الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثّالث الكلام على تفسير الثّعالبيّ
أوّلا: المصادر الّتي استقى منها أبو زيد الثّعالبيّ في «الجواهر الحسان»
بادىء ذي بدء أقول: إنه لا يستطيع أحد من الناس أن يزعم أنه يستطيع أن يأتي بأفضل مما أتى به أئمة هذه الأمة، فالخلف عيال على السّلف، ولولا أن الله حفظ بهم الدين، لما كان هذا حال المسلمين، ولعبدوا الله تعالى بمذاهب باطلة ما أنزل الله بها من سلطان، فلله درهم، وعليه شكرهم. [الطويل]
أولئك آبائي فجئني بمثلهم
…
إذا جمعتنا يا جرير المجامع
وليس هذا من باب تحجير الواسع، أو تضييق رحمة الله فلم يقصر الله العلم والشعر والبلاغة على عصر دون عصر، ولا خص به قوما دون قوم، بل جعل ذلك مفرّقا في الأمة، موجودا لمن التمسه، وكم ترك الأول للآخر!! إلا أن اللاحق- ولا مفر- ينقل عن السابق، وهكذا دواليك، سُنَّةَ الله فِي الذين خَلَوْاْ مِن قَبْلُ، ولن تجد لسنّة الله تبديلا، ولن تجد لسنة الله تحويلا.
من هنا كان للثعالبي أن يعتمد على كلام من سبقوه، فهم سلفه، وهو خلفهم، وهم شيوخه، وهو تلميذهم، فمن مكثر عنه، ومن مقلّ.
ولا شك أن للرحلة التي ارتحلها الثعالبي في طلب العلم أثرا بالغا في تحصيل دواوين أولئك الأعلام خاصة كتب المشرقيين منهم، فجمع حصيلة وافرة عزّ اقتناؤها، وأسفارا عظيمة ندر اقتناصها.
ولقد تنوعت مصادر الثعالبي، وتشكلت على اختلاف العلوم التي يحتاج إليها المفسر والتفسير، وهذه قائمة بأهم المصادر في كل علم على حدة:
أوّلا: مصادره من كتب التّفسير:
اعتمد الثعالبي- رحمه الله على عدة مصادر مهمة في التفسير، كان أهمها:
1-
تفسير ابن عطية المسمى «المحرّر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز» : وهو الأصل الذي اعتمده المصنّف، فاختصره، وزاد عليه. ومؤلف «المحرر» هو:
عبد الحق بن غالب بن عبد الرحيم. وقيل: عبد الرحمن بن غالب بن تمام بن عبد الرؤوف بن عبد الله بن تمام بن عطية الغرناطي صاحب التفسير الإمام أبو محمد الحافظ القاضي. قال ابن الزبير: كان فقيها جليلا عارفا بالأحكام والحديث والتفسير، نحويا لغويا أديبا بارعا شارعا مفيدا ضابطا نسيبا فاضلا، من بيت علم وجلالة، غاية في توقد الذهن، وحسن الفهم، وجلالة التصرف. روى عن: أبيه الحافظ أبي بكر، وأبي علي الغساني، والصفدي، وعنه: ابن مضار، وأبو القاسم بن حبيش، وجماعة. وولي قضاء «المرية» يتوخى الحق والعدل.
وألف تفسير القرآن العظيم، وهو أصدق شاهد له بإمامته في العربية وغيرها، وخرج له برنامجا.
ولد سنة إحدى وثمانين وأربعمائة، وتوفي بلورقة في خامس عشر رمضان سنة ثنتين.
وقيل: إحدى. وقيل: ست وأربعين وخمسمائة.
وذكره في «قلائد العقيان» ، ووصفه بالبراعة في الأدب والنظم والنثر.
ولقد نوّه أبو حيان في مقدمة تفسيره بالزمخشري، وابن عطية باعتبارهما علمين من أعلام التفسير، وإمامين من كبار أئمته، ووصفهما بأنهما أجل من صنّف في علم التفسير، وأفضل من تعرض للتنقيح فيه، والتحرير، ثم أثنى أبو حيان في هذه المقدمة كذلك على كتابيهما في التفسير ثناء، ورفع من شأنهما، وأشار إلى أنه قام في تفسيره بانتقاد هذين الكتابين والتعقيب عليهما، وذلك حيث يقول:
والمقصود ذكر فضل تفسير ابن عطية، وبيان أهميته.
ولقد نص الثعالبي نفسه في مقدمته على أنه قد اعتمد تفسير ابن عطية، فقال: «