الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان فقيه البلد؛ ثقة جامعا للعلم، راوية للشعر، عالما بالعربية والنحو عاقلا.
وكتب الحديث ولم ينشر عنه. وكان أبوه خيّرا.
وقال عبد الله بن مسلم بن قتيبة: «كان القاسم بن معن على قضاء الكوفة.
وكان عالما بالفقه والحديث والشعر والنّسب وأيام الناس، وكان يقال له شعبىّ [1] زمانه [2]».
قال وكيع [3]: كان القاسم من أشدّ الناس تنقيبا فى الآداب كلّها، وكانت له فروة خشنة، وكان ينظر فى الحديث؛ إن رأى الرأى فأهله، وفى الشعر فأهله، وفى الأخبار أهلها، وفى الكلام أهله.
وكان يجالس أبا حنيفة، فقيل له: أترضى أن تكون من غلمان أبى حنيفة؟
فقال: ما جلس الناس إلى أحد أنفع من مجالسة أبى حنيفة.
أخذ عنه محمد بن زياد الأعرابى اللغوىّ الراوية.
558 - القاسم بن القاسم الكيّال الواسطىّ النحوىّ
«1»
نزيل حلب، من أهل واسط. وكان كيّالا بها؛ ولقى بعض أدباء أهلها وأخذوا عنه طرفا قريبا من النحو، وقال شعرا هو أجود من شعر النحاة، وقصد
[1] هو أبو عمرو عامر بن شراحيل الشعبى، من أهل الكوفة، وكان من كبار التابعين وفقهائهم، مات سنة 109. اللباب (2: 21).
[2]
المعارف ص 109.
[3]
هو محمد بن خلف بن حيان بن صدقة أبو بكر الضبى القاضى المعروف بوكيع، تأتى ترجمته.
به الناس، وارتزق منه فى أكثر أوقاته، وانتقل إلى حلب فأقام بمدرسة الحلاويين يرتزق على فقه أبى حنيفة، ثم قرّر له على إقراء العربية رزق فى جامعها، فأقرأ جماعة ما فيهم من جاد ولا ساد، وكان نحوه عجيبا فى براءته، يسقط منه ما يحترز منه الأطفال المبتدئون.
فمن ذلك أنه قعد مرة فى مجلس السلطان الملك الظاهر أبى الفتح غازى بن يوسف بن أيوب [1]- سقى الله عهده- لينشده قصيدة عيديّة- وكان شهر رمضان، وتذاكر حاضرو المجلس لفظة العيد، وما أصلها، فقال هو: أصلها «عود» ، من عاد يعود، تحرك حرف العلة وانكسر ما قبله، فانقلبت ياء.
فقال له أحد نحاة حلب: لو كان أصلها «عود» لصحّت ولم تعلّ قياسا على «عوج» ، وإنما أصلها «عود» سكن حرف العلّة وانكسر ما قبله، فقلبت ياء.
فأخذ فى المكابرة والمغالبة، وانفصل المجلس على أنه لم يقع فيه من يحقّق قول أحدهما من الآخر. ونزل إلى الجامع فى بكرة تلك الليلة، وتعاودوا المسألة، وشرقت القضية بينهما إلى أن تدافعا فى وسط الجامع، وفرق بينهما العوامّ.
وكان كثير الإعجاب بنفسه، يرى أنه لم يعرف حقّه، فلا يزال شاكيا متأوّها متعقّبا على القضاء والقدر. وكان مع هذا مذموم الطريقة فى الاستهتار [2] بشرب الخمر، واتخاذ علوج ليسوا بحسان الخلق، ينحشى فى محاش رديئة من محالّ الفسوق، ويخالط جماعة على ذلك. نعوذ بالله من النظر إليهم.
[1] تقدمت ترجمته فى حواشى الجزء الأوّل ص 267.
[2]
المستهتر بالشىء: المولع به؛ لا يبالى بما قيل فيه وشتم له.
وفى آخر أمره سافر إلى الجهة الشمالية يروم تصدّرا، وارتزق من بيت قليج [1] أرسلان فلم يقدّر له ذلك، وعاد إلى حلب لعيشه الذى كان قديما فلم يحصل له، فسألنى النظر [2] فى حاله مع عنت كان يبلغنى عنه، فصرفته فى باب الخان السلطانىّ يرتزق، فلم يزل قانعا به إلى أن مات قريبا من سنة خمس وعشرين وستمائة. وقد كان له شىء- كما قيل- وهبه لغلامين له نعوذ بالله من النظر إليهما.
صنّف شرحين للمقامات الحريرية شرحها فيهما، وصنّف شرحا لديوان المتنبىّ غاية أمره فيه أنه اختاره من شرح الواحدىّ، وأضاف إليه من مصنّف ابن وكيع [3] فى سرقات المتنبى.
[1] هو السلطان قليج أرسلان بن مسعود بن قليج أرسلان السلجوقى صاحب بلاد الروم، طالت أيامه واتسعت ممالكه، ولما أسن أصابه الفالج، فتعطلت حركته، وتنافس أولاده فى الملك، وحكم عليه ولده قطب الدين، وقتل كثيرا من خواصه، ثم قاتله وانتهى الأمر بوفاته سنة 588. والنجوم الزاهرة (6: 118).
[2]
ذكر ياقوت أنه أنشده لذلك قصيدة يمدحه فيها ويلتمس منه أن يرتبه فى خدمة؛ ومطلعها:
يا سيدى قد رميت من زمنى
…
بحادث ضاق عنه محتكمى
وهى قصيدة طويلة أوردها فى ترجمته.
[3]
هو أبو محمد الحسن بن على بن أحمد بن محمد بن خلف الضبى، المعروف بابن وكيع التنيسى الشاعر، أصله من بغداد، ووكيع لقب جدّه محمد بن خلف. له ديوان شعر جيد، وكتاب فى مرقات المتنبى سماه المنصف وتوفى بتنيس سنة 393. ابن خلكان (1: 137).