الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأنشد العقيلىّ أبو سعيد لنفسه فى الصولىّ:
إنما الصّولىّ شيخ
…
أعلم النّاس خزانه
إن تسل عن مشكلات [1]
…
طالبا منه إبانه
قال يا غلمان هاتوا
…
رزمة العلم فلانه
مات الصّولىّ بالبصرة فى سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة. وكان خرج عن بغداذ لإضاقة لحقته؛ وقيل مات فى سنة ست وثلاثين وثلاثمائة. ذكر ذلك المرزبانىّ.
733 - محمد بن يحيى بن المبارك بن المغيرة العدوىّ اليزيدىّ أبو عبد الله بن أبى محمد
«1»
اللغوىّ الأديب الشاعر. مدح الرشيد والمأمون والفضل بن سهل وغيرهم.
قال محمد بن يزداد [2]: كنت بباب المأمون، فجاء محمد بن يحيى اليزيدىّ فاستأذن، فقال له الحاجب: إن أمير المؤمنين قد أخذ دواء، وأمرنى أن أحجب الناس عنه،
[1] فى الأصلين: «فإذا تسأله عن مشكل» ، وهو غير مستقيم الوزن، وفى معجم الأدباء:
إن سألناه بعلم
…
نبتغى عنه الإبانه
[2]
هو أبو عبد الله محمد بن يزداد، وزير المأمون. كان بليغا مترسلا شاعرا. وله من الكتب كتاب رسائل، وديوان شعر. الفهرست 124.
قال: وأمرك ألّا تدخل إليه رقعة؟ قال: لا، فدعا بدواة كانت مع غلامه وقرطاس، وكتب إليه:
هديّتى التحيّة للإمام
…
إمام العدل والملك الهمام
لأنّى لو بذلت له حياتى
…
وما أحوى لقلّا للإمام
أراك من الدواء الله نفعا
…
وعافية تكون إلى تمام
وأعقبك السلامة منه ربّ
…
يريك سلامة فى كلّ عام
أتأذن فى الدخول بلا كلام
…
سوى تقبيل كفّك والسّلام
فأدخل الرّقعة وخرج مسرعا. فأذن له ودخل مسرعا، فسلّم وخرج وأتبعه بألف دينار.
ومن شعر محمد بن أبى محمد اليزيدىّ قوله:
الهوى أمر عجيب شأنه
…
تارة يأس وأحيانا رجا
ليس فيمن مات منه عجب
…
إنما يعجب ممّن قد نجا
وقاله أيضا:
كيف يطيق النّاس وصف الهوى
…
وهو جليل ما له قدر
بل كيف يصفو لحليف الهوى
…
عيش وفيه البين والهجر
خرج محمد بن أبى محمد اليزيدىّ فى صحبة المعتصم [1] إلى مصر؛ فمات بها- رحمه الله.
وكان لأبى محمد اليزيدىّ والده خمسة [2] أولاد، كلهم عالم شاعر كثير الرواية متسع
[1] هو أبو إسحاق محمد بن هارون الرشيد، المعروف بالمعتصم، ثامن الخلفاء العباسيين. بويع بالخلافة بعد وفاة أخيه المأمون سنة 210، وتوفى سنة 227. الفخرى ص 203.
[2]
الذى ذكره ابن النديم أنهم ستة، هم: محمد وإبراهيم وإسماعيل وعبد الله ويعقوب وإسحاق.
وانظر الفهرست والأنساب.
فى العلم؛ منهم أبو عبد الله محمد بن أبى محمد هذا، وإبراهيم [1]، وإسماعيل أبو القاسم [2]، وأبو عبد الرحمن عبيد لله [3]، وأبو يعقوب إسحاق [4]. وكلهم قد روى وألف فى اللغة والعربية؛ وكان محمد هذا أسنّهم. وأدّب المأمون مع أبيه، وثقل سمعه فى آخر عمره. وأنشد له دعبل [5] من أبيات:
أتظعن والّذى تهوى مقيم
…
لعمرك إنّ ذا خطر عظيم
إذا ما كنت للحدثان عونا
…
عليك وللهموم فمن تلوم
شقيت به فما أنا عنه سال
…
ولا هو إن شقيت به رحيم
ووجد فى كتاب حمّاد [6] بن إسحاق بن إبراهيم الموصلىّ عن أبيه عن أيوب بن أبى شمير قال: حرجت أنا ومحمد بن أبى محمد اليزيدىّ إلى متنزّه لنا بمرو، فبينا نحن نشرب إذ أقبل قنفذ يدبّ فيتقمّم [7] فظنّناه جائعا، فقلت: لقد أكل، فلو سقيناه! فوضعنا بين يديه نبيذا، فشرب منه. فقال محمد: هل لك أن أقول شعرا ونغالط به سعيد بن سلم الباهلىّ غدا إذا أنشدناه؟ فقلت: شأنك؛ فأنشأ يقول:
[1] تقدمت ترجمته للمؤلف فى الجزء الأول ص 224.
[2]
تقدمت ترجمته للمؤلف فى الجزء الأول ص 248.
[3]
كذا ذكره المؤلف هنا؛ وقد ترجم له فى الجزء الثانى ص 153، وذكر هناك أن كنيته «أبو القاسم» وهو يوافق ما ذكره الخطيب وابن قاضى شهبة وابن الجزرى. والذى فى طبقات الزبيدىّ:
[4]
ذكره ابن النديم مع أخيه يعقوب وقال: «فيعقوب وإسحاق زهدا، وكانا عالمين بالحديث» .
[5]
هو دعبل بن على بن رزين بن سليمان الخزاعىّ. شاعر كوفى مبرز من شعراء الدولة الهاشمية.
وله كتاب فى طبقات الشعراء. توفى سنة 246. اللآلى ص 333، ومعجم الأدباء (11: 99).
[6]
ذكره الخطيب فى تاريخه (8: 159) وقال: «روى عن أبيه كتاب الأغانى» .
[7]
بتقمم: بتتبع الكناسات.
وطارق ليل جاءنا بعد هجعة
…
من الليل إلا ما تحدّث سامر [1]
قريناه صفو الزاد حين رأيته [2]
…
وقد جاء خفّاق الحشا وهو سادر
جميل المحيّا فى الرّضا فإذا أبى
…
حمته من الضّيم الرماح الشّواجر
ولست تراه واضعا لسلاحه
…
يد الدهر موتورا ولا هو واتر
قال: وغدونا على سعيد، فأنشدناه القصيدة، فاستحسنها، فقال: هكذا والله أشتهى أن يكون الفتى متيقّظا؛ فضحكنا فقال: لكما والله قصّة، ولا تفارقانى حتى تخبرانى بها، فأخبرناه.
وله فى الشيب:
إن شيبا صلاحه بالخضاب
…
لعذاب موكّل بعذاب
ولعمر الإله لولا هوى ال
…
بيض وأن تشمئزّ نفس الكعاب [3]
لأرحت الخدّين من وضر الخط
…
ر وسلّمت لانقضاء الشباب [4]
ولد لمحمد بن أبى محمّد اليزيدىّ من الذّكور اثنا عشر ولدا، وهم: أحمد، والعباس وعبد الله، (والغالب عليه عبدوس)؛ لقب لقّب به، وهؤلاء الثلاثة أوصياء أبيهم، وجعفر، وعلى، والحسن، والفضل، والحسين (وهما توءمان)، وعيسى، وسليمان، وعبيد الله [5]، ويوسف. فبرع أحمد، والعباس، وجعفر، والحسن، والفضل، وسليمان، وعبيد الله [5].
[1] فى الأغانى بعد هذا البيت:
فقلت لعبد الله ما طارق أتى
…
فقال امرؤ سيقت إليه المقادر
[2]
فى طبقات الزبيدىّ:
[3]
الكعاب: الجارية الناهدة الثديين.
[4]
الوضر: اللطخ من الزعفران وغيره. والخطر: نبات يختضب به. وفى طبقات الزبيدىّ:
[5]
فى الأصلين: «عبد الله» ، وصوابه من الفهرست والطبقات.