الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال شمر: ما للعرب كتاب أحسن من مصنّف أبى عبيد. وكان أبو عبيد يخضب بالحناء، أحمر الرأس واللحية. وكان له وقار وهيبة.
وقيل كانت وفاته بمكة سنة ثلاث وعشرين ومائتين.
551 - القاسم بن على بن محمد بن عثمان الحريرىّ أبو محمد
«1»
من أهل البصرة. كان يسكن بنى حرام [1]، إحدى محالّ البصرة مما يلى الشّط [2].
أحد أئمّة أهل الأدب واللغة، ومن لم يكن له فى فنّه نظير فى عصره. فاق أهل زمانه بالذكاء والفصاحة وتنميق العبارة وتحسينها.
[2]
هو شط عثمان، موضع بالبصرة، كان سباخا مواتا فأحياه عثمان بن أبى العاص التقفى، بأمر من عثمان بن عفان فنسب إليه.
وأنشأ المقامات [1] المنسوبة إلى الحارث بن همّام [2]، الّتى سار فى الآفاق ذكرها وانتشرت، وكتبت بها النّسخ الكثيرة المتعدّدة. ومن تأملها علم أن صاحبها ومنشئها كان بحرا فى علم النحو واللغة [3].
كانت ولادته فى حدود سنة ست وأربعين وأربعمائة.
كتب إلىّ أبو الضياء شهاب بن محمد الشّروطىّ الهروىّ من هراة: أخبرنا عبد الكريم بن محمد بن منصور المروزىّ بهراة بقراءة أبى النضر الفامىّ عليه من كتابه بالجامع القديم، أنشدنى أبو العباس أحمد بن بختيار المندائىّ قاضى واسط ببغداذ وأبو الفضل عبد الوهاب بن هبة الله البغداذىّ بسمرقند قالا: أنشدنا القاسم بن على الحريرىّ لنفسه- قال المندائى بالبصرة، وقال البغداذىّ ببغداذ:
[2]
قال صاحب شذرات الذهب: «وأما تسمية الراوى بالحارث بن همام فإنما عنى به نفسه، وهو مأخوذ من قوله صلى الله عليه وسلم: كلكم حارث وكلكم همام؛ لأن كل واحد كاسب ومهتم بأموره» .
وانظر ترجمة المطهر بن سلام، للمؤلف فيما يأتى.
[3]
أورد صاحب كشف الظنون ص 1787 - 1791 أسماء جمهور من العلماء الذين شرحوا المقامات المطولة والمختصرة، ومن هؤلاء أحمد بن عبد المؤمن الشريشى المتوفى سنة 619، وطبع هذا الشرح ببولاق سنة 1284، وفى المطبعة الخيرية سنة 1300، 1306، وفى مطبعة مصر سنة 1314.
وقد انتقد ابن الخشاب البغدادى المقامات، وانتصر له ابن برى، وطبع النقد والرد في رسالة ملحقة بالمقامات، طبعة الحسينية بمصر سنة 1326.
وقلت للائمى أقصر فإنى
…
سأختار المقام على المقام [1]
وأنفق ما جمعت بأرض جمع
…
وأسلو بالحطيم عن الحطام [2]
وكان القاسم- رحمه الله من ذوى اليسار، له ملك حسن بالمشان يقال إنه كان له ثمانية عشر ألف نخلة.
وكان لفكرته فى الأدب يشتغل بجذب لحيته؛ فينتفها وهو غافل لفكرته.
وله من التصانيف: كتاب المقامات [3]. كتاب درّة الغوّاص فى أوهام الخواصّ [4]. كتاب ملحة الإعراب [5]. كتاب شرح الملحة [6]. ترسّله [7]، وهو ينحطّ [8] عن المقامات وبلاغتها. مجموع شعره.
[1] المقام، بفتح الميم يريد به البيت الحرام، وبضمها يريد به الإقامة.
[2]
أرض جمع، هى المزدلفة، سمى جمعا لاجتماع الناس به. والحطيم: هو ما بين الركن والمقام. والحطام: ما فى الدنيا من مال قليل أو كثير.
[3]
طبعت المقامات فى أوربا والهند والشام ومصر مرارا. وانظر معجم المطبوعات العربية ليوسف سركيس 749 - 750.
[4]
طبعت فى ليبسك سنة 1871 م، وفى مصر سنة 1273، وطبعت مع شرح الشهاب الخفاجى بالآستانة سنة 1299. وللشيخ محمود الآلوسى المتوفى سنة 1270 شرح عليها سماه كشف الطرّة عن الغرّة طبع بدمشق سنة 1301.
ولأبى منصور الجواليقى تكملة وذيل عليها؛ منه نسخة محفوظة بدار الكتب المصرية برقم (198 مجاميع م لغة).
ولمحمد بن إبراهيم الحنبلى ذيل أيضا سماه سهم الألحاظ فى وهم الألفاظ منه نسخة مخطوطة محفوظة بدار الكتب المصرية (برقم 254 لغة)، وفى دار الكتب المصرية أيضا حواش عليها تنسب إلى ابن برى وابن ظفر برقم (198 مجاميع م لغسة)، وانظر كشف الظنون ص 741.
[5]
هى منظومة فى النحو، أولها:
أقول من بعد افتتاح القول
…
بحمد ذى الطول شديد الحول
طبعت مرارا فى باريس ومصر وبيروت. وانظر معجم المطبوعات ص 750.
[6]
طبع هذا الشرح فى بلاق سنة 1292، ومطبعة شرف بمصر سنة 1302، والميمنية سنة 1306، وشرحها أيضا بحرق الحضرمى المتوفى سنة 930، وسمى شرحه: تحفة الأحباب وطرق الأصحاب وطبع بمصر مرارا. وذكر صاحب كشف الظنون ص 1817 أسماء كثير ممن تداولوها بالشرح والتعليق والاختصار.
[7]
أورد ياقوت قطعة منها فى ترجمته، وطبعت منها الرسالة الشينية والرسالة السينية فى آخر المقامات، طبعة الحسينية بمصر سنة 1326
[8]
فى الأصل: «يسخط» ، وصوابه عن ب.
وكان يحضر إلى بغداذ فى الأحيان لأجل ما يلزمه من الخراج؛ فسمع عليه كتاب المقامات بها، وحضره الجمّ الغفير.
ولمّا علمت بلاغته تقدّم إليه الخليفة بأن يجعل كاتب إنشاء، فتقدم إليه بالحضور إلى الديوان، ورسم له أن يكتب كتابا إلى صاحب خراسان، وأجلس على دكّة هناك، وأحضر الدّواة والدّرج [1]، فأخذه وقعد وقتا طويلا، فأرتج عليه، ولم يعلم الاصطلاح والقواعد فلم يسطّر شيئا، وتركه وانصرف. فتعجّب الناس من أمره.
وقال شاعرهم فيه- وأظنه ابن الفضل:
شيخ لنا من ربيعة الفرس [2]
…
ينتف عثنونه من الهوس
أنطقه الله بالمشان [3] وقد
…
ألجمه فى العراق بالخرس [4]
ووقع الناس فيه بعد ذلك وقالوا: ما المقامات من تصنيفه، وإنما هى لرجل مغربىّ من أهل البلاغة مات بالبصرة، ووقعت أو راقه إليه فادّعاها- وكان الذى ظهر من ذلك الوقت أربعين مقامة؛ صنّفها لأنو شروان [5] بن خالد
[1] الدرج: ما يكتب فيه.
[2]
ربيعة الفرس هو ابن نزار بن معد بن عدنان أبو قبيلة.
[3]
ورد هذان البيتان فى ابن خلكان ونسبهما إلى أبى القاسم على بن أفلح العبسى المتوفى سنة 535.
وقال أيضا إنهما لابن جكينا الحريمىّ البغدادى. وفى الفلاكة والمفلوكين أن جكينا يعرف بالبرغوث.
[4]
المشان، بفتح الميم والشين: بلدة فوق البصرة، كثيرة النخل، وكان أصل الحريرى منها.
[5]
هو أنوشروان بن خالد الوزير أبو نصر، وزير المسترشد والسلطان محمود، كان من ذوى اليسار، ومن عقلاء الرجال ودهاتهم، وفيه جود وحلم ودين مع تشيع قليل؛ وكان محبا للعلماء، وله تاريخ لطيف سماه: صدور زمان الفتور وفتور زمان الصدور. توفى سنة 532. ابن خلكان (1: 421)، وشذرات الذهب (4: 101).