أيام المشير الأول أحمد باشا باي، كما يمثل خير تمثيل شخصية رجال العصر الحسيني في أخذه من معارف عصره من كل شيء بطرف، ففي الوقت الذي يحرر البحوث العلمية الدقيقة، نجده ينشئ الخطب، ويدبّج الرسائل، وينظم الشعر، وهو عالم أكثر منه أديبا، وهو شاعر أكثر منه كاتبا، وقد كان بحق أبا للنهضة التي ابتدأت في أواسط العصر الحسيني بنقده، وتوجيهه، وكثرة الشيوخ الذين تخرجوا عليه، ونوّروا النصف الثاني من القرن التاسع عشر/الثالث عشر هـ.ولعبوا دورا كبيرا في التمهيد لحركة الاصلاح التي قام بها خير الدين، وبعد أول أديب تونسي عرّف بالأديب التونسي في الخارج.

ص: 394

وكان شديدا على البايات، لا يهادن، ولا يتردد أن يعاملهم معاملة عامة الناس. استدعاه أحد البايات إلى قصر باردو ليخبره أنه عينه لخطة التدريس بجامع صاحب الطابع، وكان من عادة البايات تقديم أيديهم للتقبيل، وحين دخل على الباي صافحه، ولم يقبل يده فتغيّر عليه الباي، وأراد أن يحرجه فسأله عن سبب قدومه فأجابه بأن لا سبب له، وأنه هو الذي أرسل إليه، ولولا طلبه لما قدم، ولم يسع الباي إلا أن يكاشفه برغبته، ولم يقبل الوظيفة إلا بعد الحاحه الشديد.

وبالرغم من حب المشير الأول له كان المترجم ما فتئ ينتقده وينكر عليه سياسته الجائرة في فرض الضرائب، وفي طريقة جمعها، وكان يصرح بهذا الانكار ولا يخفيه، ومع ذلك كان المشير يجلّه ويخشاه، ويتودد إليه، وكان قد تخلّق باخلاق استاذه الشيخ صالح الكوّاش في موقفه من البايات لا يتوانى في الرد عليهم، ولا يخاف في الله لومة لائم.

وكان مقصودا لقضاء الحوائج لما عليه من كريم الأخلاق، وسامي المكانة في النفوس، واعتقاد المسئولين فيه الولاية والصلاح، يقال إن المشير الأول أحمد باشا كان يقول: إنه لم يقتل والدي غير دعاء الشيخ إبراهيم، ولذلك كان يتحامى جانبه، ويجلّ مكانه، خرج المترجم يوم المولد النبوي لقصد التوجه إلى جامع الزيتونة، فوجد عند بابه أرملة وأولادها عائلة رجل يسمى السعدي، قد أقام في سجن الكرّاكة (1) مدة فضجوا بين يديه ضجة واحدة، وتراموا بين يديه يسألونه بجاه الله ورسوله أن يشفع لهم في السجين المذكور عند الباي المشير الأول، ولما أتم قراءة المولد، وأخذ المشير يحادثه عرض عليه شفاعته في السعدي، فقال له المشير:«مؤبّد» ولم يستكمل كلامه حتى استعاذ المترجم، وقال:«إنما التأبيد لله» ونهض يكررها قبل اتمام الموكب، وقد بهت المشير من ذلك بمرأى ومسمع من جميع الحاضرين، وعند ذلك قام على أثره الوزير ولسان الدولة يعتذران

(1) الكراكة بمعنى السجن المؤبد مع الأشغال الشاقة، وسجن الكراكة كان بباردو وأصل الكلمة من التركية كيورك، راجع:

M.ben Cheneb، Mots tures et persans conserves dans le parler algerien، Alger 1922، p.74.

ص: 395

عن صدور تلك المقالة من الوالي، وأعلماه بأنه أصدر أذنه بتخلية سبيل السعدي.

ومن لطائفه أنه استجار به العدل الشيخ منصور الورغمي في لبس الملوّسة حين ألزمها الأمير حسين باشا باي لكافة العدول على نظر الشيخ محمد بيرم الثالث، وكان الشيخ منصور دميما فاستهجن لبسها، وخاف أن يتعاطاه الناس بسببها، فكتب المترجم في ذلك إلى شيخ الإسلام محمد بيرم الثالث مستشفعا بقوله:

كبرت عليهم إنها لكبيرة

منصوبة علما على التمييز

فتفرقوا أيدي سبا في فضلها

والخلف بين الناس غير عزيز

فعلى فريق منهم هي مثلة

ولبعضهم زلفى إلى التمييز

أما بنو ورغمة ففقيههم

لم يجز مذهبه على التجويز

فلذاك رام حماك علما أنّ من

يأتيه في حرز هناك حريز

فأجره من همز ومن لمز بها

ما حالة المهموز والملموز؟

لا زلتم كهفا يلاذ بعزه

فينال فوق القصد كل عزيز

فأجابه عن ذلك شيخ الإسلام محمد بيرم الثالث بقوله:

يا أيها العلم الذي حسناته

شرفت بطلعتها على الابريز

وجهت لي دررا يقر بحسنها

أهل الصياغة من أولي التبريز

فعرفت مطلبها ونيل مرامها

سهل يمين الله غير عزيز

فعليه تأخير العمامة برهة

حتى يكون القول في التمييز

ومن مواقف المترجم التي يؤاخذ عليها، ويراها بعضهم أنه جانب فيها الصواب، فتواه في جواز الاحتماء بالدول الأجنبية إذا خاف المحتمي من ظلم قد يؤدي بحياته، وهذه الفتوى صدرت منه في مسألة القاضي محمد العنابي، وقد رد عليها ردا مطولا مفتي فاس الشيخ المهدي الوزاني في أوائل نوازله المسماة بالمعيار الجديد.

توفي بمرض الكوليرا الذي اجتاح تونس في 22 رمضان، ودفن بتربته بالزاوية التي أحدثها لذكر الورد التيجاني.

ص: 396