الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن مات وعلية صيام
…
ومن من مات وعليه صيام
قوله: "وكذلك أجمعوا على أن من عجز عن الصيام لا يصوم عنه أحد أثناء حياته".
قلت: الظاهر أن لا إجماع في هذه المسالة فقد خالف فيها ابن تيمية فقال في "الاختيارات" ص 64:
"وإن تبرع إنسان بالصوم عمن لا يطيقه لكبره ونحوه أو عن ميت وهما معسران توجه جوازه لأنه أقرب إلى المماثلة من المال وحكى القاضي في صوم النذر في حياة الناذر نحو ذاك".
وقد نقلته على سبيل الاطلاع لا التبني فإني لا أراه صوابا لمنافاته لقوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: 39] ، وأما هو فقد أول الآية بما لا يتعارض مع مذهبه ولا يتسع المقال لتفصيل ذلك فليرجع إليه من شاء زيادة المعرفة.
قوله في مذهب الشافعية المختار: أنه يستحب لولي الميت أن يصوم عنه: "واستدلوا بما رواه أحمد والشيخان عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من مات وعليه صيام صام عنه وليه" ، زاد البزار لفظ: "إن شاء" وقال في التعليق: سندها حسن".
قلت: كلا بل هذه الزيادة ضعيفة منكرة فإن مدارها على ابن لهيعة وهو ضعيف وقد تفرد بها كما قال الحافظ في "الفتح" وقال في "التلخيص":
"وهي ضعيفة لأنها من طريق ابن لهيعة".
والمؤلف كأنه تبع في تحسينها صديق خان في "الروضة" وهو تبع الهيثمي
في "المجمع" وهو خطأ أو تساهل منهم جميعا.
ثم إن هذا الحديث حمله الحنابلة على صوم النذر فهو الذي يصومه الولي عنه وأما صوم الفرض فلا يصومه أحد عن أحد وهو مذهب راوية الحديث عائشة وكذا ابن عباس راوي الحديث الآتي بعده وقد ذكرت أقوالهما في ذلك في "أحكام الجنائز" في المبحث 106 وهو الذي تقتضيه أصول الشريعة وحكمتها وقد انتصر لهذا ابن القيم في "تهذيب السنن" وكذا في "إعلام الموقعين" ونقلت كلامه منه في الكتاب المشار إليه وهو نفيس فليراجع.
قوله: "وروى أحمد وأصحاب السنن عن ابن عباس أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إن أمي ماتت وعليها صيام شهر أفأقضيه عنها؟
…
قال: "نعم"
…
".
قلت: هذا يوهم أنه لم يخرجه من هو أرقي في الصحة من المذكورين وليس كذلك فقد أخرجه الشيخان في "الصوم" عن ابن عباس وفي رواية لهما:
"ماتت وعليها صوم نذر".
فهذا الحديث إذن وارد في صوم النذر فلا يجوز الاستدلال به على صوم الفرض كما فعل المؤلف وبعبارة أخرى الحديث دليل للحنابلة لا للشافعية فتنبه!
انتهى تسويد الجزء الثالث بتاريخ 19 / 8 / 73 هـ وهو آخر ما عندي من التعليق على "فقه السنة" والله أسأل أن يجعله معينا لطلاب العلم ومنهجا يسيرون عليه للتفقه في الدين وأن يتقبله مني انه هو السميع العليم.