الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8 ب غضَبِ اللَّه على اليهود متكرِّر فيه كقوله: وَباؤُ بِغَضَبٍ/ مِنَ اللَّهِ [آل عمران: 112] قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ
…
الآية [المائدة: 60] وغضب اللَّه تعالى، عبارة عن إظهاره عليهم محناً وعقوباتٍ وذِلَّةً، ونحو ذلك ممَّا يدلُّ على أنه قد أبعدهم عن رحمته بُعْداً مؤكَّداً مبالغاً فيه، والنصارى كان محقِّقوهم على شِرْعَةٍ قبل ورود شرعِ محمَّد صلى الله عليه وسلم، فلما ورد، ضلُّوا، وأما غير متحقِّقيهم، فضلالتهم متقرِّرة منذ تفرَّقت أقوالهم في عيسى عليه السلام، وقد قال اللَّه تعالى فيهم: وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ [المائدة: 77] .
وأجمع الناسُ على أنَّ عدد آي سورة الحمد سبْعُ آيات العالمين آية، الرحيم آية، الدين آية، نستعين آية، المستقيم آية، أنعمت عليهم آية، ولا الضالين آية، وقد ذكرنا عند تفسير بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أن ما ورد من خلاف في ذلك ضعيفٌ.
(القَوْلُ فِي «آمِينَ» )
روى أبو هريرة وغيره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إِذَا قَالَ الإِمَامُ: وَلَا الضَّالِّينَ فَقُولُوا «آمِينَ» ، فَإنَّ المَلَائِكَةَ فِي السَّماءِ تَقُولُ:«آميِنَ» ، فَمَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ المَلَائِكَةِ، غُفِرَ له ما تقدّم من ذنبه» «1» .
- وأحمد (4/ 378- 379) ، وابن حبان (1715- موارد) ، والطبراني في «الكبير» (17/ 99- 100) ، رقم (237) ، والطبري في «تفسيره» (1/ 193- شاكر) ، رقم (208) والبيهقي في «دلائل النبوة» (5/ 340) ، كلهم من طريق سماك بن حرب، عن عباد بن حبيش، عن عدي بن حاتم به مرفوعا.
وقال الترمذي: هذا حديث حسنٌ غريبٌ، لا نعرفه إِلا من حديث سماك بن حرب، وروى شعبة، عن سماك بن حرب، عن عباد بن حبيش، عن عدي بن حاتم، عن النبي صلى الله عليه وسلم الحديث بطوله.
وصححه ابن حبان.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (1/ 43) ، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم. وقد ورد هذا الحديث مرسلا.
أخرجه سعيد بن منصور (179) ثنا سفيان، عن إسماعيل بن أبي خالد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعدي بن حاتم:«المغضوب عليهم: اليهود، والنصارى هم الضالون» .
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (1/ 43) ، وزاد نسبته إلى سفيان بن عيينة في «تفسيره» . وللحديث طرق أخرى ضعيفة أخرجها الطبري في «تفسيره» (1/ 193) .
وللحديث أيضا شاهد من حديث أبي ذر، أخرجه ابن مردويه كما في «تفسير ابن كثير» (1/ 30) . وحسنه الحافظ في «الفتح» (8/ 9) فقال: وأخرجه ابن مردويه بإسناد حسن عن أبي ذر.
(1)
أخرجه مالك (1/ 88) ، كتاب «الصلاة» ، باب التأمين خلف الإمام، الحديث (47) ، وأحمد (2/ 440) ، والبخاري (2/ 266) ، كتاب «الأذان» ، باب جهر المأموم بالتأمين، الحديث (782) ، ومسلم-
ت: وخرج مسلم وأبو داود والنسائيُّ من طريق أبي موسى رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا صَلَّيْتُمْ فَأَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، ثُمَّ ليُؤمَّكُمْ أَحَدُكُمْ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا قَالَ: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ فَقُولُوا: «آمِينَ» ، يُجِبْكُمُ اللَّهُ
…
»
الحديثَ «1» . انتهى.
ومعنى «آمِينَ» عند أكثر أهل العلم: اللَّهُمَّ، استجب، أو أجبْ «2» يَا رَبِّ.
ومقتضى الآثار أنَّ كل داع ينبغي له في آخر دعائه أنْ يقول: «آمِينَ» ، وكذلك كل
- (1/ 310) ، كتاب «الصلاة» ، باب النهي عن مبادرة الإمام بالتكبير، الحديث (87/ 415) ، وأبو داود (1/ 575) ، كتاب «الصلاة» ، باب التأمين وراء الإمام، الحديث (935) ، والنسائي (2/ 144) ، كتاب «الافتتاح» ، باب الأمر بالتأمين خلف الإمام، من حديث أبي صالح، عن أبي هريرة به بزيادة:«فإنه من وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ المَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تقدم من ذنبه» .
وأخرجه عبد الرزاق (2/ 97) ، كتاب «الصلاة» ، باب آمين، الحديث (2644) بزيادة، فقال: ثنا معمر، عن الزهري، عن المسيب، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إذا قال الإمام: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ، فقولوا: آمين، فإن الملائكة يقولون: آمين، وإن الإمام يقول: آمين، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه» .
وأخرجه أحمد (2/ 233) ، والنسائي (2/ 144) ، كتاب «الافتتاح» ، باب جهر الإمام بآمين، من طريق معمر به. [.....]
(1)
أخرجه مسلم (2/ 283: 286- الأبي) ، كتاب «الصلاة» ، باب التشهد في الصلاة، حديث (62/ 404) ، وأبو داود (1/ 319- 320) ، كتاب «الصلاة» ، باب التشهد، حديث (972) ، والنسائي (2/ 196) ، كتاب «التطبيق» ، باب قوله، ربنا لك الحمد، حديث (1064) . وابن ماجة (1/ 276) ، كتاب «الصلاة» ، باب إذا قرأ الإمام فأنصتوا، حديث (847) ، وأحمد (4/ 393، 394، 401، 405، 415) ، وابن خزيمة (1584، 1593) ، والبيهقي (2/ 96) ، كلهم من طريق حطان بن عبد الله الرقاشي، عن أبي موسى الأشعري مرفوعا.
(2)
«آمين» ليست من القرآن إجماعا، ومعناها: استجب، فهي اسم فعل مبني على الفتح. وقيل: ليس اسم فعل، بل هو من أسماء الباري تعالى، والتقدير: يا آمين، وقد ضعف أبو البقاء هذا القول بوجهين:
أحدهما: أنه لو كان كذلك لكان ينبغي أن يبنى على الضم لأنه منادى مفرد معرفة.
والثاني: أن أسماء الله تعالى توقيفية.
وفي «آمين» لغتان: المد والقصر، تقول العرب: آمين، وأمين، قال الشاعر:[الطويل]
تباعد عنّي فطحلّ إذ دعوته
…
أمين فزاد الله ما بيننا بعدا
وقال المجنون: [البسيط]
يا ربّ لا تسلبنّي حبّها أبدا
…
ويرحم الله عبدا قال آمينا
ينظر: «معاني القرآن» للزجاج (1/ 54) ، و «الوسيط» (1/ 70) ، و «الدر المصون» (1/ 86) ، و «الزاهر» (1/ 161) ، و «غرائب النيسابوري» (1/ 75) ، وابن كثير (1/ 31) .
قارئ للحمدِ في غير صلاة، وأما في الصلاة، فيقولها المأموم والفَذُّ، وفي الإمام في الجهر اختلاف «1» .
واختلف في معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «فَمَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ المَلَائِكَةِ» ، فقيل: في الإجابة، وقيل: في خلوص النية، وقيل: في الوقت، والذي يترجَّح أنَّ المعنى: فمن وافق في الوقْتِ مع خلوصِ النيةِ والإِقبالِ على الرغبة إِلى اللَّه بقلْبٍ سليمٍ فالإِجابة تتبع حينئذ لأِنَّ من هذه حاله، فهو على الصراط المستقيم.
وفي «صحيح مُسْلِمٍ» وغيره عن أبي هريرة قال: سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «قَالَ اللَّهُ عز وجل: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، فَنِصْفُهَا لِي، وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ العَبْدُ: الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، قَالَ اللَّهُ حَمِدَنِي عَبْدِي، فَإِذَا قَالَ:
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، قَالَ اللَّهُ: أثنى عَلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي، فَإذَا قَالَ: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ، قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ: اهدنا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ، قَالَ: هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ» «2» انتهى، وعند مالك:«فَهَؤُلَاءِ لِعَبْدِي» .
وأسند أبو بكر بن الخَطِيبِ «3» عن نافعٍ «4» عن ابن عُمَرَ «5» قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «من
(1) ذهب جماعة من الصحابة والتابعين فمن بعدهم إلى الجهر بالتأمين، وبه يقول الشافعي، وأحمد، وإسحاق، قال عطاء: كنت أسمع الأئمة- وذكر ابن الزّبير ومن بعده- يقولون: آمين، ويقول من خلفه:
آمين، حتى إنّ للمسجد للجّة.
ينظر: «شرح السنة» (2/ 208) .
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي، الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي، أحد حفاظ الحديث وضابطيه المتقنين. ولد سنة (392) ، وتفقه على القاضي أبي الطيب الطبري، وأبي إسحاق الشيرازي وأبي نصر ابن الصباغ، وشهرته في الحديث تغني عن الإطناب. قال ابن ماكولا: ولم يكن للبغداديين بعد الدارقطني مثله.
وقال الشيرازي: كان أبو بكر يشبه بالدارقطني ونظرائه في معرفة الحديث وحفظه. مات (463) .
انظر: «طبقات ابن قاضي شهبة» (1/ 240) ، «طبقات السبكي» (3/ 12) ، «وفيات الأعيان» (1/ 76) .
(4)
نافع بن مالك بن أبي عامر الأصبحي، أبو سهيل المدني عن ابن عمر، وأنس. وعنه ابن أخيه مالك بن أنس، والزهري. وثقه أبو حاتم وغيره. قال الواقدي: هلك في إمارة أبي العباس.
ينظر: «تاريخ الإسلام» (5/ 307) ، «الثقات» (5/ 471) ، «تراجم الأحبار» (4/ 139) ، «تاريخ أسماء الثقات» (1473) ، «سير الأعلام» (5/ 283) ، «تهذيب الكمال» (3/ 1404) ، «تهذيب التهذيب» (10/ 409)(737) ، «خلاصة تهذيب الكمال» (3/ 89) ، «الكاشف» (3/ 197) .
(5)
عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن-
كَانَ لَهُ إِمَامٌ، فَقِرَاءَةُ الإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ» انتهى من «تَارِيخِ بَغْدَاد» ولم يذكر في سنده مَطْعَناً.
وقال ابن العربيِّ «1» في «أحكامه» «2» : والصحيحُ عندي وجوبُ قراءتها على المأمومِ فيما أسر فيه، وتحريمها فيما جهر فيه، إذا سمع/ الإِمام لِمَا عليه من وجوب الإِنصاتِ 9 أوالاستماع، فإِنْ بَعُدَ عن الإِمام، فهو بمنزلة صلاة السرِّ. انتهى.
نجز تفسير سورة الحَمْدِ، والحَمْدُ للَّه بجميع محامده كلِّها ما علمْتُ منها، وما لم أعلم.
- عدي بن كعب بن لؤي بن غالب. أبو عبد الرحمن. القرشي، العدوي. ولد سنة:(3) من البعثة النبوية توفي سنة: (84) .
ينظر ترجمته في: «الإصابة» (4/ 107) ، «أسد الغابة» (3/ 340) ، «الثقات» (3/ 209) ، «شذرات الذهب» (2/ 15) ، «الجرح والتعديل» (5/ 107) ، «سير أعلام النبلاء» (3/ 203) ، «تجريد أسماء الصحابة» (1/ 325) ، «تقريب التهذيب» (1/ 435) ، «تهذيب التهذيب» (5/ 328) .
(1)
محمد بن عبد الله بن محمد المعافري الأشبيلي المالكي، أبو بكر بن العربي، ولد (468) هـ.، من حفاظ الحديث بلغ رتبة الاجتهاد في علوم الدين، صنف كتبا في الحديث، والفقه، والأصول، والتفسير، والأدب، والتاريخ، وولي قضاء إشبيلية، من مؤلفاته «أحكام القرآن» و «المحصول» ، و «الناسخ والمنسوخ» ، وغيرها كثير، توفي (543) هـ.
ينظر: «طبقات الحفاظ» للسيوطي، «وفيات» (1/ 489) ، «نفح الطيب» (1/ 340) ، «قضاة الأندلس» (105) ، «جذوة الاقتباس» (2160) ، «الأعلام» (6/ 230) .
(2)
ينظر: «أحكام القرآن» (1/ 5) .