الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله تعالى: فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ: شرطٌ، جوابه: فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ، قال سيبوَيْهِ: والشرط الثاني وجوابه هما جواب الأول في قوله: فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ.
وقوله تعالى: فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ: يحتمل فيما بين أيديهم من الدنيا، وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ على ما فاتهم منها، ويحتمل: فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ يوم القيامة، وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ فيه.
ت: وهذا هو الظاهر، وعليه اقتصر في اختصار الطبريِّ، ولفظه عن ابن زيد:
فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ، أي: لا خوف عليهم أمامهم «1» ، قال: وليس شيء أعظم في صدر من يموت مما بعد الموتِ فأمَّنهم سبحانه منه، وسلّاهم عن الدنيا. انتهى.
[سورة البقرة (2) : الآيات 39 الى 41]
وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (39) يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40) وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (41)
وقوله تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا
…
الآية: لما كانت لفظة الكُفْرِ يشترك فيها كفر النعمِ، وكفر المعاصي، ولا يجب بهذا خلودٌ، بيَّن سبحانه أن الكفر هنا هو الشرك، بقوله:
وَكَذَّبُوا بِآياتِنا
…
والآياتُ هنا يحتمل أن يريد بها المتلوَّة، ويحتمل أن يريد العلاماتِ المنصوبَةَ، والصُّحْبَةُ الاقتران بالشيْءِ في حالةٍ مَّا زمنا.
قوله تعالى: يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ: إسْرَائِيلَ: هو يَعْقُوبُ بْنُ إسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ- عليهم السلام وإِسْرَا: هو بالعبرانية عبد، وإِيلُ: اسم اللَّه تعالى، فمعناه عَبْدُ اللَّهِ، والذِّكْرُ في كلام العَرَبِ على أنحاء، وهذا منها ذكر القلب الذي هو ضدّ النسيان، والنعمة هنا اسم «2» جنس، فهي مفردة بمعنى الجَمْعِ، قال ابن عَبَّاس، وجمهور العلماء:
الخِطَابُ لجميع بني إسرائيل في مدَّة النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
(1) أخرجه الطبري (1/ 285) برقم (796) .
(2)
الجنس: هو جملة الشيء ومجموع أفراده، وهو أعم من النوع، وقد استعمل النحاة هذا التعبير في مجال الدلالة على الشيوع والعمومية في النوع الواحد. وقد أطلق النحاة هذا اللفظ في مجال تقسيم العلم وذكر أنواعه، فقالوا: العلم: علم شخص أو جنس. واستعملوه أيضا في اسم الجنس الذي قسموه إلى ثلاثة أقسام:
1-
اسم جنس جمعي. 2- اسم جنس إفرادي. 3- اسم جنس آحادي.
«معجم المصطلحات النحوية والصرفية» ، د. محمد سمير نجيب اللبدي، (ص 55- 56) . [.....]
وقوله تعالى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ: أمر وجوابه، وهذا العهد في قول جمهور العلماءِ عامٌّ «1» في جميع أوامره سبحانه ونواهيه ووصاياه لهم، فيدخل في ذلك ذكر محمّد صلى الله عليه وسلم الذي في التوراة، والرهبةُ يتضمَّن الأمر بها معنى التهديد، وأسند الترمذيُّ الحَكِيمُ «2» في «نَوَادِرِ الأصول» له عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال:«قَالَ رَبُّكُمْ سُبْحَانَهُ: لَا أَجْمَعُ على عَبْدِي خَوْفَيْنِ، وَلَا أَجْمَعُ لَهُ أَمْنَيْنِ، فَمَنْ خَافَنِي فِي الدُّنْيَا أَمَّنْتُهُ فِي الآخِرَةِ، وَمَنْ أَمِنَنِي فِي الدُّنْيَا، أَخَفْتُهُ فِي الآخِرَةِ» «3» . انتهى من «التذكرة» للقرطبيّ، ورواه ابن المبارك «4» في
(1) عرفه أبو الحسين البصريّ في «المعتمد» بقوله: «هو اللّفظ المستغرق لما يصلح له» . وزاد الإمام الرّازي على هذا التّعريف في «المحصول» : «
…
بوضع واحد» ، وعليه جرى البيضاويّ في «منهاجه» .
وعرّفه إمام الحرمين الجوينيّ في «الورقات» بقوله: «العام: ما عمّ شيئين فصاعدا» . وإلى ذلك أيضا ذهب الإمام الغزّاليّ حيث عرّفه بأنّه: «اللّفظ الواحد الدّالّ من جهة واحدة على شيئين فصاعدا» .
ويرى سيف الدّين الآمديّ أنّ العامّ هو: «اللّفظ الواحد الدّالّ على قسمين فصاعدا مطلقا معا» .
واختار ابن الحاجب: «أن العامّ ما دلّ على مسميّات باعتبار أمر اشتركت فيه مطلقا ضربة» .
ينظر: «البرهان» لإمام الحرمين (1/ 3418) ، و «البحر المحيط» للزركشي (3/ 5) ، و «الإحكام في أصول الأحكام» للآمدي (2/ 185) ، و «سلاسل الذهب» للزركشي (ص 219) ، و «التمهيد» للإسنوي (ص 297) ، و «نهاية السول» له (2/ 312) ، و «زوائد الأصول» له (ص 248)، و «منهاج العقول» للبدخشي:(2/ 75) ، و «غاية الوصول» للشيخ زكريا الأنصاري (ص 69)، و «التحصيل من المحصول» للأرموي:(1/ 343) ، و «المنخول» للغزالي (ص 138) ، و «المستصفى» له (2/ 32) ، و «حاشية البناني» (1/ 392) ، و «الإبهاج» لابن السبكي (2/ 82) ، و «الآيات البينات» لابن قاسم العبادي (2/ 254) ، و «تخريج الفروع على الأصول» للزنجاني (ص 326) ، و «حاشية العطار على جمع الجوامع» (1/ 505) ، و «المعتمد» لأبي الحسين (1/ 189) ، و «إحكام الفصول في أحكام الأصول» للباجي (ص 230) .
(2)
محمد بن علي بن الحسن بن بشر، أبو عبد الله، الحكيم الترمذي: باحث صوفي، عالم بالحديث وأصول الدين من أهل «ترمذ» نفي منها بسبب تصنيفه كتابا خالف فيه ما عليه أهلها، فشهدوا عليه بالكفر. وقيل: اتهم باتباع طريقة الصوفية في الإشارات ودعوى الكشف. وقيل: فضّل الولاية على النبوة، ورد بعض العلماء هذه التهمة عنه. أما كتبه، فمنها:«نوادر الأصول في أحاديث الرسول» ، و «الفروق» .
ينظر: «الأعلام» (6/ 272) ، «مفتاح السعادة» (2/ 170) ، «طبقات السبكي» (2/ 20) ، «الرسالة المستطرفة» (43) .
(3)
أخرجه ابن حبان (2494- موارد) ، والبزار (4/ 74- «كشف» ) ، حديث (3233) .
(4)
عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي، مولاهم، أبو عبد الرحمن المروزي، أحد الأئمة الأعلام وشيوخ الإسلام. روى عن حميد، وإسماعيل، وغيرهم. كتب عن أربعة آلاف شيخ وروى عن ألف، عالم المشرق والمغرب، وكان ثقة، ولد سنة (118 هـ.) ، وتوفي سنة (181 هـ.) .
ينظر: «الخلاصة» (2/ 93)(3767) ، و «الحلية» (8/ 162- 190) ، و «الوفيات» (3/ 32- 34) .