المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة البقرة (2) : الآيات 272 الى 273] - تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن - جـ ١

[أبو زيد الثعالبي]

فهرس الكتاب

- ‌[الجزء الاول]

- ‌«توطئة»

- ‌1- مدرسة ابن عباس ب «مكّة» ، وكان أشهر تلاميذه من التابعين:

- ‌2- مدرسة أبي بن كعب ب «المدينة النبوية» ، وأشهر تلاميذه:

- ‌3- مدرسة عبد الله بن مسعود ب «العراق» ، وأشهر تلاميذه:

- ‌المبحث الأول نبذة عن حياة الثعالبي

- ‌مولده:

- ‌نشأته:

- ‌رحلاته وشيوخه:

- ‌تلاميذه:

- ‌مصنّفات الثّعالبيّ:

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌وفاته:

- ‌المبحث الثاني التفسير قبل أبي زيد الثعالبي التّفسير والتّأويل

- ‌التفسير اصطلاحا:

- ‌التأويل لغة:

- ‌التأويل اصطلاحا:

- ‌التأويل عند السلف له معنيان:

- ‌الفرق بين التّفسير والتّأويل

- ‌حاجة النّاس إلى التّفسير

- ‌فهم الصّحابة للقرآن الكريم

- ‌أشهر مفسّري القرآن من الصّحابة

- ‌1- عليّ بن أبي طالب:

- ‌2- عبد الله بن مسعود:

- ‌3- أبيّ بن كعب:

- ‌4- عبد الله بن عبّاس

- ‌طرق الرواية عن ابن عبّاس:

- ‌قيمة التّفسير المأثور عن الصّحابة

- ‌مدرسة مكّة تلاميذ ابن عبّاس

- ‌1- سعيد بن جبير:

- ‌2- مجاهد بن جبر:

- ‌3- عكرمة:

- ‌4- طاوس:

- ‌5- عطاء بن أبي رباح:

- ‌مدرسة المدينة تلاميذ أبيّ بن كعب

- ‌1- أبو العالية:

- ‌2- محمّد بن كعب القرظيّ:

- ‌3- زيد بن أسلم:

- ‌مدرسة العراق تلاميذ عبد الله بن مسعود

- ‌1- علقمة بن قيس:

- ‌2- مسروق:

- ‌3- عامر الشّعبيّ:

- ‌4- الحسن البصريّ:

- ‌5- قتادة:

- ‌قيمة التّفسير المأثور عن التّابعين

- ‌سمات التّفسير في تلك المرحلة

- ‌التّفسير في عصر التّدوين

- ‌أقسام التّفسير

- ‌أوّلا- الاتّجاه الأثريّ (التّفسير بالمأثور) :

- ‌ ابن جرير الطبريّ

- ‌طريقة الطّبريّ في التّفسير:

- ‌ثانيا- الاتّجاه اللّغويّ:

- ‌ثالثا- الاتّجاه البيانيّ

- ‌المبحث الثّالث الكلام على تفسير الثّعالبيّ

- ‌أوّلا: المصادر الّتي استقى منها أبو زيد الثّعالبيّ في «الجواهر الحسان»

- ‌أوّلا: مصادره من كتب التّفسير:

- ‌4- «مفاتيح الغيب» أو التفسير الكبير، للإمام الرّازيّ:

- ‌5- «أحكام القرآن» للقاضي أبي بكر بن العربيّ:

- ‌ثالثا: المصادر الّتي اعتمد عليها من كتب السّنّة:

- ‌رابعا: كتب الترغيب والترهيب والرقائق:

- ‌1- التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة، للإمام القرطبي

- ‌خامسا: كتب في الأحكام الفقهية والأصوليّة:

- ‌سادسا: كتب الخصائص والشمائل:

- ‌سابعا: كتب في التربية وتهذيب النفوس:

- ‌1- «بهجة النفوس وتحليها بمعرفة ما لها وما عليها»

- ‌4- شرح ابن الفاكهاني على أربعين النووي

- ‌تاسعا: ومن كتب التّاريخ:

- ‌عاشرا: كتب أخرى منثورة:

- ‌ثانيا: منهج الإمام الثّعالبيّ في تفسيره

- ‌بين يدي المنهج:

- ‌أولا: جمعه بين التفسير بالمأثور والرّأي:

- ‌ثانيا: تعرّضه لمسائل في أصول الدين:

- ‌ثالثا: مسائل أصول الفقه في تفسيره:

- ‌رابعا: تعرضه لآيات الأحكام، وذكره للاختلافات الفقهية:

- ‌خامسا: احتجاجه باللّغة والمسائل النحوية، والتصريفية وغيرها:

- ‌سادسا: ذكره لأسباب النّزول، ومكّيّ القرآن ومدنية:

- ‌سابعا: ذكره للقراءات الواردة في الآية:

- ‌ثامنا: احتجاجه بالشّعر:

- ‌تاسعا: موقفه من الإسرائيليّات:

- ‌وصف النسخ المعتمد عليها في كتاب تفسير «الثعالبي» المسمى بجواهر الحسان في تفسير القرآن

- ‌عملنا في الكتاب

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌وسمّيته ب «الجواهر الحسان في تفسير القرآن»

- ‌باب في فضل القرآن

- ‌باب في فضل تفسير القرآن وإعرابه

- ‌فصل فيما قيل في الكلام في تفسير القرآن والجرأة عليه ومراتب المفسّرين

- ‌فصل

- ‌فصل في ذكر الألفاظ الّتي في القرآن ممّا للغات العجم بها تعلّق

- ‌باب تفسير أسماء القرآن وذكر السّورة والآية

- ‌باب في الاستعاذة

- ‌تفسير فاتحة الكتاب

- ‌[سورة الفاتحة (1) : آية 1]

- ‌باب في تفسير: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

- ‌[سورة الفاتحة (1) : الآيات 2 الى 3]

- ‌[سورة الفاتحة (1) : الآيات 4 الى 5]

- ‌[سورة الفاتحة (1) : الآيات 6 الى 7]

- ‌(القَوْلُ فِي «آمِينَ» )

- ‌تفسير سورة البقرة

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 4 الى 7]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 8 الى 12]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 13 الى 16]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 17 الى 20]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 21 الى 24]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 25]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 26 الى 29]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 30 الى 32]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 33 الى 34]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 35 الى 36]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 37 الى 38]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 39 الى 41]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 42 الى 43]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 44 الى 46]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 47 الى 48]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 49]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 50 الى 54]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 55 الى 57]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 58 الى 60]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 61 الى 64]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 65 الى 66]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 67 الى 73]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 74 الى 75]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 76 الى 78]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 79 الى 82]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 83 الى 85]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 86 الى 88]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 89 الى 91]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 92 الى 95]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 96 الى 97]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 98 الى 104]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 105 الى 106]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 107 الى 108]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 109 الى 110]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 111 الى 115]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 116 الى 117]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 118 الى 120]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 121 الى 124]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 125 الى 126]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 127 الى 129]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 130 الى 133]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 134 الى 138]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 139 الى 141]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 142 الى 143]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 144 الى 145]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 146 الى 147]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 148 الى 151]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 152 الى 153]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 154 الى 157]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 158]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 159 الى 160]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 161 الى 162]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 163 الى 164]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 165 الى 167]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 168 الى 170]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 171]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 172 الى 173]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 174 الى 176]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 177]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 178 الى 179]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 180 الى 182]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 183 الى 184]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 185]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 186]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 187 الى 188]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 189 الى 192]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 193 الى 195]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 196]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 197]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 198 الى 199]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 200 الى 202]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 203 الى 205]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 206 الى 210]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 211 الى 212]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 213 الى 214]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 215 الى 216]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 217 الى 218]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 219 الى 220]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 221]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 222]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 223]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 224 الى 225]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 226 الى 227]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 228]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 229]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 230 الى 232]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 233]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 234]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 235]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 236 الى 237]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 238 الى 239]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 240 الى 242]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 243 الى 245]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 246 الى 248]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 249 الى 252]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 253 الى 254]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 255]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 256 الى 257]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 258 الى 259]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 260]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 261 الى 264]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 265 الى 266]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 267 الى 269]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 270 الى 271]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 272 الى 273]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 274 الى 277]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 278 الى 281]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 282]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 283 الى 285]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 286]

- ‌محتوى الجزء الأول من تفسير الثعالبي

الفصل: ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 272 الى 273]

الله صلى الله عليه وسلم: «رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي على بَابِ الجَنَّةِ مَكْتُوبٌ: الصَّدَقَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَالقَرْضُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ، فَقُلْتُ لِجِبْرِيلَ: مَا بَالُ القَرْضِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ؟ قَالَ: إِنَّ السَّائِلَ يَسْأَلُ وَعِنْدَهُ، وَالمُسْتَقْرِضُ لَا يَسْتَقْرِضُ إِلَاّ مِنْ حَاجَةٍ» «1» . انتهى من «التذكرة» .

وقرأ ابن كثير وغيره: «ونُكَفِّرُ» بالنون، ورفع الراء، وقرأ ابن عامر:«وَيُكَفِّرُ» ، بالياء، ورفع الراء، وقرأ نافع وغيره:«وَنُكَفِّرْ» ، بالنون، والجزمِ، فأما رفْع الراء، فهو على وجهين:

أحدهما: أن يكون الفعْلُ خبر ابتداءٍ، تقديره: ونحن نكفِّر، أو: واللَّه يكفر.

والثَّاني: القطع، والاستِئْناف، والواو لعطْفِ جملةٍ على جملةٍ، والجزمُ في الراءِ أفصحُ هذه القراءات لأنها تؤذن بدُخُول التكفير في الجزاء، وكونه مشروطاً إِن وقع الإِخفاء، وأمَّا رفع الراءِ، فليس فيه هذا المعنى، و «مِنْ» في قوله: مِنْ سَيِّئاتِكُمْ للتبعيضِ المحْضِ، لا أنها زائدةٌ كما زعم قومٌ، وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ: وعدٌ ووعيد.

[سورة البقرة (2) : الآيات 272 الى 273]

لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَما تُنْفِقُونَ إِلَاّ ابْتِغاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (272) لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (273)

وقوله تعالى: لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ

الآية: وَرَدَتْ آثار أن النبيّ صلى الله عليه وسلم مَنَعَ فُقَرَاء أهْلِ الذمَّة من الصَّدَقَة، فنزلَتِ الآية مبيحةً لهم، وذكر الطبريُّ «2» أن مَقْصِدَ النبيّ صلى الله عليه وسلم بمنع

- أحمد بن أبي الحواري، وهاه ابن معين، وقال ابن حبان: صدوق، في حديثه مناكير، وقال النسائي:

ليس بثقة، ووثقه أحمد بن صالح، وأبو زرعة الدمشقي، مات سنة خمس وثمانين ومائة.

ينظر: «الخلاصة» (1/ 286) .

(1)

أخرجه ابن ماجه (2/ 812) : كتاب «الصدقات» ، باب القرض، حديث (2431) .

قال البوصيري في «الزوائد» (2/ 252) : هذا إسناد ضعيف خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن مالك، أبو هشام الهمداني الدمشقي، ضعفه أحمد، وابن معين، وأبو داود، والنسائي، وأبو زرعة، وابن الجارود، والساجي، والعقيلي، والدارقطني وغيرهم. ووثقه أحمد بن صالح المصري، وأبو زرعة الدمشقي. وقال ابن حبان: هو من فقهاء الشام، كان صدوقا في الرواية ولكنه كان يخطىء كثيرا. وأبوه فقيه «دمشق» ومفتيهم.

(2)

ذكره الطبري (3/ 94- 95) .

ص: 528

الصدَقة، إِنَّما كان ليُسْلِمُوا، ولِيَدْخُلُوا في الدِّين، فقال اللَّه سبحانه: لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ، قال ع «1» : وهذه الصدقةُ التي أبيحَتْ لهم حسبَمَا تضمَّنته هذه الآثار، إِنما هي صدقة التطوُّع، وأما المفروضة، فلا يجزىء دفعها لكَافِرٍ، قال ابن المُنْذِرِ «2» : إِجماعاً فيما عَلِمْتُ، وقول المَهْدَوِيِّ: إباحتها هذه الآية مردودٌ، قال ابن العَرَبِيِّ «3» ، وإِذا كان المُسْلِمُ يترك أركان الإِسْلَام من الصَّلاة، والصيام، فلا تُصْرَفُ إِلَيْه الصدقة حتى يتُوبَ، وسائرُ المعاصِي تُصْرَف الصدَقَةُ إلى مرتكبيها لدخولِهِمْ في اسم المسلمين. انتهى من «الإِحكام» ، ويعني بالصدقةِ المفروضةَ، والهدى الَّذي ليس على نبيّنا صلى الله عليه وسلم هو خَلْق الإِيمان في قلوبهم، وأما الهُدَى الذي هو الدعاء فهو عليه صلى الله عليه وسلم، وليس بمراد في هذه الآية.

ثم أخبرَ سُبْحَانه أنه يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ، وفي الآية ردٌّ على القدريَّة وطوائفِ المعتزلةِ، ثم بيَّن تعالى أنَّ النفقة المقبولَةَ ما كان ابتغاءَ وَجْهِ اللَّهِ.

وفي الآية تأويلٌ آخرُ، وهو أنها شهادة مِنَ اللَّهِ تعالى للصحابةِ أنهم إِنما ينفقون ابتغاءَ وَجُه اللَّه سبحانه، فهو خَبَر منه لهم فيه تفضيلٌ، وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ، أي: في الآخرة، وهذا هو بيانُ قوله: وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ، والخير هنا:

المالُ/ بقرينة الإِنفاق، ومتى لم يقترن بما يدلُّ على أنَّه المال، فلا يلزم أن يكون بمعنى 71 أالمال، وهذا الذي قلْناه تحرُّزاً من قول عِكْرِمَةَ: كُلَّ خَيْرٍ في كتابِ اللَّهِ، فهو المالُ «4» .

وقوله تعالى: لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ

الآية: التقديرُ: الإِنفاق أو الصدقةُ للفقراءِ، قال مجاهد وغيره: المرادُ بهؤلاءِ الفقراءِ فقراءُ المهاجرين من قريش وغيرهم «5» .

(1) ذكره ابن عطية (1/ 367) .

(2)

محمد بن إبراهيم بن المنذر، أبو بكر النيسابوري الفقيه، نزيل مكة أحد الأئمة الأعلام، وممن يقتدى بنقله في الحلال والحرام، صنف كتبا معتبرة عند أئمة الإسلام، منها «الإشراف في معرفة الخلاف» ، و «الأوسط» وهو أصل الإشراف، والإجماع والإقناع والتفسير وغير ذلك وكان مجتهدا لا يقلد أحدا.

ينظر: «طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة» (1/ 98) ، «طبقات الشافعية للسبكي» (2/ 126) ، «وفيات الأعيان» (3/ 344) ، «شذرات الذهب» (2/ 280) .

(3)

ينظر: «أحكام القرآن» (1/ 238) .

(4)

ذكره ابن عطية في «تفسيره» (1/ 368) .

(5)

أخرجه الطبري في «تفسيره» (3/ 96، 6210) بنحوه، وابن عطية في «تفسيره» (1/ 368) وابن كثير في «تفسيره» (1/ 324) .

ص: 529

ع «1» : ثم تتناول الآيةُ كلَّ مَنْ دخل تحْتَ صفة الفَقْر غابِرَ الدَّهْر، ثم بيَّن اللَّه سبحانه من أحْوَالِ أولئك الفقراءِ المهاجِرِينَ ما يُوجِبُ الحُنُوَّ عليهم بقوله: الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، والمعنى: حُبِسُوا، ومُنِعُوا، وتأوَّل الطبريّ «2» في هذه الآية أنهم هم حاسبوا أَنُفُسِهِمْ بِرِبْقَة الدِّيْن، وقصد الجهاد، وخَوْفِ العَدُوِّ، إِذ أحاط بهم الكُفْر، فصار خوف العدو عذْراً أحْصِروا به.

ع «3» : كأنَّ هذه الأعذار أحصرتْهم، فالعدُوُّ وكلُّ محيطٍ يحصر، وقوله: فِي سَبِيلِ اللَّهِ يحتملُ الجهادَ، ويحتمل الدخولَ في الإِسلام، والضَّرْبُ في الأرض: هو التصرُّف في التجارة، وكانُوا لا يستطيعونَ ضَرْباً في الأرض لكون البلادِ كلِّها كفْراً مطبقاً، وهذا في صدْر الهجْرة، وكانوا- رضي الله عنهم من الانقباض، وترْكِ المسألةِ، والتوكُّلِ على اللَّه تعالى بحيث يحسبهم الجاهلُ بباطنِ أحوالهم أغنياءَ.

ت: واعلم أنَّ المواساة واجبةٌ، وقد خرَّج مسلمٌ وأبو داود عن أبي سعيدٍ الخدري، قال:«بينما نحن في سفر، مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَ رَجُلٌ على راحِلَةٍ، فَجَعَلَ يَصْرِفُ بصره يمينا وشمالا، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ، فَلْيَعُدْ بِهِ على مَنْ لَا ظَهْرَ لَهُ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ على مَنْ لَا زَادَ لَهُ» ، قَالَ: فَذَكَرَ مِنْ أَصْنَافِ المَالِ مَا ذَكَرَ حتى رُئِينَا أنَّهُ لَا حقّ لأحد منّا في فضل «4» انتهى.

والتَّعَفُّفِ: تفعُّلٌ، وهو بناءُ مبالغةٍ من: عَفَّ عن الشيْءِ، إِذا أمْسَك عنْه، وتنزَّه عن طَلَبه، وبهذا المعنى فسره قتادةُ وغيره.

ت: مَدَح اللَّه سبحانه هؤُلاءِ السَّادَةَ على ما أعطاهم من غنى النفْسِ، وفي الحديثِ الصحيحِ:«لَيْسَ الغنى عَنْ كَثْرَةِ المَالِ، وَإِنَّمَا الغنى غِنَى النّفس» «5» وقد صحّ

(1) ينظر: «المحرر» (1/ 368) .

(2)

ينظر: «الطبري» (3/ 97) .

(3)

ينظر: «المحرر» (1/ 368) .

(4)

أخرجه مسلم (3/ 1354) كتاب «اللقطة» ، باب استحباب المواساة بفضول المال، حديث (1728) ، وأبو داود (1/ 522) كتاب «الزكاة» ، باب في حقوق المال، حديث (1663) ، وأحمد (3/ 34) ، وأبو يعلى (2/ 326) رقم (1064) كلهم من طريق أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري به.

(5)

أخرجه البخاري (11/ 276) ، كتاب «الرقاق» ، باب الغنى غنى النفس، حديث (6446) ، ومسلم (2/ 726) كتاب «الزكاة» ، باب ليس الغنى عن كثرة العرض، حديث (120/ 1051) ، والترمذي (4/ 506- 507) كتاب «الزهد» ، باب ما جاء أن الغنى غنى النفس، حديث (2373)، وابن ماجه (2/ 13486) : -

ص: 530

عنه صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قَالَ: «اللَّهُمَّ، اجعل قُوتَ آلُ مُحَمَّدٍ كَفَافاً» أخرجه مسلم، وغيره «1» ، وعنْدِي أن المراد بالآل هنا متّبعوه صلى الله عليه وسلم.

وفي سنن ابْن مَاجَة، عن أنسٍ، قال: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ غَنِيٍّ، وَلَا فَقِيرٍ إِلَاّ وَدَّ يَوْمَ القِيَامَةِ أَنَّهُ أُوتِيَ مِنَ الدُّنْيَا قُوتاً» «2» ، وروى مسلم والترمذيُّ عن أبي أُمَامة، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «يا ابن آدَمَ، إِنَّكَ إِنْ تَبْذُلْ الفَضْلَ خَيْرٌ لَكَ، وَإِنْ تُمْسك شَرٌّ لَكَ، وَلَا تُلَامُ على كَفَافٍ، وابدأ بِمَنْ تَعُولُ، وَاليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ من اليد السّفلى» «3» ، قال أبو عيسى،

- كتاب «الزهد» ، باب القناعة، حديث (4137) ، وأحمد (2/ 243) ، 390) ، وأبو يعلى (11/ 133) رقم (6259) ، وابن حبان (679)، والبغوي «شرح السنة» (7: 289- بتحقيقنا) كلهم من حديث أبي هريرة.

وقال الترمذي: حسن صحيح.

وللحديث شاهد من حديث أنس: أخرجه أبو يعلى (5/ 404) رقم (3079) من طريق الخليل بن عمر العبدي، حدثني أبي عن قتادة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس» .

وقال الهيثمي في «المجمع» (10/ 240) : رواه الطبراني في «الأوسط» ، ورجال الطبراني رجال الصحيح. [.....]

(1)

أخرجه البخاري (11/ 287) كتاب «الرقاق» ، باب كيف كان عيش النبي صلى الله عليه وسلم، حديث (6460) ، ومسلم (2/ 730) ، كتاب «الزكاة» ، باب في الكفاف والقناعة (126/ 1055) من حديث أبي هريرة مرفوعا.

(2)

أخرجه ابن ماجة (2/ 1387) كتاب «الزهد» ، باب القناعة، حديث (4140) ، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (10/ 69) كلاهما من طريق أبي داود نفيع عن أنس بن مالك مرفوعا.

ونفيع متروك وكذبه ابن معين، وقد تقدمت ترجمته.

(3)

أخرجه مسلم (97/ 1036) ، والترمذي (4/ 495) في الزهد، باب (32) برقم (2343) ، وأحمد (5/ 262)، والبيهقي (4/ 182) عنه مرفوعا:«يا آدم إنك إن تبذل الفضل خير لك، وإن تمسكه شر لك، ولا تلام على كفاف وابدأ بمن تعول، واليد العليا خير من اليد السفلى» .

وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وفي الباب عن حكيم بن حزام، وأبي هريرة، وجابر بن عبد الله، وابن عمر.

فأما حديث حكيم فرواه البخاري (3/ 345) في الزكاة، باب لا صدقة إلا عن ظهر غنى (1427) ، ومسلم (2/ 717) في الزكاة، باب بيان أن اليد العليا خير من اليد (95/ 1034) ، والنسائي (5/ 69) في الزكاة، باب أي الصدقة أفضل؟ وأحمد (3/ 402- 434) ، والدارمي (2/ 310) . والطبراني في «الكبير» (3/ 212)(3082- 3083- 3091- 3093- 3120) . والبيهقي (4/ 180) ، والقضاعي في مسند الشهاب (1228- 1229) بلفظ «أفضل الصدقة عن ظهر غنى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول.

وأما حديث أبي هريرة فرواه البخاري في المصدر السابق (1426، 1428) و (9/ 410) في النفقات، باب وجوب النفقة على الأهل والعيال (5355، 5356) والنسائي (5/ 69) ، وأبو داود (1/ 525) في الزكاة، باب الرجل يخرج من ماله (1676) ، والنسائي (5/ 69) ، وأحمد (2/ 288، 394) ، (2/-

ص: 531

واللفظ له: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. انتهى.

وقوله سبحانه: تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ: السِّيَما مقصورة: العلامةُ، واختلف المفسِّرون في تعيينها، فقال مجاهد: هي التخشُّع والتواضُع «1» ، وقال الربيعُ، والسُّدِّيُّ:

هي جهد الحاجة، وقَضَفُ الفقر في وجوههم، وقلَّة النعمة «2» ، وقال ابن زَيْد: هي رِثَّة الثياب «3» ، وقال قوم، وحكاه مكِّيٌّ: هي أثر السجود «4» ، قال ع «5» : وهذا حسنٌ، وذلك لأنهم كانوا متفرِّغين متوكِّلين، لا شُغْل لهم في الأغلب إِلَاّ الصَّلاة، فكان أثَرُ السُّجود علَيْهم أبداً، والإِلحافُ، والإلحاح بمعنى، قال ع «6» : والآية تحتمل 72 أمعنيين/.

أحدهما: نفْي السؤال جملة، وهذا هو الذي عليه الجمهورُ أنهم لا يسألون البَتَّة.

والثاني: نَفْي الإِلحاف فقَطْ، أي: لا يظهر لهم سؤال، بل هو قليل وبإِجمال.

ت: وهذا الثاني بعيدٌ من ألفاظ الآية، فتأمَّله.

ت: وينبغى للفقيرِ أنْ يتعفّف في فَقْره، ويكتفي بعلْمِ ربِّه، قال الشيخُ ابن أبي جَمْرة: وقد قال أهْلُ التوفيق: مَنْ لَمْ يَرْضَ باليسير، فهو أسير. انتهى، وذكر

- 402، 434، 476، 480، 524، 527) والحميدي (1058) ، وابن خزيمة (4/ 96، 97) برقم (2436، 2439) ، والقضاعي في «مسند الشهاب» (634، 1232) وابن حبان (3352) ، والدارقطني (3/ 297)، وابن الجارود في «المنتقى» (751) بلفظ: «أفضل الصدقة ما تصدق به عن ظهر تعول

» .

وأما حديث جابر فرواه أحمد (3/ 330)، وابن حبان (826) مرفوعا عنه: «أفضل الصدقة عن ظهر غنى

وابدأ بِمَنْ تَعُولُ، وَاليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليد السفلى» .

وأما حديث ابن عمر فرواه أحمد (2/ 93- 94) عنه مرفوعا «المسألة كدوح في وجه صاحبها يوم القيامة. فمن شاء فليستبق على وجهه، وأهون المسألة مسألة ذي الرحم تسأله في حاجته. وخير المسألة مسألة عن ظهر غنى. وابدأ بمن تعول» .

(1)

أخرجه الطبري في «تفسيره» (3/ 98) ، وذكره الماوردي في «تفسيره» (1/ 346) ، وابن عطية في «تفسيره» (1/ 369) .

(2)

أخرجه الطبري في «تفسيره» (3/ 99) برقم (6223) ، (6224) ، وذكره الماوردي في «تفسيره» (1/ 346) ، وابن عطية في «تفسيره» (1/ 369) .

(3)

أخرجه الطبري في «تفسيره» (3/ 98) ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (1/ 369) .

(4)

ذكره ابن عطية في «تفسيره» (1/ 368) .

(5)

ينظر: «المحرر الوجيز» (1/ 369) .

(6)

ينظر: «المحرر الوجيز» (1/ 369) .

ص: 532