الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحبشة «1» ، وكذلك قال ابن عبّاس في القسورة: إنّه الأسد بلغة الحبشة «2» ، إلى غير هذا من الأمثلة.
قال ع «3» : والذي أقوله إنّ القاعدة والعقيدة هي أنّ القرآن بلسان عربيّ مبين، وليس فيه لفظة تخرج عن كلام العرب، فلا تفهمها إلا من لسان آخر، فأما هذه الألفاظ وما جرى مجراها، فإنه قد كان للعرب العاربة التي نزل القرآن بلسانها بعض مخالطة لسائر الألسنة بتجارات وسفر إلى الشام وأرض الحبشة، فعلقت العرب بهذا كلّه ألفاظا أعجمية، غيّرت بعضها بالنقص من حروفها، وجرت إلى تخفيف ثقل العجمة، واستعملتها في أشعارها ومحاوراتها حتى جرت مجرى العربيّ الصحيح الصريح، ووقع بها البيان، وعلى هذا الحدّ نزل بها القرآن، فإن جهلها عربيّ ما، فكجهله الصريح مما في لغة غيره كما لم يعرف ابن عبّاس معنى «فاطر» إلى غير ذلك، فحقيقة العبارة عن هذه الألفاظ أنها في الأصل أعجمية، لكن استعملتها العرب، وعرّبتها، فهي عربية بهذا الوجه، وما ذهب إليه الطبريّ من أن اللغتين اتفقتا في لفظة لفظة، فذلك بعيد، بل إحداهما أصل، والأخرى فرع في الأكثر لأنا لا ندفع أيضا جواز الاتفاق قليلا شاذّا.
باب تفسير أسماء القرآن وذكر السّورة والآية
هو القرآن، وهو الكتاب، وهو الفرقان، وهو الذّكر، فالقرآن: مصدر من قولك: قرأ الرّجل، إذا تلا، يقرأ قرآنا وقراءة.
/ وقال قتادة: القرآن: معناه التأليف، قرأ الرجل إذا جمع وألّف قولا، وبهذا فسر قتادة قوله تعالى: إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ
[القيامة: 17] أي: تأليفه «4» ، والقول الأول
بالقرآن، وله رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة توفي سنة 42 أو 44 وله نيف وستين سنة.
ينظر ترجمته في: «أسد الغابة» (6/ 306) ، «الإصابة» (4/ 119) ، «الاستيعاب» (4/ 1762) ، «تجريد أسماء الصحابة» (2/ 206) ، «الأنساب» (1/ 266) ، «الكنى والأسماء» (1/ 57) ، «تذكرة الحفاظ» (1/ 23) .
(1)
ينظر: الطبري (1/ 31)(1) ، وقد ذكره السيوطي في «الدر» (6/ 261) ، وعزاه لابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(2)
أخرجه الطبري (1/ 31)(4) ، وذكره السيوطي في «الدر» (6/ 461) ، وعزاه لابن أبي حاتم.
(3)
ينظر: «المحرر الوجيز» (1/ 51) .
(4)
أخرجه الطبري (1/ 68)(119) ، وذكره السيوطي في «الدر» (6/ 468) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن المنذر.
أقوى أن القرآن مصدر من قرأ إذا تلا، ومنه قول حسّان بن ثابت «1» يرثي عثمان بن عفّان «2» رضي الله عنه:[البسيط]
ضحّوا بأشمط عنوان السّجود به
…
يقطّع اللّيل تسبيحا وقرآنا
«3» أي: وقراءة.
وأما الكتاب، فهو مصدر من كتب، إذا جمع ومنه قيل: كتيبة لاجتماعها ومنه قول الشاعر: [البسيط]
............... .....
…
... واكتبها بأسيار «4»
(1) هو: حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار.. أبو الوليد، وأبو المضرب، وأبو الحسام، وأبو عبد الرحمن الأنصاري. الخزرجي.
النجاري.
شاعر النبي صلى الله عليه وسلم. وهو صحابي شهير، وقد جاء في الصحيحين عن البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لحسان:
«اهجهم» أو «هاجهم، وجبريل معك» .
وفاته: قيل: توفي قبل الأربعين وقيل غير ذلك.
ينظر ترجمته في: «تجريد أسماء الصحابة» (1/ 129) ، «الاستيعاب» (1/ 341) ، «أسد الغابة» (2/ 5) ، «الإصابة» (2/ 8) ، «الثقات» (3/ 71) ، «تقريب التهذيب» (1/ 161) ، «تهذيب التهذيب» (2/ 247) ، «تهذيب الكمال» (1/ 248) ، «الجرح والتعديل» (3/ 1026) ، «شذرات الذهب» (1/ 41) . [.....]
(2)
هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس. أبو عبد الله وأبو عمرو. القرشي.
الأموي. ذو النورين. أمير المؤمنين. ولد بعد عام الفيل بست سنين. وهو ثالث الخلفاء الراشدين ومجهز جيش العسرة، وهو الذي تستحي منه ملائكة الرحمن، وهو المقتول ظلما، غني عن التعريف، كتبت في سيرته الكتب، وتغير وجه التاريخ بمقتله، والله سبحانه نسأل العودة إلى أصل الإسلام الصافي قبل الممات بفضله آمين. توفي يوم 22 ذي الحجة سنة 35 وقيل: غير ذلك.
ينظر ترجمته في: «أسد الغابة» (3/ 584) ، «الإصابة» (4/ 223) ، «الزهد» لوكيع (521) ، «التبصرة والتذكرة» (1/ 131) ، «التعديل والتجريح» (1043) ، «بقي بن مخلد» (28) .
(3)
وهو في «ديوانه» ص 216، و «لسان العرب» (عنن) ، و (ضحا) ، و «الدر المصون» (1/ 466) ، والذهبي في «التاريخ» كما في «خزانة الأدب» (9/ 418) ، ونسبه البغدادي لأوس بن مغراء، وكذلك في المقاصد النحوية (4/ 17) ، ولكثير بن عبد الله النهشلي في «الدرر» (5/ 214) ، وبلا نسبة في «إصلاح المنطق» ص 290.
وللبيت رواية أخرى لصدره، وهي: هذا سراقة للقرآن يدرسه. وقوله: «ضحّوا»
…
البيت أي: ذبحوه كالأضحية وذلك أنهم قتلوه في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين للهجرة. والشّمط: بياض الشعر من الرأس يخالط سواده. وكأنه قال: بأشمط ظاهر الخير.
(4)
هذا جزء من عجز بيت، وهو:
لا تأمنن فزاريا خلوت به
…
على بعيرك............
أي: اجمعها.
وأما الفرقان، فهو أيضا مصدر لأنه فرق بين الحقّ والباطل، والمؤمن والكافر فرقانا وفرقانا.
وأما الذّكر فسمي بذلك لأنه ذكر به الناس آخرتهم وإلاههم، وما كانوا في غفلة عنه، فهو ذكر لهم، وقيل: سمي بذلك، لأن فيه ذكر الأمم الماضية، والأنبياء، وقيل:
سمي بذلك لأنه ذكر وشرف لمحمّد صلى الله عليه وسلم وقومه وسائر العلماء به.
وأما السّورة، فإن قريشا كلّها ومن جاورها من قبائل العرب كهذيل، وسعد بن بكر، وكنانة يقولون: سورة بغير همز، وتميم كلها وغيرهم يهمزون.
فأما من همز، فهي عنده كالبقيّة من الشيء، والقطعة منه التي هي سؤر وسؤرة من أسأر، إذا أبقى ومنه سؤر الشراب. وأما من لا يهمز، فمنهم من يراها من المعنى المتقدّم إلا أنها سهلت همزتها، ومنهم من يراها مشبهة بسورة البناء، أي: القطعة منه لأن كل بناء فإنما بني قطعة بعد قطعة، فكل قطعة منها سورة، فكان سور القرآن هي قطعة بعد قطعة حتى كمل منها القرآن، ويقال أيضا للرتبة الرفيعة من المجد والملك: سورة ومنه قول النابغة الذبيانيّ «1» للنعمان بن المنذر «2» [الطويل] :
والبيت منسوب لسالم بن دارة الفزاري في «الكامل» (988) ، و «خزانة الأدب» (5/ 531) ، وفيها «على قلوصك» ، «شرح ديوان الحماسة» للتبريزي (1/ 205) ، وبلا نسبة في «اللسان» (كتب) ، و «تاج العروس» (4/ 103) . وللبيت رواية أخرى كما في «شرح ديوان الحماسة» ، وهي:
وإن خلوت به في الأرض وحدكما
…
فاحفظ قلوصك واكتبها بأسيار
وقصة البيت أن بني فزارة كانت ترمى بغشيان الإبل، فهجاهم سالم بقصيدة مطلعها:
يا صاحبيّ ألمّا بي على الدار
…
بين الهشوم وشطي ذات أمّار.
(1)
زياد بن معاوية بن ضباب الذبياني، الغطفاني المضري أبو أمامة، شاعر جاهلي. وكان الأعشى وحسان والخنساء ممن يعرض شعره على النابغة، كان أحسن شعراء العرب ديباجة، عاش عمرا طويلا.
توفي في (18) ق هـ.
ينظر: «شرح شواهد المغني» (29) ، «معاهد التنصيص» (1/ 233) ، «الأغاني» (11/ 3) ، و «جمهرة» (52426) ، و «نهاية الأرب» (3/ 59) ، و «الشعر والشعراء» (38) ، «الأعلام» (3/ 54) .
(2)
النعمان الثالث بن المنذر الرابع بن المنذر بن امرئ القيس اللخمي، أبو قابوس، من أشهر ملوك «الحيرة» في الجاهلية. كان داهية مقداما. وهو ممدوح النابغة الذبياني، وحسان بن ثابت، وحاتم الطائي. وهو صاحب إيفاد العرب على كسرى، وباني مدينة «النعمانية» على ضفة دجلة اليمنى، وصاحب يومي البؤس والنعيم. توفي سنة (15) قبل الهجرة.
ألم تر أنّ الله أعطاك سورة
…
ترى كلّ ملك دونها يتذبذب «1»
فكأن الرتبة انبنت حتى كملت.
وأما الآية، فهي العلامة في كلام العرب، ولما كانت الجملة التامة من القرآن علامة على صدق الآتي بها، وعلى عجز المتحدّى بها، سميت آية، هذا قول بعضهم، وقيل:
سميت آية لما كانت جملة وجماعة كلام كما تقول العرب: جئنا بآيتنا، أي: بجماعتنا، وقيل: لما كانت علامة للفصل بين ما قبلها وما بعدها، سمّيت آية.
ت: وقوله صلى الله عليه وسلم في الصحيح: «آية المنافق ثلاث إذا حدّث كذب
…
»
الحديث «2» ، و «آية الإيمان حبّ الأنصار «3» ، وآية ما بيننا وبين المنافقين شهود العشاء» يقوّي القول الأول، والله أعلم، وهذا هو الراجح في مختصر الطبريّ، قال: والآية العلامة، وذلك أظهر في العربية والقرآن، وأصحّ القول أن آيات القرآن علامات للإيمان، وطاعة الله تعالى، ودلالات على وحدانيته وإرسال رسله، وعلى البعث والنشور، وأمور الآخرة، وغير ذلك ممّا تضمّنته علوم القرآن. انتهى.
انظر: «حمزة الأصفهاني» (73- 74) ، «الصحاح» (2/ 340) ، «ابن خلدون» (2/ 265) ، «الأعلام» (8/ 43) .
(1)
البيت في ديوانه (28) ، «ديوان المعاني» (1/ 16) ، و «المصون» (154) ، و «البحر المحيط» (1/ 242) ، و «تفسير القرطبي» (1/ 65) ، و «الدر المصون» (1/ 153) ، «اللسان» (سور)(3/ 2148) .
والمعنى: أعطاك رفعة وشرفا ومنزلة، وجمعها (سور)، أي: رفع.
(2)
أخرجه البخاري (1/ 111) ، كتاب «الإيمان» ، باب علامة المنافق، حديث (33) ، و (5/ 341- 342) ، كتاب «الشهادات» ، باب من أمر بإنجاز الوعد، حديث (2682) ، (5/ 441) ، كتاب «الأدب» ، باب قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ، حديث (6095) ، ومسلم (1/ 78) ، كتاب «الإيمان» ، باب بيان خصال المنافق، حديث (95/ 107) ، والترمذي (5/ 19) ، كتاب «الإيمان» ، باب ما جاء في علامة المنافق، حديث (2631) ، والنسائي (8/ 117) ، كتاب «الإيمان» ، باب علامة المنافق، وأحمد (2/ 357، 397، 536) ، وأبو عوانة (1/ 20، 21) ، وأبو يعلى (11/ 406) ، رقم (6533) ، وابن الجوزي في «مشيخته» (ص 59) من طرق، عن أبي هريرة به.
(3)
أخرجه البخاري (7/ 141) ، كتاب «مناقب الأنصار» ، باب حب الأنصار من الإيمان، حديث (3784) ، ومسلم (1/ 85) ، كتاب «الإيمان» ، باب الدليل على أن حب الأنصار من الإيمان، حديث (74/ 128) ، والنسائي (8/ 116)، كتاب «الإيمان» : باب علامة الإيمان، وأبو يعلى (7/ 190- 191) ، رقم (4175) ، والبغوي في «شرح السنة» (7/ 240- بتحقيقنا) ، من حديث أنس مرفوعا.