الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(حرف القاف فى آباء المحمّدين)
705 - محمد بن القاسم بن محمد بن بشار أبو بكر الأنبارى
«1»
محمد بن القاسم بن محمد [1] بن بشّار بن الحسن بن بيان بن سماعة بن فروة بن قطن ابن دعامة، أبو بكر بن الأنبارىّ النحوىّ. كان من أعلم الناس بالنحو والأدب وأكثرهم حفظا له. ولد فى يوم الأحد لإحدى عشرة ليلة خلت من رجب سنة إحدى وسبعين ومائتين.
سمع عالما من الأئمّة فى زمانه، وروى عنه مثل ذلك. وكان صدوقا فاضلا ديّنا خيّرا من أهل السّنّة، وصنّف كتبا كثيرة فى علوم القرآن وغريب الحديث والمشكل والوقف والابتداء.
[1] كذا فى ب، وفى الأصل:«محمد بن القاسم بن بشار» ، وفى حاشيته:«فى نسخة كمال الدين العطار محمد بن القاسم بن محمد بن بشار» . وبخط آخر: «صوابه ما فى الحاشية» .
روى عنه أبو عمر بن حيويه وأبو الحسين بن البوّاب وأبو الحسن الدار قطنى وأبو الفضل بن المأمون وأحمد بن محمد بن الجراح ومحمد بن عبد الله، ابن أخى ميمى [1]، وغيرهم.
وبلغنى أنه كتب عنه وأبوه حىّ، وكان يملى فى ناحية من المسجد وأبوه فى ناحية أخرى، وكان [يحفظ][2]- فيما ذكر- ثلاثمائة ألف بيت من الشعر شاهدة فى القرآن، وكان يملى من حفظه لا من كتاب، وكانت عادته فى كل ما يكتب عنه من العلم هكذا، فى كتبه المصنّفة وأماليه المشتملة على الفوائد اللّغوية والنحوية والأخبار والتفاسير والأشعار.
ومرض دفعة فانزعج عليه أبوه انزعاجا شديدا، وقيل له فى ذلك فقال: كيف لا أجزع لعلّة من يحفظ جميع ما ترون- وأشار لهم إلى حيرى [3] مملوء كتبا.
وكان رحمه الله مع حفظه زاهدا متواضعا. وحكى أبو الحسن الدار قطنىّ أنّه حضره فى مجلس أملاه يوم جمعة، فصحّف اسما أورده فى إسناد حديث- إمّا كان «حيان» فقال «حبان» ، أو «حبان» فقال «حيان» - قال الحسن:
فأعظمت أن يحمل عن مثله فى فضله وجلالته وهم، وهبته أن أوقفه على ذلك.
فلما انقضى الإملاء تقدّمت إلى المستملى، وذكرت له وهمه، وعرّفته صواب القول فيه وانصرفت. ثم حضرت الجمعة الثانية مجلسه فقال أبو بكر للمستملى: عرّف جماعة الحاضرين أنا صحّفنا الاسم الفلانى لمّا أملينا حديث كذا فى الجمعة الماضية، ونبّهنا ذلك الشابّ على الصواب وهو كذا، وعرّف ذلك الشابّ أنا رجعنا إلى الأصل فوجدناه كما قال [4].
[1] ذكره الخطيب فى تاريخه وقال: «توفى ابن أخى ميمى فى ليلة الجمعة الثامن والعشرين من شعبان سنة تسعين وثلاثمائة. وكان ثقة مأمونا دينا فاضلا» . تاريخ بغداد (5: 469).
[2]
من تاريخ بغداد.
[3]
كذا فى الأصلين وتاريخ بغداد، وفى القاموس: الحير: شبه الحظيرة.
[4]
الخبر فى تاريخ بغداد (3: 182).
وحكى أبو الحسن العروضىّ قال: اجتمعت أنا وأبو بكر بن الأنبارىّ عند الراضى [1] بالله على الطعام- وقد كان الطباخ عرف ما يأكل أبو بكر، وكان يشوى له قلّية [2] يابسة- قال: فأكلنا نحن من أنواع الطعام وأطايبه، وهو يعالج تلك الفليّة.
ثم فرغنا فأتيناه بحلواء فلم يأكل منها، وقام وقمنا إلى الخيش فنام بين يدى الخيش ونمنا نحن فى خيش ينافس فيه، ولم يشرب ماء إلى العصر. فلمّا كان العصر قال لغلام: الوظيفة، فجاءه بماء من الحب [3]، وترك الماء المزمّل بالثلج، فغاظنى امره، فصحت صيحة، فأمر أمير المؤمنين بإحضارى وقال: ما قصتك؟ فاخبرته وقلت: هذا يا أمير المؤمنين يحتاج أن يحال بينه وبين تدبير نفسه؛ لأنه يقتلها ولا يحسن عشرتها. قال: فضحك وقال: له فى هذا لذّة، وقد جرت به العادة، وصار إلفا فليس يضرّه. ثم قلت: يا أبا بكر، لم تفعل هذا بنفسك؟ قال: أبقى على حفظى. قلت له: قد أكثر الناس فى حفظك فكم تحفظ؟ قال: احفظ ثلاثة عشر صندوقا. قال محمد بن جعفر: وهذا ما لا يحقه لأحد من قبله ولا من بعده.
وكان أحفظ الناس للغة والنحو والشعر وتفسير القرآن. وحدّث أنه كان يحفظ عشرين ومائة تفسير من تفاسير القرآن بأسانيدها.
وقال أبو الحسن العروضى: كان يتردّد ابن الأنبارى إلى أولاد الراضى بالله، وكان يوما من الأيام قد سألته جارية عن شىء من تفسير الرؤيا، فقال: أنا حافن،
[1] هو أبو العباس أحمد بن المقتدر بن المعتضد، المعروف بالراضى، الخليفة العباسى بويع سنة 322، وتوفى سنة 329. الفخرى ص 246.
[2]
القلية، كغنية: مرقة تتخذ من لحوم الجزور وأكبادها.
[3]
الحب، بضم الحاء: إناء معروف للماء (عن الخفاجى).
ثم مضى، فلما كان من الغد عاد وقد صار معبّرا للرؤيا، وذلك أنه مضى من يومه فدرس كتاب الكرمانىّ [1] وجاء.
وكان يأخذ الرطب يشمّه ويقول: أما إنك لطيّب؛ ولكن أطيب منك حفظ ما وهب الله لى من العلم.
قال محمد بن جعفر: ومات ابن الأنبارى فلم نجد من تصنيفه إلا شيئا يسيرا؛ وذلك أنه إنما كان يملى من حفظه. وقد أملى كتاب غريب الحديث، قيل إنه خمس وأربعون ألف ورقة. وكتاب شرح الكافى، وهو نحو ألف ورقة.
وكتاب الهاءات وهو نحو ألف ورقة. وكتاب الأضداد، وما رأيت أكبر منه. وكتاب المشكل، أملاه وبلغ إلى «طه» وما أتمّه، وقد أملاه سنين كثيرة. والجاهليات سبعمائة ورقة. والمذكّر والمؤنث، ما عمل أحد أتمّ منه. وعمل رسالة المشكل؛ ردّا على ابن قتيبة وأبى حاتم ونقضا لقولهما.
ومضى يوما فى النخّاسين ورأى جارية تعرض حسنة كاملة الوصف. قال:
فوقعت فى قلبى ومضيت إلى دار أمير المؤمنين الراضى بالله، فقال لى: أين كنت إلى الساعة؟ فعرّفته، فأمر بعض أسبابه فمضى فاشتراها وحملها إلى منزلى؛ فجئت فوجدتها فعلمت الأمر كيف جرى. فقلت لها: كونى فوق إلى أن أشتريك [2].
[1] هو إبراهيم بن عبد الله الكرمانى، كان معاصرا للخليفة المهدى العباسى وفسر له بعض الرؤى.
وذكره ابن النديم فى الفهرست ص 316. وفى كشف الظنون ص 755 ورد اسم كتابه «الدستور فى التعبير لإبراهيم الكرمانى المتوفى سنة
…
» ولم يذكر تاريخ وفاته. وفى كتاب القادرى فى التغيير (نسخة التيمورية رقم 43 غيبيات) لأبى سعيد نصر بن يعقوب الدينورى- الذى ألف للقادر بالله العباسى سنة 377 - جاء ذكره فى الطبقة السادسة من المعبرين أصحاب التأليفات. ويوجد فى المكتبة الأهلية بباريس مختصر لهذا الكتاب برقم 2758 لمحمد بن على الصقلى الملقب بالحاج الشاطبى.
[2]
فى تاريخ بغداد: «أستبرئك» .
وكنت أطلب مسألة قد اختلّت علىّ، فاشتغل قلبى فقلت للخادم: خذها وامض بها إلى النخّاس فليس قدرها أن تشغل قلبى عن علمى، فأخذها الغلام. فقالت:
دعنى أكلّمه بحرفين، فقالت: أنت رجل لك عقل، وإذا أخرجتنى ولم تبيّن [1] لى ذنبى لم آمن أن يظن الناس بى ظنا قبيحا. فعرّفنيه قبل أن تخرجنى، فقلت لها: ما لك عندى عيب غير أنك شغلتنى عن علمى، فقالت: هذا أسهل عندى.
قال: فبلغ الراضى بالله أمره فقال: لا ينبغى أن يكون العلم فى قلب أحد أحلى منه فى صدر هذا الرجل.
ولما وقع فى علّة الموت أكل [كلّ][2] شىء يشتهى وقال: هى علّة الموت.
قال أبو بكر بن محمد بن أحمد بن عبد الله النحوىّ المؤدّب: حدّثنى أبى قال:
سمعت أبا بكر بن الأنبارىّ يقول: دخلت المارستان بباب المحوّل، فسمعت صوت رجل فى بعض البيوت يقرأ: أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ
[3]
فقال: أنا لا أقف إلا على قوله: كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ
، فأقف على ما عرفه القوم وأقرّوا به؛ لأنهم لم يكونوا يقرّون بإعادة الخلق، وأبتدئ بقوله:
ثُمَّ يُعِيدُهُ
فيكون خبرا. وأما ما قرأه على بن أبى طالب: واذكر بعد أمة [4] فهو وجه حسن؛ لأن الأمّة النسيان. وأما أبو بكر بن مجاهد فهو إمام فى القراءة، وأما ما قرأه الأحمق- يعنى ابن شنبوذ [5]: إن تعذّبهم فإنّهم عبادك، وإن تغفر لهم فإنّك أنت الغفور الرّحيم [6]
[1] فى تاريخ بغداد «تعين» .
[2]
تكملة من ب.
[3]
سورة العنكبوت آية 19.
[4]
سورة يوسف آية 45.
[5]
هو أبو الحسن محمد بن أحمد بن أيوب بن الصلت بن شنبوذ، شيخ الإقراء بالعراق توفى سنة 328. طبقات القراء (2: 54).
[6]
سورة المائدة آية 118. والقراءة الصحيحة: وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
، وانظر توجيه هذه القراءة فى تفسير القرطبى (6: 377).
فخطأ؛ لأن الله تعالى قد قطع لهم العذاب فى قوله:
إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ*
[1]
قال: فقلت لصاحب المارستان: من هذا الرجل؟
فقال: هذا إبراهيم الموسوس محبوس. فقلت: ويحك! هذا أبىّ بن كعب [2]، افتح الباب عنه، ففتح الباب فإذا أنا برجل منغمس فى النجاسة، والأدهم فى قدميه، فقلت: السلام عليكم، فقال: كلمة مقولة، فقلت: ما منعك من ردّ السلام علىّ؟
فقال: السلام أمان، وإنى أريد أن أمتحنك، ألست تذكر اجتماعنا عند أبى العباس- يعنى ثعلبا- فى يوم كذا وفى يوم كذا؟ وعرّفنى ما ذكرته وعرفته، وإذا به رجل من أفاضل أهل العلم، فقال لى: هذا الذى ترانى منغمسا فيه ما هو؟
فقلت: الخرء يا هذا، فقال: وما جمعه؟ فقلت: خروء، فقال لى: صدقت! وأنشد:
كأن خروء الطير فوق رءوسهم
[3]
ثم قال: والله لو لم تجبنى بالصواب لأطعمتك منه، فقلت: الحمد لله الذى أنجانى منك. وتركته وانصرفت.
ولد أبو بكر بن الأنبارىّ سنة إحدى وسبعين ومائتين، وتوفى ليلة النحر من ذى الحجة من سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة.
[1] سورة النساء آية 48.
[2]
أبى بن كعب، أبو المنذر الأنصارى المدنىّ، سيد القرّاء، قرأ على النبىّ صلى الله عليه وسلم، وقرأ عليه للإرشاد والتعليم. توفى سنة 19 على المشهور. طبقات القرّاء (1: 31).
[3]
بقيته:
إذا اجتمعت قيس معا وتميم
وبعده:
متى تسأل الضبىّ عن شرقومه
…
يقل لك إن العائذىّ لئيم
وانظر اللسان (خرأ).
قال أبو علىّ القالىّ: كان أبو بكر بن الأنبارىّ يحفظ فيما ذكر ثلاثمائة ألف بيت شاهدة فى القرآن. وله أوضاع شتى كثيرة. وكان ثقة ديّنا صدوقا. وكان ممن تقدّم من الكوفيين. وقال غيره: كان ابن الأنبارىّ شحيحا، وكذلك أبو عبد الله نفطويه؛ إلا أن نفطويه كان يعاشر الناس ويحضر مجالسهم. وكان ابن الأنبارىّ لا يفعل ذلك. وكان يأكل كلّ جمعة طباهجة [1] تصلح له بلحم أحمر ومرّىّ [2]، وما أكل له أحد قطّ شيئا، وكان ذا يسار وحال واسعة، ولم يكن له عيال. وكان لنفطويه جوار إحداهن قارئة بالألحان، وكانت له بنت.
ووقف أبو يوسف المعروف بالأقسامى على أبى بكر بن الأنبارىّ يوما فى جامع المنصور ببغداذ، فقال له: يا أبا بكر، قد أجمع سبع فراسخ ناسا على شىء- يعنى أهل بغداذ- فأعطنى درهما حتى أفرّق الإجماع، فقال: وما هذا الإجماع يا أبا يوسف؟ قال: أجمع أهل البلد عن آخرهم على أنك بخيل. فضحك ولم يعطه شيئا.
قال الزّبيدىّ: «توفى أبو بكر بن الأنبارىّ سنة سبع وعشرين وثلاثمائة يوم الأضحى» وكأنّ الأوّل أثبت، والله أعلم.
قال محمد بن إسحاق النديم فى كتابه: «أخذ محمد بن بشار عن أبيه وعن أبى جعفر أحمد بن عبيد، وأخذ النحو عن ثعلب. وكان أفضل من أبيه وأعلم، فى نهاية الذكاء والفطنة وجودة القريحة وسرعة الحفظ، وكان مع ذلك ورعا من الصالحين، لا تعرف له زلّة. وكان يضرب به المثل فى حضور البديهة وسرعة الجواب. وكان أكثر ما يملّه عن غير دفتر ولا كتاب، ولم يمت عن سنّ عالية.
مات عن دون الخمسين كثيرا. توفى سنة ثمان وعشرين من ذى القعدة ودفن فى داره».
[1] الطباهجة: اللحم المشرح، معرب «تباهة» . القاموس.
[2]
المرىّ كدرىّ: إدام كالكامخ يؤتدم به. وهو يستعمل لتشهى الطعام (شرح القاموس).
«وله من الكتب: كتاب المشكل فى معانى القرآن، لم يتمّه. كتاب الأضداد [1] فى النّحو. كتاب الزاهر [2]. كتاب الكافى فى النحو. كتاب أدب الكاتب، لم يتمّه. كتاب المقصور والممدود. كتاب المذكر والمؤنث كتاب الموضح فى النحو. كتاب نقض مسائل ابن شنبوذ. كتاب غريب الحديث لم يتمّه. كتاب الهجاء. كتاب اللامات. كتاب الوقف والابتداء [3].
كتاب الهاءات فى كتاب الله عز وجل [4]. كتاب السبع الطوال [5]، صغير. كتاب المجالس. كتاب شرح المفضّليات [6]. وعمل عدّة أشعار ودواوين [7] من أشعار العرب [8]».
[1] طبع فى ليدن سنة 1881 م، بتحقيق الأستاذ هو تسما، وطبع بالمطبعة الحسينية بمصر سنة 1907 م.
[2]
كتاب الزاهر فى معانى الكلمات التى يستعملها الناس فى صلاتهم ودعائهم وتسبيحهم وعبادة ربهم، منه نسخة خطية بمكتبة كوبريلى بالأستانة، وعنها أخذت نسخة مصوّرة فى دار الكتب المصرية برقم 588 لغة.
واختصره أبو القاسم الزجاجى وسماه بهذا الاسم، ومنه أيضا نسخة خطية بدار الكتب المصرية برقم 557 لغة.
[3]
منه نسخة خطية فى المتحف البريطانى ونسخة فى كوبريلى. وانظر دائرة المعارف الإسلامية (الأنبارى).
[4]
منه نسخة فى باريس، وانظر دائرة المعارف الإسلامية.
[5]
فى دار الكتب المصرية نسخة مختصرة منه برقم 153 ش، ونشر شرح معلقة زهير له بمجلة الشرقيات. وانظر معجم المطبوعات ص 41.
[6]
طبع فى مطبعة الآباء اليسوعيين ببيروت سنة 1920 م.
[7]
وذكر الداودى فى طبقات المفسرين أنه شرح شعر الأعشى والنابغة وزهير؛ وصنع ديوانا من شعر الراعى.
[8]
فى هامش الأصل (2: 152)، وهامش ب (2: 69) ما يأتى: «وحكى أن أبا بكر بن الأنبارى حضر مع جماعة من العدول ليشهدوا على إقرار رجل، فقال أحدهم: ألا أشهد عليك؟ فقال: نعم، فشهدت الجماعة عليه، وامتنع ابن الأنبارىّ وقال: إن الرجل منع أن يشهد عليه بقوله: «نعم» ، لأن تقدير جوابه:«لا أشهد علىّ» ؛ لأن حكم «نعم» يرفع الاستفهام. ولهذا قال ابن عباس فى قوله تعالى:
أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى
فلو أنهم قالوا نعم لكان التقدير: نعم لست ربنا، وهو كفر، وإنما دل على إيمانهم قولهم:«بلى» ؛ لأن معناها يدل على رفع النفى؛ وكأنهم قالوا: «أنت ربنا، لأن «أنت» بمنزلة الناء فى لست». وورد فى هامش ب (2: 70)«المؤدب رحمه الله يقول: سمعت أبا العباس محمد ابن الحسن بن يعقوب الأنبارىّ يقول: حضرت مجلس أبى بكر محمد بن القاسم بن بشار الأنبارىّ النحوىّ رحمه الله، وسئل عن قوله عليه السلام «خلق الله آدم على صورته» فقال: ذكر أصحاب الروايات أن الله عز وجل لما لعن إبليس غير خلقته عن خلقة الملائكة إلى خلقة الشياطين، وأن آدم لما فطره جل ذكره على أحسن تقويم، فأسكنه جنته، وخلق منه زوجته، وأكرمه بجواره فعصاه بمشيئته النافدة، وأخرجه منها ثم تاب عليه بفضله لم يغير صورته عن الفطرة الأولى؛ كما غير خلقة إبليس؛ لكن أمره عليها. فمعنى قوله صلى الله عليه وسلم:«خلق الله آدم على صورته» ، أى قطعه، ومثله فى الدنيا على الصورة الأولى التى خلقه عليها حين كان فى الجنة لم يغير منها شيئا».