الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأجابه يعقوب عنها بقطعة أوّلها:
الروض روض الرّبا فاحت رواتحه
…
وقد سقاها أصيلا واكف الدّيم
549 - قاسم بن ثابت السّرقسطىّ اللغوىّ
«1»
مرّ ذكره مع ذكر أبيه ثابت فى حرف الثاء [1].
550 - القاسم بن سلّام أبو عبيد اللغوىّ
«2»
الفقيه المحدّث. كان أبوه عبدا روميا لرجل من أهل هراة [2]. ويحكى أن سلّاما خرج يوما وأبو عبيد مع ابن مولاه فى الكتّاب، فقال للمعلّم: علّم القاسم فإنها كيّسة [3].
[1] انظر الجزء الأول ص 297.
[2]
هراة: مدينة قديمة بناها الإسكندر المقدونى على نهر آريوس، وفتحها الأحنف بن قيس فى خلافة عمر، وخربها التتار سنة 618.
[3]
فى تاريخ بغداد: «علمى القاسم فإنها كيسة» ، بضمير المؤنث، وهى لهجة أعجمية، لأن أباه كان روميا.
طلب أبو عبيد العلم وسمع الحديث، ودرّس الحديث والأدب، ونظر فى الفقه وأقام ببغداد مدّة. ثم ولى القضاء بطرسوس [1]، وخرج بعد ذلك إلى مكّة فسكنها حتى مات بها، رحمه الله.
ولد أبو عبيد بهراة، وكان [أبوه [2]] يتولّى الأزد، وكان ينزل فى بغداذ بدرب الرّيحان، وخرج إلى مكّة فى سنة أربع وعشرين ومائتين.
وروى الناس من كتبه المصنّفة بضعة وعشرين كتابا فى القرآن والفقه، وغريب الحديث والغريب المصنّف، والأمثال، ومعانى الشعر. وله كتب كثيرة لم ترو فى أصناف الفقه كله.
وكان إذا ألّف كتابا أهداه إلى عبد الله بن طاهر [5]، فيحمل إليه مالا جزيلا استحسانا لذلك. وكتبه مستحسنة مطلوبة فى كل بلد. والرواة عنه مشهورون ثقات ذوو ذكر ونبل.
[1] طرسوس: من بلاد الشام قرب عكا.
[2]
تكملة من تاريخ بغداد.
[3]
فى الأصل: «ومن» ، وصوابه من ب.
[4]
هو هرثمة بن أعين، كان من كبار القواعد على عهد الرشيد والمأمون، قتله المأمون سنة 200. انظر ابن الأثير حوادث سنة 200.
[5]
تقدّمت ترجمته فى حواشى الجزء الثانى ص 384.
وقد سبق إلى أكثر مصنفاته؛ فمن ذلك: الغريب المصنف [1]، وهو من أجلّ كتبه فى اللغة، فانه احتذى فيه كتاب النّضر بن شميل المازنىّ الذى يسميه كتاب الصفات، وبدأ فيه بخلق الإنسان، ثم بخلق الفرس، ثم بالإبل.
فذكر صنفا بعد صنف؛ حتى أتى على جميع ذلك. وهو أكبر من كتاب أبى عبيد وأجود.
ومنها كتابه فى الأمثال [2]، وقد سبقه إلى ذلك جميع البصريّين والكوفيّين، والأصمعىّ وأبو زيد وأبو عبيدة والنضر بن شميل والمفضّل الضبىّ وابن الأعرابىّ؛ إلا أنه جمع رواياتهم فى كتابه، وبوّبه أبوابا، وأحسن تأليفه.
وكتاب غريب الحديث [3] أوّل من عمله أبو عبيدة معمر [بن [4]] المثنى وقطرب والأخفش والنضر بن شميل، ولم يأتوا بالأسانيد. وعمل أبو عدنان النحوىّ البصرىّ كتابا فى غريب الحديث ذكر فيه الأسانيد، وصنفه على أبواب السّنن والفقه، إلا أنه ليس بالكبير، فجمع أبو عبيد غاية ما فى كتبهم وفسّره وذكر الأسانيد، وصنّف المسند على حدته، وأحاديث كلّ رجل من الصحابة والتابعين على حدته، وأجاد تصنيفه، فرغب فيه أهل الحديث والفقه واللغة لاجتماع ما يحتاجون [إليه [4]] فيه.
وكذلك كتابه فى معانى القرآن؛ وذلك أن أوّل من صنّف فى ذلك من أهل اللّغة أبو عبيدة معمر بن المثنى، ثم قطرب بن المستنير، ثم الأخفش. وصنف
[1] منه نسخ مخطوطة بدار الكتب المصرية وغيرها.
[2]
طبع منها قسمان: الثامن والسابع عشر، ومعهما ترجمة باللغة اللاتينية بعناية الأستاذ برتوفى غوطا سنة 1836 م، وطبعت كلها فى مجموعة التحفة البهية والطرفة الشهية بمطبعة الجوائب بالآستانة سنة 1302.
[3]
منه نسخة مخطوطة فى مكتبة كبرى لى بالآستانة، ونقلت عنه نسخة مصوّرة محفوظة بدار الكتب المصرية.
[4]
ليست فى الأصل.
من الكوفيين الكسائى ثم الفرّاء. فجمع أبو عبيد من كتبهم، وجاء فيها بالآثار وأسانيدها وتفاسير الصحابة والتابعين والفقهاء. وروى النصف منه، ومات قبل أن يسمع منه باقيه، وأكثره غير مروىّ [1] عنه.
وأما كتبه فى الفقه فإنه عمد إلى مذهب مالك والشافعى، فتقلّد أكثر ذلك وأتى بشواهده، وجمعه من حديثه ورواياته، واحتج فيها باللغة والنحو فحسّنها بذلك.
وله فى القراءات كتاب جيّد، ليس لأحد من الكوفيّين قبله مثله. وكتابه فى الأموال [2] من أحسن ما صنّف فى الفقه وأجوده.
قال أبو الحسن محمد بن جعفر بن هارون التميمىّ النحوى: «كان طاهر [3].
الحسين حين مضى إلى خراسان نزل بمرو [4]، فطلب رجلا يحدّثه ليلة، فقيل: ما هاهنا إلا رجل مؤدّب، فأدخل عليه أبو عبيد القاسم بن سلّام، فوجد أعلم الناس بأيام الناس والنحو واللغة والفقه. فقال له: من الظلم تركك بهذا البلد، ودفع إليه ألف دينار وقال له: أنا متوجّه إلى خراسان إلى حرب، ولست أحب استصحابك شفقا عليك، فأنفق هذه إلى أن أعود إليك. فألّف أبو عبيد غريب المصنّف إلى أن عاد طاهر بن الحسين من خراسان، فحمله معه إلى سرّ من [5] رأى».
[1] فى الأصل: «راوى» ، وصوابه عن ب.
[2]
طبع فى مصر بمطبعة حجازى سنة 1353
[3]
هو أبو الطيب طاهر بن الحسين الخزاعى؛ كان أكبر أعوان المأمون، وكان جوادا شجاعا ممدّحا. توفى سنة 207. ابن خلكان (1: 235)، وشذرات الذهب (2: 16).
[4]
هى مرو الشاهجان، أشهر مدن خراسان وقصبتها.
[5]
سرّ من رأى، وتسمى سامراء: مدينة بين بغداد وتكريت شرقى دجلة، وهى مدينة قديمة جدّد بناءها المعتصم.
وكان أبو عبيد ديّنا ورعا جوادا، وأنفذ أبو دلف [1] إلى ابن طاهر يستهديه أبا عبيد مدّة شهرين، فأنفذ أبا عبيد إليه، فأقام شهرين، فلما أراد الانصراف وصله أبو دلف بثلاثين ألف درهم، فلم يقبلها وقال: أنا فى جنبة [2] رجل ما يحوجنى إلى صلة غيره، ولا آخذ ما فيه علىّ نقص. فلما عاد إلى طاهر بن الحسين وصله بثلاثين ألف دينار بدل ما وصله أبو دلف، فقال له: أيها الأمير، قد قبلتها ولكن قد أغنيتنى بمعروفك وبرّك وكفايتك، وقد رأيت أن أشترى بها خيلا وسلاحا وأوجّهها إلى الثغر ليكون الثواب متوفّرا على الأمير، ففعل.
ولما عمل أبو عبيد كتاب غريب الحديث وعرضه على عبد الله بن طاهر استحسنه وقال: إنّ عقلا بعث صاحبه على عمل مثل هذا الكتاب لحقيق ألّا يحوج إلى طلب المعاش. فأجرى له عشرة آلاف درهم فى كل شهر.
قال أبو عبيد: مكثت فى تصنيف هذا الكتاب أربعين سنة. وربما كنت أستفيد الفائدة من أفواه الرجال فأضعها فى موضعها من الكتاب، فأبيت ساهرا فرحا منّى بتلك الفائدة، وأحدكم يجيئنى فيقيم عندى أربعة أشهر، فيقول: قد أقمت الكثير! وأوّل من سمع هذا الكتاب من أبى عبيد يحيى بن معين [3]، وعرض هذا الكتاب على أحمد بن حنبل فاستحسنه وقال: جزاه الله خيرا. وكتب أحمد كتاب غريب الحديث الذى ألفه أبو عبيد أوّلا.
[1] هو أبو دلف العجلى، واسمه القاسم بن عيسى بن إدريس، كان شجاعا جوادا ممدّحا، وهو الذى قال فيه على بن جبلة.
إنما الدنيا أبو دلف
…
بين باديه ومحتضره
فإذا ولى أبو دلف
…
ولت الدنيا على أثره
توفى سنة 225. النجوم الزاهرة (2: 243).
[2]
الجنبة: الناحية.
[3]
تقدّمت ترجمته فى حواشى الجزء الأوّل ص 254.
وكان طاهر بن عبد الله يودّ أن يأتيه أبو عبيد ليسمع منه كتاب غريب الحديث فى منزله، فلم يفعل إجلالا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان هو يأتيه.
وقدم على بن المدينى [1] وعباس العنبرىّ [2]، فأرادا أن يسمعا غريب الحديث، فكان يحمل كلّ يوم كتابه ويأتيهما فى منزلهما، فيحدّثهما فيه إجلالا لعلمهما؛ وهذه شيمة شريفة، رحم الله أبا عبيد! «قال جعفر بن محمد بن علىّ بن المدينى: سمعت أبى يقول: خرج أبى إلى أحمد بن حنبل يعوده وأنا معه، قال: فدخل عليه وعنده يحيى بن معين- وذكر جماعة من المحدّثين- قال: فدخل أبو عبيد القاسم بن سلّام، [فقال له يحيى بن معين: اقرأ علينا كتابك الذى عملته للمأمون [3] فى غريب الحديث، فقال: هاتوه، فجاءوا به [4]]، فأخذه أبو عبيد، فجعل يبدأ يقرأ الأسانيد، ويدع تفسير الغريب. قال: فقال له أبى: يا أبا عبيد، دعنا من الأسانيد، نحن أحذق بها منك. فقال يحيى بن معين لعلىّ بن المدينى: دعه يقرأ على الوجه؛ فإن ابنك محمدا معك، ونحن نحتاج إلى أن نسمعه على الوجه. فقال أبو عبيد:
ما قرأته إلا على المأمون؛ فإن أحببتم أن تقرءوه فاقرءوه. قال: فقال له علىّ ابن المدينى: إن قراءته علينا أولى، وإلّا فلا حاجة [لنا [4]] فيه- ولم يعرف أبو عبيد علىّ ابن المدينى- فقال ليحيى بن معين: من هذا؟ فقال: هذا علىّ بن المدينى.
[1] تقدّمت ترجمته فى حواشى الجزء الأوّل ص 253.
[2]
هو عباس بن عبد العظيم العنبرى البصرى. مات سنة 246 خلاصة تذهيب الكمال ص 160
[3]
فى الأصل: «المأثور» ، وما أثبته عن تاريخ بغداد.
[4]
ما بين القوسين ساقط من ب.
فالتزمه وقرأه علينا. فمن حضر ذلك المجلس جاز أن يقول: «حدّثنا» ، وغير ذلك فلا يقول [1]».
«وقال أبو عمرو بن الطّوسىّ: قال لى أبى: غدوت إلى أبى عبيد ذات يوم فاستقبلنى يعقوب بن السّكّيت، فقال لى: إلى أين؟ فقلت: إلى أبى عبيد، فقال: أنت أعلم منه. قال: فمضيت إلى أبى عبيد فحدّثته بالقصّة، فقال لى:
الرجل غضبان، قال: قلت: من أى شىء؟ فقال: جاءنى منذ أيام فقال لى: اقرأ علىّ غريب المصنف، فقلت: لا؛ ولكن تجىء مع العامة، فغضب [2]».
وسئل أبو قدامة عن الشافعىّ؛ وأحمد بن حنبل وإسحاق وأبى عبيد فقال:
أما أفهمهم فالشافعىّ؛ إلا أنه قليل الحديث، وأما أورعهم فأحمد بن حنبل، وأما أحفظهم فإسحاق [7]، وأما أعلمهم بلغات العرب فأبو عبيد.
[1] الخبر منقول عن تاريخ بغداد (12: 407).
[2]
الخبر فى تاريخ بغداد (12: 408).
[3]
تاريخ بغداد (12: 410).
[4]
فى تاريخ بغداد: «تفقه بحديث رسول الله» .
[5]
فى الأصل: «لاقتحموا الناس فى الخطأ» ، وما أثبته عن ب، وفى تاريخ بغداد:
«لاقتحم الناس» .
[6]
تاريخ بغداد (12: 410).
[7]
هو إسحاق بن إبراهيم المعروف بابن راهويه، تقدمت ترجمته فى حواشى الجزء الثانى 144.
وقال إسحاق بن إبراهيم الحنظلى: أبو عبيد أوسعنا علما، وأكثرنا أدبا، وأجمعنا جمعا؛ إنا نحتاج إلى أبى عبيد، وأبو عبيد لا يحتاج إلينا [1].
وكان أبو عبيد يؤدّب غلاما فى شارع بشر وبشير، ثم اتصل بثابت [7] بن نصر ابن مالك الخزاعىّ يؤدّب ولده، ثم ولى ثابت طرسوس ثمانى عشرة سنة، فولى أبو عبيد القضاء بطرسوس ثمانى عشرة سنة، واشتغل عن كتابة الحديث [8].
وانصرف أبو عبيد يوما من الصلاة، فمرّ بدار إسحاق الموصلىّ، فقالوا له:
يا أبا عبيد، صاحب هذه الدار يقول لك: إن فى كتابك غريب المصنف
[1] انظر تاريخ بغداد (12: 411).
[2]
هو إسحاق بن راهويه، وانظر تاريخ بغداد (12: 411).
[3]
تكملة من تاريخ بغداد (12: 411).
[4]
تكملة من ب.
[5]
فى الأصل: «متقنا» ، وما أثبته عن ب، وهو يوافق ما فى تاريخ بغداد.
[6]
تاريخ بغداد (12: 411).
[7]
كان يتولى إمارة الثغور، ويذكر عنه فضل وصلاح، وتوفى سنة 208. تاريخ بغداد (7: 142).
[8]
انظر تاريخ بغداد (12: 413).
ألف حرف خطأ، فقال أبو عبيد: كتاب فيه أكثر من مائة ألف يقع فيه ألف ليس بكثير، ولعل إسحاق عنده رواية وعندنا رواية فلم يعلم فحطّأنا، والروايتان صواب؛ ولعلّه أخطأ فى حروف وأخطأنا فى حروف فيبقى الخطأ شىء يسير [1].
وقال أبو بكر محمد بن الحسن بن زياد النقاش: أبو عبيد القاسم بن سلام من أبناء أهل خراسان، وكان صاحب نحو وعربية، طلب الحديث والفقه، وولى قضاء طرسوس أيام ثابت بن نصر بن مالك، ولم يزل معه ومع ولده. وقدم بغداذ فسمع الناس منه علما كثيرا، وحج وتوفى بمكّة سنة ثلاثين أو ثلاث وعشرين ومائتين فى خلافة المعتصم. وقيل: توفى بمكة سنة أربع وعشرين ومائتين، وبلغ سبعا وستين سنة.
ورثى عبد الله بن طاهر أبا عبيد فقال:
يا طالب العلم قد أودى ابن سلّام
…
قد كان فارس علم غير محجام
أودى الّذى كان فينا ربع أربعة
…
لم يلف مثلهم إستار [2] أحكام
خير البريّة عبد الله عالمها
…
وعامر ولنعم التّلو يا عام [3]
هما أنافا بعلم فى زمانهما [4]
…
والقاسمان: ابن معن وابن سلّام
[1] كذا فى الأصول، ومقتضى الإعراب النصب، وانظر تاريخ بغداد (12: 413).
[2]
فى الأصلين وكذا فى تاريخ بغداد: «إسناد» ، وصوابه عن معجم الأدباء، والإستار كلمة فارسية تطلق على الأربعة، وانظر المعرّب للجواليقى ص 43.
[3]
عبد الله بن عباس، وعامر الشعبي، وانظر تاريخ بغداد (12: 214).
[4]
فى تاريخ بغداد: هما اللذان أنافا فوق غيرهما
وسئل عنه يحيى بن معين، فبسم وقال: أعن أبى عبيد أسأل؟ أبو عبيد يسأل عن الناس. وسئل عنه أحمد بن حنبل فقال: أبو عبيد عندنا يزداد كلّ يوم خيرا.
وذكر أن أبا عبيد قدم مكة حاجّا؛ فلما قضى حجّه وأراد الانصراف اكترى إلى العراق ليخرج صبيحة الغد. قال أبو عبيد: فرأيت النبىّ صلى الله عليه وسلم فى رؤياى وهو جالس، وعلى رأسه قوم يحجبونه والناس يدخلون ويسلمون عليه ويصافحونه.
قال: فكلما دنوت لأدخل مع الناس منعت، فقلت لهم: لم لا تخلّون بينى وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا لى: لا والله، لا تدخل عليه، ولا تسلم عليه، وأنت خارج غدا إلى العراق. فقلت لهم: إنى لا أخرج إذا. فأخذوا عهدى ثم خلّوا بينى وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم. فدخلت وسلمت عليه وصافحنى، وأصبحت ففسخت الكراء وسكنت مكّة.
ولم يزل بها إلى أن توفّى رحمه الله ودفن فيها فى دور جعفر فى المحرم سنة أربع وعشرين ومائتين، وعاش ثلاثا وسبعين سنة.
قال الزّبيدىّ: «عددت حروف الغريب المصنف لأبى عبيد فى اللغة، فوجدت فيه سبعة عشر ألف حرف وتسعمائة وسبعين حرفا» .
وعادت بركة أبى عبيد رحمه الله على أصحابه، فكلهم نبغ فى العلم واشتهر ذكره، وأخذ عنه وتصدّر للإفادة؛ فمنهم أبو عبد الرحمن أحمد بن سهل [1]، وأحمد بن عاصم [2]، وعلىّ بن أبى ثابت، وأبو منصور نصر بن داود الصّاغانى [3]، ومحمد بن وهب
[1] هو أحمد بن سهل التميمى، حدّث عن أبى عبيد وعبد الصمد بن يزيد، وروى عنه هارون ابن يوسف وغيره. تاريخ بغداد (4: 184).
[2]
هو أحمد بن عاصم البغدادى، ذكره الخطيب فى تاريخ بغداد (4: 335).
[3]
هو نصر بن داود بن منصور أبو منصور الصاغانى، ويعرف بالخلنجى، صاحب أبى عبيد.
توفى سنة 271. تاريخ بغداد (13: 292).
[المنازى [1]] ومحمد بن سعيد الهروىّ، ومحمد بن المغيرة البغداذى، وعبد الخالق بن منصور النيسابوىّ، وأحمد بن يوسف التغلبىّ [2]، وأحمد بن القاسم [3]، وإبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الرحمن البغوىّ وأخوه علىّ بن عبد العزيز.
ولأبى عبيد القاسم بن سلّام من التصانيف: كتاب غريب المصنف، كتاب غريب الحديث، كتاب غريب القرآن، كتاب معانى القرآن، كتاب الشعراء، كتاب المقصور والممدود، كتاب القراءات، كتاب المذكر والمؤنث، كتاب النسب، كتاب الأحداث، كتاب أدب القاضى، كتاب عدد آى القرآن، كتاب الأيمان والنذور، كتاب الحيض، كتاب الطهارة، كتاب الحجر والتفليس، كتاب الأموال، وله غير ذلك من الكتب الفقهية.
أما كتابه الغريب المصنف فإن أبا عبيد قال: مكثت فى تصنيف هذا الكتاب أربعين سنة أتلقّف ما فيه من أفواه الرجال؛ فإذا سمعت حرفا عرفت له موقعا فى الكتاب بتّ تلك الليلة فرحا. وأقبل على الجماعة فقال: أحدكم يستكبر أن يسمع منى فى سبعة أشهر.
[1] زيادة فى ب.
[2]
هو أبو عبد الله أحمد بن يوسف التغلبى، صاحب أبى عبيد، توفى سنة 273. تاريخ بغداد (5: 219).
[3]
هو أحمد بن القاسم، ويعرف بصاحب أبى عبيد، روى عن أبى عبيد وابن حنبل، وكان من أهل العلم والفضل. تاريخ بغداد (4: 349).