الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
768 - مكىّ بن ريان بن شبة الماكسينىّ أبو الحرم النحوىّ الضرير
«1»
نزيل الموصل، ولد بماكسين، وكان أبوه ريّان يعانى عمل الأديم الذى تصنع منه الأنطاع الماكسينية، وكان فى أكثر أوقاته يكون أجيرا لرجل من ماكسين، يعرف بأبى طاهر النّطاع، له يعمل، ومات وعنده عدّة صنّاع، هو أحدهم- اعنى ريّان.
ولما قدم أبو الحرم إلى حلب، قاصدا زيارة البيت المقدّس، نزل عند يوسف بن رافع بن تميم [1] فى مدرسته، واجتمعت به، وكان ولد أبى طاهر النطاع هذا، المقدّم ذكره فى حلب فى خدمة بعض أمرائها؛ ممّن لى به اتصال، فتعرّف إليه، وسأله سؤالى مراعاته، فسألنى ذلك وقال: هو ولد لرجل كان له علينا فضل، وسألت ولد أبى طاهر هذا، وكان اسمه أبا القاسم- عن مكىّ بن ريان هذا- فقال لى: «كان أبوه يكون عند أبى أجيرا فى عمل الأنطاع ومعاناة الجلود ودبغها وصبغها، وكان فقيرا ذا عيال، ولما مات لم يخلّف شيئا، وخلّف ولده هذا، وأختين له وأما،
[1] هو أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم، المعروف بابن شدّاد، ولد بالموصل سنة 539، ونشأ بها، ثم ولى القضاء بالبصرة، ثم نزل بغداد، ودرس بالمدرسة النظامية، ثم عاد إلى الموصل، ودرس بها، ثم حج سنة 583، وزار بيت المقدس والخليل، ثم دخل دمشق، واتصل بخدمة السلطان صلاح الدين الأيوبى سنة 584، ثم ولى قضاء العسكر والحكم بالقدس، ثم ولى قضاء حلب بعد وفاة صلاح الدين، وتوفى سنة 627. (ابن خلكان 2: 354 - 330).
فتضجرت به أمّه، وأسمعته كلاما أحوجه إلى الخروج عن ماكسين، وقصد الموصل، وقرأ بها وطلب»؛ انقضى كلامه.
وكان أبو الحرم قد طلب بنفسه فى الموصل؛ حتى شدا أشياء من القراءات والأدب، ثم رحل إلى بغداذ، فلقى بها أبا محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد بن الخشاب النحوىّ.
وقال بعض متأخرى المؤرّخين من أهل الموصل: إنه سمع من تلاميذ مكىّ ومن أخ له [أنه] ما دخل إلى بغداذ إلا بعد موت ابن الخشاب بخمسة أعوام.
[ولقى بها] أبا الحسن على بن عبد الرحيم السّلمىّ المعروف بابن العصّار، وأبا البركات عبد الرحمن بن محمد الأنبارىّ وغيرهم، فأخذ عنهم، وعاد إلى الموصل، وتصدّر للإفادة بها، فأخذ الناس عنه وانتفعوا به، ثم خرج إلى الشام فى آخر عمره بنيّة زيارة بيت المقدس، واجتاز بحلب وأنا بها، واجتمعنا فرأيت كلامه لم يكن فى غاية الجودة والتحقيق، وكان إذا حوقق فى أمر ممّا يجرى من أنواع الأدب نزق وأظهر الغضب فرارا من العىّ عن الجواب، ورأيته يعيب على صاحب الصّحاح أشياء يعفى عن مثلها، ويهمل من معايبه ما هو أشدّ من ذلك مما واخذه به العلماء.
ولما وصل إلى دمشق، ونقل ما يقول من الكلام فى العربية إلى تاج الدين الكندىّ زيد بن الحسن، تعجّب من بعض كلامه، وعرف من نقل إليه عنه الغلط فيما نقله، وقال: ما هو أبو الحرم وإنما هو أبو الخرم- وكان زيد صاحب نادرة- ولما خرج أبو الحرم إلى الشام كره ذلك بنو أتابك زنكى، المستولون على الموصل لكراهتهم فى بيت آل أيوب المستولين على مصر والشام، وخشوا منه أن يستخفّ فينطق بشىء من أمورهم التى يسمعها عنهم عند إقامته عندهم؛