الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
764 - المفضّل بن محمد بن يعلى الضبىّ الكوفىّ اللغوى
«1»
سمع سماك بن حرب، وأبا إسحاق السّبيعىّ، وعاصم بن أبى النّجود، ومجاهد ابن رومىّ، وسليمان الأعمش، وإبراهيم بن مهاجر، ومغيرة بن مقسم،. روى عنه أبو زكريا يحيى بن زياد الفراء، ومحمد بن عمر القصبىّ، وأبو كامل الجحدرىّ، وأبو عبيد الله محمد بن زياد الأعرابىّ، وأحمد بن مالك القشيرىّ، وغيرهم.
وكان علامة راوية للأدب والأخبار وأيام العرب، موثّقا فى روايته. قدم بغداد فى أيام هارون الرشيد.
قال الرشيد للمفضل الضّبىّ: ما أحسن ما قيل فى الذئب- ولك هذا الخاتم فى يدى وشراؤه ألف وستمائة دينار؟ فقال: قول الشاعر [1]:
ينام بإحدى مقلتيه ويتّقى
…
بأخرى المنايا [2] فهو يقظان هاجع
المرشد فى الفقه. كتاب: شرح كتاب المرشد فى الفقه. كتاب المحاضر والسجلات.
كتاب شرح الخفيف للطبرى. كتاب الشافى فى مسح الرجلين. كتاب الشروط. كتاب أجوبة الجامع الكبير لمحمد بن الحسن. كتاب الردّ على الكرخى فى مسائل. كتاب الردّ على أبى يحيى البلخى فى اقتراض الإماء. كتاب الردّ على داود بن على. كتاب رسالته إلى العنبرى القاضى فى مسألة الوصايا. كتاب فى تأويل القرآن. كتاب الرسالة فى واو عمرو. كتاب القراءات. كتاب المحاورة. فى العربية. كتاب شرح كتاب الجرمى. كتاب رسالة عمر.
وقال لى: إن له نيفا وخمسين رسالة فى الفقه والكلام والنحو وغير ذلك. ومن أحسن كتبه ماخلا المصنف تذكرة: كتاب أنيس الجليس يذكر فيه فضائل جمة وأخبارا مستحسنة، وغير ذلك».
[1]
هو حميد بن ثور، والبيت فى ديوانه ص 105.
[2]
رواية الديوان: «الأعادى» .
فقال: ما ألقى هذا على لسانك إلا لذهاب الخاتم. وحلّق به إليه، فاشترته أم جعفر بألف وستمائة دينار وقالت: قد كنت أراك تعجب به؛ فألقاه إلى الضبىّ وقال: خذه وخذ الدنانير، فما كنّا نهب شيئا ونرجع فيه.
قال على بن عمر الحافظ الدار قطنىّ: المفضل بن محمد بن يعلى بن عامر بن سالم ابن أبى سلمى بن ربيعة بن زياد بن عامر بن ثعلبة بن ذؤيب بن السند بن مالك ابن بكر بن سعد بن ضبّة، الراوية العلامة الكوفىّ، وجدّه يعلى بن عامر، كان على خراج الرّى وهمذان والماهين [1].
يروى المفضّل عن عاصم بن أبى النّجود القراءات والحديث، وعن أبى إسحاق السّبيعىّ، وسماك بن حرب وغيرهم، روى عنه علىّ بن حمزة الكسائىّ، ويحيى ابن زياد الفرّاء، وغيرهم.
وقيل للمفضّل: لم لا تقول الشعر وأنت أعلم الناس به؟ فقال: علمى به يمنعنى من قوله؛ وأنشد عقب هذا القول:
أبى الشّعر إلا أن يفىء رديئه
…
علىّ ويأبى منه ما كان محكما
فيا ليتنى إذ لم أجد حوك وشيه
…
ولم أك من فرسانه كنت مفحما
قال محمد بن سلّام الجمحىّ: «أعلم من ورد علينا بالشعر وأصدقه من غير أهل البصرة المفضّل بن محمد الضّبىّ الكوفىّ [2]» .
[1] الرىّ: كانت مدينة عظيمة من بلاد الجبال، وهى وطن فخر الدين الرازى، وهمذان: مدينة ببلاد الجبال، وطن بديع الزمان الهمذانى صاحب المقامات. وما هين لم يذكرها ياقوت.
[2]
طبقات الشعراء ص 16.
قال حبيب بن بسطام الورّاق الأزدىّ البصرىّ: أردت الخروج إلى البصرة إلى المفضّل بن محمد لأكتب عنه، فأقمت مدة أروّض نفسى فى ذلك، ثم تحمّلت فوردت الكوفة، ثم فكرت فى أنه إن علم أنى من أهل البصرة شنئنى [1]، وإن عرف أنى أزدىّ كان أشدّ بغضا، فلقيته فسلّمت عليه، فردّ علىّ، [و] قال: ممّن الرجل؟ قلت: ممّن منّ الله عليهم بالإسلام، قال: والناس كلهم كذلك، ثم قال:
فلمن ولاؤك؟ قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: من أين أقبلت؟
قلت: من أرض الهند- وكانت البصرة يومئذ تعدّ من الهند- فورّيت عن كلّ سؤاله ولم أكذب، ولزمته وخففت على قلبه، فكنت معه يوما فى دكان رجل يبيع الخبط [2] والنّوى، إذ جاء أعرابى على ناقة رثة الأداة، فأبركها قريبا، ثم نزل فكشف عن وجه كالدّينار المشرق، ثم سلّم فرددنا عليه السلام، فقال له المفضّل: ممّن الرجل؟ قال: من طيئ؛ فقال له المفضّل- وكان قليل المزح:
وما طيّئ إلا نبيط تجمّعت
…
فقالوا «طيايا» كلمة فاستمرّت
فاندفق الفتى بلسان كذلق [3] السّنان، فقال:
إنّ على سائلنا أن نسأله
…
والعبء لا تعرفه أو تحمله
نسبتنا فانتسب لنا، فلم يجد المفضّل بدّا من أن يجيبه، فقال: رجل من ضبّة؛ فقال الأعرابىّ: وإنى لأكلم ضبّيّا منذ اليوم: والله ما أراه إلا ذنبا عجلت لى عقوبته، يا أخا بنى ضبّة، أفتعرف الذى يقول:
إذا لقيت رجلا من ضبه
…
فنكه قصدا فى سواء السّبّه [4]
لىّ العراقىّ عفاص الدّبّه [5]
[1] فى ب: «سبعنى» ، وسبعنى: سبنى وشتمنى.
[2]
الخبط، محرّكة: الورق الساقط من ضرب الشجر.
[3]
ذلق السنان: حدّ طرفه.
[4]
السبة: الاست.
[5]
العفاص: صمام القارورة، والدبة: وعاء الدهن والزيت.
ثم قال له: كيف علمك بقومك؟ فقال: إنى بهم لعليم، قال له: فأىّ عمّاتك التى تقول:
لخلوة ليلة وبياض يوم
…
من ابن الوائلىّ شفاء قلبى
بمحنية أوسّده شمالى
…
وأرفع باليمين ذيول إتبى [1]
وأرشف من مجاج الظّلم منه
…
جنيّا من لذيذ الظّلم عذب [2]
وألصق بالحشا منّى حشاه
…
ويسهل من قيادى كلّ صعب
وألمس كفّه جهما تعالى
…
على ركب كحنية ظهر قعب
فيجمع منكبىّ إليه حتّى
…
تجاحف ركبتاى ضلوع جنبى
ويسحبنى على البوغاء حتى
…
تنال غدائرى تعفير ترب [3]
أقول له فداك أبى وأمى
…
حياتك من جميع النّاس حسبى
قال: فأطرق المفضّل وإنّ جبينه ليسيل عرقا، ووثب الأعرابىّ على راحلته وهو يقول:
عثرات اللسان لا تستقال
…
وبأيدى الرجال تجزى الرجال
فاجعل العقل للسان عقالا
…
فشراد اللّسان داء عضال
إنّ زمّ اللّسان مبق على العر
…
ض وبالقول يستثار المقال
فقلت له: ما حملك على مخاطبة هذا السفيه، فقال: الحمد لله الذى ما طوّلت معه فيعرفنى من خالتى القائلة لذلك.
[1] الإتب من الثياب: ما قصر فنصف الساق.
[2]
المجاج: الريق؛ والظلم بالفتح: الثغر.
[3]
البوغاء: التربة الرخوة.
ويقال: إن المفضل بن محمد خرج مع إبراهيم بن عبد الله [1] بن حسن بن حسن، فظفر به المنصور وعفا عنه، وألزمه المهدىّ.
وللمهدىّ عمل الأشعار المختارة المسماة المفضّليات [2]، وهى مائة وثمانية وعشرون قصيدة، وقد تزيد وتنقص، وتتقدم القصائد وتتأخر بحسب الرواية عنه، والصحيحة التى رواها عنه ابن الأعرابى، وأول النسخة لتأبط شرا:
يا عيد مالك من شوق وإيراق
[3]
وللمفضّل من الكتب التى صنفها: كتاب القصائد المختارة التى ذكرتها.
كتاب الأمثال. كتاب العروض. كتاب معانى الشعر.
وروى سليمان بن على الهاشمىّ جمع بالبصرة بين المفضل وبين الأصمعىّ، فأنشد المفضل قول أوس بن حجر [4]:
أيتها النفس أجملى جزعا
…
إن الّذى تحذرين قد وقعا [5]
وذات هدم عار نواشرها
…
تصمت بالماء تولبا جذعا [6]
[1] أحد الأشراف الشجعان، خرج على المنصور بالبصرة بعد مقتل أخيه محمد، وانضم إليه خلائق من العلماء والفقهاء وأعيان بنى الحسن، ووقعت بينه وبين المنصور حروب انتهت بالقبض عليه ثم قتله سنة 145. وأخباره فى مقاتل الطالبيين (300 - 386)، وانظر النجوم الزاهرة (2: 3).
[2]
شرح هذه المفضليات جماعة؛ منهم أبو جعفر النحاس، وأبو علىّ المرزوقى، ويحيى بن على التبريزى؛ والميدانى صاحب مجمع الأمثال، والقاسم بن محمد بن بشار الأنبارى (وطبع هذا الشرح فى مطبعة الآباء اليسوعيين ببيروت سنة 914 م) وطبعت المفضليات أيضا فى مطبعة المعارف بمصر سنة 1371؛ بتحقيق الأستاذين أحمد شاكر وعبد السلام هارون.
[3]
بقيته: ومرّ طيف على الأهوال طراق
[4]
هو أوس بن حجر بن عتاب؛ أشعر شعراء مضر فى الجاهلية؛ وترجمته فى الشعر والشعراء (154 - 161، والخزانة 2: 235).
[5]
ديوانه 13، والخبر مع البيت الثانى فى الفاضل والمفضول 82، وتصحيف العسكرى الورقة 63 - 64، ومعانى الشعر الكبير 412، 1248
[6]
الهدم: الخلق، والنواشر: عصب الذراع. وتصمت: تسكت. والتولب: الطفل، والجذع: السيىء الغذاء.
ففطن الأصمعى لخطئه- وكان أحدث سنّا منه- فقال له: إنما هو «تولبا جذعا» فأراد تقريره على الخطأ، فلم يفطن المفضّل لمراده، وقال: كذلك أنشدته، فقال الأصمعىّ: حينئذ أخطأت، إنما هو «تولبا جدعا» فقال المفضّل:«جذعا جذعا» ، ورفع صوته، فقال له الأصمعىّ: لو نفخت فى الشّبّور ما نفعك، تكلّم كلام النمل وأصب، إنما هو «جدعا» فقال له المفضّل: ما الجدع؟ فقال سليمان الهاشمى:
اختارا من نجعله بينكما، فاتقفا على غلام من بنى أسد حافظ للشعر، فبعث سليمان إليه من أحضره، فعرضا عليه ما اختلفا فيه، فصدّق الأصمعىّ، وصوّب قوله. فقال له المفضل: وما الجدع؟ قال: السّيّىء الغذاء، يقال أجدعته أمه.
إذا أساءت غذاءه.
وذكره أبو عبيد الله المرزبانىّ فى كتابه فقال «المفضّل بن محمد الضبّى أبو العباس وقيل أبو عبد الرحمن، هو المفضّل بن محمد بن يعلى بن عامر بن سالم بن أبى الريان من بنى ثعلب بن السيد بن ضبّة. قال المفضّل الضّبىّ: رأى جدّى يعلى بن عامر فى المنام كأن على بابه حبشيّة عوراء يلوح عليها سواد، فأصبح فزعا، قال: فما أمسيت حتى بعث الحجاج إلىّ فولانى الرّىّ» .
قال أبو الجواب الأعرابىّ: كنّا على باب الهادى وقد مات فلم يبق ببابه أحد، فإذا شيخ طويل جميل الوجه ينشد:
خلت إلا من الذئب البلاد
…
تحمّل أهلها عنها فبادوا
فكانت أمّة بلغت مداها
…
لكلّ زروع مزرعة حصاد
فقلت: من هذا؟ فقيل: المفضّل الضّبى.
قال محمد بن سلّام: «أعلم من ورد علينا من أهل البصرة المفضّل بن محمد الضبّىّ الكوفىّ [1]» .
[1] طبقات الشعراء ص 16.
وقال جهم بن خلف: قدم المفضّل الضبىّ البصرة، وكان عالما بالنحو والشعر والغريب وأيام الناس.
وقال عمر الجرجانىّ عن المفضل الضّبىّ: إنه كان يكتب المصاحف ويقفها فى المساجد، فقلت له: ما هذا؟ فقال: أكفّر ما كتبته بيدى من هجائى الناس.
وقال العباس بن بكّار الضبّىّ: قلت للمفضل الضبىّ: ما أحسن اختيارك للأشعار! فلو زدتنا من اختيارك؟ فقال: والله ما هذا الاختيار لى، ولكن إبراهيم ابن عبد الله بن حسن، استتر عندى، فكنت أطوف وأعود إليه بالأخبار، فيأمرنى ويحدثنى، ثم حدث لى خروج إلى ضيعتى أياما، فقال لى: اجعل كتبك عندى لأستريح إلى النظر فيها، فجعلت عنده قمطرين فيهما أشعار وأخبار، فلما عدت وجدته قد علّم على هذه الأشعار، وكان أحفظ الناس للشعر، وأعلمهم به فجمعته وأخرجته، فقال الناس: اختيار المفضل [1].
وأخبر أبو زيد عن المفضل قال: كنت مع إبراهيم بن عبد الله بن حسن بباخمرى [2]، فلما رأى شدة الحرب التفت إلىّ فقال لى: يا مفضّل أنشدنى شيئا تصيب به ما فى نفسى، فأنشدته [3]:
[1] الخبر ذكر مفصلا فى الأغانى 17: 109، ومقاتل الطالبيين 272: وابن أبى الحديد 1: 324.
[2]
باخمرى: موضع بين الكوفة وواسط؛ وهو إلى الكوفة أقرب. قال ياقوت: «وبها كانت الوقعة بين أصحاب أبى جعفر المنصور وإبراهيم بن عبد الله بن الحسن؛ فقتل إبراهيم هناك، فقبره بها إلى الآن يزار؛ وإياها عنى دعبل بن علىّ بقوله:
وقبر بأرض الجوزجان محله
…
وقبر بباخمرى لدى الغربات
[3]
الأبيات فى الأمالى 1: 258، وحماسة بن الشجرى 48، وانظر اللآلئ 575.