المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة البقرة (2) : آية 177] - تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن - جـ ١

[أبو زيد الثعالبي]

فهرس الكتاب

- ‌[الجزء الاول]

- ‌«توطئة»

- ‌1- مدرسة ابن عباس ب «مكّة» ، وكان أشهر تلاميذه من التابعين:

- ‌2- مدرسة أبي بن كعب ب «المدينة النبوية» ، وأشهر تلاميذه:

- ‌3- مدرسة عبد الله بن مسعود ب «العراق» ، وأشهر تلاميذه:

- ‌المبحث الأول نبذة عن حياة الثعالبي

- ‌مولده:

- ‌نشأته:

- ‌رحلاته وشيوخه:

- ‌تلاميذه:

- ‌مصنّفات الثّعالبيّ:

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌وفاته:

- ‌المبحث الثاني التفسير قبل أبي زيد الثعالبي التّفسير والتّأويل

- ‌التفسير اصطلاحا:

- ‌التأويل لغة:

- ‌التأويل اصطلاحا:

- ‌التأويل عند السلف له معنيان:

- ‌الفرق بين التّفسير والتّأويل

- ‌حاجة النّاس إلى التّفسير

- ‌فهم الصّحابة للقرآن الكريم

- ‌أشهر مفسّري القرآن من الصّحابة

- ‌1- عليّ بن أبي طالب:

- ‌2- عبد الله بن مسعود:

- ‌3- أبيّ بن كعب:

- ‌4- عبد الله بن عبّاس

- ‌طرق الرواية عن ابن عبّاس:

- ‌قيمة التّفسير المأثور عن الصّحابة

- ‌مدرسة مكّة تلاميذ ابن عبّاس

- ‌1- سعيد بن جبير:

- ‌2- مجاهد بن جبر:

- ‌3- عكرمة:

- ‌4- طاوس:

- ‌5- عطاء بن أبي رباح:

- ‌مدرسة المدينة تلاميذ أبيّ بن كعب

- ‌1- أبو العالية:

- ‌2- محمّد بن كعب القرظيّ:

- ‌3- زيد بن أسلم:

- ‌مدرسة العراق تلاميذ عبد الله بن مسعود

- ‌1- علقمة بن قيس:

- ‌2- مسروق:

- ‌3- عامر الشّعبيّ:

- ‌4- الحسن البصريّ:

- ‌5- قتادة:

- ‌قيمة التّفسير المأثور عن التّابعين

- ‌سمات التّفسير في تلك المرحلة

- ‌التّفسير في عصر التّدوين

- ‌أقسام التّفسير

- ‌أوّلا- الاتّجاه الأثريّ (التّفسير بالمأثور) :

- ‌ ابن جرير الطبريّ

- ‌طريقة الطّبريّ في التّفسير:

- ‌ثانيا- الاتّجاه اللّغويّ:

- ‌ثالثا- الاتّجاه البيانيّ

- ‌المبحث الثّالث الكلام على تفسير الثّعالبيّ

- ‌أوّلا: المصادر الّتي استقى منها أبو زيد الثّعالبيّ في «الجواهر الحسان»

- ‌أوّلا: مصادره من كتب التّفسير:

- ‌4- «مفاتيح الغيب» أو التفسير الكبير، للإمام الرّازيّ:

- ‌5- «أحكام القرآن» للقاضي أبي بكر بن العربيّ:

- ‌ثالثا: المصادر الّتي اعتمد عليها من كتب السّنّة:

- ‌رابعا: كتب الترغيب والترهيب والرقائق:

- ‌1- التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة، للإمام القرطبي

- ‌خامسا: كتب في الأحكام الفقهية والأصوليّة:

- ‌سادسا: كتب الخصائص والشمائل:

- ‌سابعا: كتب في التربية وتهذيب النفوس:

- ‌1- «بهجة النفوس وتحليها بمعرفة ما لها وما عليها»

- ‌4- شرح ابن الفاكهاني على أربعين النووي

- ‌تاسعا: ومن كتب التّاريخ:

- ‌عاشرا: كتب أخرى منثورة:

- ‌ثانيا: منهج الإمام الثّعالبيّ في تفسيره

- ‌بين يدي المنهج:

- ‌أولا: جمعه بين التفسير بالمأثور والرّأي:

- ‌ثانيا: تعرّضه لمسائل في أصول الدين:

- ‌ثالثا: مسائل أصول الفقه في تفسيره:

- ‌رابعا: تعرضه لآيات الأحكام، وذكره للاختلافات الفقهية:

- ‌خامسا: احتجاجه باللّغة والمسائل النحوية، والتصريفية وغيرها:

- ‌سادسا: ذكره لأسباب النّزول، ومكّيّ القرآن ومدنية:

- ‌سابعا: ذكره للقراءات الواردة في الآية:

- ‌ثامنا: احتجاجه بالشّعر:

- ‌تاسعا: موقفه من الإسرائيليّات:

- ‌وصف النسخ المعتمد عليها في كتاب تفسير «الثعالبي» المسمى بجواهر الحسان في تفسير القرآن

- ‌عملنا في الكتاب

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌وسمّيته ب «الجواهر الحسان في تفسير القرآن»

- ‌باب في فضل القرآن

- ‌باب في فضل تفسير القرآن وإعرابه

- ‌فصل فيما قيل في الكلام في تفسير القرآن والجرأة عليه ومراتب المفسّرين

- ‌فصل

- ‌فصل في ذكر الألفاظ الّتي في القرآن ممّا للغات العجم بها تعلّق

- ‌باب تفسير أسماء القرآن وذكر السّورة والآية

- ‌باب في الاستعاذة

- ‌تفسير فاتحة الكتاب

- ‌[سورة الفاتحة (1) : آية 1]

- ‌باب في تفسير: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

- ‌[سورة الفاتحة (1) : الآيات 2 الى 3]

- ‌[سورة الفاتحة (1) : الآيات 4 الى 5]

- ‌[سورة الفاتحة (1) : الآيات 6 الى 7]

- ‌(القَوْلُ فِي «آمِينَ» )

- ‌تفسير سورة البقرة

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 4 الى 7]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 8 الى 12]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 13 الى 16]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 17 الى 20]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 21 الى 24]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 25]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 26 الى 29]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 30 الى 32]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 33 الى 34]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 35 الى 36]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 37 الى 38]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 39 الى 41]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 42 الى 43]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 44 الى 46]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 47 الى 48]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 49]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 50 الى 54]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 55 الى 57]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 58 الى 60]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 61 الى 64]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 65 الى 66]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 67 الى 73]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 74 الى 75]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 76 الى 78]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 79 الى 82]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 83 الى 85]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 86 الى 88]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 89 الى 91]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 92 الى 95]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 96 الى 97]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 98 الى 104]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 105 الى 106]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 107 الى 108]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 109 الى 110]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 111 الى 115]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 116 الى 117]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 118 الى 120]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 121 الى 124]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 125 الى 126]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 127 الى 129]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 130 الى 133]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 134 الى 138]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 139 الى 141]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 142 الى 143]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 144 الى 145]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 146 الى 147]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 148 الى 151]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 152 الى 153]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 154 الى 157]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 158]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 159 الى 160]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 161 الى 162]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 163 الى 164]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 165 الى 167]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 168 الى 170]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 171]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 172 الى 173]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 174 الى 176]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 177]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 178 الى 179]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 180 الى 182]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 183 الى 184]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 185]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 186]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 187 الى 188]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 189 الى 192]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 193 الى 195]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 196]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 197]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 198 الى 199]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 200 الى 202]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 203 الى 205]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 206 الى 210]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 211 الى 212]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 213 الى 214]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 215 الى 216]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 217 الى 218]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 219 الى 220]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 221]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 222]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 223]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 224 الى 225]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 226 الى 227]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 228]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 229]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 230 الى 232]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 233]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 234]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 235]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 236 الى 237]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 238 الى 239]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 240 الى 242]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 243 الى 245]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 246 الى 248]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 249 الى 252]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 253 الى 254]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 255]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 256 الى 257]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 258 الى 259]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 260]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 261 الى 264]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 265 الى 266]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 267 الى 269]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 270 الى 271]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 272 الى 273]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 274 الى 277]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 278 الى 281]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 282]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 283 الى 285]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 286]

- ‌محتوى الجزء الأول من تفسير الثعالبي

الفصل: ‌[سورة البقرة (2) : آية 177]

وقال قتادة، والحَسَنُ، وابْنُ جُبَيْر، والربيع: أظهر التعجُّب من صبرهم على النار لَمَّا عملوا عملَ مَنْ وَطَّن نفْسه علَيْها «1» ، وتقديره ما أجرأَهم علَى النَّارِ إِذ يعملون عملاً يؤدِّي إِليها، وذهب مَعْمَرُ بْنُ المثنى إِلى أن «ما» استفهامٌ، معناه: أيُّ شَيْءٍ صبرهم عَلَى النار «2» ، والأول أظهر.

وقوله سبحانه: ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ

الآية: المعنى: ذلك الأمر بأنَّ اللَّه نزَّل الكتابَ بالحَقِّ، فكفروا/ به، والإشارة إلى وجوب النّار لهم.

والْكِتابَ: القرآن، وبِالْحَقِّ، أي: بالإخبار الحقّ، أي: الصادقة.

والَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ هم اليهودُ والنصارى، في قول السُّدِّيِّ «3» ، وقيل:

هم كفَّار العرب لقول بعضهم: هو سِحْرٌ، وبعضهم: أساطير، وبَعْضهم: مفترًى، إلى غير ذلك.

وبَعِيدٍ، هنا: معناه من الحقّ، والاستقامة.

[سورة البقرة (2) : آية 177]

لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177)

وقوله تعالى: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ

الآية: قال ابن عَبَّاس وغيره: الخِطَابُ بهذه الآية للمؤمنين، فالمعنى: ليس البرّ الصلاة وحدها «4» ،

(1) أخرجه الطبري (2/ 96) برقم (2508- 2509- 2510- 2511- 2512) ، عن قتادة، والحسن، وسعيد بن جبير، والربيع. وذكره ابن عطية (1/ 242)، وأخرجه عبد الرزاق في «التفسير» (1/ 66) عن قتادة بلفظ:«ما أجرأهم عليها» ، وذكره السيوطي في «الدر» (1/ 309) عن قتادة، وعزاه لابن جرير.

(2)

وبه قال السدي وجماعة، كما في تفسير الطبري (3/ 332) ، عن السدي، وأبي كريب، وابن زيد، وفي «البحر» (1/ 669) عن ابن عباس والسدي، والمبرد ومعمر بن المثنى، وفي «الدر» (1/ 169) عن السدي، وفي «فتح القدير» (1/ 172) عنه أيضا. وينظر:«مجاز القرآن» لأبي عبيدة (1/ 64) .

(3)

أخرجه الطبري (2/ 98) برقم (2520) وذكره ابن عطية (1/ 242) ، والسيوطي في «الدر» (1/ 309) ، وعزاه لابن جرير. [.....]

(4)

أخرجه الطبري (2/ 99) برقم (2521- 2524) بإسنادين عن ابن عباس. وذكره ابن عطية (1/ 243) ، والسيوطي في «الدر» (1/ 310) بإسنادين، عن ابن عباس، وعزاه لابن جرير، وابن أبي حاتم.

ص: 363

وقال قتادة، والربيع: الخطاب لليهودِ والنصارى لأنهم تكلَّموا في تحويل القبلة، وفضَّلت كل فرقة تولِّيها، فقيلَ لهم: ليس البرَّ ما أنتم فيه، ولكنَّ البرَّ من آمن باللَّه «1» .

وقوله تعالى: وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ

الآيةَ: هذه كلُّها حقوقٌ في المال سوى الزكاةِ، قال الفَخْر «2» : وروَتْ فاطمةُ بنْتُ قَيْسٍ، أنَّ فِي المَالِ حَقًّا سِوَى الزَّكَاةِ «3» ، وتَلَا:

وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ

الآية، وعنه صلى الله عليه وسلم «لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ مَنْ بَاتَ شبعان، وجاره طاويا إلى جنبه» «4» انتهى.

(1) أخرجه الطبري (2/ 99- 100) برقم (2526- 2528) عن قتادة، والربيع بن أنس، وذكره ابن عطية (1/ 243) .

وأخرجه عبد الرزاق في «التفسير» (1/ 66) عن قتادة. وذكره السيوطي في «الدر» (1/ 310) عن قتادة، وعزاه لعبد الرزاق، وابن جرير.

(2)

«التفسير الكبير» (5/ 35) .

(3)

أخرجه الترمذي (3/ 48) في الزكاة، باب ما جاء أن في المال حقا سوى الزكاة (659، 660) . والطبري (2/ 57) ، والدارمي (1/ 385) في الزكاة، باب ما يجب في مال سوى الزكاة. والدارقطني (2/ 125) في الزكاة، باب تعجيل الصدقة قبل الحول رقم (11، 12) . والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (2/ 27)، والبيهقي (4/ 84) في الزكاة: باب الدليل على أن من أدى فرض الله في الزكاة، فليس عليه أكثر منه إلا أن يتطوع

من طريق شريك، عن أبي حمزة، عن الشعبي، عن فاطمة بنت قيس بنحوه.

وقال الترمذي: هذا حديث ليس إسناده بذاك، وأبو حمزة ميمون الأعور يضعف. وروى بيان وإسماعيل بن سالم، عن الشعبي هذا الحديث من قوله. وهذا أصح. وقال البيهقي: هذا حديث يعرف بأبي حمزة ميمون الأعور كوفي، وقد جرحه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، فمن بعدهما من حفاظ الحديث. والذي يرويه أصحابنا في التعاليق ليس في المال حق سوى الزكاة- فلست أحفظ فيه إسنادا.

وأخرجه ابن ماجة بالإسناد السابق (1/ 570) في الزكاة، باب ما أدي زكاته ليس بكنز (1789) بلفظ:

«ليس في المال حق سوى الزكاة» .

وقال النووي كما في تخريج أحاديث «الكشاف» للزيعلي (1/ 107) : حديث «ليس في المال حق سوى الزكاة» حديث منكر. ثم نقل كلام البيهقي برمته.

وبالجملة فالحديث كيفما كان ضعيف بأبي حمزة ميمون الأعور ضعفه الترمذي. وقال البيهقي: لا يثبت إسناده، تفرد به أبو حمزة الأعور، وهو ضعيف. ومن تابعه أضعف منه.

وللفظ الأول من الحديث شاهد أخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (3/ 89، 90) ، من طريق موسى بن إسماعيل، عن محمد بن راشد، عن عبد الكريم، عن حبان بن جزىء، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:«في المال حق بعد الزكاة؟ قال: نعم، يحمل على النجيبة» .

(4)

أخرجه البزار (1/ 76- كشف) رقم (115) ، من طريق حسين بن علي الجعفي، ثنا سفيان بن عيينة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن أنس مرفوعا بلفظ:«ليس المؤمن الذي يبيت شبعان وجاره طاوي» .

وقال البزار: لا نعلمه، يروى عن أنس إلا من هذا الوجه.

قلت: وفي كلام البزار نظر حيث إن للحديث طريقا آخر عن أنس: أخرجه الطبراني في «المعجم-

ص: 364

قال ابن العربيِّ في «أحكامه» «1» : وإِذا وقع أداء الزكاة، ثم نزلَتْ بعد ذلك حاجةٌ، فإِنه يجبُ صرف المال إِليها باتفاق من العلماءِ، وقد قال مالك: يجبُ على كافَّة المسلمين فِدَاءُ أسراهم، وإن استغرق ذلك أموالَهُمْ، وكذلك إِذا منع الوالي الزكاةَ، فهل يجبُ على الأغنياء إِغناءُ الفقراء؟ الصحيحُ: وجوبُ ذلك علَيْهم. انتهى.

ومعنى: آتَى: أعطى على حبِّه، أي: على حبِّ المال، ويحتملُ أن يعود الضميرُ على اسْمِ اللَّه تعالى من قوله: مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ، أي: من تَصَدَّقَ مَحَبَّة في اللَّه وطاعته.

ص: والظاهر أن الضمير في «حُبِّهِ» عائدٌ على «المال» لأن قاعدتهم أن الضمير لا يعود على غير الأقرب إِلَاّ بدليلٍ. انتهى.

قال ع «2» : والمعنَى المقصودُ أن يتصدَّق المرءُ في هذه الوجوهِ، وهو صحيحٌ شحيحٌ يخشَى الفَقْر، ويأمل الغنى كما قال صلى الله عليه وسلم «3» . والشحّ في هذا الحديث: هو

- الكبير» (1/ 259) رقم (751) ، من طريق محمد بن سعيد الأثرم، ثنا همام، ثنا ثابت، ثنا أنس قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما آمن بي من بات شبعانا، وجاره جائع إلى جنبه، وهو يعلم به» . والحديث ذكره الهيثمي في «المجمع» (8/ 170)، وقال: رواه الطبراني، والبزار، وإسناد البزار حسن.

والحديث ذكره أيضا المنذري في «الترغيب» (3/ 334)، وقال: رواه الطبراني، والبزار، وإسناده حسن، وللحديث شاهد من حديث ابن عباس.

أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» رقم (110) ، وفي «التاريخ الكبير» (5/ 195، 196) ، وأبو يعلى (5/ 92) رقم (2699) ، والحاكم (4/ 167) ، والطبراني في «الكبير» (12/ 154) رقم (12741) ، والخطيب في «تاريخ بغداد» (10/ 392) ، كلهم من طريق سفيان عن عبد الملك بن أبي بشير، عن عبد الله بن المساور، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس المؤمن الذي يشبع، وجاره جائع إلى جنبه» .

والحديث ذكره المنذري في «الترغيب» (3/ 334)، وقال: رواه الطبراني، وأبو يعلى ورواته ثقات.

وقال الهيثمي في «المجمع» (8/ 170) : رواه الطبراني، وأبو يعلى، ورجاله ثقات.

(1)

ينظر: «الأحكام» (1/ 59) .

(2)

«المحرر الوجيز» (1/ 243) .

(3)

أخرجه البخاري (3/ 334) في الزكاة، باب فضل صدقة الشحيح (1419) ، و (5/ 439- 540) في «الوصايا» ، باب الصدقة عند الموت (2748) ، ومسلم (2/ 716) في الزكاة، باب بيان أن أفضل الصدقة صدقة الصحيح الشحيح (92- 93/ 1032) ، وأبو داود (2/ 126) في الوصايا، باب ما جاء في كراهية الإضرار في الوصية (2865) ، والنسائي (5/ 68) في الزكاة، باب أي الصدقة أفضل، و (6/ 237) في الوصايا، باب الكراهية في تأخير الوصية، وابن ماجة (2/ 903) في الوصايا، باب النهي عن الإمساك في الحياة، والتبذير عند الموت (2706) . والبخاري في «الأدب المفرد» برقم (786) ، وأحمد (2/ 231، 415، 447) ، وابن خزيمة (4/ 103) برقم (2454) ، والبيهقي (4/ 190) ، والبغوي (3/ 423) برقم.

ص: 365

الغريزيُّ الذي في قوله تعالى: وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ [النساء: 128] وليس المعنَى أنْ يكون المتصدِّق متَّصِفاً بالشحِّ الذي هو البُخْل.

وَفِي الرِّقابِ، أي: العتق، وفَكّ الأسرى.

وَالصَّابِرِينَ: نصبٌ على المدح، أو على إِضمار فعْلٍ، وهذا مَهْيَعٌ «1» في تكرار النعوت.

والْبَأْساءِ: الفَقْر والفاقة.

وَالضَّرَّاءِ: المرض، ومصائبُ البدن، وعن ابن عبَّاس رضي الله عنهما، قال:

قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَوَّلُ مَنْ يدعى إِلَى الجَنَّةِ الَّذِينَ يَحْمَدُونَ اللَّهَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ» رواه الحاكم في «المستَدْرَكِ» ، وقال: صحيحٌ على شرط مُسْلِمٍ «2» . انتهى من «السلاح» .

- (1665) ، من طريق عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة قال: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أي الصدقة أفضل؟

» فذكره.

(1)

المهيع: هو الطريق الواسع المنبسط. ينظر: «لسان العرب» (4838)(هيع) .

(2)

أخرجه الطبراني في «المعجم الصغير» (1/ 103) ، وفي «الأوسط» (4/ 44) رقم (3057) ، وفي «الكبير» (12/ 19) رقم (12345) ، وأبو نعيم في «الحلية» (5/ 69) . كلهم من طريق قيس بن الربيع، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعا.

وقال الطبراني: لم يروه عن حبيب إلا قيس بن الربيع، وشعبة بن الحجاج، عن نصر بن حماد الوراق.

وقال أبو نعيم: رواه شعبة عن حبيب بن أبي ثابت، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (10/ 98)، وقال: رواه الطبراني في الثلاثة بأسانيد، وفي أحدها قيس بن الربيع وثقه شعبة، والثوري، وغيرهما.

وضعفه يحيى القطان، وغيره، وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ.

قلت: قيس بن الربيع في سند الطبراني في معاجمه الثلاثة، وليس كما يوهم كلام الهيثمي.

والحديث ضعفه الحافظ العراقي في «تخريج الإحياء» (4/ 79) ، وأعله بقيس بن الربيع، وقال: ضعفه الجمهور، وهذا الحديث قد رواه شعبة عن حبيب بن أبي ثابت، كما أشار إلى ذلك الحافظ أبو نعيم.

أخرجه الطبراني في «الصغير» (1/ 103) ، والبغوي في «شرح السنة» (3/ 84- بتحقيقنا) . كلاهما من طريق نصر بن حماد الوراق، نا شعبة عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس به.

وهذا سند ضعيف جدا.

نصر بن حماد قال النسائي، وغيره: ليس بثقة، ينظر «المغني» للذهبي (6609) .

وتابعهما عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي، عن حبيب.

أخرجه الحاكم (1/ 502) .

وقال: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي. والمسعودي لم يخرج له مسلم شيئا فضلا عن اختلاطه.

ص: 366