الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كان تأويلها- وقد يكذب الحا
…
لم- فتكا وشرب صفو المدام
فى ندامى كأنهم أوبة الأح
…
باب من حسن منطق وندام
فاقترحنا، ونحن أنضاء سكر
…
من لقلب متيّم مستهام
ذاك حتى إذا بدا وضح الصب
…
ح، ومال الصباح بالإظلام
جاد لى أحمد فدت نفسه نف
…
سى بما شئت من صنوف الحرام
ولقد كان- بعد بطح ونطح
…
واغتلام- ما تشتهى من غلام
قال أبو مالك الكندىّ: مات هشام النحوىّ سنة تسع ومائتين.
813 - الهيثم بن عدىّ الطائىّ الراوية الأخبارى
«1»
نقل من كلام العرب وعلومها وأشعارها ولغاتها الكثير. وأبوه أبو عبد الرحمن عدىّ، صحيح النسب فى طيّئ، من ثعل، وكان نازلا بواسط، من خير الناس.
وولده الهيثم تعرّض لمعرفة أصول الناس، ونقل أخبارهم، فوردت معايب القوم مستورة، فكره لذلك.
ونقل عنه أنه ذكر العباس بن عبد المطلب بشىء فحبس عدّة سنين؛ وقد كان القول فيه تلبيسا عليه؛ لبّسه قوم صاهرهم فلم يرضوه.
وقيل إن الهيثم بن عدىّ كان يرى رأى الخوارج؛ وكان له اختصاص بالمنصور والمهدى والرّشيد وروى عنهم.
قال الهيثم بن عدىّ: قال لى المهدىّ: ويحك يا هيثم! إن الناس يخبرون عن الأعراب شحّا ولؤما، وكرما وسماحا، وقد اختلفوا فى ذلك؛ فما عندك؟
فقلت: يا أمير المؤمنين، على الخبير سقطت! خرجت من أهلى أريد ديار قرائب لى، ومعى ناقة أركبها، إذ ندّت فذهبت، فجعلت أتبعها حتى أمسيت؛ فأدركتها ونظرت؛ فإذا خيمة أعرابىّ فأتيتها، فقالت ربّة الخباء: من أنت! فقلت:
ضيف، قالت: وما يصنع الضيف عندنا! إن الصحراء لواسعة، ثم قامت إلى برّ فطحنته، ثم عجنت وخبزت، ثم قعدت فأكلت، ولم ألبث أن أقبل زوجها معه ابن، فسلّم ثم قال: من الرجل؟ فقلت: ضيف، حيّاك الله! ثم قال: يا فلانة، ما أطعمت ضيفك شيئا؟ قالت: نعم، فدخل الخباء فملأ قعبا من لبن، ثم أتانى به، فقال لى: اشرب، فشربت شرابا هنيئا، فقال: ما أراك أكلت شيئا! وما أراها أطعمتك، فقلت: لا والله، فدخل عليها مغضبا فقال: ويلك! أكلت وتركت ضيفك! قالت: وما أصنع به! أطعمه طعامى! وجاراها الكلام حتى شجّها؛ ثم أخذ شفرة؛ وخرج إلى ناقتى فنحرها، فقلت: ما صنعت عافاك الله! فقال: لا والله ما يبيت ضيفى جائعا؛ ثم جمع حطبا وأجّج نارا، وأقبل يكبّب [1] ويطعمنى، ويأكل ويلقى إليها، ويقول: كلى لا أطعمك الله! حتى إذا أصبح تركنى ومضى؛ فقعدت مغموما، فلما تعالى الظهر أقبل ومعه بعير ما يسأم الناظر أن ينظر إليه، فقال:
هذا مكان ناقتك؛ ثم زوّدنى من ذلك اللحم ومما حضره.
وخرجت من عنده فضمّنى الليل إلى خباء؛ فسلّمت فردّت صاحبة الخباء السلام وقالت: من الرجل؟ فقلت: ضيف، فقالت: مرحبا بك وحياك الله! عافاك الله! فنزلت فعمدت إلى برّ فطحنته ثم عجنته، ثم اختبزت خبزة [2] روتها بالزّبد واللبن ثم وضعتها بين يدى، وقالت: كل واعذر، فلم ألبث أن أقبل أعرابىّ كريه الوجه، فسلم فرددت عليه السلام، فقال: من الرجل؟ فقلت: ضيف، قال:
[1] التكبيب: عمل اللحم شرايح.
[2]
الخبزة: عجين يوضع فى الحلة حتى ينضج.
وما يصنع الضيف عندنا؟ ثم دخل إلى أهله فقال: أين طعامى؟ قالت: أطعمته للضيف، فقال: أتطعمين طعامى الأضياف! فتجار يا الكلام؛ فرفع عصاه فضرب بها رأسها فشجّها. فجعلت أضحك، فخرج إلىّ فقال: ما يضحكك! فقلت: خير، فقال: لتخبرنّى، فأخبرته بقضية المرأة والرجل اللّذين نزلت عليهما قبله، فأقبل علىّ وقال: إن هذه التى عندى أخت ذلك الرجل، وتلك التى عنده أختى؛ فبتّ متعجبا وانصرفت.
وحضر أبو نواس إلى الهيثم بن عدىّ الطائىّ وسأله عن مسألة، فتقاعد عن جوابه، فقام عنه مغضبا؛ فقيل للهيثم: هذا أبو نوّاس؛ وقد تعرّضت للسانه فسيّر إليه من يترضاه ويسأله الإمساك عن هجوه؛ فقال: أما ما مضى فلا سبيل إلى استعادته؛ وكان الذى قاله فيه عند قيامه عنه:
يا هيثم بن عدىّ لست للعرب
…
ولست من طيّىء إلا على شغب [1]
إذا نسبت عديا من بنى ثعل
…
فقدّم الدّال قبل العين فى النّسب
وقال أيضا:
أتيت الهيثم بن عدىّ أرجو ال
…
علوم، وكنت أمنحه الصفاء [2]
فأعرض هيثم لمّا رآنى
…
كأنى قد ذممت الأدعياء
فقلت له اطمئن فلست أهجو
…
دعيا ما توضحت السماء [3]
قال الهيثم بن عدىّ: استعملت على صدقات بنى فزارة، فجاءنى رجل منهم، فقال: أريك عجبا! فقلت: بلى؛ فانطلق بى إلى جبل شاهق؛ فإذا فيه صدع، فقال لى: ادخل، فقلت: إنما يدخل الدليل، قال: فدخل فاتبعته؛ ودخل
[1] ديوانه 175
[2]
مع اختلاف فى الرواية.
[3]
رواية الديوان:
وقد آليت أن أهجو دعيا
…
ولو بلغت مروءته السماء
معنا أناس؛ فكان ربما ضاق الجبل واتسع، وإذ نحن بضوء فدنونا منه، وإذا خرق ذاهب فى الأرض وإذا عكاكيز فى الجبل؛ فجذبناها فإذا هى سهام عاد؛ وإذا كتاب منقور فى الجبل مقدار إصبعين أو أكثر وإذا هو كتاب بالعربية:
ألا هل إلى أبيات سفح بذى اللّوى
…
لوى الرمل فاصدقن النفوس معاد
بلاد لنا كانت وكنّا نحبها
…
إذ الناس ناس والبلاد بلاد
وروى الهيثم بن عدىّ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ونقل عنه وهو كثير.
أنبأنا ذاكر بن كامل الخفّاف عن أبى سعيد أحمد بن عبد الجبار بن الصيرفىّ عن القاضى أبى الهيثم علىّ بن المحزّ التنوخىّ، عن أبى عبيد الله محمد بن عمران بن موسى المرزبانى عن محمد بن الفتح القلانسىّ حدّثنا الهيثم بن عدىّ حدّثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضى الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«يا عائشة أنشدينى شعر ابن غريض اليهودى» ، قالت: فأنشدته عليه السلام:
إن الكريم إذا أردت وصاله
…
لم تلف حبلا واهيا رثّ القوى [1]
[1] ورد الخبر فى الأغانى (3: 117 طبع دار الكتب المصرية) بهذه الرواية: «عن الزهرىّ عن عروة عن عائشة قالت:
ارفع ضعيفك لا يحربك ضعفه
…
يوما فتدركه العواقب قد نما
يجزيك أو يثنى عليك وإن من
…
أثنى عليك بما فعلت فقد جزى
فقال صلى الله عليه وسلم: «ردّى علىّ قول اليهودىّ قاتله الله! لقد أتانى جبريل برسالة من ربى:
أيما رجل صنع إلى أخيه صنيعة فلم يجد له جزاء إلا الثناء عليه والدعاء له فقد كافأه». وفى العقد (5: 275) فى باب فضائل الشعر: «وسمع النبى صلى الله عليه وسلم عائشة وهى تنشد شعر زهير بن جناب تقول:
ارفع ضعيفك لا يحربك ضعفه
…
يوما فتدركه عواقب ما جنى
يجزيك أو يثنى عليك فإن من
…
أثنى عليك بما فعلت كمن جزى
فقال النبى صلى الله عليه وسلم: «صدق يا عائشة لا شكر الله من لا يشكر الناس» .
وقد أورد صاحب الأغانى أيضا فى (3: 118) القصيدة، وليس فيها سوى البيتين الأخيرين.
أرعى أمانته وأحفظ عهده
…
جهدى فيأبى بعد ذلك ما أتى
ارفع ضعيفك لا يحربك ضعفه
…
يوما فتدركه العواقب قد نمى
يجزيك أو يثنى عليك وإنّ من
…
أثنى عليك بما فعلت فقد جزى
قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال لى جبريل عليه السلام آنفا [1]:
يا محمد، من أوليته حسنا فكافأك، فذاك؛ فإن عجز وشكر فقد كافأ».
وذكر أحمد بن أبى طاهر أن الهيثم بن عدىّ مات بفم الصّلح [2]؛ غرة المحرّم سنة ست ومائتين.
[1] آنفا، أى الآن؛ وفى حديث آخر: أنزلت علىّ سورة آنفا.
[2]
فم الصلح: موضع مضاف إلى نهر كبير اسمه الصلح؛ فوق واسط، وفيه بنى المأمون ببوران ونسب إليه جماعة من الرواة والمحدثين وغيرها (ياقوت).