الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن صدقة التطوع
قوله: "1 - وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الصدقة تطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء". رواه الترمذي وحسنه".
قلت: لكن العلماء تعقبوه ولم يرتضوا منه تحسينه لأنه رواه 2 / 23 من طريق عبد الله بن عيسى الخزاز عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أنس مرفوعا وقال:
"حديث حسن غريب".
وعبد الله هذا كنيته أبو خلف وهو ضعيف اتفاقا ولم يوثقه أحد ولذلك أنكر العلماء على الترمذي تحسينه لهذا الحديث ففي "فيض القدير" قال عبد الحق:
"ولم يبين المانع من صحته وعلته ضعف راويه أبي خلف يعني الخزاز هذا إذ هو منكر الحديث قال ابن القطان: فالحديث ضعيف لا حسن. انتهى. وجزم العراقي بضعفه قال ابن حجر: أعله ابن حبان والعقيلي وابن طاهر وابن القطان وقال ابن عدي: لا يتابع عليه".
كذا في "فيض القدير".
وللحديث علة أخرى وهى عنعنة الحسن البصري فإنه كان مدلسا وقد أورده في "المدلسين" الحافظ العسقلاني وكذا الحافظ برهان الدين بن العجمي وقال:
"إنه من المشهورين بالتدليس".
وهو مخرج في "إرواء الغليل" 885 وقد قلت فيه:
" أما الشطر الأول من الحديث فهو قوي لأن له شواهد كثيرة خرجتها في "الصحيحة" 1908 - المجلد الرابع وهو مطبوع.
قوله: 2 - وروى كذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن صدقة المسلم تزيد في العمر وتمنع ميتة السوء ويذهب الله بها الكبر والفخر".
قلت: هذا الحديث لم يروه الترمذي ولم يحسنه وكأن المؤلف - حفظه الله تعالى - أخذ ذلك من قول المنذري في تخريج الحديث:
"رواه الطبراني من طريق كثير بن عبد الله عن أبيه عند جده عن عمرو بن عوف وقد حسنها الترمذي وصححها ابن خزيمة لغير هذا المتن".
ولكن هذا صريح في أن الترمذي لم يخرجه وإنما حسن هذه الطريق في غير هذا الحديث فكأنه - من استعجاله في النقل - لم يقع بصره على قول المنذري: "لغير هذا المتن". فتأمل.
ثم إن الحديث ضعيف أو ضعيف جدا لأن كثيرا هذا متروك كما قال الدارقطني وغيره وقال أبو داود:
"ركن من أركان الكذب"!
وتحسين الترمذي لحديثه من تساهله الذي عرف به وقد قال الذهبي في ترجمة كثير هذا:
"وأما الترمذي فروى من حديثه: "الصلح جائز بين المسلمين" وصححه فلهذا لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي"!
لكن الجملة الأولى من الحديث ثابتة في حديث آخر كما سيأتي.
قوله: "4 - وقال صلى الله عليه وسلم: "صنائع المعروف تقي مصارع السوء والصدقة خفيا تطفئ غضب الرب وصلة الرحم تزيد في العمر وكل معروف صدقة وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة وأول من يدخل الجنة أهل المعروف". رواه الطبراني في "الأوسط" وسكت عليه المنذري".
قلت: كلا لم يسكت عليه المنذري بل ضعفه حيث صدره بقوله:
"وروي عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
…
فذكره". انظر المقدمة
…
وقد بين الهيثمي علة الحديث فقال في "المجمع" 3 / 115:
"
…
وفيه عبد الله بن الوليد الوصافي وهو ضعيف".
ولذلك صرح العزيزي في "شرح الجامع الصغير" بأنه ضعيف فلا يغتر برمز السيوطي له بالصحة لما بيناه في المقدمة.
نعم يظهر أن الحديث غالبه ثابت من طرق أخرى فإن أوله إلى قوله: "تزيد في العمر" رواه الطبراني في "الكبير" من حديث أبي أمامة وحسن إسناده المنذري والهيثمي ورواه في "الأوسط" من حديث معاوية بن حيدة قال الهيثمي 8 / 194:
"وفيه أصبغ غير معروف وبقية رجاله وثقوا وفيهم خلاف".
وروى الشيخان وغيرهما من حديث أنس مرفوعا:
"من أحب أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه" وقوله فيه: "كل معروف صدقة" حديث صحيح رواه جماعة من الصحابة
منهم جابر عند البخاري وغيره وحذيفة عند مسلم وغيره.
وبقية الحديث له طرق كثيرة يشد بعضها بعضا انظر "الروض النضير" 1020 - 1082 إلا أن عندي وقفة في قوله في آخره: "وأول من يدخل الجنة أهل المعروف" فإني لم أجد له الآن غير شاهد واحد من حديث أبي أمامة رواه الطبراني قال الهيثمي: "وفيه من لم أعرفه". والله أعلم.
ثم وقفت على إسناده وخرجته في "الضعيفة" 5815 وتبينت لي ثمة حقيقة مرة وهي أن سند هذا هو عين الإسناد الذي حسنه المنذري والهيثمي آنفا!
قوله تحت عنوان: جواز التصدق بكل المال: "فعن جابر قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل بمثل بيضة من ذهب فقال: يا رسول الله أصبت هذه من معدن فخذها فهي صدقة ما أملك غيرها فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
ثم قال: "يأتي أحدكم بماله كله يتصدق به ثم يجلس بعد ذلك يتكفف الناس إنما الصدقة عن ظهر غنى". رواه أبو داود والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم وفيه محمد بن إسحاق".
قلت: يعني أن ابن إسحاق مدلس وقد عنعنه وكذلك رواه الدارمي والبيهقي معنعنا.
قال النووي في "المجموع" 6 / 236:
"ومحمد بن إسحاق مدلس والمدلس إذا قال: "عن" لا يحتج به".
قلت: فالحديث من أجل ذلك ضعيف لكن موضع الشاهد منه وهو قوله: "إنما الصدقة عن ظهر غنى" صحيح فإن له طريقا أخرى عن جابر. أخرجه أحمد 3 / 346 وله شاهد من حديث أبي هريرة عند البخاري وغيره وهو مخرج في "الإرواء" 3 / 316.