الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال طَاوُسٌ «1» ، والزُّهْرِيّ، والحَسَن، وغيرهم: لا يجوزُ له أنْ يزيدَ على المَهْر الذي أعطاها «2» ، وقال ابن المُسَيِّب: لا أرى أن يأخذ منها كلَّ مالِها، ولكنْ لِيَدَعْ لها شيئًا «3» .
وقوله تعالى: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ
…
الآية: أي: هذه الأوامر والنواهي، فلا تتجاوزُوها، ثم توعَّد تعالى على تجاوُزِ الحَدِّ بقوله: وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ، وهو كما قال صلى الله عليه وسلم:«الظّلم ظلمات يوم القيامة» «4» .
[سورة البقرة (2) : الآيات 230 الى 232]
فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُها لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (230) وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللَّهِ هُزُواً وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231) وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (232)
(1) طاوس بن كيسان اليماني الجندي- بفتح الجيم والنون- قيل: من الأبناء، وقيل: مولى همدان، الإمام العلم. قيل: اسمه ذكوان. قاله ابن الجوزي. عن أبي هريرة، وعائشة، وابن عباس، وزيد بن ثابت، وزيد بن أرقم. وعنه: مجاهد، وعمرو بن شعيب، وحبيب. قال ابن عباس: إني لأظن طاوسا من أهل الجنة. مات سنة 106. ينظر: «خلاصة تهذيب الكمال» (2/ 15) .
(2)
أخرجه الطبري (2/ 483- 485) بأرقام (4858) ، (4859) ، (4860) ، (4880) عن الحسن، وبرقم (4862) عن ابن طاوس، وبرقم (4863) عن الزهري. وذكره البغوي (1/ 207) عن الزهري، وابن عطية في «المحرر الوجيز» (1/ 308) .
(3)
أخرجه الطبري (2/ 483) برقم (4861) ، وذكره البغوي (1/ 207) ، وابن عطية في «المحرر الوجيز» (1/ 308) .
(4)
أخرجه البخاري (5/ 120- 121) كتاب «المظالم» ، باب الظلم ظلمات يوم القيامة، حديث (2447) ، وفي «الأدب المفرد» رقم (481) ، ومسلم (4/ 1996) ، كتاب «البر والصلة» ، باب تحريم الظلم، حديث (57/ 2579) . وأحمد (2/ 137، 146) ، والبيهقي (6/ 39) ، كتاب «الغصب» ، باب تحريم الغصب. والبغوي في «شرح السنة» (7/ 364- بتحقيقنا) . كلهم من طريق عبد الله بن دينار، عن ابن عمر مرفوعا، وللحديث شاهد من حديث جابر بلفظ:«اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة» .
أخرجه مسلم (4/ 1996) ، كتاب «البر والصلة» ، باب تحريم الظلم، حديث (56/ 2579) ، والبخاري في «الأدب المفرد» رقم (479) . وأحمد (3/ 323) ، من طريق عبيد الله بن مقسم، عن جابر به.
وله شاهد أيضا من حديث عبد الله بن عمرو.
وأخرجه أحمد (2/ 159) عنه مرفوعا، بلفظ: «الظلم ظلمات يوم القيامة، وإياكم والفحش
…
» .
وقوله تعالى: فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ
…
الآية: قال ابنُ عَبَّاس وغيره:
هو ابتداء الطلْقةِ الثالثةِ «1» قال ع «2» : فيجيء التسريحُ المتقدِّم ترك المرأة تتمُّ عِدَّتها من الثانية، وأجمعتِ الأُمَّةُ في هذه النازلةِ على اتباع الحديثِ الصحيحِ في امرأة رِفَاعَةَ «3» ، حِينَ تزوَّجت عبْدَ الرحمنِ بْنَ الزَّبِيرِ «4» ، فقال لها النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَعَلَّكِ أَرَدتِّ الرُّجُوعَ إلى رِفَاعَةَ، لَا حتى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ، وَتَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ» «5» فرأَى العلماء أنه لا يحلّها إلا الوطء.
(1) أخرجه الطبري (2/ 488) برقم (4886) ، وذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (1/ 308) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (1/ 504) ، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي عن ابن عباس.
(2)
«المحرر الوجيز» (1/ 308) .
(3)
امرأة رفاعة القرظي التي تزوجها عبد الرحمن بن الزّبير اختلف في اسمها فقيل: سهيمة، وقيل: عائشة، وقيل: تميمة، حكى الأقوال الثلاثة ابن الأثير في مواضع من كتابه، وذكرها في حرف «التاء» تميمة بنت وهب بن عبيد القرظية، مطلقة رفاعة القرظي.
ينظر: «تهذيب الأسماء» (2/ 370) .
(4)
عبد الرحمن بن الزّبير بفتح الزاي ابن باطياء القرشي، صحابي له حديث، وعنه ابنه الزّبير.
ينظر: «الخلاصة» (2/ 132) .
(5)
أخرجه مالك (2/ 531) ، كتاب «النكاح» ، باب نكاح المحلل وما أشبهه، حديث (17) ، من طريق المسور بن رفاعة القرظي، عن الزبير بن عبد الرحمن بن الزبير، أن رفاعة بن سموآل طلق امرأته.....، ومن طريق مالك أخرجه الشافعي في «الأم» (5/ 248) ، باب نكاح المطلقة ثلاثا، وابن حبان (1323- موارد) ، والبيهقي (7/ 375) كتاب «الرجعة» ، باب نكاح المطلقة ثلاثا.
قال السيوطي في «تنوير الحوالك» (2/ 6)، قال ابن عبد البر: كذا لأكثر الرواة مرسل، ووصله ابن وهب عن مالك، فقال: عن أبيه، وابن وهب من أجل من روى عن مالك هذا الشأن، وأثبتهم فيه، وتابعه أيضا ابن القاسم، وعلي بن زياد، وإبراهيم بن طهمان، وعبيد الله بن عبد المجيد الحنفي.
كلهم عن مالك، وقالوا فيه: عن أبيه، وهو صاحب القصة. اهـ.
ومن طريق ابن وهب: أخرجه ابن الجارود (682) ، والبيهقي، (7/ 375) كتاب «الرجعة» ، باب نكاح المطلقة ثلاثا.
وأخرجه البزار (2/ 194- كشف) رقم (1504) ، من طريق عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي، ثنا مالك بن أنس، عن المسور بن رفاعة، عن الزبير بن عبد الرحمن بن الزبير، عن أبيه.
قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (4/ 343) : رواه البزار، والطبراني، ورجالهما ثقات، وقد رواه مالك في «الموطأ» مرسلا، وهو هنا متصل. اهـ. -
وكلُّهم على أن مَغِيبَ الحَشَفة يُحِلُّ إِلا الحسنَ بْنَ أبي الحَسَن، قال: لا يحلُّها إلا الإنزال،
- وقد ورد هذا الحديث موصولا من حديث عائشة.
أخرجه أحمد (6/ 226) ، والبخاري (5/ 249) ، كتاب «الشهادات» ، باب شهادة المختبئ، حديث (2639) ، ومسلم (2/ 1055- 1056) ، كتاب «النكاح» ، باب لا تحل المطلقة ثلاثا لمطلقها حتى تنكح زوجا غيره، حديث (111/ 1433) . والترمذي (2/ 293) ، كتاب «النكاح» ، باب ما جاء فيمن يطلق امرأته ثلاثا، حديث (1118) . والنسائي (6/ 148) كتاب «الطلاق» ، باب إحلال المطلقة ثلاثا، وابن ماجة (1/ 621- 622) كتاب «النكاح» ، باب الرجل يطلق امرأته ثلاثا، حديث (1932) .
والدارمي (2/ 161) كتاب «الطّلاق» ، باب ما يحل المرأة لزوجها الذي طلقها.... والشافعي (2/ 34- 35) كتاب الطلاق، حديث (110) ، والحميدي (1/ 111) رقم (226) ، وعبد الرزاق (6/ 346- 347) رقم (11131) ، والطيالسي (1/ 314- 315) رقم (1612، 1613) . وسعيد بن منصور (2/ 73- 74) رقم (1985) . وأبو يعلى (7/ 397) رقم (4423) . وابن حبان (4199- الإحسان) ، والبيهقي (7/ 373- 374) ، والبغوي في «شرح السنة» (5/ 169- بتحقيقنا) ، من طريق الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت:«جاءت امرأة رفاعة القرظي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: كنت عند رفاعة، فطلقني، فبتّ طلاقي، فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير، وإنما معه مثل هدبة الثوب، فقال: «أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة لا حتى تذوقي عسيلته، ويذوق عسيلتك» .
وقال الترمذي: حسن صحيح.
وللحديث طرق أخرى عن عائشة.
فأخرجه البخاري (9/ 284) ، كتاب «الطلاق» ، باب من قال لامرأته: أنت عليّ حرام، حديث (5265) ، ومسلم (2/ 1057) ، كتاب «النكاح» ، باب لا تحل المطلقة ثلاثا لمطلقها، حتى تنكح زوجا غيره، حديث (114/ 1433) ، وأحمد (6/ 229) ، والدارمي (2/ 162) ، من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة به، وأخرجه مسلم (2/ 1057) ، كتاب «النكاح» ، باب لا تحل المطلقة ثلاثا لمطلقها، حتى تنكح زوجا غيره، حديث (115/ 1433) ، وأحمد (6/ 193) . وأبو يعلى (8/ 373- 374) رقم (4964) ، من طريق القاسم بن محمد عن عائشة.
وأخرجه أبو داود (1/ 705) كتاب «الطلاق» ، باب في المبتوتة لا يرجع إليها زوجها حتى تنكح زوجا غيره، حديث (2309) . وأحمد (6/ 42) من طريق الأسود عن عائشة.
وأخرجه البخاري (10/ 293) ، من طريق عبد الوهاب عن أيوب عن عكرمة أنّ رفاعة طلّق امرأته، فتزوجها عبد الرحمن بن الزّبير القرظيّ، قالت عائشة: وعليها خمار أخضر، فشكت إليها، وأرتها خضرة بجلدها، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والنساء ينصر بعضهنّ بعضا- قالت عائشة: ما رأيت مثل ما يلقى المؤمنات، لجلدها أشدّ خضرة من ثوبها، قال: وسمع أنها قد أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء ومعه ابنان له من غيرها، قالت: والله مالي إليه من ذنب، إلا أنّ ما معه ليس بأغنى عني من هذه- وأخذت هدبة من ثوبها- فقال: كذبت والله يا رسول الله، إني لأنفضها نفض الأديم، ولكنها ناشز تريد رفاعة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإن كان ذلك لم تحلي له أو تصلحي له حتى يذوق من عسيلتك، قال: وأبصر معه ابنين له فقال: بنوك هؤلاء؟ قال: نعم. قال: هذا الذي تزعمين ما تزعمين؟ فو الله لهم أشبه به من الغراب بالغراب. -[.....]
وهو ذَوْقُ العُسَيْلَةَ «1» ، والذي يُحِلُّها عند مالك النكاحُ الصحيحُ، والوطْء المُباح.
وقوله تعالى: فَإِنْ طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ
…
الآية: المعنى: فإِنْ طلَّقها المتزوِّج الثَّاني، فلا جُنَاح عليهما، أي: المرأة والزوج الأول. قاله ابن عَبَّاس «2» ، ولا خلاف فيه، والظنُّ هنا على بابه من تغليبِ أحد الجائزَيْن، وخص الذين يعلمون بالذكر تشريفا.
- وفي الباب عن ابن عمر، وعبيد الله بن عباس، وأنس بن مالك، والفضل بن عباس.
حديث ابن عمر:
أخرجه أحمد (2/ 85) ، والنسائي (6/ 148- 149) ، كتاب «النكاح» ، باب إحلال المطلقة ثلاثا، وابن ماجة (1/ 622) ، كتاب «النكاح» ، باب الرجل يطلق المرأته ثلاثا فتتزوج، فيطلقها (1933) ، من طريق محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن علقمة بن مرثد: سمعت سالم بن رزين يحدث عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عمر به.
أخرجه أحمد (2/ 62) ، والنسائي (6/ 149) ، والبيهقي (7/ 375) ، من طريق سفيان عن علقمة بن مرثد، عن رزين بن سليمان، عن ابن عمر، قال النسائي: هذا أولى بالصّواب.
وأخرجه أبو يعلى (8/ 374) ، رقم (466) ، من طريق يحيى بن سعيد، عن نافع، عن ابن عمر.
قال الهيثمي في «المجمع» (4/ 343) ، رواه الطبراني وأبو يعلى، ورجال أبي يعلى رجال الصحيح.
حديث عبيد الله بن عباس:
أخرجه أحمد (1/ 214) ، والنسائي (6/ 148) ، كتاب «الطلاق» ، باب إحلال المطلقة ثلاثا عنه أن الغميصاء أو الرميصاء أتت النبي صلى الله عليه وسلم تشتكي زوجها أنه لا يصل إليها، فلم يلبث أن جاء زوجها فقال: يا رسول الله، هي كاذبة وهو يصل إليها، ولكنها تريد أن ترجع إلى زوجها الأول، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«ليس ذلك حتى تذوقي عسيلته» ، وأخرجه أبو يعلى (12/ 85- 86) رقم (6718) عن عبيد الله بن عباس، والفضل بن عباس به.
وقال الهيثمي في «المجمع» (4/ 343) ، رواه أبو يعلى، ورجاله رجال الصحيح.
حديث أنس بن مالك:
أخرجه أحمد (3/ 284) ، والبزار (2/ 195- كشف) برقم (1505) ، وأبو يعلى (7/ 207) رقم (4199) عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن رجل طلق امرأته ثلاثا، فتزوجت زوجا، فمات عنها قبل أن يدخل بها. هل يتزوجها الأول، قال:«لا، حتى يذوق عسيلتها» .
قال الهيثمي في «المجمع» (4/ 343)، وقال: رواه أحمد، والبزار، وأبو يعلى، والطبراني في «الأوسط» ، ورجاله رجال الصحيح، خلا محمد بن دينار الطاحي، وقد وثقه أبو حاتم، وأبو زرعة، وابن حبان، وفيه كلام لا يضر.
حديث الفضل بن عباس: ينظر حديث عبيد الله بن العباس.
(1)
ذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (1/ 309) .
(2)
أخرجه الطبري (2/ 491) برقم (4909) ، وذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (1/ 309) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (1/ 508) ، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي، عن ابن عباس.
وقوله تعالى: وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ
…
الآية: خطابٌ للرجالِ، نُهِي الرجُلُ أن يطول العدَّة، مضارَّةً لها بأن يرتجع قرب انقضائها، ثم يطلِّق بعد ذلك قاله الضَّحَّاك وغيره «1» ، ولا خلاف فيه.
ومعنى: فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ: قاربْنَ لأنه بعد بلوغ الأجل لا خيار له في الإِمساك، ومعنى: أمسكوهنَّ راجِعُوهنَّ- وبِمَعْرُوفٍ: قِيلَ: هو الإِشهاد «2» - وَلا تُمْسِكُوهُنَّ، أي: لا تراجعوهنَّ ضِراراً، وباقي الآية بَيِّنٌ.
وقوله تعالى: وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللَّهِ هُزُواً
…
الآية: المرادُ بآياته النازلَةُ في الأوامر والنَّواهِي، وقال الحسن: نزلَتْ هذه الآية فيمَنْ طَلَّق لاعباً أو هازئاً، أو راجَعَ كذلك «3» .
وقالتْ عائشةُ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: النِّكَاحُ، وَالطَّلَاقُ، وَالرَّجْعَةُ» «4» .
ثم ذَكَّرَ اللَّه عباده بإِنعامه سبحانه عليهم بالقرآن، والسّنّة، وَالْحِكْمَةِ: هي السُّنَّة المبينة مرادَ اللَّه سبحانه.
وقوله تعالى: وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ
…
الآية: خطابٌ للمؤمنين الذين منْهم الأزواج، ومنهم الأولياءُ لأنهم المراد في تَعْضُلُوهنَّ، وبلوغ الأجلِ في هذا الموضِعِ تناهِيهِ لأن المعنى يقتضي ذلكَ.
وقد قال بعضُ النَّاسِ في هذا المعنى: إِن المراد ب تَعْضُلُوهُنَّ: الأزواجُ وذلك 58 أبأن يكون الاِرتجاعُ مضارَّة عضْلاً/ عن نكاحِ الغَيْر، فقوله: أَزْواجَهُنَّ على هذا، يعني به: الرجالَ إِذ منهم الأزواج، وعلى أن المراد ب تَعْضُلُوهُنَّ الأولياء، فالأزواج
(1) أخرجه الطبري (2/ 494) برقم (4922) ، وذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (1/ 309) .
(2)
ذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (1/ 309) ، والبغوي في (1/ 210) .
(3)
أخرجه الطبري (2/ 496) برقم (4926) ، وذكره ابن عطية (1/ 310) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (1/ 231) ، وعزاه لابن أبي شيبة في «المصنف» ، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن الحسن.
(4)
أخرجه أبو داود (2/ 259) ، كتاب «الطلاق» ، باب في الطلاق (2194) ، والترمذي (3/ 490) ، كتاب «الطلاق» ، باب ما جاء في الحد (1184) ، وابن ماجة (1/ 658) ، كتاب «الطلاق» ، باب من طلق أو نكح (2039) ، والدارقطني (4/ 18- 19) ، كتاب «الطلاق» ، والحاكم في «المستدرك» (2/ 197- 198) ، كتاب «الطلاق» ، باب ثلاث جدهن جد.