الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر بن الخطّاب.
وهو أحد كبار التابعين الأجلّاء علما وعملا وإخلاصا، شهد له بالعلم خلق كثير.
قال أنس بن مالك:
«سلوا الحسن فإنّه حفظ ونسينا» ، وقال سليمان التّيميّ:«الحسن شيخ أهل البصرة» ، وروى أبو عوانة عن قتادة أنه قال:
«ما جالست فقيها قطّ إلّا رأيت فضل الحسن عليه» .
وكان أبو جعفر الباقر يقول عنه: «ذلك الّذي يشبه كلامه كلام الأنبياء» «1» .
وقد التزم الحسن البصريّ بمنهجه السّلفيّ في تفسير الآيات المتعلّقة بالله وصفاته، ولم يمنعه هذا الالتزام من حرّيّة العقل حين تعرّض لغيرها يقول في تفسير قوله تعالى:
إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ [القمر: 49] ، قدّر الله لكلّ شيء من خلقه قدره الذي ينبغي له، وهذه هي عقيدة السّلف التي بنوها على ما تعلّق بالآية من سبب لنزولها، فعن أبي هريرة قال:
جاءت مشركو قريش إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم يخاصمونه في القدر، فنزلت هذه الآية: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ [القمر: 49]«2» .
وكان الحسن يعمل عقله وفكره في فهم القرآن وتفسيره يقول في قوله تعالى:
لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً [النبأ: 23] :
وتوفّي- رحمه الله سنة عشر ومائة من الهجرة عن ثمان وثمانين سنة.
5- قتادة:
هو: قتادة بن دعامة السّدوسيّ: الأكمه، أبو الخطّاب، عربيّ الأصل، كان يسكن البصرة.
(1)«تهذيب التهذيب» 2/ 263.
(2)
«البغوي الفراء» 221.
(3)
«البغوي الفراء» 222.
أحد علماء التّابعين، والأئمّة العاملين، روى عن أنس بن مالك وجماعة من التابعين، منهم: سعيد بن المسيّب، وأبو العالية، وزرارة بن أوفى، وعطاء، ومجاهد، وابن سيرين، ومسروق، وأبو مجلز، وغيرهم «1» .
وحدّث عنه جماعات من الكبار كالأعمش، وشعبة، والأوزاعيّ، وغيرهم.
وكان قويّ الحافظة، واسع الاطّلاع في الشّعر العربيّ، بصيرا بأيّام العرب.
كان قتادة على مبلغ عظيم من العلم، فضلا عما اشتهر به من معرفته لتفسير كتاب الله تعالى، وقد شهد له بذلك كبار التّابعين والعلماء.
قال فيه سعيد بن المسيّب: «ما أتاني عراقيّ أحسن من قتادة» .
وقد استخدم قتادة معرفته باللّغة العربية في التفسير، وأعمل فكره في تفهّم الآيات، بجانب روايته عن السّلف.
وقد توفّي- رضي الله عنه سنة سبع عشرة ومائة من الهجرة، عن ستّ وخمسين سنة على المشهور، وقيل: سنة خمس عشرة ومائة «2» .
وبعد:
فهذه هي مدارس التفسير المشهورة في عصر التابعين، الذين تلقّوا غالب أقوالهم في التفسير عن الصحابة، وبعضهم استعان بأهل الكتاب، ثم اجتهدوا مستعينين على ذلك بما بلغوا من العلم ودقّة الفهم، وقرب عهدهم من الرسول صلى الله عليه وسلم، والعرب الخلّص، فلم تفسد سليقتهم.
وهناك مدارس أخرى غير هذه المدارس الثّلاث، ولكنّها لم ترق لشهرة هذه الثلاث، ومن هذه: مدرسة مصر التي اشتهر من شيوخها:
يزيد بن حبيب الأزديّ، وأبو الخير مرثد بن عبد الله، وغيرهما.
ومدرسة اليمن التي أرسى دعائمها طاوس بن كيسان، وكان من أشهر شيوخها:
وهب بن منبّه الصّنعانيّ.
(1)«وفيات الأعيان» 2/ 179، «البداية والنهاية» 9/ 326، «تهذيب التهذيب» 8/ 351.
(2)
راجع: «تهذيب التهذيب» 8/ 351- 356، «البداية والنهاية» 9/ 325، 326.