المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم ‌ ‌مقدمة الطبعة الثانية: الحمد لله رب العالمين والصلاة - تمام المنة في التعليق على فقه السنة

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌مقدمة علمية هامة:

- ‌القاعدة الأولى

- ‌رد الحديث الشاذ

- ‌القاعدة الثانية

- ‌رد الحديث المضطرب

- ‌القاعدة الثالثة

- ‌رد الحديث المدلس

- ‌القاعدة الرابعة

- ‌رد حديث المجهول

- ‌القاعدة الخامسة

- ‌عدم الاعتماد على توثيق ابن حبان

- ‌القاعدة السادسة

- ‌قولهم: رجاله رجال الصحيح ليس تصحيحا للحديث

- ‌القاعدة السابعة

- ‌عدم الاعتماد على سكوت أبي داود

- ‌القاعدة الثامنة

- ‌القاعدة التاسعة

- ‌سكوت المنذري على الحديث في "الترغيب" ليس تقوية له

- ‌القاعدة العاشرة

- ‌تقوية الحديث بكثرة الطرق ليس على إطلاقه

- ‌القاعدة الحادية عشرة

- ‌لا يجوز ذكر الحديث الضعيف إلا مع بيان ضعفه

- ‌القاعدة الثانية عشرة

- ‌ترك العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال

- ‌القاعدة الثالثة عشرة

- ‌لا يقال في الحديث الضعيف: قال صلى الله عليه وسلم أو: ورد عنه ونحو ذلك

- ‌القاعدة الرابعة عشرة

- ‌وجوب العمل بالحديث الصحيح وإن لم يعمل به أحد

- ‌القاعدة الخامسة عشرة

- ‌أمر الشارع للواحد أمر لجميع أفراد الأمة

- ‌من المقدمة

- ‌من التمهيد

- ‌ومن التشريع الإسلامي أو: الفقه

- ‌ومن المياه وأقسامها

- ‌ومن السؤر

- ‌ومن النجاسات

- ‌ومن النجاسات

- ‌ومن فوائد تكثر الحاجة إليها

- ‌ومن قضاء الحاجة

- ‌ومن سنن الفطرة

- ‌ومن الوضوء

- ‌ومن سنن الوضوء

- ‌ومن نواقض الوضوء

- ‌ومن لا ينقض الوضوء

- ‌ومن المسح على الخفين

- ‌ومن الغسل

- ‌ومن الأغتسال المستحبة

- ‌ومن غسل المرأة

- ‌ومن مسائل تتعلق بالغسل

- ‌ومن التيمم

- ‌ومن المسح على الجبيرة ونحوها

- ‌ومن الحيض

- ‌ومن الاستحاضة

- ‌ومن الصلاة

- ‌ومن صلاة الصبي

- ‌ومن تأكيد تعجيلها في يوم الغيم

- ‌ومن وقت العشاء

- ‌ومن الأوقات المنهي عن الصلاة فيها

- ‌ومن الأذان

- ‌ومن شروط الصلاة

- ‌ومن كيفية الصلاة

- ‌ومن فرائض الصلاة

- ‌ومن سنن الصلاة

- ‌ومن لإطالة الركعة الاولى في "الصبح

- ‌ومن القراءة خلف الإمام

- ‌ومن هيئات الركوع

- ‌ومن الذكر فيه

- ‌ومن أذكار الرفع من الركوع والاعتدال

- ‌ومن كيفية الهوي إلى السجود والرفع منه

- ‌ومن مقدار السجود وأذكاره

- ‌ومن جلسة الاستراحة

- ‌ومن صفة الجلوس للتشهد

- ‌ومن التشهد الأول

- ‌ومن الدعاء بعد التشهد الأخير وقبل السلام

- ‌ومن الأذكار والأدعية بعد السلام

- ‌ومن التطوع

- ‌ومن أقسام التطوع

- ‌ومن سنة الفجر

- ‌ومن سنة الظهر

- ‌ومن السنن غير المؤكدة

- ‌ومن الوتر

- ‌ومن قيام الليل

- ‌ومن قيام رمضان

- ‌ومن صلاة الضحى

- ‌ومن صلاة الصبح

- ‌ومن صلاة الحاجة

- ‌ومن صلاة الكسوف

- ‌ومن صلاة الاستسقاء

- ‌ومن سجود التلاوة

- ‌ومن سجود السهو

- ‌ومن صلاة الجماعة

- ‌ومن الإمام والمأموم

- ‌ومن المساجد

- ‌ومن المواضع المنهي عن الصلاة فيها

- ‌ومن السترة أمام المصلي

- ‌وما يباح في الصلاة

- ‌ومن مكروهات الصلاة

- ‌ومن صلاة المريض

- ‌ومن صلاة الخوف

- ‌ومن صلاة السفر

- ‌ومن السفر يوم الجمعة

- ‌ومن الجمع بين الصلاتين

- ‌ومن أدعية السفر

- ‌ومن الجمعة

- ‌ومن اجتماع الجمعة والعيد في يوم واحد

- ‌ومن باب صلاة العيدين

- ‌ومن الزكاة

- ‌ومن زكاة التجارة

- ‌ومن زكاة الركاز والمعدن

- ‌ومن زكاة الفطر

- ‌ومن صدقة التطوع

- ‌ومن الصيام

- ‌ومن الترهيب من الفطر في رمضان

- ‌ومن اختلاف المطالع

- ‌ومن الأيام المنهي عن صيامها

- ‌ومن صيام التطوع

- ‌ومن مباحات الصيام

- ‌ومن قضاء رمضان

- ‌ومن مات وعلية صيام

الفصل: بسم الله الرحمن الرحيم ‌ ‌مقدمة الطبعة الثانية: الحمد لله رب العالمين والصلاة

بسم الله الرحمن الرحيم

‌مقدمة

الطبعة الثانية:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين القائل فيما جاء في "الصحيحين": "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين" وعلى آله وصحبه الميامين ومن تبعهم على فقههم وهديهم إلى يوم الدين.

أما بعد فهذه هي الطبعة الثانية لكتابي "تمام المنة في التعليق على فقه السنة" وقد مضى على الطبعة الأولى قرابة ربع قرن من الزمان لم يتيسر لي إعادة النظر فيها وإعدادها للطبع مرة أخرى إلا في هذه الآونة الأخيرة من استقراري في عمان - الأردن فقد تيسر لي - والحمد لله - أن أطبع فيها بعض مؤلفاتي تحت إشرافي وتصحيحي مباشرة مع مساعدة بعض الموظفين في المكتبة الإسلامية وبذلك أتفادى أن يقع فيها قليل أو كثير من الأخطاء الفاحشة أو أن يسقط بعض السطور منها عند تصحيحها أو تصويرها دون إشراف دقيق عليها وقد تمكنا حتى الآن أن نطبع - تحت إشرافي - بعض المؤلفات أذكر على سبيل المثال: المجلد الثالث من "سلسلة الأحاديث الضعيفة" والرابع تحت الطبع والرابع من "سلسلة الأحاديث الصحيحة" والخامس تحت الطبع والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

ص: 3

ولهذه الطبعة الثانية من "تمام المنة" مزايا مهمة كثيرة أهمها أنني ضممت إليها بقية ما كان عندي من التعليق وهي التعليق على الجزء الثالث من الأجزاء الصغيرة التي كان "فقه السنة" طبع عليها أول الأمر وهو يبدأ بأول كتاب "الزكاة" وينتهي بآخر كتاب "الصيام" وبهذه الضميمة نكون قد علقنا على نحو ربع "فقه السنة" بفضل الله تبارك وتعالى راجيا منه عز وجل أن ييسر لي تمام التعليق عليه إذا نسأ الله في العمر وبارك في الوقت أو على الأقل أن أجرد بقية ما فيه من الأحاديث الضعيفة والمنكرة ليكون القراء على علم بها ومعرفة بحقيقة قدر المسائل التي أقيمت عليها كمثل الحديث المذكور في أول كتاب الجنائز وهو يلي الصيام -: "اللهم إليك أشكو ضعف قوتي"

الخ فإنه ضعيف على شهرته في كتب السيرة ومن هنا أتى المؤلف وقد خرجته وبينت ضعفه في "تخريج فقه السيرة" ص 131 ثم في "الضعيفة" 2933 وكحديث: "العلم ثلاثة وما سوى ذلك فضل: آية محكمة" وسنة قائمة فريضة عادلة "فإنه ضعيف أيضا وبيانه في "تخريج المشكاة" 239 والإرواء 1664 و "ضعيف أبي داود" 496 وهو في آخر كتاب من كتب "فقه السنة"

الفرائض وبين هذا وكتاب الجنائز كتب أخرى فيها عشرات - إن لم أقل مئات - الأحاديث الواهية

هذا ولعلي لا أفشي سرا إذا ذكرت ما يأتي: لقد كان أحد إخواننا الجامعيين اقترح علي أن أرسل إلى الشيخ السيد سابق - تعاونا معه على الخير والعلم وتحري الحقائق - مقدمة كتابي هذا مع الجزء الأول وهما بخط يدي وقبل الطبع فاستجبت لاقتراحه وأرسلتهما

ص: 4

معه إليه فبقيا لديه أكثر من سنة ثم أعاد إلي بواسطة أحد إخواننا المقيمين في القاهرة الجزء المذكور دون المقدمة قد كنت استنسخت نسخة منها احتياطا والحمد لله تعالى.

رجع الجزء إلي دون أن يأتيني من فضيلة الشيخ شيء ينبئني عن رأيه فيه وفي المقدمة ولذلك بادرت إلى طبعهما مع الجزء الثاني في أول فرصة سنحت لي يومئذ على الآلة الكاتبة ثم الساحبة ستانسل.

وقد تبين لي من مقابلتي بعض المسائل في الطبعة القديمة التي وضعت عليها "تمام المنة" ببعض الطبعات الجديدة وبخاصة منها طبعة دار الكتاب العربي ذات المجلدات الثلاثة أن الشيخ لم يستفد من كتابي هذا شيئا يذكر لا فرق في ذلك بين ما كنت أرسلته إليه أو ما طبع منه بعد معه فقد لاحظت أن الأخطاء الحديثية والفقهية بقيت كما هي دون أي تعديل أو تغيير اللهم إلا في بعض المسائل المحدودة جدا فلا أدري أذلك لعدم تفرغه لقراءة ذلك أم لعدم قناعته بما فيه من النقد العلمي الخالص؟ ولعل الأقرب الأول فإن في كتابي من القواعد التي يجب على كل عالم التزامها ومن المسائل والأحاديث ما لا يجوز للعالم أن يمر بها دون أن يحدد موقفه منها نقدا أو تأييدا تضعيفا أو تصحيحا فيما لو وقف عليها كما سيرى القراء من ذلك الكثير والكثير جدا.

ولكن يحول بيني وبين الجزم بهذا الاحتمال أنني رأيته قد استفاد من نقدي إياه في عدة مواضع نبهت على بعضها تعليقا على الصفحات 44 و62 و104 و137 و145 ومن ذلك موقفه من مسألة الوضوء من المحرم الإبل "فإنه في الطبعة التي وضعت التعليق عليها كان قد أورد على ترجيح

ص: 5

الإمام النووي وجوب الوضوء منها إشكالا يصرف ضعفاء العلم ومقلدة المذاهب عن العمل بالحديث فعقب على النووي بقوله:

"إلا أنه يقال: كيف خفي حديث جابر والبراء على الخلفاء الراشدين.."الخ.

فرددت عليه بما يبطل هذا الإشكال من أصله كما ستراه في محله فكان من آثار ذلك أن المؤلف خضع للحق - جزاه الله خيرا - وحذف الإشكال المزعوم ولكنه لم ينوه بمن كان السبب في ذلك!.

وثمة مثال آخر فقد انتقدته في تصديره لحديث: "أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة" بصيغة التمريض الدالة على ضعف الحديث وبينت أنه حسن لغيره وألزمته أن يقول بذلك كما ستراه في الصفحة 38 فإذا به يقع في خطأ جديد هو أفحش من الذي قبله من جهة وهو أنه عزاه لمسلم ولا أصل له عنده ومع ذلك فهو دليل على أنه وقف على نقدي إياه في هذا الحديث وأراد أن يصحح موقفه منه فكان ما رأيت!.

والخلاصة: لقد كنت آمل من المؤلف حفظه الله تعالى أن يستجيب لرغبتي ويحقق رجائي الذي أودعته في مقدمة الطبعة الأولى وأطلعته عليها قبلها - كما تقدم - وهو أن "يعيد النظر فيما كتب حتى الآن ويصحح الأخطاء التي تبينت له ويتريث في إصدار أجزاء الكتاب الأخرى".

كنت أرجو ذلك منه ولكن خاب الرجاء ومضى الرجل في إصدار بقية الكتاب على النهج المنتقد الذي جرى عليه في الأجزاء الأولى دون أن يلتزم تلك القواعد العلمية التي كنت أرسلتها إليه ودون أي تعديل أو تغيير في

ص: 6

منهجه! والعلم - كما هو معروف - في تقدم مستمر لا يعرف للجمود معنى وفي كل يوم تخرج المطابع مصادر علمية جديدة لم تكن معروفة من قبل مما يساعد الباحثين المحققين على تحسين مؤلفاتهم وتنقيحها وتغذيتها بفوائد جديدة وتحقيقات لم تكن متيسرة للكثيرين من قبل!.

من أجل ذلك فإني لما رأيت "فقه السنة" جامدا هكذا على مر السنين كما وضعه المؤلف قبل نحو نصف قرن من الزمان مع تكرر طبعه مرات ومرات بدا لي أن أعيد النظر فيما عندي من "تمام المنة في التعليق على فقه السنة" فنقحته وزدت فيه مسائل عدة وفوائد جمة ذكرت أهمها في مطلع هذه الكلمة فكان ذلك كله من دواعي إعادة طبعه ونشره على الناس في ثوبه الجديد سائلا المولى سبحانه وتعالى أن يجعله وسائر مؤلفاتي عملا صالحا ولوجهه خالصا وأن لا يجعل لأحد فيه شيئا.

وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

عمان / 1 رجب سنة 1408هـ

وكتب محمد ناصر الدين الألباني أبو عبد الرحمن

ص: 7

مقدمة الطبعة الأولى:

"إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} .

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} .

{يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} 1.

1 هذه خطبة الحاجة التي كان رسول الله "صلى الله عليه وسلم" يعلمها أصحابه وكان السلف يفتتحون بها خطبهم في دروسهم وكتبهم ولي فيها رسالة لطيفة جمعت فيها طرق حديثها وألفاظها وذكرت فيها فوائد تتناسب مع موضوعها وقد طبعت قريبا على نفقة جمعية التمدن الإسلامي بدمشق ثم طبعها المكتب الإسلامي طبعة ثانية جميلة مزيدة ومنقحة.

ص: 9

أما بعد فإن كتاب فقه السنة للشيخ سيد سابق من أحسن الكتب التي وقفت عليها مما ألف في موضوعه في حسن تبويب وسلاسة أسلوب مع البعد عن العبارات المعقدة التي قلما يخلو منها كتاب من كتب الفقه الأمر الذي رغب الشباب المسلم في الإقبال عليه والتفقه في دين الله به وفتح أمامهم آفاق البحث في السنة المطهرة وحفزهم على استخراج ما فيها من الكنوز والعلوم التي لا يستغني عنها مسلم أراد الله به خيرا كما قال صلى الله عليه وسلم: "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين" متفق عليه وهو مخرج في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" 1194

ولقد كان صدور هذا الكتاب - فيما أرى - ضرورة من ضرورات العصر الحاضر حيث تبين فيه لكثير من المسلمين أن لا نجاة مما هم فيه من الانحراف والاختلاف والانهيار وتغلب الكفار والفساق عليهم إلا بالرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يأخذون منها فقط ومن القرآن أمور دينهم ومسائل فقههم فكان لهذا لا بد لعامتهم من مصدر قريب التناول يمكن الاعتماد عليه والرجوع إليه حين يقتضيهم الأمر ويغنيهم عن المراجعات الكثيرة في الموسوعات العديدة من أجل مسائل قليلة أو كثيرة

فكان أن ألهم الله تعالى الأستاذ السيد سابق فأخرج لهم هذا الكتاب "فقه السنة" فقرب لهم الطريق وأنار لهم السبيل جزاه الله خيرا..

من أجل ذلك كنت ولا أزال أحض على اقتنائه والاستفادة مما فيه من السنة والحق - ومنذ صدور الجزء الأول منه من الحجم الصغير القديم - كل راغب في السنة وناصر للحق حتى انتشرت نسخه بين صفوف إخواننا السلفيين وغيرهم في دمشق وغيرها من البلاد السورية وغيرها فكان من نتيجة

ص: 10

ذلك أن توجهت إلي منهم أسئلة كثيرة عن غير قليل من المسائل والأحاديث الواردة فيه فكنت أجيبهم عنها بما أعلمه وكثيرا ما كان الجواب مخالفا لما في الكتاب فقد كنت أضعف كثيرا من أحاديثه وأخطئ عديدا من مسائله فلما رأى ذلك بعض الغيورين على فقه السنة والحريصين على نشرها صحيحة بين صفوف الأمة اقترح على أن أسجل ما آخذه على الكتاب وأنشره بين الناس فاعتذرت عن ذلك أول الأمر ثم لما تكرر الطلب فيه وألح به كثير غيره رأيت أنه لا بد من إجابة طلبتهم وتحقيق رغبتهم لما في ذلك من خدمة للكتاب بل الفكرة التي يحملها ويدعو الناس إليها وهي "جمعهم على الكتاب والسنة والقضاء على الخلاف وبدعة التعصب للمذاهب

" كما صرح في مقدمته.

وعلاوة على ذلك ففيه تنزيه للكتاب مما وقع فيه من الأخطاء الفقهية والأحاديث الضعيفة التي يتنافى وجودها مع "فقه السنة" وبهذا أكون قد حققت شيئا من الرغبة التي كان أبداها للطرفين أحد إخواننا لما ذهب إلى مصر وهي التعاون في سبيل الفكرة المذكورة عن كثب وقرب ولكن حال دون ذلك عدة أسباب أهمها: بعد الدار وتعذر اللقاء فإذ قد فاتني ذلك فلا أقل من التعاون فيها عن بعد لأنه كما قيل: ما لا يدرك كله لا يترك جله..

فلما شرح الله لذلك صدري واطمأن له قلبي شرعت في قراءة ما صدر من أجزاء الكتاب قراءة إمعان وتدبر فكنت كلما تبين لي منه شيء يستحق ذكره والتنبيه عليه سجلته عندي وعلقته في وريقاتي فما أن انتهيت من التعليق عليها حتى تأكد لدي ضرورة ما صنعت ذلك لأنني وقفت فيها بعد

ص: 11

هذه الدراسة على أخطاء كثيرة بعضها مهمة جدا ما كنت أتصور وجودها فيها ولذلك فإني رأيت أنه لا بد من بيانها وقد وفق الله لذلك وله الحمد والمنة.

ولعل من الفائدة أن أشير إلى نوع تلك الأخطاء بصورة مجملة ليأخذ القارئ عنها فكرة عامة فتتبين له أهمية هذا التعليق فأقول:

يمكن حصر هذه الأخطاء على وجه التقريب فيما يلي:

1 -

أحاديث كثيرة سكت المؤلف عليها وهي ضعيفة.

2 -

أحاديث أخرى قواها وهي عند التحقيق واهية.

3 -

أحاديث ضعفها وهي صحيحة أو لها أسانيد أخرى صحيحة.

4 -

أحاديث ينسبها لغير "الصحيحين" وهي فيهما أو في أحدهما.

5 -

أحاديث يعزوها لأحد "الصحيحين" وغيرها ولا أصل لها فيهما.

6 -

أحاديث يوردها ولا وجود لها في شيء من كتب السنة.

7 -

سوق الحديث من طريق صحابي يسميه برواية جماعة من المحدثين وهو عند بعضهم عن صحابي آخر أو أكثر.

8 -

عزوه الحديث لمخرجه ساكتا عليه مع أن مخرجه الذي نسبه إليه عقبه بما يقدح في صحته

9 -

عدم تتبعه أدلة المسائل فكثيرا ما يسوق المسائل دون دليل يؤيدها وأحيانا يحتج لها بالقياس مع أنه يوجد فيها حديث صحيح وتارة يستدل بالعموم وفيها دليل خاص.

ص: 12

10 -

عدم استقصائه مسائل الفصل مثل "الأغسال المستحبة" ونحوها.

11 -

إيراده في المسالة الواحدة أقوالا متعارضة دون أن يرجح إحداها على الأخرى.

12 -

اضطراب رأيه في بعض المسائل في المكان الواحد فيختار في أول البحث ما ينقضه في خاتمته.

13 -

ترجيحه من الأقوال والآراء المتعارضة ما لا يستحق الترجيح لضعف دليله وقوة دليل مخالفه.

14 -

مخالفته الحديث الصحيح الذي لا معارض له من الحديث في غير ما مسألة.

وهذا النوع الأخير من أنكر ما وقع للمؤلف فإنه لا يتفق في شيء مع توجيه المؤلف في الكتاب الناس إلى الأخذ بالسنة ولاسيما إذا عرفت أن عذره في المخالفة المشار إليها هو عدم أخذ الجمهور بالحديث في بعض المسائل أو عدم علمه بمن عمل به في مسألة أخرى وهذه هي شبهة المقلدين في رد السنن ومحاربتها وسيأتي كلام الإمام الشافعي الذي يبطل هذه الشبهة ويستأصل شأفتها جزاه الله خيرا

وقد يكون من نافلة القول أن أذكر أنني لا أريد بالتعليق على الكتاب وبيان أخطائه أن أحط من قدره شيئا أو أبخس من حقه بل إنما أريد الانتصار للحق بالحق وصيانة "فقه السنة" عن الخطأ ما أمكن فإن ذلك أدعى لإقبال الناس عليه والاستفادة منه وأحرى أن يقطع ألسنة خصوم الفكرة عن التكلم فيه بحق أو بباطل فلعل المؤلف - زاده الله توفيقا - يعيد النظر

ص: 13

فيما كتب حتى الآن ويصحح الأخطاء التي تبينت له ويتريث في إصدار أجزاء الكتاب الأخرى1 إلا بعد أن يتبين من صحتها وسلامتها من الأخطاء ويجردها من الأحاديث الضعيفة فإن في الصحيح ما يغني عن الضعيف.

هذا وإنني لما بدأت في التعليق على الكتاب ترددت في طريقة نقلي لكلامه أأنقله برمته أو بغالبه الذي يدل عليه أم أكتفي بنقل طرفه الأول الذي يشير إلى تتمته كما هي العادة في التعليقات؟ فأخذت الطريقة الأولى وهي وإن كانت تستلزم شيئا من التكرار بالنسبة لمن عنده الأصل "فقه السنة" فإنه أكثر فائدة ووضوحا لمن ليس عنده الأصل لأنه يستطيع أن يفهم الكلام المنتقدة والحديث المضعف ونحو ذلك دون أن يرجع إلى الأصل وقد سميته:

"تمام المنة في التعليق على فقه السنة".

والله تعالى أسال أن يجعله خالصا لوجه الله الكريم وأن ينفع به النفع العميم إنه سميع مجيب.

1 كتب هذا قبل صدور الكتاب كاملا بأجزائه الكبيرة.

ص: 14