المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ومن نواقض الوضوء - تمام المنة في التعليق على فقه السنة

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌مقدمة علمية هامة:

- ‌القاعدة الأولى

- ‌رد الحديث الشاذ

- ‌القاعدة الثانية

- ‌رد الحديث المضطرب

- ‌القاعدة الثالثة

- ‌رد الحديث المدلس

- ‌القاعدة الرابعة

- ‌رد حديث المجهول

- ‌القاعدة الخامسة

- ‌عدم الاعتماد على توثيق ابن حبان

- ‌القاعدة السادسة

- ‌قولهم: رجاله رجال الصحيح ليس تصحيحا للحديث

- ‌القاعدة السابعة

- ‌عدم الاعتماد على سكوت أبي داود

- ‌القاعدة الثامنة

- ‌القاعدة التاسعة

- ‌سكوت المنذري على الحديث في "الترغيب" ليس تقوية له

- ‌القاعدة العاشرة

- ‌تقوية الحديث بكثرة الطرق ليس على إطلاقه

- ‌القاعدة الحادية عشرة

- ‌لا يجوز ذكر الحديث الضعيف إلا مع بيان ضعفه

- ‌القاعدة الثانية عشرة

- ‌ترك العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال

- ‌القاعدة الثالثة عشرة

- ‌لا يقال في الحديث الضعيف: قال صلى الله عليه وسلم أو: ورد عنه ونحو ذلك

- ‌القاعدة الرابعة عشرة

- ‌وجوب العمل بالحديث الصحيح وإن لم يعمل به أحد

- ‌القاعدة الخامسة عشرة

- ‌أمر الشارع للواحد أمر لجميع أفراد الأمة

- ‌من المقدمة

- ‌من التمهيد

- ‌ومن التشريع الإسلامي أو: الفقه

- ‌ومن المياه وأقسامها

- ‌ومن السؤر

- ‌ومن النجاسات

- ‌ومن النجاسات

- ‌ومن فوائد تكثر الحاجة إليها

- ‌ومن قضاء الحاجة

- ‌ومن سنن الفطرة

- ‌ومن الوضوء

- ‌ومن سنن الوضوء

- ‌ومن نواقض الوضوء

- ‌ومن لا ينقض الوضوء

- ‌ومن المسح على الخفين

- ‌ومن الغسل

- ‌ومن الأغتسال المستحبة

- ‌ومن غسل المرأة

- ‌ومن مسائل تتعلق بالغسل

- ‌ومن التيمم

- ‌ومن المسح على الجبيرة ونحوها

- ‌ومن الحيض

- ‌ومن الاستحاضة

- ‌ومن الصلاة

- ‌ومن صلاة الصبي

- ‌ومن تأكيد تعجيلها في يوم الغيم

- ‌ومن وقت العشاء

- ‌ومن الأوقات المنهي عن الصلاة فيها

- ‌ومن الأذان

- ‌ومن شروط الصلاة

- ‌ومن كيفية الصلاة

- ‌ومن فرائض الصلاة

- ‌ومن سنن الصلاة

- ‌ومن لإطالة الركعة الاولى في "الصبح

- ‌ومن القراءة خلف الإمام

- ‌ومن هيئات الركوع

- ‌ومن الذكر فيه

- ‌ومن أذكار الرفع من الركوع والاعتدال

- ‌ومن كيفية الهوي إلى السجود والرفع منه

- ‌ومن مقدار السجود وأذكاره

- ‌ومن جلسة الاستراحة

- ‌ومن صفة الجلوس للتشهد

- ‌ومن التشهد الأول

- ‌ومن الدعاء بعد التشهد الأخير وقبل السلام

- ‌ومن الأذكار والأدعية بعد السلام

- ‌ومن التطوع

- ‌ومن أقسام التطوع

- ‌ومن سنة الفجر

- ‌ومن سنة الظهر

- ‌ومن السنن غير المؤكدة

- ‌ومن الوتر

- ‌ومن قيام الليل

- ‌ومن قيام رمضان

- ‌ومن صلاة الضحى

- ‌ومن صلاة الصبح

- ‌ومن صلاة الحاجة

- ‌ومن صلاة الكسوف

- ‌ومن صلاة الاستسقاء

- ‌ومن سجود التلاوة

- ‌ومن سجود السهو

- ‌ومن صلاة الجماعة

- ‌ومن الإمام والمأموم

- ‌ومن المساجد

- ‌ومن المواضع المنهي عن الصلاة فيها

- ‌ومن السترة أمام المصلي

- ‌وما يباح في الصلاة

- ‌ومن مكروهات الصلاة

- ‌ومن صلاة المريض

- ‌ومن صلاة الخوف

- ‌ومن صلاة السفر

- ‌ومن السفر يوم الجمعة

- ‌ومن الجمع بين الصلاتين

- ‌ومن أدعية السفر

- ‌ومن الجمعة

- ‌ومن اجتماع الجمعة والعيد في يوم واحد

- ‌ومن باب صلاة العيدين

- ‌ومن الزكاة

- ‌ومن زكاة التجارة

- ‌ومن زكاة الركاز والمعدن

- ‌ومن زكاة الفطر

- ‌ومن صدقة التطوع

- ‌ومن الصيام

- ‌ومن الترهيب من الفطر في رمضان

- ‌ومن اختلاف المطالع

- ‌ومن الأيام المنهي عن صيامها

- ‌ومن صيام التطوع

- ‌ومن مباحات الصيام

- ‌ومن قضاء رمضان

- ‌ومن مات وعلية صيام

الفصل: ‌ومن نواقض الوضوء

‌ومن نواقض الوضوء

قوله في صدد عد النواقض: "4، 5، 6 - المني والمذي والودي لقول ابن عباس: أما المني فهو الذي منه الغسل وأما المذي والودي فقال: اغسل ذكرك أو مذاكيرك وتوضأ وضوءك للصلاة. رواه البيهقي في السنن".

قلت: هذا موقوف والاستدلال به وحده - مع أنه مختلف في صلاحيته للاحتجاج به - يوهم أن ليس في المرفوع ما يدل على ما دل عليه الموقوف ولو بالنسبة لبعض النواقض وليس كذلك ففي المذي أحاديث أشهرها حديث علي ابن أبي طالب قال: استحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المذي من أجل فاطمة فأمرت رجلا فسأله فقال: "فيه الوضوء". أخرجه الشيخان وغيرهما وهو مخرج في "صحيح أبي داود" 200 و "الإرواء"108.

قوله في النوم المستغرق: "فإذا كان النائم جالسا ممكنا مقعدته من الأرض لا ينتقض وضوؤه وعلى هذا يحمل حديث أنس قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضئون رواه الشافعي ومسلم وأبو داود والترمذي ولفظ الترمذي من طريق شعبة: لقد رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوقظون للصلاة حتى لأسمع لأحدهم غطيطا ثم يقومون فيصلون ولا يتوضؤون قال ابن المبارك: هذا عندنا وهم جلوس".

قلت: قد ذكر الحافظ في "الفتح" 1 / 251 نحو كلام ابن المبارك هذا ثم رده بقوله:

ص: 99

" لكن في "مسند البزار" بإسناد صحيح في هذا الحديث: فيضعون جنوبهم فمنهم من ينام ثم يقومون إلى الصلاة".

قلت: وأخرجه أيضا أبو داود في "مسائل الإمام أحمد" ص 318 بلفظ: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يضعون جنوبهم فينامون فمنهم من يتوضأ ومنهم من لا يتوضأ. وإسناده صحيح على شرط الشيخين.

فهذا اللفظ خلاف اللفظ الأول: "تخفق رؤوسهم" فإن هذا إنما يكون وهم جلوس كما قال ابن المبارك فإما أن يقال: إن الحديث مضطرب فيسقط الاستدلال به وإما أن يجمع بين اللفظين فيقال: كان بعضهم ينام جالسا وبعضهم مضطجعا فمنهم من يتوضأ ومنهم من لا يتوضأ وهذا هو الأقرب وحينئذ فالحديث دليل لمن قال: إن النوم لا ينقض الوضوء مطلقا وقد صح ذلك عن أبي موسى الأشعري وابن عمر وابن المسيب كما في "الفتح" وهو باللفظ الآخر لا يمكن حمله على النوم ممكنا مقعدته من الأرض وحينئذ فهو معارض لحديث صفوان بن عسال المذكور في الكتاب بلفظ: "

لكن من غائط وبول ونوم" فإنه يدل على أن النوم ناقض مطلقا كالغائط والبول ولا شك أنه أرجح من حديث أنس لأنه مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وليس كذلك حديث أنس إذ من الممكن أن يكون ذلك قبل إيجاب الوضوء من النوم.

فالحق أن النوم ناقض مطلقا ولا دليل يصلح لتقييد حديث صفوان بل يؤيده حديث علي مرفوعا: "وكاء السه العينان فمن نام فليتوضأ" وإسناده حسن كما قال المنذري والنووي وابن الصلاح وقد بينته في "صحيح أبي داود" رقم 198 فقد أمر صلى الله عليه وسلم كل نائم أن يتوضأ.

ولا يعكر على عمومه - كما ظن البعض - أن الحديث أشار إلى أن النوم ليس

ص: 100

ناقضا في نفسه بل هو مظنة خروج شيء من الإنسان في هذه الحالة فإنا نقول: لما كان الأمر كذلك أمر صلى الله عليه وسلم كل نائم أن يتوضأ ولو كان متمكنا لأنه عليه السلام أخبر أن العينين وكاء السه فإذا نامت العينان انطلق الوكاء كما في حديث آخر والمتمكن نائم فقد ينطلق وكاؤه ولو في بعض الأحوال كأن يميل يمينا أو يسارا فاقتضت الحكمة أن يؤمر بالوضوء كل نائم. والله أعلم.

وما اخترناه هو مذهب ابن حزم وهو الذي مال إليه أبو عبيد القاسم بن سلام في قصة طريفة حكاها عنه ابن عبد البر في "شرح الموطأ" 1 / 117 / 2 قال:

"كنت أفتي أن من نام جالسا لا وضؤ عليه حتى قعد إلى جنبي رجل يوم الجمعة فنام فخرجت منه ريح! فقلت: قم فتوضأ. فقال: لم أنم. فقلت: بلى وقد خرجت منك ريح تنقض الوضوء! فجعل يحلف بالله ما كان ذلك منه وقال لي: بل منك خرجت! فزايلت ما كنت أعتقد في نوم الجالس وراعيت غلبة النوم ومخالطته القلب".

فائدة هامة: قال الخطابي في "غريب الحديث" ق 32 / 2:

"وحقيقة النوم هو الغشية الثقيلة التي تهجم على القلب فتقطعه عن معرفة الأمور الظاهرة. والناعس: هو الذي رهقه ثقل فقطعه عن معرفة الأحوال الباطنة".

وبمعرفة هذه الحقيقة من الفرق بين النوم والنعاس تزول إشكالات كثيرة ويتأكد القول بأن النوم ناقض مطلقا. ولقد أنحرف قلم الشوكاني عن الصواب هنا في "السيل الجرار" فإنه بعد أن قرر وجه القول المذكور أحسن تقرير عقب عليه بقوله 1 / 96:

ص: 101

"ولكنها وردت أحاديث قاضية بأنه لا ينتقض الوضوء بالنوم إلا إذا نام مضطجعا وهي تقوي بعضها بعضا كما أوضحت ذلك في شرحي لـ "المنتقى" فتكون مقيدة لما ورد في نقض مطلق النوم فلا ينقض إلا نوم المضطجع"!

وأنت إذا رجعت إلى الشرح المذكور وجدته قد ذكر فيه ثلاثة أحاديث:

الأول: عن ابن عباس: "ليس على من نام ساجدا وضوء

" ومع أنه قد ذكر تضعيفه عن جمع كثير من الأئمة. وعن البيهقي أنه قال: أنكره جميع أئمة الحديث على أبي خالد الدالاني. فقد حاول تقويته بقول الذهبي في "المعني" في الدالاني:

"مشهور حسن الحديث".

وليس يخفى على العارف بهذا الفن أن مثل هذا القول لو سلم به فلا يفيد تقوية للحديث وقد أجمع المحدثون المتقدمون على إنكاره كما تقدم فكيف وقد قال الحافظ في الدالاني هذا:

"صدوق يخطئ كثيرا وكان يدلس"؟!

والذهبي نفسه قد ذكر هذا الحديث في ترجمته من "الميزان" في جملة ما أنكر عليه؟ فكيف وفي إسناده علل ثلاثة أخرى بينتها في كتابي "ضعيف أبي داود" 25 ذكر الشوكاني نفسه منها الوقف ولكنه مر عليها!

الثاني: عن ابن عمرو مرفوعا نحوه. قال الشوكاني:

"وفيه مهدي بن هلال وهو متهم بوضع الحديث. وعمر بن هارون البلخي وهو متروك ومقاتل بن سليمان وهو متهم".

ص: 102

الثالث: عن حذيفة مرفوعا: قال البيهقي:

"تفرد به بحر بن كنيز وهو متروك لا يحتج به".

فأنت ترى أن هذه الأحاديث شديدة الضعف فلا ينجبر ضعفها بمجموعها كما هو معلوم عند الشوكاني وغيره فلا أدري ما الذي حمله على المخالفة؟!

قوله تحت رقم 4 -: ويرى الأحناف أن مس الذكر لا ينقض الوضوء لحديث طلق أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن رجل يمس ذكره هل عليه الوضوء؟ فقال: "لا إنما هو بضعة منك" رواه الخمسة وصححه ابن حبان.

قلت: قوله صلى الله عليه وسلم: "إنما هو بضعة منك" فيه إشارة لطيفة إلى أن المس الذي لا يوجب الوضوء إنما هو الذي لا يقترن معه شهوة لأنه في هذه الحالة يمكن تشبيه مس العضو بمس عضو آخر من الجسم بخلاف ما إذا مسه بشهوة فحينئذ لا يشبه مسه مس العضو الآخر لأنه لا يقترن عادة بشهوة وهذا أمر بين كما ترى وعليه فالحديث ليس دليلا للحنفية الذين يقولون بأن المس مطلقا لا ينقض الوضوء بل هو دليل لمن يقول بأن المس بغير شهوة لا ينقض وأما المس الشهوة فينقض بدليل حديث بسرة وبهذا يجمع بين الحديثين وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية في بعض كتبه على ما أذكر. والله أعلم.

ص: 103