المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة البقرة (2) : الآيات 121 الى 124] - تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن - جـ ١

[أبو زيد الثعالبي]

فهرس الكتاب

- ‌[الجزء الاول]

- ‌«توطئة»

- ‌1- مدرسة ابن عباس ب «مكّة» ، وكان أشهر تلاميذه من التابعين:

- ‌2- مدرسة أبي بن كعب ب «المدينة النبوية» ، وأشهر تلاميذه:

- ‌3- مدرسة عبد الله بن مسعود ب «العراق» ، وأشهر تلاميذه:

- ‌المبحث الأول نبذة عن حياة الثعالبي

- ‌مولده:

- ‌نشأته:

- ‌رحلاته وشيوخه:

- ‌تلاميذه:

- ‌مصنّفات الثّعالبيّ:

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌وفاته:

- ‌المبحث الثاني التفسير قبل أبي زيد الثعالبي التّفسير والتّأويل

- ‌التفسير اصطلاحا:

- ‌التأويل لغة:

- ‌التأويل اصطلاحا:

- ‌التأويل عند السلف له معنيان:

- ‌الفرق بين التّفسير والتّأويل

- ‌حاجة النّاس إلى التّفسير

- ‌فهم الصّحابة للقرآن الكريم

- ‌أشهر مفسّري القرآن من الصّحابة

- ‌1- عليّ بن أبي طالب:

- ‌2- عبد الله بن مسعود:

- ‌3- أبيّ بن كعب:

- ‌4- عبد الله بن عبّاس

- ‌طرق الرواية عن ابن عبّاس:

- ‌قيمة التّفسير المأثور عن الصّحابة

- ‌مدرسة مكّة تلاميذ ابن عبّاس

- ‌1- سعيد بن جبير:

- ‌2- مجاهد بن جبر:

- ‌3- عكرمة:

- ‌4- طاوس:

- ‌5- عطاء بن أبي رباح:

- ‌مدرسة المدينة تلاميذ أبيّ بن كعب

- ‌1- أبو العالية:

- ‌2- محمّد بن كعب القرظيّ:

- ‌3- زيد بن أسلم:

- ‌مدرسة العراق تلاميذ عبد الله بن مسعود

- ‌1- علقمة بن قيس:

- ‌2- مسروق:

- ‌3- عامر الشّعبيّ:

- ‌4- الحسن البصريّ:

- ‌5- قتادة:

- ‌قيمة التّفسير المأثور عن التّابعين

- ‌سمات التّفسير في تلك المرحلة

- ‌التّفسير في عصر التّدوين

- ‌أقسام التّفسير

- ‌أوّلا- الاتّجاه الأثريّ (التّفسير بالمأثور) :

- ‌ ابن جرير الطبريّ

- ‌طريقة الطّبريّ في التّفسير:

- ‌ثانيا- الاتّجاه اللّغويّ:

- ‌ثالثا- الاتّجاه البيانيّ

- ‌المبحث الثّالث الكلام على تفسير الثّعالبيّ

- ‌أوّلا: المصادر الّتي استقى منها أبو زيد الثّعالبيّ في «الجواهر الحسان»

- ‌أوّلا: مصادره من كتب التّفسير:

- ‌4- «مفاتيح الغيب» أو التفسير الكبير، للإمام الرّازيّ:

- ‌5- «أحكام القرآن» للقاضي أبي بكر بن العربيّ:

- ‌ثالثا: المصادر الّتي اعتمد عليها من كتب السّنّة:

- ‌رابعا: كتب الترغيب والترهيب والرقائق:

- ‌1- التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة، للإمام القرطبي

- ‌خامسا: كتب في الأحكام الفقهية والأصوليّة:

- ‌سادسا: كتب الخصائص والشمائل:

- ‌سابعا: كتب في التربية وتهذيب النفوس:

- ‌1- «بهجة النفوس وتحليها بمعرفة ما لها وما عليها»

- ‌4- شرح ابن الفاكهاني على أربعين النووي

- ‌تاسعا: ومن كتب التّاريخ:

- ‌عاشرا: كتب أخرى منثورة:

- ‌ثانيا: منهج الإمام الثّعالبيّ في تفسيره

- ‌بين يدي المنهج:

- ‌أولا: جمعه بين التفسير بالمأثور والرّأي:

- ‌ثانيا: تعرّضه لمسائل في أصول الدين:

- ‌ثالثا: مسائل أصول الفقه في تفسيره:

- ‌رابعا: تعرضه لآيات الأحكام، وذكره للاختلافات الفقهية:

- ‌خامسا: احتجاجه باللّغة والمسائل النحوية، والتصريفية وغيرها:

- ‌سادسا: ذكره لأسباب النّزول، ومكّيّ القرآن ومدنية:

- ‌سابعا: ذكره للقراءات الواردة في الآية:

- ‌ثامنا: احتجاجه بالشّعر:

- ‌تاسعا: موقفه من الإسرائيليّات:

- ‌وصف النسخ المعتمد عليها في كتاب تفسير «الثعالبي» المسمى بجواهر الحسان في تفسير القرآن

- ‌عملنا في الكتاب

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌وسمّيته ب «الجواهر الحسان في تفسير القرآن»

- ‌باب في فضل القرآن

- ‌باب في فضل تفسير القرآن وإعرابه

- ‌فصل فيما قيل في الكلام في تفسير القرآن والجرأة عليه ومراتب المفسّرين

- ‌فصل

- ‌فصل في ذكر الألفاظ الّتي في القرآن ممّا للغات العجم بها تعلّق

- ‌باب تفسير أسماء القرآن وذكر السّورة والآية

- ‌باب في الاستعاذة

- ‌تفسير فاتحة الكتاب

- ‌[سورة الفاتحة (1) : آية 1]

- ‌باب في تفسير: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

- ‌[سورة الفاتحة (1) : الآيات 2 الى 3]

- ‌[سورة الفاتحة (1) : الآيات 4 الى 5]

- ‌[سورة الفاتحة (1) : الآيات 6 الى 7]

- ‌(القَوْلُ فِي «آمِينَ» )

- ‌تفسير سورة البقرة

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 4 الى 7]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 8 الى 12]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 13 الى 16]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 17 الى 20]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 21 الى 24]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 25]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 26 الى 29]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 30 الى 32]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 33 الى 34]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 35 الى 36]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 37 الى 38]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 39 الى 41]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 42 الى 43]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 44 الى 46]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 47 الى 48]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 49]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 50 الى 54]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 55 الى 57]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 58 الى 60]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 61 الى 64]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 65 الى 66]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 67 الى 73]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 74 الى 75]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 76 الى 78]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 79 الى 82]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 83 الى 85]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 86 الى 88]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 89 الى 91]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 92 الى 95]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 96 الى 97]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 98 الى 104]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 105 الى 106]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 107 الى 108]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 109 الى 110]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 111 الى 115]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 116 الى 117]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 118 الى 120]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 121 الى 124]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 125 الى 126]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 127 الى 129]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 130 الى 133]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 134 الى 138]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 139 الى 141]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 142 الى 143]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 144 الى 145]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 146 الى 147]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 148 الى 151]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 152 الى 153]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 154 الى 157]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 158]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 159 الى 160]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 161 الى 162]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 163 الى 164]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 165 الى 167]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 168 الى 170]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 171]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 172 الى 173]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 174 الى 176]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 177]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 178 الى 179]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 180 الى 182]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 183 الى 184]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 185]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 186]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 187 الى 188]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 189 الى 192]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 193 الى 195]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 196]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 197]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 198 الى 199]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 200 الى 202]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 203 الى 205]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 206 الى 210]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 211 الى 212]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 213 الى 214]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 215 الى 216]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 217 الى 218]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 219 الى 220]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 221]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 222]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 223]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 224 الى 225]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 226 الى 227]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 228]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 229]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 230 الى 232]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 233]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 234]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 235]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 236 الى 237]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 238 الى 239]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 240 الى 242]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 243 الى 245]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 246 الى 248]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 249 الى 252]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 253 الى 254]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 255]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 256 الى 257]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 258 الى 259]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 260]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 261 الى 264]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 265 الى 266]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 267 الى 269]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 270 الى 271]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 272 الى 273]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 274 الى 277]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 278 الى 281]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 282]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 283 الى 285]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 286]

- ‌محتوى الجزء الأول من تفسير الثعالبي

الفصل: ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 121 الى 124]

عنهمْ خَوْفُ العدوِّ المضعف لليقين، وأما قوله تعالى: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ

[الحاقة: 44] الآية، وقوله: إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ [الإسراء: 75]، فمعناه: أنّ هذا جزاء من فعل هذا، وجزاؤك لو كنت ممن يفعله، وهو صلى الله عليه وسلم لا يفعله، وكذلك قوله تعالَى: وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ [الأنعام: 116] فالمراد غيره، كما قال:

إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا

الآية [آل عمران: 149] وقوله: فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ [الشورى: 24]، ولَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر: 65] وما أشبهه، فالمراد غيره، وأن هذا حال مَنْ أشرك، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم لا يَجُوزُ عليه هذا، وقوله تعالَى: اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ [الأحزاب: 1] ، فليس فيه أنه أطاعهم، واللَّه يَنْهَاهُ عما يشاء، ويأمره بما يشاء كما قال تعالى: وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ

[الأنعام: 52] الآية، وما كان طَرَدَهُمْ- عليه السلام ولا كَانَ من الظالمين. انتهى من «الشِّفَا» «1» .

ص «2» : وَلَئِنِ: هذه اللام هي الموطّئة والمؤذنة، وهي مشعرة بقسم مقدّر قبلها. انتهى.

[سورة البقرة (2) : الآيات 121 الى 124]

الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (121) يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ (122) وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (123) وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124)

وقوله تعالى: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ

الآية: قال قتادة: المراد ب «الَّذِينَ» في هذا الموضع: من أسلم من أمّة النبيّ صلى الله عليه وسلم، والكتابُ على هذا: التأويل القرآن «3» ، وقال ابنُ زَيْد: المراد مَنْ أسلم من بني إِسرائيل «4» ، والكتاب على هذا التأويل: التوراة، وآتَيْناهُمُ: معناه: أعطيناهم، ويَتْلُونَهُ: معناه: يتبعونه حقَّ اتباعه بامتثال الأمر والنهي، قال أحمد بن نَصْر الدَّاوُودِيُّ: وهذا قول ابن عباس، قال عِكْرِمَةُ: يقال: فلانٌ يتلو فلاناً، أي: يتبعه ومنه: وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها [الشمس: 2] أي: تبعها. انتهى.

(1) ينظر: «الشفا» (ص 717، 718) .

(2)

«المجيد» (ص 396) .

(3)

أخرجه الطبري (1/ 566) برقم (1880) ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (1/ 204) ، والسيوطي في «الدر» (1/ 210) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن جرير.

(4)

ذكره ابن عطية في «تفسيره» (1/ 204) . [.....]

ص: 311

وللَّه دَرُّ مَنِ اتبع كلامَ ربِّهِ، واقتفى سُنَّة نبيِّه، وإِن قلَّ عِلْمُهُ، قال القُضَاعِيُّ في اختصاره لِ «المدارك» : قال في ترجمة سُحْنُون «1» : كان سُحْنُون يقول: مَثَلُ العلْمِ القليلِ في الرجُلِ الصالحِ مَثَلُ العَيْنِ العَذْبَةِ في الأرض العَذْبة، يزرع علَيْها صاحبُها ما ينتفعُ به، ومَثَلُ العلْمِ الكثيرِ في الرجُلِ الطالحِ مَثَلُ العَيْن الخَرَّارة في السَّبِخَةِ تهرُّ الليلَ والنَّهارَ، ولا ينتفعُ بها. انتهى.

وقيل: يَتْلُونَهُ: يقرءونه حقَّ قراءته، وهذا أيضاً يتضمَّن الاِتّباع والامتثال، وحَقَّ «2» : مصدرٌ، وهو بمعنَى أفْعل، والضمير في «بِهِ» عائدٌ على «الكتاب» ، وقيل:

يعود على محمَّد صلى الله عليه وسلم لأن مُتَّبِعِي التوراةِ يجدُونه فيها، فيؤمنون به، والضميرُ في يَكْفُرْ بِهِ يحتمل من العود ما ذكر في الأول.

وقوله تعالى: يا بَنِي إِسْرائِيلَ

الآية: تقدّم بيان نظيرها، ومعنى: لا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ: أنه ليستْ ثَمَّ، وليس المعنى أنه يشفع فيهم أحَدَّ، فيردّ، وأما الشفاعةُ التي هي في تعجيلِ الحسَابِ، فليستْ بنافعة لهؤلاءِ الكَفَرة.

ت: ولم ينبِّه- رحمه الله على هذا في التي تقدَّمت أولَ السورة، وابْتَلى معناه: اختبر، وفي «مختَصَرِ الطَّبريِّ» : ابْتَلى، أي: اختبر، والاختبارُ من اللَّه عز وجل لعباده على علْمٍ منه سبحانه بباطِنِ أمرهم وظاهره، وإنما يبتليهم ليظهر منهم سابق علمه

(1) هو الإمام سحنون، أبو سعيد عبد السلام بن سعيد التنوخي، القيرواني، الفقيه، الحافظ، العابد، الورع، المتفق على فضله وإمامته، اجتمع فيه من الفضائل ما تفرق في غيره، أخذ العلم عن أئمة من أهل المشرق والمغرب. وأخذ عنه من أئمة الرواة نحو سبعمائة، انتهت إليه الرياسة في العلم، وعليه المعول في المشكلات، وإليه الرحلة، ومدونته عليها الاعتماد في المذهب المالكي. ولد رحمه الله سنة 160 هـ. وتوفي سنة 240 هـ. وقبره ب «القيروان» .

ينظر: «الديباج» (2/ 30) ، و «الشجرة الزكية» (ص 69) .

(2)

فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه نصب على المصدر، وأصله:«تلاوة حقا» ثم قدم الوصف وأضيف إلى المصدر، وصار نظير:«ضربت شديد الضرب» أي: ضربا شديدا، فلما قدم وصف المصدر نصب نصبه.

الثاني: أنه حال من فاعل يتلونه، أي: يتلونه محقين.

الثالث: أنه نعت مصدر محذوف، وقال ابن عطية: و «حق» مصدر، والعامل فيه فعل مضمر، وهو بمعنى أفعل، ولا تجوز إضافته إلى واحد معرف، وإنما جازت هنا لأن تعرف التلاوة بإضافتها إلى ضمير ليس بتعرف محض، وإنما هو بمنزلة قولهم:«رجل واحد أمه، ونسيج وحده» يعني أنه في قوة أفعل التفضيل بمعنى أحق التلاوة، وكأنه يرى أن إضافة أفعل غير محضة، ولا حاجة إلى تقدير عامل فيه، لأن ما قبله يطلبه. ينظر:«الدر المصون» (1/ 358) .

ص: 312

فيهم، وقد روي ذلك عن عليٍّ- رضي الله عنه في قوله عز وجل: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ [محمد: 31] فقال رضي الله عنه: إِن اللَّه عز وجل لم يزلْ عالماً بأخبارِهِمْ وخُبْرِهِمْ وما هُمْ عليه، وإن قوله: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ، أي: حتى نسوقَكُم إِلى سابقِ علْمِي فيكم. انتهى، وهو كلام حسنٌ.

وقد نبه ع: على هذا المعنى فيما يأتي، والعقيدةُ أنَّ علمه سبحانه قديمٌ، عَلِمَ كلَّ شيء قبْلَ كونه، فجرى على قَدَرِهِ لا يكون من عباده قولٌ ولا عملٌ إلا وقد قضاه، وسبق علمه به سبحانه لا إله إلا هو.

وإِبْراهِيمَ: يقال: إِنَّ تفسيره بالعربيَّةِ أَبٌ رَحِيمٌ، واختلف أهل التأويل في «الكلمات» ، فقال ابن عَبَّاس: هي ثلاثُونَ سَهْماً هي الإسلام كلُّه، لم يتمَّه أحدٌ كاملاً إلا إبراهيمُ- عليه السلام منْها في «براءة» : التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ

الآية [التوبة: 112]، وعشرة في «الأحزاب» : إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ

الآية [الأحزاب: 35]، وعَشَرة في سَأَلَ سائِلٌ «1» [المعارج: 1] .

ت: وقيل غير هذا.

وفي «البخاريِّ» : أنه اختتن، وهو ابن ثمانينَ سنَةً بالقَدُومِ «2» ، قال الراوي: فأوحى اللَّه إليه إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً والإِمام القُدْوة.

وإِنما سمِّيت هذه الخصالُ كلماتٍ لأنها/ اقترنتْ بها أوامر هي كلمات، وروي أن 35 أ

(1) أخرجه الطبري (1/ 572) برقم (1909- 1910- 1911) ، والحاكم (2/ 552)، وقال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وصححه الذهبي. وذكره البغوي في «تفسيره» (1/ 111) ، وابن عطية الأندلسي في «تفسيره» (1/ 205) ، وابن كثير (1/ 165) ، والسيوطي في «الدر» (1/ 211) ، وعزاه لابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه، وابن عساكر، وذكره الشوكاني في «تفسيره» (1/ 204) .

(2)

أخرجه البخاري (6/ 447) كتاب «أحاديث الأنبياء» ، باب قول الله تعالى: وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا حديث (3356) ، ومسلم (4/ 1839) كتاب «الفضائل» ، باب من فضائل إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم، حديث (151/ 2370) ، وأحمد (2/ 418) ، والبيهقي (8/ 325) كتاب «الأشربة» ، باب السلطان يكره على الاختتان. كلهم من طريق أبي الزِّنَادِ عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اختتن إبراهيم على رأس ثمانين سنة، واختتن بالقدوم» .

وللحديث طريق آخر عن أبي هريرة: أخرجه أبو يعلى (10/ 383- 384) رقم (5981) من طريق محمَّد بنِ عَمْرٍو عن أَبي سَلَمَةَ عن أبي هريرة به.

ص: 313