الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لما حسن من جميع جهاته.
[سورة البقرة (2) : الآيات 206 الى 210]
وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهادُ (206) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ (207) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208) فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (209) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَاّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (210)
وقوله تعالى: وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ
…
الآية: هذه صفة الكَافِرِ والمنافقِ الذاهِبِ بنَفْسِهِ زَهْواً، ويحذر المؤمن أن يوقعه الحَرَجُ في نحو هذا، وقد قال بعْضُ العلماءِ: كفى بالمرء إِثماً أنّ يقول له أخُوهُ: اتق اللَّهَ، فيقول له: عَلَيْكَ نَفْسَكَ، مِثْلُكَ يُوصِينِي. قلت:
قال أحمد بن نصر الداوديّ: عن ابن مسعودٍ: من أكبر/ الذنبِ أنْ يقال للرجل: اتق 52 أالله، فيقول: عليك نفسك، أنت تأمرني «1» . انتهى.
والْعِزَّةُ هنا: المنعة، وشدَّة النفْس، أي: اعتز في نفسه، فأوقعته تلك العزةُ في الإِثم، ويحتمل المعنى: أخذته العزّة مع الإثم.
وفَحَسْبُهُ، أي: كافيه، والْمِهادُ: ما مهد الرجلُ لنفسه كأنه الفراشُ.
وقوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ
…
الآية: تتناول كلَّ مجاهدٍ في سبيل اللَّهِ، أو مستشهدٍ في ذاته، أو مغيِّر منْكَرٍ، وقيل: هذه الآية في شهداء غزوة الرَّجِيعِ «2» :
عاصمِ بْنِ ثَابِتٍ «3» ، وخُبَيْب «4» ، وأصحابِهِمَا، وقال عكرمةُ وغيره: هي في طائفة من
(1) ذكره البغوي في «معالم التنزيل» (1/ 180) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (1/ 430) ، وعزاه لوكيع، وابن المنذر، والطبراني، والبيهقي في «الشعب» عن ابن مسعود.
(2)
والرّجيع (بفتح الراء وكسر الجيم) هو في الأصل: اسم للروث، سمي بذلك لاستحالته. والمراد هنا اسم موضع من بلاد هذيل، كانت الوقعة بقرب منه، فسميت به. ينظر:«فتح الباري» (8/ 131) .
(3)
عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح.
واسم أبي الأقلح قيس بن عصمة بن النّعمان بن مالك بن أميّة بن صبيعة بن زيد بن مالك بن عمرو بن عوف الأنصاريّ. جدّ عاصم بن عمرو بن الخطاب لأمّه، من السّابقين الأولين من الأنصار.
ينظر: «الإصابة» (3/ 460) .
(4)
خبيب بن عدي: بن مالك بن عامر بن مجدعة بن جحجبى بن عوف بن كلفة بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس الأنصاريّ الأوسيّ.
شهد بدرا واستشهد في عهد النبيّ صلى الله عليه وسلم. ينظر: «الإصابة» (2/ 225) .
المهاجرين، وذكروا حديث صهيب «1» .
ويَشْرِي: معناه يبيعُ ومنه وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ [يوسف: 20]، وحكى قوم أنه يقالُ: شرى بمعنى اشترى، ويحتاجُ إِلى هذا من تأوَّل الآية في صُهَيْبٍ لأنه اشترى نفْسَه بمالِهِ.
وقوله تعالى: وَاللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ ترجيةٌ تقتضي الحضَّ على امتثال ما وقع به المدْحُ في الآية كما أن قوله سبحانه: فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ تخويفٌ يقتضي التحذيرَ ممَّا وقع به الذمُّ في الآية، ثم أمر تعالى المؤمنين بالدخولِ في السِّلْم، وهو الإِسلام، والمُسَالمة، وقال ابن عبَّاس: نزلَتْ في أهل الكتابِ، والألف واللام في الشيطانِ للجنْسِ» .
وعَدُوٌّ: يقع للواحدِ، والاثنينِ، والجمعِ، وقوله تعالى: فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ
…
الآية: أصل الزلل في القدم، ثم يستعمل في الاعتقادات، والآراء، وغير ذلك، والمعنى: ضللتم، والْبَيِّناتُ محمّد صلى الله عليه وسلم وآياته، ومعجزاته، إِذا كان الخطابُ أوَّلاً لجماعةِ المؤمنين، وإِذا كان الخطابُ لأهل الكتاب، فالبيناتُ ما ورد في شرائعهم من الإِعلام بمحمَّد صلى الله عليه وسلم، والتعريف به.
وعَزِيزٌ: صفة مقتضيةٌ أنَّه قادرٌ عليكم لا تعجزونَهُ، ولا تمتنعون منه، وحَكِيمٌ، أي: مُحْكِمٌ فيما يعاقبكم به لِزَلَلِكُمْ.
وقوله تعالى: هَلْ يَنْظُرُونَ، أيْ: ينتظرون، والمراد هؤلاء الذين يزلُّون، والظُّلَلُ:
جمع ظُلَّة، وهي ما أظَلَّ من فوق، والمعنى: يأتيهم حكم اللَّه، وأمره، ونهيه، وعقابه إِياهم.
وذهب ابن جُرَيْج وغيره إِلى أن هذا التوعُّد هو مما يقع في الدنيا «3» ، وقال قومٌ:
بل هو توعُّد بيوم القيامة «4» ، وقال قوم: إِلا أن يأتيهم الله وعيد بيوم القيامة «5» .
(1) أخرجه الطبري (2/ 333) برقم (4004) ، وذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (1/ 281) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (1/ 430) وعزاه لابن جرير الطبري.
(2)
أخرجه الطبري (2/ 337) برقم (4020) ، وذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (1/ 282) والسيوطي في «الدر المنثور» (1/ 210) وعزاه لابن جرير. من طريق ابن جريج، عن ابن عباس.
(3)
ذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (1/ 283) .
(4)
ذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (1/ 283) .
(5)
ذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (1/ 283) .